الأحد, مايو 4, 2025
الأحد, مايو 4, 2025
Home » كيف انتقلت سينما أندرسون من خشونة النفط إلى هدوء عالم الأزياء وصمته

كيف انتقلت سينما أندرسون من خشونة النفط إلى هدوء عالم الأزياء وصمته

by admin

 

القطبة الخفية” فيلم يغوص في صناعة أفخر الملابس معرجاً على حكاية حب ومهاجرين

اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب

ما من فنين يلتقيان لقاء يكاد يكون طبيعياً بقدر ما يلتقي فن السينما وفن صناعة الأزياء. ففي نهاية الأمر يلتقي هذان الإبداعان اللذان يكاد كل منهما يكون فردي المنبع وذاتي السمات بشكل أخاذ وفاتن، وفي الأقل، في سماته الخارجية، غير أنه يمكنه أن يكون مسرحاً لأقصى العواطف والصراعات وحيزاً للجريمة والقتل الذي قد يبدو أحياناً أكثر مجانية مما ينبغي. صحيح أن عدد الأفلام التي كرستها السينما العالمية والسينما الهوليوودية بصورة خاصة، لحكايات تدور داخل عالم الأزياء، ليس كبيراً، وأن اهتمام السينما بالأزياء نفسها يفوق آلاف المرات اهتمامها بما يدور في كواليس ذلك الفن – الصناعة، غير أن عالم الأزياء في حد ذاته يحمل قدراً كبيراً من الإبهار وتحديداً من خلال اللقاء الذي يعبر عنه بين أعلى درجات الجمال، بما فيه جمال العارضات المطلق، وأقسى أنواع الصراعات وضروب التنافس. ومن هنا تتخذ كل سماتها تلك العنونة التي حملها واحد من أشهر الأفلام عن عالم الأزياء “الشيطان يرتدي براداً”، كما تتخذ قوتها تلك الجريمة القبيحة التي حركت مخرجاً كبيراً كريدلي سكوت لتحقيق فيلم عن “منزل آل غوتشي”. ولئن بدا لنا أن في الإمكان دائماً وضع لائحة بالأفلام العديدة التي تدور حكاياتها داخل عالم الأزياء ودوره، وبخاصة من خلال حياة المبدعين الأساسيين الذين هم المصممون وأكسسوارياً إلى حد ما، حياة العارضات، فإن ثمة في الأقل دزينة من تلك الأفلام تبدو في هذا المجال متميزة.

حكاية حب خالص

والعدد الأكبر من هذه الأفلام هوليوودي بالطبع، ومن بينها ما ذكرنا حتى الآن، ولكن من بينها كذلك تحف سينمائية كلاسيكية تحمل عناوين وتوقيعات لا تنسى، وتراوح ما بين “بلو- أب” للإيطالي الكبير مايكل أنغلو أنطونيوني، والمتمرد الهوليوودي روبرت ألتمان الذي ما كان من شأنه أن تفوته الإمكانات التي يتيحها له عالم الأزياء، فحقق في عام 1994 تحفة سينمائية من المؤسف أنها تكاد تكون منسية اليوم، ونتحدث هنا طبعاً عن فيلمه “ثياب جاهزة للبيع”، ويقود هذان الفيلمان بالطبع، القافلة عبر أفلام أخرى مثل “كوكو قبل شانيل” عن ملكة الأزياء الفرنسية، و”شيطان النيون” لنيكولاس رافين، و”إفطار لدى تيفاني”، و”فاني فيس”، علماً أن هذين الفيلمين الأخيرين صنعا مجد أودري هيبورن، بطلتهما، والتي كانت عرفت أصلاً بكونها عارضة أزياء.

ويمكن لهذه اللائحة أتطول لتشمل أفلاماً عديدة تناولت عالم الأزياء من خلال عناوين تتحدث عن دور حقيقية على غرار فيلم ريدلي سكوت المذكور قبل سطور، أو حكايات حقيقية أو متخيلة تدور من حول أسماء كبيرة في هذا المجال، كالفيلم الإنجليزي من بطولة ليزلي مانفيل المتحدث عن عاملة خياطة إنجليزية شاركت في حراك اجتماعي حول مؤسسة “كريستيان ديور”. لكننا نتوقف في الإحصاء هنا لننتقل إلى واحد من آخر أفلام بول توماس أندرسون من بطولة دانيال داي لويس الذي كان أعلن قبل قيامه ببطولة هذا الفيلم، وعنوانه “القطبة الخفية”، أنه سيعتزل التمثيل السينمائي من بعده وهو فعل ذلك حقاً. ولئن كان داي لويس قد لعب في واحد من الأفلام السابقة لأندرسون نفسه، دور مستخرج نفط في أدغال هذه الصناعة في أميركا، وهو فيلم “ستكون هناك دماء”، ها هو يمسك الخيط والإبرة هنا في “القطبة الخفية”، ليلعب دور مصمم أزياء مرهف وأنيق، مقابل لعبه في الفيلم السابق دوراً ملطخاً بالطين والبترول والقذارة الأخلاقية. غير أن الأساس في حكاية الفيلم الذي نحن في صدده هنا هو أنها أولاً وأخيراً حكاية حب، وبين هذا وذاك إطلالة إنسانية على مسألة الهجرة التي تقيم العالم ولا تقعده منذ عقود.

مصمم حقيقي ومموه

كتب بول توماس أندرسون سيناريو “القطبة الخفية” بنفسه، وكان من الواضح أن المشروع ينبع لديه من رغبتين أولاهما تحقيق فيلم “مختلف” عن عالم الأزياء، وثانيتهما كتابة دور لداي لويس يليق بتوق هذا الأخير إلى اعتزال التمثيل السينمائي بمعنى أن يكون الفيلم وصية فنان حقيقي، ولئن كان كل ما في المشروع يوحي بأوسكارات عديدة، فإن الفيلم لم يفز في النهاية في جوائز الأكاديمية إلا بجائزة واحدة، هي أوسكار أفضل تصميم للأزياء ما بدا بديهياً. فالفيلم الذي تدور أحداثه في لندن أواسط الخمسينيات يتحدث عن عالم الأزياء، وتحديداً عن مصمم لا وجود له في الواقع التاريخي. لكنه ليس تماماً من ابتكار مخيلة كاتب الفيلم ومخرجه. ففي نهاية الأمر يبدو المصمم في الفيلم توماس وودكوك (ويلعب دوره داي لويس) حقيقياً أكثر من أي مصمم نعرفه، وكذلك حال أخته في الفيلم، الفنانة الرائعة ليزلي مانفيل. والسبب بسيط لأن صانع الفيلم قرر الانتظام في المشروع تحديداً بعدما أثار شغفه قراءته سيرة المصمم كريستوبال بالانسياغا، وامتزج ذلك الشغف لديه بالسيرة التي اطلع عليها المصمم الأميركي تشارلز جيمس. وهكذا ولدت شخصية وودكوك الخيالية من تينك الشخصيتين الحقيقيين. أما الأحداث، فحتى وإن كانت تدور في لندن أواسط الخمسينيات، فإنها تبدو معاصرة تماماً لأيامنا هذه، وليس فقط لأن الفيلم يحاول أن يقول لنا إنه لا أشياء كثيرة تغيرت في عالم الأزياء، بل لأن أندرسون نفسه إنما أراد أن يمرر، من طريق حكاية الغرام “المستحيل” في الفيلم بين المصمم وودكوك الشديد الفردية والمذهل الإبداع، والمغرق في حساسية استثنائية، وعارضة تعمل لديه، جملة من قضايا معاصرة على رأسها قضية الهجرة والمكانة المتروكة للمهاجرين في عالم اليوم.

من خلال خصوصية الفرد

في الحقيقة إن إشارتنا إلى “أحداث الفيلم” في السطور السابقة تحمل قدراً من المبالغة. ففي “القطبة الخفية” ليست ثمة أحداث بالمعنى المعتاد للكلمة ولا حتى بالمعنى الدرامي البسيط. كل ما في الأمر أن الفيلم يصور عالم الأزياء وخصوصيته وأجواءه وأهله من خلال ذلك اللقاء الذي كان يمكنه أن يكون عابراً بين المصمم اللندني الشهير الذي اعتاد وحدته الإبداعية محاطة بالعاملات معه، واللاتي يعاملهن كسيد مطاع يقف على مسافة منهن جميعاً متكلاً على أخته كي تدير حساباته وشؤونه الدنيوية وحياته. وفي الأقل، حتى اللحظة التي يلتقي فيها بنادلة مهاجرة يجد فيها المقاييس التي يمكنها أن تجعل منها موديلاً في محترفه. وهي تقدم على المغامرة معه لتنشأ بينهما تدريجاً تلك العلاقة التي تشغل ساعتي الفيلم وتكون ذريعة لتسلل هذا العمل السينمائي البسيط شكلياً إلى عالم إبداع من نوع لم نره في السينما كثيراً. ولكن، وبالتوازي مع ذلك إلى عالم من الصمت والأحاسيس المسكوت عنها والخوف من الآخر… وهو، على أية حال، ما كنا اعتدناه دائماً من سينما صانع تحف سينمائية مثل “مانيوليا”، و”السيد”، و”عيب موروث” عن إحدى أشهر روايات “جيل البيتنيكس” الأميركي، وصولاً طبعاً إلى “ستكون هناك دماء” تلك التحفة السينمائية المقتبسة عن رواية “نفط” للأميركي أبتون سنكلير.

المزيد عن: دانيال داي لويسفيلم القطبة الخفيةبول توماس أندرسونصناعة الأزياءليزلي مانفيل

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili