الخميس, مايو 2, 2024
الخميس, مايو 2, 2024
Home » كيف استطاعت إسرائيل التشويش على نظام تحديد المواقع؟

كيف استطاعت إسرائيل التشويش على نظام تحديد المواقع؟

by admin

 

تقنية غير معقدة نسبياً تتضمن إنتاج ترددات لا سلكية قوية بما يكفي لإغراق عمليات الإرسال من الأقمار الاصطناعية

اندبندنت عربية / سامي خليفة صحافي متخصص في العلوم والتكنولوجيا

عرف العالم لأول مرة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بعيد استخدامه من قبل الجيش الأميركي في سبعينيات القرن الماضي تحت اسم (NavStar GPS). وبعد سنوات عدة، وتحديداً في ثمانينيات القرن الماضي، فتحت الحكومة الأميركية النظام للاستخدام المدني المحدود، لتزال بعدها جميع القيود في العقد الأول من القرن الـ21، مما سمح للجمهور بالوصول الكامل إلى الإشارات المرسلة بواسطة أقمار الملاحة الاصطناعية.

تشير التقديرات حالياً إلى أن ثلثي سكان العالم يعيشون في مناطق يمكن فيها استخدام نظام تحديد المواقع العالمي للملاحة، وقد أصبح أداة لا غنى عنها للاستخدام الشخصي والتجاري وحتى العسكري، إذ يستطيع البشر الاعتماد عليه في كل شيء بدءاً من العثور على وجهات الطرق حول العالم، وتتبع حاويات الشحن التجارية والرحلات الجوية، إلى توفير بيانات مهمة للتنبؤ بالطقس والتخطيط الزراعي وجهود الإغاثة في حالات الكوارث، وصولاً إلى ضرب الأهداف العسكرية بدقة شديدة.

ويعتمد هذا النظام في الوقت الحاضر على إشارات راديوية يرسلها 31 قمراً اصطناعياً ملاحياً تدور على ارتفاع نحو 20 ألف كيلومتر فوق سطح الأرض، وتكمل دورتين حول كوكبنا كل 24 ساعة. وعندما تصل هذه الإشارات إلى أجهزة استقبال نظام تحديد المواقع لدينا، تقوم الأجهزة حينها بمعالجة معلوماتها واستخدامها لتقدير موقعنا.

وشهد العالم في السنوات الأخيرة بروز مفهوم التشويش على نظام الملاحة العالمي في الحروب ولا سيما في الحرب الروسية – الأوكرانية، وكان لافتاً اعتماد إسرائيل منذ إطلاق عملياتها العسكرية الضخمة على قطاع غزة قبل ما يزيد على ستة أشهر التشويش على نظام الملاحة لتحييد خطر الصواريخ والطائرات من دون طيار القادمة من غزة وجنوب لبنان عبر طريقتين: الأولى بتعطيل الإشارة بصورة نهائية، والثانية بالتلاعب بالإشارة وحرف الأجسام المعادية عن مسارها.

الاستخدامات العسكرية

بالنسبة إلى الجندي الذي يعمل تحت جنح الظلام في أراضي العدو يبقى التحدي الأكبر هو الملاحة بسبب وجود منطقة غير مألوفة وغياب معالم يسهل التعرف إليها على الأرض، وهذا ما توفره أجهزة استقبال نظام تحديد المواقع العالمي المحمولة التي استبدلت البوصلات التقليدية، وبات بالإمكان استخدامها للوصول إلى منشآت العدو الحيوية وتدميرها، وضرب الأهداف من الجو والمدفعية بدقة من خلال توفير البيانات الموضعية الدقيقة.

يلعب نظام تحديد المواقع العالمي اليوم دوراً محورياً في توجيه القنابل والصواريخ إلى أهدافها بدقة، وفي حين تم تصميم أنظمة الأسلحة الحديثة لاستخدام بيانات نظام تحديد المواقع العالمي كمدخلات للاستهداف والتوجيه، توجد مجموعة من الأدوات التي تحول القنابل غير الموجهة إلى ذخائر “ذكية” صالحة لجميع الأحوال الجوية، مثل مجموعة أدوات التوجيه لذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAM) التي صنعتها شركة “بوينغ” الأميركية ويمكن تثبيتها على القنابل.

كيف يتم التشويش؟

ليس من الصعب اليوم اختراق نظام الملاحة الذي نعتمد عليه جميعاً بصورة كبيرة، وقد سجل العقد الماضي حالات خطرة للتشويش فقدت فيها الطائرات المدنية إشارات نظام تحديد المواقع العالمي قبل الهبوط مباشرة، واضطر طياروها إلى الهبوط من دون مساعدته.

وبينما تؤدي الاضطرابات الكبيرة في إشارات نظام تحديد المواقع العالمي إلى شل مجموعة من القطاعات، بما في ذلك البنوك وأسواق الأوراق المالية وخدمات النقل وغيرها، يوفر التداخل المتعمد مع إشارات نظام تحديد المواقع العالمي أيضاً ميزة تشغيلية كبيرة أثناء الحروب.

في العادة، يجب أن تقطع إشارات الراديو التي ترسلها الأقمار الاصطناعية مسافة 20 ألف كيلومتر تقريباً قبل أن تصل إلى أجهزة الاستقبال لدينا، مما يجعلها ضعيفة وعرضة للخطر. ومع المعرفة الصحيحة والمعدات المناسبة يصبح التدخل في هذه الإشارات أمراً سهلاً للغاية.

ويعد التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي تقنية غير معقدة نسبياً تتضمن ببساطة إنتاج إشارة ترددات لا سلكية قوية بما يكفي لإغراق عمليات الإرسال من الأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع العالمي. وهكذا سيكون الشخص الذي يتعرض لهجوم تشويش على علم فوراً بوجود خطأ ما، إذ لن يتمكن النظام من تزويده بنتيجة تحديد الموقع الجغرافي.

الطريقة الثانية للتشويش تعتبر أكثر خبثاً، وتسمى التلاعب بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS Spoofing)، التي تتمحور حول تعمد محاكاة صورة عمليات الإرسال من الأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع العالمي، وخداع المتلقي للاعتقاد أن المعلومات أرسلت إليه كما هو متوقع. وتتضمن هذه الطريقة في أبسط صورها إرسال معلومات مضللة ومغلوطة تتعلق بالموقع إلى جهاز الاستقبال، وبذلك يمكن على سبيل المثال حصول سفينة في البحر على معلومات من نظام تحديد المواقع العالمي تفيد بأنها موجودة حالياً على الأرض.

وهناك شكل أكثر تعقيداً يدخل في فئة التشويش ويسمى “التلاعب المخادع”، ويتضمن اختراق الأنظمة المشغلة لنظام تحديد المواقع من طريق إرسال معلومات الموقع الصحيحة إليها في البداية بحيث لا يكون التلاعب واضحاً على الفور، ثم تغيير المعلومات المرسلة ببطء شديد، وهذا ما يحدث عادة لسحب السفن خارج مسارها إلى المياه المعادية، أو تعطيل حركتها على ضفاف رملية.

إسرائيل واستراتيجية التشويش

كثفت إسرائيل عمليات التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي منذ بدء حربها مع حركة “حماس” في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، للحد من الأخطار المقبلة من قطاع غزة وجنوب لبنان، لتزيد من عمليات التشويش هذه بعد استهدافها القنصلية الإيرانية لدى دمشق استعداداً للانتقام المحتمل من قبل طهران.

خرج بعد ذلك المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري ليقول إن تل أبيب تعتمد استراتيجية التشويش والتلاعب بنظام تحديد المواقع من أجل تحييد التهديدات، مضيفاً أن ما تقوم به إسرائيل هو أداة أساسية وضرورية في قدراتها الدفاعية.

واشتدت اضطرابات نظام تحديد المواقع العالمي بعد استهداف القنصلية الإيرانية وامتدت إلى وسط إسرائيل، إذ أفاد سائقو سيارات الأجرة بأن تطبيقات الخرائط على هواتفهم مثل “وايز” و”غوغل مابس” تضعهم في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، في ما توقفت تطبيقات توصيل الطعام موقتاً عن الخدمة. أما في القدس والضفة الغربية فعبر كثر عن صدمتهم لتزويد أجهزة تحديد المواقع معلومات مغلوطة تفيد بأنهم يوجدون في القاهرة.

التصدي لهجوم إيران

بعد ذلك وبمشاركة دول غربية، تصدت إسرائيل في الـ14 من أبريل (نيسان) الجاري لأول هجوم إيراني مباشر من نوعه على أراضيها تضمن إطلاق نحو 185 طائرة من دون طيار، و110 صواريخ باليستية، ونحو 36 صاروخ “كروز”.

واعتمدت إسرائيل في مساعيها إلى التصدي للهجمات الإيرانية على ما لا يقل عن 10 بطاريات للقبة الحديدية، كل منها مجهز برادار يكتشف الصواريخ ثم يستخدم نظام قيادة وسيطرة يحسب بسرعة ما إذا كانت المقذوفة القادمة تشكل تهديداً أو من المحتمل أن تضرب منطقة غير مأهولة بالسكان، إضافة إلى نظام “مقلاع داوود”، الذي يتميز بصواريخ اعتراضية من طراز “ستانر” و”سكاي سيبتور” لضرب أهداف على بعد يصل إلى 300 كيلومتر، ونظامي “آرو 2″ و”آرو 3” اللذين تم تطويرهما بالاشتراك مع الولايات المتحدة.

شهد العالم أخيراً بروز مفهوم التشويش على نظام الملاحة العالمي خلال الحروب (أ ف ب)

 

إلى جانب ذلك، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتماد الدولة العبرية التشويش على منظومات التوجيه مثل نظام تحديد المواقع العالمي أو المنظومات الشبيهة مثل “غلوناس” الروسي و”بايدو” الصيني، بهدف التأثير في مسار الطائرات من دون طيار وصواريخ “كروز” الإيرانية، بحيث يمكن خداعها لتسقط في البحر أو في مناطق مفتوحة في الصحراء ولا تصل إلى أهدافها المحددة مسبقاً.

وتفيد بعض المعلومات الاستخباراتية بأن الطائرات من دون طيار والصواريخ الباليستية الإيرانية، التي يمكن توجيهها بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي، مزودة بنظام “غلوناس” الروسي من أجل تجاوز التشويش. ويعد هذا النظام أداة ملاحة بديلة لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، ولكنه أقل دقة ويمكن لإسرائيل التلاعب به كما يوصف في العالم التجاري بأنه قديم ولا يمكن الاعتماد عليه كلياً.

على الجبهة الشمالية

وربطاً بجهودها لعرقلة هجمات “حزب الله” على حدودها الشمالية، زادت إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية من عمليات التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي مستهدفة لبنان، مما أثار احتجاجاً دبلوماسياً من قبل الحكومة اللبنانية في شأن التهديد الذي يواجه سلامة الطيران المدني في أجواء مطار بيروت الدولي.

وبحسب المعلومات التي نشرها موقع “GPSJam.org” المتخصص في رسم خرائط التدخل المزعوم في نظام الملاحة العالمي (GNSS) بناءً على بيانات الطائرات التي يتم بثها علناً، تظهر الزيادة جغرافية في التشويش على لبنان بصورة واضحة وتغطي معظم النصف الجنوبي من البلاد.

وكان هذا التشويش سيئاً لدرجة أنه منع رحلة للخطوط الجوية التركية في أواخر مارس (آذار) الماضي من الهبوط في بيروت وأرغمها على العودة لتركيا. وجاءت تلك الحادثة بعد أيام من إعلان الحكومة اللبنانية عزمها تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة تتهم فيها إسرائيل بتعطيل أنظمة الملاحة للطيران المدني.

المزيد عن: إسرائيلهجوم إيراننظام تحديد المواقعحزب اللهحرب غزةالجيش الأميركيالطيران المدني

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili