السبت, يناير 4, 2025
السبت, يناير 4, 2025
Home » كاري أي. لي تكتب عن: مفارقة الردع بين إسرائيل وإيران

كاري أي. لي تكتب عن: مفارقة الردع بين إسرائيل وإيران

by admin

 

كيف يمكن لحملة ضد “حزب الله” أن تجعل إيران أكثر عدوانية؟

كاري أي. لي

  • كاري أ. لي هي رئيسة قسم الأمن القومي والإستراتيجية، ومديرة مركز العلاقات المدنية العسكرية في الكلية الحربية التابعة للجيش الأميركي، والآراء الواردة هنا تعبر عن رأيها الشخصي.

في أبريل (نيسان) الماضي بدا أن التصعيد بين إسرائيل وإيران قد يُغرق الشرق الأوسط بأكمله في صراع شامل، فالضربات الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق دفعت إيران إلى الرد بإطلاق وابل من الصواريخ والقذائف على إسرائيل، في خطوة كانت الأولى من نوعها حين هاجمت إيران إسرائيل بصورة علنية، ولكن بعد أن ردت إسرائيل بطريقة معتدلة نسبياً تراجعت الدولتان عن المواجهة، ووضع المراقبون مخاوفهم الأكثر حدة جانباً، مطمئنين إلى أن كلا البلدين أظهرا عدم رغبتهما في حرب أوسع نطاقاً.

لكن هذا الاستنتاج كان سابقاً لأوانه، ففي سبتمبر (أيلول) الماضي كثفت إسرائيل حملتها ضد “حزب الله”، الجماعة شبه العسكرية المدعومة من إيران في لبنان، وكان هذا بمثابة تحول مهم، إذ إنه يشير إلى أن القادة الإسرائيليين قرروا إعادة تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط. والواقع أن الحرب التي شنتها تل أبيب ضد “حزب الله” لها تأثير أكبر بكثير من الأفعال الإسرائيلية في غزة، إذ إنها تهدد قدرة إيران على فرض قوتها وتقلل إلى حد كبير إمكان ردع التدخلات الإسرائيلية في سياسات طهران الداخلية وبرنامجها النووي.

وفي الواقع قد يعود إضعاف موقف إيران بفائدة على الإسرائيليين في الأمد القريب، لكنه على المدى البعيد سيزيد بصورة كبيرة خطر اندلاع حرب إقليمية، بل وحتى احتمال حصول إيران على أسلحة نووية.

ولكي تتجنب الولايات المتحدة الانجرار إلى مزيد من الصراعات في الشرق الأوسط، يتعين عليها أن تعمل على كبح جماح أية تحركات إسرائيلية إضافية وتحقيق استقرار في ميزان القوى.

مرحلة تحول

إن الردع في جوهره هو قدرة أحد الأطراف على تغيير حسابات الكُلف والفوائد لدى طرف آخر في سبيل منعه من اتخاذ إجراءات غير مرغوب فيها، وغالباً بهدف الحفاظ على الوضع القائم، ومع ذلك فنادراً ما يكون الردع مرادفاً للسلام المطلق، بل يتعلق الأمر بمنع الخصم من تجاوز خطوط حمر محددة. وعلى سبيل المثال خلال الحرب الباردة كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي فعالين للغاية في ردع بعضهما بعضاً عن شن هجمات استباقية أو مباشرة، ولكنهما على رغم ذلك خاضا عقوداً من الحروب بالوكالة وباعا الأسلحة للخصوم وشنّا غزواً صريحاً لدول ثالثة، وبالمثل نجحت الولايات المتحدة حتى الآن في ردع الصين عن غزو تايوان، لكنها لم تمنعها من القيام بأعمال استفزازية أخرى في بحر الصين الجنوبي.

إن الاتجاه السائد في السياسة الدولية الذي يثني الدول عن شن هجمات مباشرة ويدفعها إلى اتخاذ إجراءات غير مباشرة هو أساس مفارقة الاستقرار وعدم الاستقرار المطروحة في الدراسات الأمنية، والقائمة على فكرة أن الردع النووي الثابت والمستقر يشجع في الواقع على زيادة العدوان باستخدام الأساليب العسكرية التقليدية، وقد شكلت هذه الإستراتيجية جزءاً مركزياً من سياسة إيران في الشرق الأوسط.

ومن هذا المنطلق لا يقتصر الردع على تشكيل القرارات المتعلقة بضرورة التحرك أم لا، بل يلعب أيضاً دوراً مهماً في صياغة الإستراتيجية العسكرية بمجرد بدء الأعمال العدائية، وقد يعني الردع الناجح ببساطة إدارة التصعيد ومنع أنواع معينة من الضربات التي قد تلحق الضرر بالقدرة الأساس للحفاظ على الأمن في أي من البلدين.

والواقع أن اختيار أية دولة لإستراتيجية عسكرية يكون في معظم الأحيان، وينبغي أن يكون، مستنداً إلى رد فعل خصمها المتوقع، وعلى سبيل المثال كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حريصة للغاية على تحديد الطريقة التي يمكن بها للقوات الأوكرانية استخدام الأسلحة الأميركية في حربها ضد روسيا، لأن تهديد روسيا بالتصعيد النووي يُعتبر جزئياً تهديداً ذا صدقية، وبعبارة أخرى فإن الإستراتيجية التي اتبعتها الولايات المتحدة لمساعدة أوكرانيا أخذت في الاعتبار التدابير الرادعة التي اتخذتها روسيا [أي أنها تأثرت بجهود روسيا الرامية إلى ردع واشنطن عن المشاركة أو تقديم دعم أقوى لأوكرانيا].

قبل سبتمبر الماضي بدا أن الحرب في الشرق الأوسط كانت تحت السيطرة، ففي الغالب كان رد إسرائيل على الهجوم المدمر الذي شنته “حماس” في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 محصوراً في قطاع غزة، وعلى رغم أن القادة الإسرائيليين أعلنوا منذ السابع من أكتوبر 2023 أنهم يريدون القضاء على “حماس”، فإن هذه الجماعة كانت أقل قوة من “حزب الله” وأقل انسجاماً مع إيران من الناحية الأيديولوجية، وبصورة عامة اعتمدت إسرائيل في تعاملها مع إيران و”حزب الله” على نمط الردع المتبادل الذي ميز علاقاتها مع جيرانها لما يقارب عقدين من الزمان.

أدت التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة إلى إعادة تعريف ديناميكية الردع في الشرق الأوسط

وحتى في أبريل ومايو (أيار) الماضيين كانت معايير الردع الطويلة الأمد هي التي شكلت إستراتيجية كل من إسرائيل وإيران، فلننظر مثلاً إلى رد إيران على الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قنصليتها في دمشق، فقبل هجوم طهران الانتقامي بالصواريخ على إسرائيل حرص زعماء إيران على أن تدرك إسرائيل والمجتمع الدولي أن ردها هو  استجابة مباشرة للهجوم على القنصلية وليس بداية لحملة أوسع ضد إسرائيل أو إشارة إلى رغبتهم في التصعيد، أما الضربات الصاروخية بحد ذاتها والتي استهدفت مناطق خارج المراكز السكانية الكبرى واعترضتها الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية بسهولة، فلم توح بأن إيران تسعى إلى إلحاق أذى شديد بإسرائيل، وفي الواقع لم يلجأ القادة الإيرانيون إلى خيار عسكري أكثر ضرراً لأنهم كانوا يسعون إلى ردع إسرائيل وفي الوقت نفسه يحاولون تجنب قوتها الرادعة، ويبدو أن الإستراتيجية الإيرانية كانت مدفوعة بالرغبة في حرمان القادة الإسرائيليين من أية حجة تدفعهم نحو القيام برد تصعيدي أكبر.

لكن التصعيد الأخير للأعمال العدائية التي قامت بها إسرائيل في لبنان، رداً على التوغلات العدوانية المتزايدة من جانب “حزب الله”، أعاد تعريف ديناميكية الردع التي كانت تمنع سابقاً تصاعد النزاع في الشرق الأوسط، وفي ظل الوضع القائم الذي كان يُعرف المنطقة ويحكمها سابقاً، فإن المضايقات التي مارستها الجماعات التابعة لإيران ضد إسرائيل أتاحت لطهران أن تتجنب المواجهة المباشرة، ولعبت “حماس” وبخاصة “حزب الله”، دور الرادع في وجه العمل العسكري الإسرائيلي ضد المصالح الإيرانية من خلال إبقاء إسرائيل مشغولة، فالتهديدات التي شكلتها حركة “حماس” و”حزب الله” لإسرائيل سمحت لإيران بممارسة نفوذها في المنطقة مع إبقاء الإسرائيليين معرضين للخطر بصورة غير مباشرة مما أدى، إضافة إلى جانب قوة الردع الإسرائيلية المتمثلة في تفوقها العسكري، إلى تحقيق توازن مستقر.

ولكن على مدى العام الماضي أدت تداعيات السابع من أكتوبر 2023 إلى تغيير حسابات الأخطار لدى القادة والمواطنين الإسرائيليين، فقد أصبحوا أقل استعداداً لقبول الأخطار الناجمة عن وكلاء إيران على حدود إسرائيل، وأكثر استعداداً لقبول التصعيد مع إيران.

ومع انقلاب الحملة العسكرية في غزة لمصلحة إسرائيل أصبح من غير المقبول بالنسبة إلى القادة الإسرائيليين العودة للوضع الذي كان قائماً قبل السابع من أكتوبر 2023، وأسهمت المساعدات الأميركية، سواء في شكل ذخائر أو زيادة الوجود الأميركي في المنطقة، في تعزيز القدرات العسكرية لإسرائيل، وأثر المزاج العام والوضع السياسي داخل إسرائيل في القيادات فدفعهم نحو إعادة توجيه إستراتيجيتهم الإقليمية، وشعر القادة الإسرائيليون بقيود أقل على تحركاتهم العسكرية مع انشغال الحكومة الأميركية بالانتخابات الرئاسية، في حين أضعفت التحديات الداخلية لإيران قدرتها على دعم “حزب الله”.

رهان سيئ

هذه العوامل دفعت تل أبيب إلى رفض الوضع الراهن، فاعتباراً من سبتمبر الماضي بدا وأن إسرائيل تعمل على القضاء التام على كل من “حزب الله” و”حماس”، مما يغير بصورة دائمة ميزان القوى مع إيران، فإزالة “حماس” و”حزب الله” من التوازن العسكري في الشرق الأوسط ستُفقد طهران عنصراً أساساً من نفوذها، مما يترك لإيران خيارات أقل لتهديد الإسرائيليين وردعهم عن اتخاذ إجراءات هجومية.

وفي الأمد القريب، وبالنظر إلى أن إيران سيكون لديها وكلاء أقل تستطيع من خلالهم التحرش بإسرائيل بصورة غير مباشرة والرد على الإجراءات الإسرائيلية، فإن إيران ستكون أقل قدرة على تهديد المنطقة والرد على أعمال إسرائيل واللاعبين الإقليميين الآخرين، وهذا سيصعب عليها بصورة موقتة اتخاذ خطوات هجومية، مما يجعل المنطقة تبدو أكثر استقراراً وخصوصاً بالنسبة إلى الإسرائيليين.

ومع ذلك فمن المرجح أن تعطيل “حزب الله” و”حماس”، حتى وإن كان موقتاً، ستكون له آثار سلبية كبيرة على المدى الطويل على كل من إسرائيل والشرق الأوسط، وستضطر إيران إلى البحث عن مصادر نفوذ [أوراق ضغط] أخرى لردع تدخل إسرائيل في برامجها النووية وأنشطتها الأخرى، مما يزيد بصورة كبيرة احتمال لجوئها إلى التصعيد الأفقي، أي تصعيد الصراع إلى خارج حدوده الجغرافية الأولية.

ومثلاً خلال الأسابيع التي سبقت الضربات الإسرائيلية داخل إيران في الـ 25 من أكتوبر الماضي أفادت التقارير بأن المسؤولين الإيرانيين هددوا بالرد على الولايات المتحدة وأية دولة عربية تسمح لإسرائيل باستخدام أراضيها أو مجالها الجوي لشن هجوم، ولكن في الحقيقة أن التصعيد العمودي [أي زيادة شدة الصراع داخل المنطقة نفسها] هو الذي يشكل الخطر الأعظم على أمن الشرق الأوسط، ومن خلال زيادة تقبلهم لهذا النوع من التصعيد يخوض القادة الإسرائيليون مخاطرة كبيرة، فعلى رغم أن تدمير وكلاء طهران يرفع مستوى التهديد الذي يُوجب تحركاً عسكرياً إيرانياً لكنه يحد أيضاً من قدرتها على الرد بطرق غير مباشرة على الإجراءات الإسرائيلية، وإذا ثبت أن جهود القادة الإيرانيين الرامية إلى التصعيد الأفقي غير فعالة فسيجدون أنفسهم مضطرين إلى التهديد باتخاذ إجراءات عسكرية خطرة ضد إسرائيل باستخدام أسلحة أكبر أو أكثر تدميراً، وإذا قررت إيران التحرك عسكرياً فمن المحتمل أن تكون أفعالها أكثر مباشرة وتصعيداً، فمثلما دفعت أول تجربة نووية أجرتها الصين عام 1964 الهند إلى اختبار سلاح نووي عام 1974، مما دفع بدوره باكستان إلى تسريع برنامجها النووي واختبار سلاح عام 1998، فقد تشكل الحملة العسكرية الإسرائيلية المتصاعدة في الأمد البعيد الحافز النهائي لإيران لتجاوز العتبة النووية، وامتلاك إيران الأسلحة النووية يمثل تهديداً وجودياً غير مسبوق لأمن إسرائيل يتجاوز التهديدات التي تشكلها الجماعات الإرهابية على رغم أفعالها المروعة.

عواقب غير مقصودة

إن تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط ينقل بدوره قدراً كبيراً من المخاطر إلى الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين. فإذا سرعت إيران وتيرة سعيها لامتلاك سلاح نووي، ستجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة للتورط بشكل أكبر في حروب إسرائيل، وذلك رغم تراجع نفوذها في المنطقة. وفي الوقت نفسه، أصبحت إسرائيل أكثر ميلاً لرفض نصائح واشنطن، وتسعى جاهدة لتقليل اعتمادها على المساعدات العسكرية الأميركية.

وعلاوة على ذلك فإن احتمال تعرض القوات الأميركية والدول الشريكة لهجمات إيرانية سيجبر الولايات المتحدة على تخصيص مزيد من الموارد للشرق الأوسط، في وقت يجب أن تحول فيه تركيزها على ردع العدوان الصيني في منطقة شرق آسيا البحرية، وهذه الإستراتيجية الإسرائيل ليست جديدة، فالشركاء الأضعف في التحالف يسعون دائماً إلى تحميل الشريك الأقوى أخطار التصعيد [أي تحويل عبء التصعيد إلى الشريك الأقوى]، وهي ظاهرة يطلق عليها علماء السياسة تسمية “الخطر الأخلاقي”، وبالتالي تقع على عاتق القادة الأميركيين مسؤولية رسم حدود استعداد الولايات المتحدة لدعم إستراتيجية إسرائيل وإبلاغ نظرائهم الإسرائيليين بصورة سرية بأنهم لن يدعموا زيادة التصعيد.

ويتعين على إدارة الرئيس الأميركي القادم دونالد ترمب أن تعيد النظر في دعمها غير المشروط لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأن تضع قيوداً واضحة تحدد كيف ومتى يمكن لهذه الحكومة استخدام الأسلحة والذخائر الأميركية، وكذلك يتعين على الولايات المتحدة أن تلجأ إلى الدبلوماسية لطمأنة الأطراف الإقليمية الأخرى بأن دورها سيكون السعي إلى تهدئة التوترات وليس تأجيجها، ومن دون هذه التغييرات فإن احتمالات التصعيد في الشرق الأوسط ستزداد.

مترجم عن “فورين أفيرز” 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024

المزيد عن: فورين أفيرزحزب اللهإيرانإسرائيلالسلاح النوويالردع المتبادلالصراع في الشرق الأوسطالهجوم الإيراني على إسرائيلميزان القوىالحرب بالوكالةهجوم السابع من أكتوبروكلاء إيرانحرب غزةالمساعدات الأميركية لإسرائيلالبرنامج النووي الإيراني

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00