طائرة مقاتلة تابعة للبحرية الأميركية تهبط على حاملة طائرات في البحر الأحمر، فبراير 2024 (رويترز) بأقلامهم كارتر مالكاسيان يكتب عن: أزمة الردع الأميركية by admin 19 يناير، 2025 written by admin 19 يناير، 2025 16 كيف يمكن تعديل نظرية قديمة لتتناسب مع الواقع الجديد؟ اندبندنت عربية / كارتر مالكاسيان كارتر مالكاسيان هو رئيس قسم التحليل الدفاعي في كلية الدراسات العليا البحرية. تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها أزمة في الردع. فالصين تهدد السفن الفلبينية في بحر الصين الجنوبي، وربما تستعد لغزو تايوان. أما روسيا، فلا تظهر أية علامة للتوقف عن حربها في أوكرانيا. وفي الشرق الأوسط، تهدد إيران بالانتقام من تل أبيب لاغتيالها زعيم “حماس” إسماعيل هنية في طهران، في حين يكثف “حزب الله” هجماته الصاروخية على إسرائيل، ويواصل الحوثيون مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر وإغراقها في بعض الأحيان. وتتزايد الأخطار مع مرور الوقت، سواء كانت صواريخ إيرانية تقتل عسكريين أميركيين، أو ضربة حوثية تستهدف سفينة تابعة للبحرية الأميركية، أو غرق سفينة شحن أخرى. وأي من هذه الأحداث من شأنه أن يجبر واشنطن إما على الانخراط في حرب أكبر أو التراجع. وفي كلتا الحالتين سيكون ذلك بمثابة فشل في الردع. ترتكز أسس نظرية الردع على كتابات حقبة الحرب الباردة لمفكرين مثل توماس شيلينغ، الذي سعى إلى وضع إستراتيجية ترمي إلى ردع ضربة نووية من الاتحاد السوفياتي. المبادئ الأساسية لهذه النظرية، أي الاستقرار الناتج من التدمير المتبادل المؤكد [ضربة نووية أولية من جانب أحد الطرفين ستؤدي حتماً إلى ضربة انتقامية من جانب الطرف الآخر، مما يؤدي إلى تدمير كامل لكلا الجانبين] وأخطار التصعيد ودور سياسة حافة الهاوية، وقيمة إرسال إشارات ورسالات تُظهر الالتزام والعزم، أثبتت فائدتها في ردع الخصوم المسلحين نووياً عن شن هجمات نووية وتقليدية على قوى نووية أخرى. بيد أنها كانت أقل منفعة في ردع هجمات القوى غير النووية. وعندما يتعلق الأمر بالجهات غير الحكومية، فقد أثبتت نظرية الردع عدم جدواها تماماً. كان هذا واضحاً بصورة خاصة في الشرق الأوسط خلال الأشهر الماضية، إذ بدت إيران وشبكة وكلائها على استعداد لمهاجمة القواعد العسكرية والأفراد الأميركيين، وإغراق السفن التجارية، وشن هجمات مباشرة على إسرائيل، وربما إشعال حرب إقليمية أكبر. إذا أرادت واشنطن منع تآكل الردع في المنطقة أكثر، فسيتعين عليها إظهار استعداد أكبر للانتقام. ولن يكون التركيز على “حزب الله” والحوثيين كافياً، فالطريقة الوحيدة لاستعادة الردع هي من خلال الوقوف في وجه إيران. في الواقع، ينبغي على القوات الأميركية الرد على الهجمات الصاروخية الإيرانية التي تلحق الضرر بالجنود والمدنيين الأميركيين. كما يجب أن تُرسل واشنطن رسالة إلى طهران بأن الأضرار التي تلحق بالسفن الأميركية أو السفن الأخرى التي تمر عبر البحر الأحمر ستواجه برد على المرافق أو الأراضي الإيرانية. وينبغي للجيش الأميركي أيضاً أن ينشر معداته بطريقة تمكنه من الاستمرار في اعتراض الهجمات الجوية الإيرانية، مثلما فعل عندما أطلقت إيران وابلاً من الطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي. ولكن إذا اعتبر المسؤولون الأميركيون أن ممارسة الضغوط على إيران تنطوي على أخطار كبيرة، فقد تختارون تحمل الموقف، وانتظار انتهاء الحرب في قطاع غزة والأزمة الإقليمية الحالية، مع تحويل اهتمامهم إلى الصين وروسيا والتحديات الإستراتيجية الأوسع نطاقاً. تؤكد إستراتيجية الدفاع الوطني التي اعتمدتها إدارة بايدن على ضرورة إعطاء الجيش الأميركي الأولوية وقبل كل شيء للصين. ومع ذلك، فإن هذا النهج من شأنه أن يجلب تحدياته الخاصة، مثل الهجمات المستمرة على إسرائيل، والقيود المفروضة على التجارة الدولية، وتراجع مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. لكن ومن خلال فهم متطلبات الردع، سيكون القادة الأميركيون في وضع أفضل يسمح لهم بتقييم ما إذا كانت هذه المقايضة تستحق العناء. التدمير المتبادل المؤكد قبل عام 1945، لم يكن الردع موضوعاً رئيساً في دراسة الحرب. ومن الصعب العثور على مبادئه في كتابات مفكرين مثل نيكولو مكيافيلي وكارل فون كلاوزفيتز. ولكن ابتداءً من أواخر أربعينيات القرن الـ20، ومع بداية العصر النووي، بدأ إستراتيجيون مثل شيلينغ وبرنارد برودي وألبرت وولستيتر في صياغة أسس نظرية الردع. في الواقع، إن أساس الردع النووي هو القدرة على تنفيذ الضربة الثانية، مما يعني أن أياً من الطرفين يمكنه شن ضربة ثانية مدمرة رداً على هجوم من خصمه، وهي الديناميكية المعروفة باسم “التدمير المتبادل المؤكد”. وتمتلك الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة هذه القدرة. والصواريخ الباليستية العابرة للقارات والغواصات ومخابئ الصواريخ وحاملات الصواريخ المتنقلة تجعل من المستحيل على أي من هذه القوى تدمير خصم دون أن تتعرض هي نفسها للتدمير. يعتبر التصعيد مصدر قلق بالغ الأهمية عندما يمتلك الطرفان أسلحة نووية. في كتابه الصادر عام 1966 تحت عنوان “الأسلحة والنفوذ”، زعم شيلينغ أن أي عمل عسكري قد يؤدي إلى سلسلة من الأفعال وردود الأفعال التي قد تتسبب عن غير قصد في وقوع كارثة شاملة. وكتب: “إن ما قد يحدث بالضبط هو مسألة تنبؤ أو تخمين. قد تؤدي الأعمال العسكرية، بمجرد بدئها إلى سلسلة من الاستجابات المتصاعدة التي قد تصبح خارجة عن السيطرة”. ويتحمل كلا الجانبين الأخطار. فلا تستطيع الولايات المتحدة أن تتخذ إجراء ضد الصين أو روسيا من دون أن تجلب على نفسها خطر خروج الأمور عن السيطرة. ومثلما كتب الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف إلى الرئيس الأميركي جون ف. كينيدي في ذروة أزمة الصواريخ الكوبية: “يتعين علينا وعليكم تجنب شد طرفي الحبل الذي أنشأنا فيه عقدة الحرب، لأنه كلما شددنا أكثر، ازدادت العقدة إحكاماً. وقد تأتي لحظة تصبح فيها تلك العقدة مشدودة بصورة كبيرة لدرجة أن حتى من عقدها لن يتمتع بالقوة لفكها، وعندئذٍ سيكون من الضروري قطع تلك العقدة، وما يعنيه ذلك ليس بحاجة إلى أن أشرحه لك، لأنك تدرك تماماً القوى الهائلة التي يمتلكها بَلَدانا”. إذاً، في ظل التدمير المتبادل يتطلب الردع المؤكد استعداداً لتحمل الأخطار وإظهار هذا الاستعداد بوضوح. فالأفعال التي تترتب عليها كلف أو تنطوي على أخطار يمكن أن تشير إلى صدقية الالتزام. والكلمات وحدها لا تكفي، فالأفعال تنقل بصورة أكثر فاعلية الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لقضية معينة. ونظراً إلى إمكانية التصعيد، فإن أبسط الأفعال يمكن أن تكون محفوفة بالأخطار إلى حد كبير وتظهر تصميماً كبيراً. على سبيل المثال، إن تموضع القوات البرية قرب قوات الخصم، أو تحليق طائرة مقاتلة فوق سفينة حربية، أو مرور سفن بحرية قرب مياه العدو، جميعها تحمل خطر التصعيد. وقد أولى صناع القرار الأميركيون والسوفيات اهتماماً شديداً لمثل هذه الأفعال لأنهم كانوا على دراية بالأخطار التي تنطوي عليها. إرسال إشارات مكلفة لم يطور شيلينغ ومعاصروه نظرية الردع بطريقة تشرح كيفية التعامل مع الدول غير النووية، وعندما حاول المسؤولون تطبيقها بهذه الطريقة، كانت النتائج غير مشجعة. ففي عام 1964 وأوائل عام 1965، حاولت إدارة جونسون تطبيق أفكار شيلينغ على فيتنام الشمالية، فنفذت سلسلة من الضربات الجوية المتصاعدة لكي تُبين أن الأضرار ستكون أكبر بكثير إذا لم تتراجع هانوي. لكن الأمور لم تسر كما كانت تأمل واشنطن، إذ لم يكن كبار قادة فيتنام الشمالية مقتنعين بأن الولايات المتحدة سوف تطيح بهم، وكانوا مستعدين لتحمل خسائر متزايدة من أجل توحيد بلادهم، واستمروا في شن الحرب في فيتنام الجنوبية. عند مواجهة قوة غير نووية، يتقلص خطر الدمار المتبادل المؤكد إلى حد كبير. فالقوة النووية تواجه خطراً ضئيلاً من وقوع كارثة نووية. ولكن هذا لا يعني أن القوة النووية حرة في استخدام قدراتها العسكرية كما يحلو لها. ففي بعض الحالات، يسمح غياب التدمير المتبادل المؤكد لقوة نووية مثل الولايات المتحدة بممارسة مستويات عالية من القوة، من دون أن يساورها قلق كبير في شأن التصعيد، مثلما حدث في الغزو الأميركي للعراق عام 2003. ولكن في حالات أخرى، فإن الخوف من اندلاع حرب تقليدية شاملة ضد دولة غير نووية، قد يدفع خصماً يمتلك سلاحاً نووياً إلى التدخل، وهذا ما خشيت الإدارات الأميركية حصوله في الحرب الكورية وحرب فيتنام. وفي بعض الأحيان، قد تكون كلف الحرب وخسائرها مرتفعة للغاية. في الواقع، إن ردع قوة غير نووية أمر معقد لأن الخصم غير المسلح نووياً قد يفترض أن الولايات المتحدة غير مستعدة لتحمل كلف حرب تقليدية شاملة. وقد لا تنجح الإستراتيجيات المستخدمة لردع القوى النووية مثل الصين أو روسيا بالقدر نفسه من الفاعلية مع الدول غير النووية مثل إيران أو أية دولة أخرى غير نووية لأن الولايات المتحدة تكون في مثل هذه السيناريوهات أقل عرضة بكثير لخطر الرد النووي. فالتحرك الذي قد يبدو محفوفاً بالأخطار والذي قد تتخذه واشنطن ضد الصين أو روسيا قد يُعتبر تحركاً حذراً ومدروساً إذا ما اتخذ ضد إيران. ومن المرجح أن تنظر بكين أو موسكو إلى خطوة مثل نشر سفينة تابعة للبحرية الأميركية قرب مياهها على أنها تصعيد كبير، وهو مؤشر على أن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ إجراءات يمكن أن تتصاعد إلى صراع، ربما ينطوي على أسلحة نووية. ولكن عندما يُطبق التكتيك نفسه ضد إيران، فإن الولايات المتحدة لا تواجه خطر الكارثة النووية. لذا، فمن المرجح أن تفسر طهران ذلك على أنه تصرف حذر وبأن الولايات المتحدة حريصة على عدم دفع الأمور إلى أبعد مما ينبغي. عند التعامل مع دولة غير نووية، فإن أية خطوة صغيرة تشير إلى أن كلف الحرب الشاملة أو فوائدها لا تستحق العناء، ولا تعبر بصورة واضحة عن العزم. لهذا السبب، يتعين على الولايات المتحدة أن تتخذ خطوات أكبر عندما تواجه خصوماً غير نوويين مثل إيران. بالطبع، إن اتخاذ خطوة كبيرة، على غرار تنفيذ ضربة جوية ضد هدف حيوي بالنسبة إلى النظام أو تدمير قوته البحرية بالكامل، لا تضمن ردع قوة غير نووية مثل إيران. وإذا اعتقد هؤلاء الخصوم أن الولايات المتحدة ليست ملتزمة بتحقيق النصر العسكري، فقد يُنظَر إلى الخطوات الكبيرة على أنها مجرد خدعة في صراع طويل الأمد. وإذا اعتُبرت الخطوة الكبيرة بمثابة مؤشر على نية عدوانية، مثل تغيير النظام، فقد تختار قوة غير نووية يائسة، بدافع القلق على بقائها، التصعيد عوضاً عن تقديم التنازلات. فأوكرانيا تفضل محاربة روسيا لا تقديم التنازلات، معتقدة أن التنازلات ستؤدي إلى تعزيز موقف موسكو وستقود إلى الغزو. في لعبة حافة الهاوية ضد دولة غير نووية، يتعين على الولايات المتحدة إرسال إشارات مكلفة تُظهر التزامها وقدرتها، مثل الضربات الانتقامية أو نشر حاملات الطائرات والغواصات لفترات طويلة. على سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة إسقاط طائرة عدو أو إغراق سفنه، مثلما فعلت في سوريا عام 2017 وفي “حرب الناقلات” في الخليج العربي في الثمانينيات من القرن الـ20. وعندما يشن العدو هجوماً، يمكن للولايات المتحدة أن ترسل رسالة واضحة من خلال الوقوف بثبات وصد الهجوم. لقد أظهر الدفاع عن إسرائيل في مواجهة حوالى 300 صاروخ إيراني وطائرات مسيرة مسلحة في أبريل (نيسان) التزاماً من جانب الولايات المتحدة تجاه حليف. واعترضت إسرائيل والولايات المتحدة جميع الصواريخ والمسيرات الإيرانية تقريباً، مما كشف عن أن قدرة طهران على الرد ضد التصعيد الأميركي أضعف مما كان يُعتقد سابقاً. لأكثر من عقد من الزمان، اعتمدت إيران على صواريخها الباليستية لردع الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية. وعلى حد قول فرانك ماكنزي، الذي شغل منصب قائد القيادة المركزية الأميركية من عام 2019 إلى عام 2022، في كتابه “نقطة الانصهار”، فإن ضربة أميركية أو إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية “ستؤدي بلا شك إلى رد فعل كبير من الإيرانيين” في “حرب نيران دامية وعنيفة حيث ستشكل قواعدنا ومدن أصدقائنا الإقليميين أهدافاً”. ومع ذلك، فإن عمليات اعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية في أبريل تلقي بظلال من الشك على قوة الردع المزعومة التي تمتلكها إيران. ممارسة الضغوط على الدولة الراعية تكون نظرية الردع أقل فاعلية عندما تتعامل مع جهات غير حكومية مثل “حزب الله” والحوثيين. فالجماعات المسلحة لا تملك الأهداف العسكرية العالية القيمة التي تملكها الدول. وبسبب تحرك الوحدات المسلحة بسرعة وتخفيها المتقن، يصعب القضاء على أنظمة صواريخها. علاوة على ذلك، فإن قادة هذه الجماعات لديهم استعداد كبير لتحمل الأخطار الشخصية، إذ يتوقع كثير منهم أو حتى يتمنون أن يصبحوا شهداء، مما يجعل التهديد بقتلهم في غارة جوية أميركية رادعاً ضعيفاً. للولايات المتحدة تاريخ طويل في سحق الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية من خلال مزيج من المراقبة المكثفة، والغارات الجوية باستخدام الطائرات من دون طيار، والعمليات الخاصة، والغارات المنسقة مع القوات الحليفة. بهذه الطريقة هزمت الولايات المتحدة كلاً من تنظيم الدولة الإسلامية (المعروف أيضاً باسم داعش) وتنظيم القاعدة، وأوقفت حركة طالبان لمدة عقد. ويمكن مواجهة جماعتي “حزب الله” والحوثيين وإضعافهما بالأساليب نفسها، ونظراً إلى قربهما من البحر، ستكون الحاجة إلى بناء قواعد باهظة الثمن على الأرض أقل. ومع ذلك، فإن هذا النهج يستغرق وقتاً، ويتطلب موارد كبيرة، ويشمل درجة كبيرة من التدمير. في الواقع، يمكن اعتماد طريقة أكثر فاعلية للتعامل مع هذه الجماعات وهي الضغط على الدولة الراعية، إيران، من خلال إبلاغها أن هناك عواقب على الهجمات المستمرة بالصواريخ والقذائف. لكن هذا المسار غير مثالي: فطهران ستنكر وجود أي تأثير لها في وكلائها وستتهم الولايات المتحدة بالتصعيد، فضلاً عن أن جماعتي “حزب الله” والحوثيين لديهما مصالحهما الخاصة وربما لا يستمعان إلى راعيتهما. ومع ذلك، تعتمد المجموعتان على الدعم الإيراني، لكن استعداد طهران لخوض حرب نيابة عنهما ليس مضموناً، مما يعطي إيران نفوذاً كبيراً لإقناعهما بالتوقف. الإشارات التي تنطوي على اتخاذ إجراء أو تحمل كلف يمكن أن تكون مؤشراً على مدى صدقية الالتزام لكي يحدث ذلك، يجب على طهران أن تفهم التداعيات التي ستواجهها إذا ألحقت أفعالها الأذى بالقوات الأميركية. ويتعين على الولايات المتحدة أن تُظهر استعدادها للرد من خلال الأفعال لا الأقوال، والخطوات الصغيرة ليست الحل. يجب على واشنطن أن توضح لطهران ما هي الأخطار التي ستواجهها: الحرب الشاملة والأضرار التي ستلحق بمصالح إيران الحيوية. وعلى إدارة بايدن أن تخبر طهران بأنها ستعترض أي صواريخ موجهة إلى إسرائيل، وأنها ستنتقم لأي خسائر في الأرواح الأميركية، وأن الهجمات الصاروخية الحوثية في البحر الأحمر يجب أن تتوقف. ومن أجل تجنب أن يضرب صاروخ عشوائي سفينة ما، يجب أن يُقابَل كل صاروخ مضاد للسفن يطلقه الحوثيون بإجراء أميركي ضد إيران. وقد يتخذ هذا شكل مراقبة داخل المياه الإقليمية، أو إطلاق طلقات تحذيرية على السفن الإيرانية، أو تفتيش السفن التجارية الإيرانية التي قد تهرب أسلحةً. إضافة إلى ذلك، يجب على البنتاغون التفكير في طرق إبداعية لإظهار أن الأصول العسكرية الإيرانية يمكن أن تتضرر على الفور، من خلال استخدام الحرب الإلكترونية أو العمليات الخاصة على سبيل المثال. وعلى واشنطن التأكيد على رسالتها من طريق إرسال قوات هجومية إلى الشرق الأوسط. إن نشر الرئيس جو بايدن الأخير لحاملتي طائرات، ومدمرات صواريخ موجهة، ومقاتلات أف 22، وغواصة صواريخ موجهة، هي خطوات مستحسنة. وأخيراً، يتعين على الولايات المتحدة أن تستمر في التمسك بثبات بالدفاع الصاروخي عن إسرائيل، إذ إن القيام بذلك يظهر التزاماً ويحد من خيارات إيران. وبفضل نجاح اعتراضاتهما للصواريخ الإيرانية، أصبحت الولايات المتحدة وإسرائيل في وضع أقوى الآن لردع إيران. بالطبع، إذا بدا أن الأخطار التي تنطوي عليها هذه الإستراتيجية مرتفعة جداً، أو أن الموارد المطلوبة ستشتت الانتباه عن أولويات أخرى، يمكن للولايات المتحدة أن تتراجع. قد تختار أن تظل صامتة في شأن الهجمات الصاروخية على إسرائيل، وفي سبيل تخفيف خطر التصعيد غير المتعمد، يمكنها أن تنهي وجودها البحري وأن تثني الملاحة التجارية عن المرور عبر البحر الأحمر. لن تكون هذه المرة الأولى التي تتحمل فيها إسرائيل هجمات صاروخية من “حزب الله”، ولا المرة الأولى التي يُغلق فيها البحر الأحمر أمام حركة المرور التجارية. لقد أُقفلت قناة السويس من عام 1967 إلى عام 1975 خلال الحروب بين مصر وإسرائيل. يمكن للولايات المتحدة قبول وضع مماثل إلى أن تنتهي أزمة غزة. في الواقع، تشمل الكلف المحتملة لهذا النهج مزيداً من الهجمات على إسرائيل، وتقليص التجارة الدولية، وتراجع مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، إذا كان الهدف الأسمى هو تجنب الغوص في مستنقع في الشرق الأوسط وحماية المصالح الأميركية وإحباط العدوان في المنطقة، فيجب على واشنطن أن تدرك أن الردع يتطلب قبول أخطار غير مريحة. مترجم عن “فورين أفيرز” 20 سبتمبر (أيلول) 2024 المزيد عن: الحرب الباردةالردع النوويالولايات المتحدة الأميركيةإيرانالصينروسياتايوانالقوى العظمىالقوى النوويةفورين أفيرزحماسالشرق الأوسطحزب اللهالحوثيون 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ما مدى الانحطاط الذي يمكن أن يبلغه مارك زوكربيرغ بعد تحالفه مع ترمب next post نهاية دامية لأبرز قاضيين أشرفا على أهم الملفات الأمنية في إيران You may also like رضوان السيد يكتب عن: لبنان بين «الدولة العميقة»... 17 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل تغير غزة... 17 يناير، 2025 يوسف بزي يكتب عن: كابوس “الثنائي”.. رئيس الحكومة... 16 يناير، 2025 دلال البزري تكتب عن: الفلسطينيون نحو النسيان 16 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: ربّما باتت آخر «المعارك... 16 يناير، 2025 ساطع نورالدين يكتب عن: لبنان المغضوب عليه..من الاميركيين 15 يناير، 2025 مايكل بيكلي يكتب عن: النصر الغريب لأميركا المتصدعة 15 يناير، 2025 ماجد كيالي يكتب عن: انهيار الخيار العسكري ضد... 15 يناير، 2025 غسان شربل يكتب عن: عون رئيساً لاسترداد لبنان 13 يناير، 2025 ريفا غوجون تكتب عن: رهانات فعلية في سباق... 12 يناير، 2025