الإثنين, يناير 6, 2025
الإثنين, يناير 6, 2025
Home » قصر هيلاسلاسي… صعودا على درج الإمبراطورية الإثيوبية

قصر هيلاسلاسي… صعودا على درج الإمبراطورية الإثيوبية

by admin

 

مولت فرنسا تجديده ليتحول إلى متحف وطني بعدما ظل مهجوراً خلال عهدين منذ الانقلاب الشيوعي

اندبندنت عربية /هاشم علي حامد محمد كاتب وباحث في شؤون القرن الأفريقي

ضمن برنامج زيارته لإثيوبيا افتتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ضيافة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في الـ21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري القصر الملكي للإمبراطور هيلاسلاسي بعد تحويله إلى متحف وطني. ويحكي القصر قصة الإمبراطورية الإثيوبية منذ بدايات القرن الماضي، ويحتل مساحة 25 فداناً وسط العاصمة أديس أبابا، وكان مقراً للإمبراطور هيلاسلاسي وعائلته خلال فترة حكمه التي استمرت 60 عاماً.

وتعد الحقب التي حكم فيها هيلاسلاسي من أهم الفترات التي مرت على إثيوبيا الحديثة، لما شهدته من أحداث محلية وعالمية كان لها تأثيرها المباشر في الدولة. وضمن الإصلاحات السياحية التي تجريها إثيوبيا تحت قيادة رئيس الوزراء آبي أحمد افتتاح قصر الإمبراطور بعد تجديده، وقد ظل مهجوراً خلال العهدين الماضيين عقب الانقلاب الشيوعي ليبرز الآن كمعلم سياحي جديد إلى جانب عديد من الإنجازات السياحية التي تشهدها العاصمة أديس أبابا.

ومولت فرنسا تحديث القصر الإمبراطوري بمبلغ 22 مليون يورو (22.88 مليون دولار)، وأشرف على أعمال ترميم القصر خبراء فرنسيون في إطار تعزيز التعاون الثقافي والسياحي بين البلدين. وأشاد الرئيسان الفرنسي والإثيوبي بالمشروع المشترك الذي يعكس تاريخ إثيوبيا، ويشكل وجهة سياحية مهمة، إذ مثل الإمبراطور هيلاسلاسي تفرداً في قيادة دولة أفريقية نافست المضمار الاستعماري، واشتهر بتمسكه بمصالح وطنه إلى جانب ما تميز به من غرائب في حياته السياسية والاجتماعية.

سيرة الإمبراطور

ولد تفاري ماكونين (هيلاسلاسي) في الـ23 من يوليو (تموز) 1892 في مدينة إجيريسا جورو بمقاطعة هرر شرق إثيوبيا، وأبوه هو ماكونين ولد ميكايل الذي كان حاكماً لإقليم هرر. ويعد تفاري، وهو الاسم الذي أطلقه على نفسه بعد تولي الملك، من أهم الشخصيات الأفريقية خلال القرن الـ20، وقد حكم مقاطعة هرر بعد وفاة والده، وفي عام 1904 رقي إلى رتبة رأس آي (حاكم)، وبعدها تولى حكم بلاده وصياً على العرش، ثم ملكاً فإمبراطوراً، وقد اتسعت بلاده في عديد من المناطق في ما عرفت بالإمبراطورية الإثيوبية.

مولت فرنسا تحديث القصر بـ 22.88 مليون دولار وأشرف خبراؤها على ترميمه (أ ف ب)

 

وكان الوريث المختار للإمبراطور منليك الثاني أعظم أباطرة إثيوبيا (1844 – 1913) هو حفيده ليدج ياسو، الذي أطيح قبل أن يمارس سلطته عام 1916 على أيدي مجموعة من النبلاء المحافظين بعد اتهامه باعتناق الإسلام، ونصبت بدلاً عنه الاميرة زوديتو ابنة منليك الثاني كملكة، ليصبح تفاري وصياً ووريثاً للعرش، وبعد وفاة زوديتو ابنة منليك وآخر المنافسين لتفاري جرى على الفور تتويج رأس تفاري وتلقيبه بالإمبراطور هيلاسلاسي الأول أسد يهوذا القاهر المختار من الرب ملك ملوك إثيوبيا.

جرى التنصيب في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) 1930 وسط هالة احتفالية حضرها ممثلون دوليون من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد وهولندا وبلجيكا وألمانيا وبولندا وتركيا ومصر والولايات المتحدة واليابان. ولقي احتفال تنصيب الإمبراطور هيلاسلاسي تغطية إعلامية عالمية واسعة مما جذب الاهتمام المتزايد بدولة إثيوبيا كنموذج أفريقي جسد الاستقلال لبلد نجح في تحقيق استقلالية فريدة وسط موجة من الاستعمار التي عمت القارة الأفريقية.

منذ توليه وبعد توطيد السلطة السياسية اهتم بالإصلاحات، وباشر إصلاحاً تضمن إدخال دستور للبلاد عام 1931، كما أنشأ برلماناً مهمته مناقشة المسائل التي تطرحها الإمبراطورية، وفي إطار إصلاح البنية السياسية وإقرار الدستور أنشأ مجلساً تشريعياً.

إلى جانب النجاحات السياسية التي تنسب إليه بإخراج الدولة الحديثة يعكس قصره الإمبراطوري تميزاً عالياً بمبانيه ذات الطابع التقليدي من معالم ونقوش تعبر عن وحدة الدولة الإثيوبية الجامعة لمختلف القوميات التي تتشكل منها البلاد، وتعطي عديداً من الرمزيات دلالات تحكي تطور الحياة المدنية الإثيوبية، وكان الإمبراطور هيلاسلاسي حقق على عهده نجاحات في مضمار التعليم، فاستثمر في المشروعات التعليمية التي ترعاها الدولة، وأنشأ عشرات المدارس الابتدائية مدعومة من قبل الدولة في عديد من المناطق، وشجع المنح التعليمية على أمل تيسير انتقال الدولة إلى العهد الحديث. وعمل أيضاً على إصلاح الجيش، وفي عام 1934 افتتحت كلية عسكرية في إثيوبيا تحت إشراف مفتشين بلجيكيين، وكان يرسل الطلاب المتفوقين إلى كلية “سان سير” العسكرية في فرنسا.

البلاط والخبراء

من الميزات التي يشار إليها في شأن نجاح الإمبراطور هيلاسلاسي على مستوى التنافس الدولي والإقليمي الاهتمام الذي أولاه لحماية العرش الذي ورثه، والاستعانة بالمستشارين الأجانب للانتظام في النظام الدولي السائد آنذاك. فعلى رغم أن إثيوبيا لم تستعمر فإنها لم تنجُ خلال العصر الاستعماري من الغزو الإيطالي الذي دام من 1935 إلى 1941 حينما أطاحت القوات الإيطالية حكم الإمبراطور هيلاسلاسي، وبعدها استطاعت قوات المقاومة الإثيوبية بمساعدة البريطانيين طردهم ليعود هيلاسلاسي مرة أخرى لحكم بلاده.

تعرف فرنسا باهتمامها المتزايد بإثيوبيا الذي جسدته رعايتها للتراث الإثيوبي، وشمل دعمها، إضافة إلى تبرعها المالي لمتحف قصر هيلاسلاسي التاريخي، ترميم المواقع التراثية لكنائس “لا ليبيلا” الصخرية في إقليم أمهرا. و”لا ليبيلا” هي منطقة تقع في شمال إثيوبيا وتشتهر بالكنائس المنحوتة في قطع من الصخور الضخمة، وتوصف كشاهد استثنائي على حضارة القرون الوسطى وما بعدها، وتعد “لا ليبيلا” ضمن المدن المقدسة في إثيوبيا.

أسهم إلى جانب زعماء أفارقة كعبدالناصر في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية (أ ف ب)

 

وإثيوبيا من أقدم الدول التي اعتنقت المسيحية في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي، ويعود تاريخ بناء كنائسها في “لا ليبيلا” إلى ما بين القرن السابع والـ13، وترجع تاريخياً إلى عهد أسرة زاغو الملك جبري مسكل لا ليبيلا (1181- 1221 ميلادية). وصنفت كنائس “لا ليبيلا” الصخرية كموقع للتراث العالمي لـ”اليونيسكو” عام 1978. وشمل الدعم الفرنسي إلى جانب ذلك قصر “يوبيلي” في أديس أبابا.

ويمتاز القصر الرئاسي بأبعاده في البناء التقليدي الذي تميزت به شرفاته وصالاته الواسعة، إلى جانب المداخل المتعددة في شكل دهاليز عالية السقوف متميزة بنقوش ورسومات ذات معانٍ، وتعكس جدران القصر صوراً لنبلاء وأباطرة تتصدرها صور الإمبراطور السابق منليك الثاني، إلى جانب لوحات متعددة تحكي أحداثاً ومعارك. وضمن الصور الرئيسة تتصدر صور لعائلة هيلاسلاسي الملكية، إلى جانب رسومات وصور ومجسمات ذات دلالات دينية موضوعة في رفوف منسقة. ويضم القصر أرتال الهدايا التي قدمت للإمبراطور من ملوك ورؤساء وشخصيات عالمية، ويشاهد كرمز تقليدي أسد يهوذا المحنط موضوعاً في قفص زجاجي، وقد اشتهر الإمبراطور هيلاسلاسي برعايته لأسود أفريقية مدربة ترافقه عادة عند استقبال ضيوفه كدلالة على القوة والمنعة.

معانٍ أفريقية

يقول المؤرخ حسن مكي محمد أحمد المدير السابق لجامعة “أفريقيا العالمية” عن فترة الإمبراطور هيلاسلاسي إنها ذات تاريخ غني، فقد عمل على تشكيل إثيوبيا ضمن تفاعلاتها خلال العهد الاستعماري وصراع الدول الأفريقية من أجل التحرر”. ويشير إلى أن “الإمبراطور الإثيوبي هيلاسلاسي كان ضمن الآباء الأفارقة الذين انطلق على أيديهم تحرر عديد من الدول الأفريقية، وقد أسهم إلى جانب زعامات أفريقية كنكروما وجمال عبدالناصر وجومو كينياتا وسنغور وغيرهم في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية التي تحملت مسؤولية التحرر ووحدة الصف الأفريقي والدفاع عن حقوق شعوب القارة.

ويوضح مكي، “لقد شهدت الأيام الأخيرة لعهد الإمبراطور هيلاسلاسي خاتمة غير مشرفة بعد الانقلاب الشيوعي الذي أطاحه، لكن على رغم ذلك لم تلغ تلك الأحداث ما جسده عهده محلياً من معانٍ أفريقية غنية يعكسها الآن صرح الاتحاد الأفريقي الذي يجسد تطلعات الدول الأفريقية ومطالبها وكفاحها من أجل شعوبها، أما ما يعكسه قصره والمتحف الوطني فهو إشارة إلى زعيم إثيوبي ترك بصمات واضحة في الحياة الإثيوبية خلال فترة حكمه، مما يعطي إلهاماً للأجيال الإثيوبية، وهو الرسالة التي يقدمها المتحف الوطني الإمبراطوري”.

المزيد عن: إثيوبياقصر هيلاسلاسيالإرث الاستعماريفرنساإيمانويل ماكرونآبي أحمدجمال عبد الناصر

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00