الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Home » فاروق يوسف يكتب عن : حتى الحروب مملة

فاروق يوسف يكتب عن : حتى الحروب مملة

by admin

 

لا أظن أن أحدا في العالم يفكر في الحروب إلا إذا كانت مصائبها تقع على رأسه.

The Middle East Online / فاروق يوسف

في ثمانينات القرن الماضي دخل الإيرانيون والعراقيون حربا كان يمكن تفاديها. فقد العالم الاهتمام بها بعد أسبوعين، بالرغم من أنها استمرت ثمان سنوات.

وافق العراق يومها على قرار مجلس الأمن بوقف القتال ولم توافق إيران المحمولة على حماسة سيدها الجديد لتصدير ثورته وتحرير القدس مرورا بكربلاء.

وجد صدام حسين الذي تحول إلى رجل حرب في تلك الكارثة فرصة لتأكيد احترافه فن الحرب بعد أن منح نفسه أعلى رتبة في تاريخ المؤسسة العسكرية العراقية.

كل الصواريخ البالستية التي سقطت على رؤوس المدنيين في البلدين لم تنقذ تلك الحرب من النسيان فصارت الإشارة إليها تتم عن طريق عنوانها “الحرب المنسية”.

أكثر من أربعين سنة تفصل ما بين الاسبوعين اليتيمين التي اهتم العالم بحرب الخليج الأولى وبين حرب غزة ولم يتغير شيء في المزاج البشري، سريع العطب.

تبدأ الحروب بـ”إثارة” قوية صادمة ثم تنتهي إلى رتاية وتكرار يجعل أخبارها لا جديد فيها. بالتأكيد ذلك أكثر قسوة من الحرب ولكنه ما يحدث مع كل حرب.

في الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 سنة بدءا من عام 1975 حولت الأخبار الأطراف المتحاربة إلى ما يشبه فرق كرة القدم. سباق عبثي إلى الموت.

في حرب من ذلك النوع يتحول المراهقون إلى محترفين. وبعد أن كانت البندقية أكثر طولا من المراهق يتمكن في النهاية من السيطرة عليها وقد احترف مهنة القتل.

وبالرغم من أن الحرب هي ماكنة لإنتاج القتلة فإن الجيوش بريئة مما فعلته. مشعلو الحرائق وحدهم يتحملون المسؤولية. نادرا ما اعترف العالم بتلك الحقيقة.

بعد حرب تحرير الكويت عام 1991 والتي أدت إلى تدمير العراق وإبادة أكثر من ربع مليون من منتسبي جيشه، انتشرت في الأسواق ألعاب مستوحاة من أحداثها.

الحرب تجارة. بالنسبة لمحترفيها وهم المنتفعون منها لا يهم عدد القتلى والجرحى والمشردين وليس مهما الخراب الذي ينتج عنها. هناك أرقام تتحرك في البنوك هي الأهم.

كل الذين توهموا أن الحروب ستكون فرصتهم لدخول التاريخ حققوا أملهم لكن بطريقة سلبية. لم يكونوا أبطالا ولم يحققوا نصرا. هتلر وستالين في السلة نفسها.

حين بدأت حرب روسيا على أوكرانيا لم يتسع خيال فلاديمير بوتين إلا لإسبوع أو إسبوعين ليضع المزعج فلوديمير زيلينسكي في القفص. ولكن الممثل الكوميدي صمد حين جلب الغرب كله إلى بلاده. كان بطلا على سبيل النكتة فيما كانت بلاده تحترق وانضم الأوكرانيون إلى قائمة اللاجئين.

مَن يفكر في اللاجئين؟ ربحت انجيلا المستشارة الألمانية ميركل سمعة لن ينافسها عليها أحد حين استقبلت مليون لاجئ سوري ولم تغامر بمستقبلها السياسي.

ولكن ألمانيا التي سلمتها ميركل لآخرين تنكرت لإنسانيتها حين اتخذت قرارا بالوقوف مع حرب الإبادة التي يتعرض لها أهل غزة. لكل حرب ميزانها وما من معيار إنساني.

لا أظن أن أحدا في العالم يفكر في الحروب إلا إذا كانت مصائبها تقع على رأسه. أتذكر شخصيا الصواريخ الإيرانية التي كانت تقع على بغداد وأفكر في الصواريخ العراقية التي كانت تقع على طهران وسواها من المدن الإيرانية.

ولكن ليس المطلوب من السبعة مليارات آدمي هم سكان الكرة الأرضية أن يتأكدوا فيما إذا كان حوثيو اليمن على حق في حربهم على الناقلات التي تمر بشواطئ بلادهم.

يهرب اليمنيون والسوريون والسودانيون والليبيون واللبنانيون والفلسطينيون والعراقيون لأن هناك حروبا مشتعلة في بلدانهم أو أنها على وشك الإشتعال. لا معنى لذلك بالنسبة للأوروبي. فالمغاربة والمصريون والتونسيون وسواهم من أبناء القارة الأفريقية يهربون من بلدانهم التي لا تشهد حروبا ويمكن اعتبارها بلدانا مستقرة.

ليست الحكمة في الحرب التي تقع بل في فكرتها. هناك حروب خفية. هي تلك الحروب التي تطحن المجتمعات من غير أن يظهر دم في الشوارع.

ولكن الإنسانية بطبعها لا تفكر في الحروب لأنها فكرة غير مسلية. في ذلك نوع من تغليب المزاح على الموقف الجاد. والبشر ليسوا على استعداد للتضحية بأوقاتهم.

الحروب التي تعنينا لا تعني الآخرين. لذلك تبدو الحرب، كل حرب مملة ومضجرة. مَن يتابع أخبار الحروب فإنه إما شخص لا يملك شيئا يفعله أو مجنون مولع بالقسوة.

ذلك تبسيط تتخلى الإنسانية من خلاله عن أصغر شروطها. ولكنها الحقيقة التي يجب أن يتعرف عليها مشعلو الحرائق. كل حريق هو صورة لا بد أن تحل محلها صورة أخرى.

 

 

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00