الاستعمار الثقافي ينخر معالم الهوية الثقافية ثقافة و فنون غزو الأفكار يرخي بظلاله على الدراما المغربية by admin 5 سبتمبر، 2024 written by admin 5 سبتمبر، 2024 131 المواضيع الفنية المستوردة تعرقل تطوير الأفلام والمسلسلات في المملكة وتساهم في تآكل أصالتها الثقافية. The Middle East Online / عبدالرحيم الشافعي – الرباط – يعتبر الاستعمار الثقافي ظاهرة متجددة تبرز في العصر الحديث بأشكال متعددة، ويعد المجال السينمائي والتلفزيوني من بين أكثر الوسائل تأثيرا في هذا السياق، في السينما والمسلسلات المغربية، يظهر هذا الاستعمار عبر الاعتماد على نماذج وأساليب إنتاجية وسردية مستوردة من الخارج، ما يؤدي إلى طمس الهوية الثقافية المحلية وتهميش القضايا الوطنية، وتكمن الإشكالية في مدى تأثير هذه الأعمال الفنية المستوردة على الوعي الجمعي للمجتمع المغربي، وعلى قدرته في الحفاظ على خصوصيته الثقافية أمام موجة من الإنتاجات التي تفرض نفسها تحت غطاء الترفيه والتنوع الثقافي، فكيف يمكن للفن السابع المغربي أن يحافظ على هويته ويعززها في ظل هذا التأثير الخارجي؟ وهل يمكن اعتبار هذه الأعمال الفنية المستوردة وسيلة لتطوير الصناعة السينمائية المحلية أم أنها تساهم في تدهور الأصالة الثقافية المغربية؟ يختبئ الاستعمار الثقافي وراء جلباب التقدم والانفتاح، بينما في الحقيقة ليس سوى محاولة مكشوفة لنيل رضى الدول الغربية، وهو في جوهره بعيد كل البعد عن التقدم أو التطور الأصيل الذي يروج له، وهذا النوع من الاستعمار يسعى إلى فرض نماذج ثقافية غريبة على المجتمعات المحلية، تحت ذريعة التحديث والتنوير، لكنه في الحقيقة يساهم في تآكل الهوية الوطنية وطمس الموروث الثقافي، فالانفتاح الحقيقي يجب أن يقوم على تبادل ثقافي يحترم الخصوصيات الثقافية، وليس على تقليد أعمى لما يأتي من الخارج، خاصة أن هذا الاستعمار الجديد لا يعكس إلا رغبة بعض النخب في التماهي مع القيم الغربية لتحقيق مصالح ضيقة، دون اعتبار للآثار السلبية التي قد تنجم عن هذا التبعية الثقافية على المدى البعيد. وتواجه السينما المغربية في السنوات الأخيرة انتقادات عديدة بسبب اعتمادها المتزايد على الثقافة الغربية والأوروبية كبعض الأساليب السينمائية الأميركية دون محاولة تكييفها مع السياق المغربي، كما نجد بعض الأفلام المغربية تحاول إعادة إنتاج الأنماط الهوليودية من حيث السرد الواقعي والمشاهد الجريئة، دون أن تضفي عليها نكهة محلية تعبر عن الهوية المغربية، وهذا التقليد لا يقتصر فقط على الأسلوب البصري والإخراجي، بل يمتد أيضا إلى مضمون القصة التي في كثير من الأحيان تتناول مواضيع وأسلوب حياة بعيد عن الواقع المغربي، وهذا يخلق انفصالا بين الفيلم والجمهور المحلي الذي يبحث عن قصص تعبر عن همومه وتطلعاته. ويبرز إقحام الكلمات الأجنبية، خاصة الفرنسية والإنكليزية في حوارات الأفلام والمسلسلات المغربية كظاهرة متنامية تعكس التأثر بالثقافة الأوروبية، حيث يتم دمج هذه اللغات في بعض الحوارات بشكل غير مبرر، وهذا يضعف من مصداقية الشخصيات ويبعدها عن واقع الحياة المغربية، كما يلاحظ تأثير هذا التوجه في اختيار الديكورات والملابس، فيميل البعض إلى استخدام تصاميم وأزياء غربية بحتة، ما يزيد من حالة التغريب الثقافي، و هذه الممارسات لا تساهم في تعزيز التنوع الثقافي أو الانفتاح، بل تخلق هوة بين الجمهور ومحتوى الأفلام، حيث يفقد العمل الفني قدرته على التفاعل الحقيقي مع محيطه الثقافي والاجتماعي. وينبغي أن يكون هناك وعي واضح لدى صناع الأفلام بأهمية التعبير عن الذات الثقافية المحلية بشكل صادق، لأن إدخال اللغات الأجنبية في السينما المغربية هو فقط أحد الأمثلة البسيطة على تأثير الاستعمار الثقافي، ويمكن القول إن استلهام عناصر من الثقافات الأخرى ليس بالضرورة أمرا سلبيا، إذا تم بطريقة ذكية ومحسوبة، فيمكن أن يسهم في إثراء المشهد السينمائي المغربي بشرط أن يتم دمج هذه العناصر مع الموروث الثقافي المغربي بشكل يعزز الهوية الوطنية بدلا من تذويبها، لكن عندما يصبح هذا الاستلهام تقليدا أعمى، فإنه يسهم بشكل مباشر في تدهور الأصالة الثقافية ويضعف من قدرة السينما المغربية على تقديم صورة متفردة ومستقلة عن ثقافتها وحضارتها، ويتعين على صناع السينما المغربية الالتزام بتقديم محتوى يعكس قضايا المجتمع المحلي وتطلعاته، مع الابتعاد عن التقليد السطحي للثقافات الأجنبية، بما يضمن الحفاظ على الهوية الثقافية وفي نفس الوقت تطوير الصناعة السينمائية بشكل يُراعي الخصوصية المغربية. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post اللورد بايرون حقق نصف حلمه بأن يموت من أجل اليونان next post مي زيادة وآل الأمير عبدالقادر الجزائري You may also like اللائحة الطويلة لجائزة بوكر العربية ترصد أسماء جديدة 8 يناير، 2025 غراميات هوليوود الكاذبة… حكاية مارلين ديتريش ومكتشفها 8 يناير، 2025 الموسيقى الإيرانية تتخطى القيود وتبدع في موسم الرياض 7 يناير، 2025 أشخاص موراكامي يخلعون ظلالهم في “المدينة ذات الأسوار... 7 يناير، 2025 لماذا يرواغ الأدب والفن في معالجة التاريخ العربي؟ 7 يناير، 2025 فيردي قدم أول أعماله الأوبرالية وهو غير واثق... 7 يناير، 2025 «غولدن غلوب»: لماذا فاز مَن فاز؟ وهل يستحق؟ 7 يناير، 2025 إهناسيا… مدينة مصرية ذكرها التاريخ ونسيها الحاضر 6 يناير، 2025 الكاتب آفي شتاينبرغ: الجنسية الإسرائيلية أداة للإبادة الجماعية... 6 يناير، 2025 “بيتلز 64″… عندما وصل الهوس بالفرقة البريطانية إلى... 5 يناير، 2025