ثقافة و فنونعربي غرق مركب من ورق by admin 5 أبريل، 2020 written by admin 5 أبريل، 2020 41 رسائل الإقامة الجبرية الجديد – لندن / ياسمين كنعان – كاتبة من فلسطين الرسالة الأولى محتجزة بين جدران كثيرة، لم تكن عزلة اختيارية، كانت إقامة جبرية، أحاول أن أتعايش مع هذا الطارئ، أن أخلق لنفسي فضاء آخر، أحاول الهروب والتخفّي بين صفحات رواية، أغيب للحظات عن هذا الواقع البائس، أعجز عن إتمام ما بدأته، ثمة قلق يستحوذ على مشاعري ويربك تفكيري. القلم لا يطاوعني لإتمام فكرة، نشرات الأخبار تنشر الرعب وشاشات التلفاز مسكونة بالموت، حتى الحديث العابر تفوح منه رائحة الترقب المعجونة بالخوف. أطوي صفحات النهار الثقيلة، أحاول أن أستريح من تعبي، أدفن وجهي في الوسادة أعضّ على كل فكرة قلقة تطاردني، أتشبث بحلم متيقظ، أغمض جفوني على طيفك! أنام لأحلم بغد أفضل، وإذ لا أرى سوى نفسي، أسترجع شريط نهاري، فأصحو على واقع مكرر . 10 آذار- مارس 2020 الرسالة الثانية منذ لحظات بزغ فجر يوم جديد، لا أعرف ما شكّل الحياة التي تدبّ الآن خارج هذه العزلة القلقة، فيما مضى ولن أقول في زمن غابر، فلم يمض على هذا الاحتجاز سوى أيام قليلة. فيما مضى كنت ألتقي بالنهارات الوليدة في شوارع ضيقة وأرصفة مسكونة بالحياة، أمرّ ببائع القهوة أحتسي فنجان قهوتي المعتاد، أقرأ عناوين الكتب من خلف واجهة زجاجية، نصف ساعة أقضيها في متابعة المارّة، أكثر الوجوه مألوفة لديّ، وكلّهم يأتون في موعدهم المحدد، أستطيع أن أحدد بكل بساطة وقت مرور كل منهم، ونادراً ما أخطئ. اليوم أنا هنا لا أفعل الكثير سوى تخيل الحياة خارج هذا الحصار، ومتابعة فايروس القلق الذي تبثه النشرات الإخبارية، لا أفعل الكثير سوى تخيل الحياة! 11 آذار – مارس 2020 الرسالة الثالثة كلّها لك، تتمحور حولك بشكل أو بآخر، وكلها محاولات أخيرة لإيقاف الزمن هنيهة والعبور إليك وإتمام الدورة الأخيرة حولك، فأنت المعني وأنت المخاطب وأنت من يدّعي أنه ذاك الأصم الأبكم الأعمى، أنت من يقيم السدود والحوائط العالية أو يوصد الباب ولا يتركه موارباً. هي رسائل من زمن كورونا يا سيدي لأن البغضاء تتفشى في عالمنا تماماً كهذا الفايروس اللعين.. البغضاء تقتل أكثر من كورونا يا سيدي، قلوبنا مصابة بالعمى، وعقولنا متحجرة. هي رسائل من هذا الزمن اللعين الذي يحاسبك فيه الآخر على ذنب اقترفته أو لم تقترفه، هو زمن الإنصات للكلمات المشوهة، هو زمن الحقد الأسود، هو زمن يُصدّق فيه الكاذب ويُكذّب فيه الصادق.. هو هذا الزمان زماننا. أن تصل هذه الرسائل إلى بريدك أو لا تصل ليس مهماً، كل ما في الأمر أنها كانت محاولة أخيرة لرسم وجه آخر لهذا الزمان القلق! 12 آذار- مارس 2020 الرسالة الرابعة هل تساءلت ما جدوى الكلام في عالم يأكله موت صامت؟ يلوكني الملل بلا توقف، أحصي على يدي أيام العزلة المريرة، يتفاقم الضجر فيدمي ويمتد الفراغ بلا نهاية. المطر ينهمر في الخارج، أسمع نقراته التي تخفت أحياناً ثم تعاود الدّق بأكف قلقة، هل أشرَع النوافذ لصخب هذا المساء المبتل؟ هل أشرّع النوافذ لهذا المجهول الذي يتدثر بالليل؟ هل أُشرّع النوافذ لقادم غريب يطوف حول الغرفة الوحيدة المنسية في مهب ذكريات وريح وليل؟ نصف ساعة وينتصف الليل، سيدخل اليوم الجديد بلا جديد ولا جدوى، ولن أحتار كثيراً في تصنيفه ضمن أجندة الأسبوع، ليكن الأول أو الأخير ضمن أيام لا يتغير فيها سوى اليوم والتاريخ، ما المهم؟ ما جدوى الكلام حين يكون المستمع الوحيد حائط بارد باهت؟ ما جدوى الكلام حين يرتد لي صوتي وأختنق برجعه الخافت؟ ما جدوى الكتابة إن لم يكن في الكون كله قارئ واحد؟ 12 آذار – مارس 2020 لوحة فؤاد حمدي .. الرسالة الخامسة: لها في يومها لن أضع بين يديك باقة من الورد، لن أُقبّل جبينك ولن ألثم خدّيك، سأبقى رهينة وحدتي وعزلتي، ليس بسبب هذا الفايروس اللعين، بل بسبب فايروسات اجتماعية لا تعد ولا تحصى. سأترك على شباكك المشرّع للشمس رسالة، وإن كنت أعلم مسبقاً أنك لا تجيدين القراءة ولا الكتابة. سأكتب لنفسي إذن، أُعزيها، أحاول أن أُخفي وراء الحرف جبني وهزائمي الكثيرة. في الصباح سأكلمك كما الغرباء، كل عام وأنت بخير يا أمي، كيف حال يديك وملامح وجهك وصوتك الحزين؟ كيف حال حوض النعنع وشجيرة الياسمين؟ كيف حال الصباحات على التلة البعيدة؟ وكيف حال أشجار الليمون وزهر اللوز وباقة الحنون؟ كيف حالي أنا من بعدي؛ هل ما زلت طفلة على يديك؟ كيف حال ضفائري وعقد الأقحوان؟ وكيف حال جرح اللوز الذي تركته شقاوة الطفولة على وجهي؟ هل ما زال درب الرجوع إليك طويلا يا أمي؟ هل غيرت أشجار الزيتون وقفتها؟ هل مات أبي؟ وهل ماتت صورة الطفلة الصغيرة؟ قصّي عليّ أحاديثك الطويلة. حدثيني عن جاراتنا وعن حارتنا الصغيرة. سأهز رأسي وكأنّني أعرف هذا الذي تزوّج بأمس، أو تلك التي طلقها زوجها، أو ذاك الذي عاد لتوِّه من سفره الطويل، أو هذا الذي اشترى سيارة. ذاكرتي متعبة يا أمي لم تعد تتسع لكل الوجوه القديمة، هل أطلب منك معروفاً صغيراً يا أمي؟ خذيني للمرة الأخيرة بين ذراعيك، ولا تلتفتي لهذا العمر الطويل الهش. دعيني فقط أستعيد طفولتي، دعيني أبكي طويلاً بين ذراعيك، ودعيني أستردّ نفسي من غيابها الطويل. 20 آذار – مارس 2020 الرسالة السادسة: مَاذا لو؟ أحاول الخروج من هذه العزلة الثقيلة، فأتفقد جدران غرفتي الصماء وأُحاول فتْحَ كُوَّةٍ صغيرة في جدار الاحتجاز لتدخل منها خلالها نسمة واحدة من نسائم آذار فلا ألمح سوى هالة من الضوء المنعكس على الحائط الذي غاب لونه تحت كثافة هذه العتمةً القاتمة. الغرفة كلها غارقة في ظلام وسكينة ثقيلة، ليل طويل يتغذى على قلقي، ومحاولات يائسة لغواية النعاس. لا أستطيع كبح جماح أفكاري. أتلعثم بفكرة طارئة تحملها أسئلةٌ تتخبط في أعماقي وتختلط: ماذا لو…؟ ماذا لو توقفت الحياة عند هذه اللَّحظَة تماماً. ماذا لو انتهى كل شيء؟ ماذا لو ماتت كل الكلمات في صدري ودفنت معي؟ ماذا لو باغتني ملاك الموت فجأة؛ هل أتركه يخطف روحي، أم أطلب منه أن يتريث قليلاً ويمنحني بعضاً من وقتٍ لأُصافخ الحياة، كَفَّاً بِكَفٍّ، للمرة الأخيرة؟ ماذا لو كان هذا آخر ما سأكتبه؟ آه؛ سأكتبُ، إذن، وداعاً للحياة القاسية التي لم تكن عادلة معي. سأكتبُ وداعاً لأول وجه حفظت ملامحه في قلبي، وداعاً لبحة صوت أمي ولحزنها الذي لا ينضب. سأكتبُ وداعاً لقريتي التي تبدلت معالمهامن بعدي، وداعاً لكل من ترك ندبة في قلبي، ولكل من مسح الحزن عنه. سأكتبُ وداعاً لكل حلم ودّعته قبل أن أراه، لكل وردة سحقتها يد القدر، لكل ما كان يمكن أن يكون. سأكتبُ وداعاً لمن أفلتوا أياديهم مِنْ يدي، ولمن يتشبثوا بها حتى الوداع الأخير. سأكتبُ وداعاً لكل كتابٍ حَفَرَ في روحي، ولكل كلمة حَفَرْتُهَا على الورق، ولكل ورق كان في مهب الريح التي أغرقت مركباً كَانَ من ورق. سأكتبُ وداعاً لكل فراشة حملت على جناحيها حلمي ولكل حلم احترق. سأكتبُ وداعاً للطِّفْلَةِ الَّتِي كنتها، ولِطِفْلَةٍ أُخْرى لن أكونها. سَأكتُبُ وداعاً لاسمك الذي ألفظه للمرة الأخيرة، ولملامحِ وجهك التي ستكون زادي في رحلة الرحيل إلى الأبد. سأكتبُ وداعاً لآخر اسم سوف أتذكره قبل أن تتكاثر طحالب النسيان على الذاكرة، وداعاً يا……، وداعاً. 27 آذار 2020 17 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post غرباء في «مملكة الغرباء» لالياس خوري next post “أن نُري” لبول إيلوار… كلام مبدع عن الشعر والفن والزمن You may also like أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024 المخرج والتر ساليس ينبش الماضي البرازيلي الديكتاتوري 16 نوفمبر، 2024 الحقيقة المزعجة حول العمل الفائز بجائزة “بوكر” لهذا... 16 نوفمبر، 2024 فرويد الذي لم يحب السينما كان لافتا في... 16 نوفمبر، 2024 يونس البستي لـ”المجلة”: شكري فتح السرد العربي على... 15 نوفمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 نوفمبر، 2024 17 comments Elvia 21 يونيو، 2020 - 12:23 ص I am really loving the theme/design of your blog. Do you ever run into any web browser compatibility problems? A couple of my blog audience have complained about my website not working correctly in Explorer but looks great in Firefox. Do you have any recommendations to help fix this problem? Also visit my web blog; g day Reply Rodrigo 22 يونيو، 2020 - 8:12 ص Touche. Sound arguments. Keep up the good work. my webpage – rsacwgxy g Reply Eulah 29 يونيو، 2020 - 2:50 ص Hi! Do you know if they make any plugins to safeguard against hackers? I’m kinda paranoid about losing everything I’ve worked hard on. Any suggestions? Here is my webpage – cbd oil that works 2020 Reply Roslyn 29 يونيو، 2020 - 9:52 ص What i do not understood is in truth how you’re not actually a lot more neatly-preferred than you may be now. You’re so intelligent. You know thus considerably in relation to this subject, produced me for my part imagine it from numerous varied angles. Its like men and women aren’t fascinated except it is something to do with Lady gaga! Your individual stuffs outstanding. At all times maintain it up! Feel free to surf to my web page :: cbd oil that works 2020 Reply Elena 21 يوليو، 2020 - 9:07 م I was suggested this web site by my cousin. I am not sure whether this post is written by him as no one else know such detailed about my problem. You are amazing! Thanks! Here is my web blog: website hosting companies Reply Carmon 26 يوليو، 2020 - 1:52 ص Hi there, I log on to your blogs on a regular basis. Your writing style is awesome, keep up the good work! Stop by my web blog best website hosting Reply Matt 31 يوليو، 2020 - 2:21 ص Pretty! This has been a really wonderful article. Thanks for providing these details. Feel free to surf to my web-site :: cheap flights from atlanta Reply Ben 5 أغسطس، 2020 - 7:37 م I could not refrain from commenting. Perfectly written! Here is my blog post best website hosting Reply Myrtle 5 أغسطس، 2020 - 8:10 م Heya i am for the first time here. I came across this board and I find It really useful & it helped me out a lot. I hope to give something back and aid others like you helped me. Feel free to surf to my blog web hosting company Reply Tandy 7 أغسطس، 2020 - 4:35 ص Great info. Lucky me I came across your blog by chance (stumbleupon). I have saved as a favorite for later! Look into my page – website host Reply Matthew 7 أغسطس، 2020 - 2:17 م Hey There. I discovered your blog using msn. This is an extremely smartly written article. I’ll make sure to bookmark it and come back to learn extra of your helpful info. Thank you for the post. I will definitely comeback. Also visit my web-site :: web hosting Reply Isabelle 24 أغسطس، 2020 - 5:42 ص This post is invaluable. How can I find out more? My blog; cheap flights Reply Matthias 25 أغسطس، 2020 - 1:08 ص Its such as you learn my mind! You appear to grasp a lot about this, like you wrote the e book in it or something. I feel that you just can do with some % to power the message home a little bit, however instead of that, that is wonderful blog. A fantastic read. I’ll certainly be back. cheap flights 31muvXS Reply Malinda 26 أغسطس، 2020 - 6:11 م Howdy! Would you mind if I share your blog with my facebook group? There’s a lot of folks that I think would really enjoy your content. Please let me know. Thanks cheap flights 32hvAj4 Reply Guillermo 28 أغسطس، 2020 - 9:20 ص Appreciation to my father who informed me on the topic of this website, this webpage is genuinely remarkable. Look into my page :: black mass Reply Titus 31 أغسطس، 2020 - 3:15 م You actually make it seem so easy with your presentation but I find this matter to be actually something which I think I would never understand. It seems too complex and very broad for me. I am looking forward for your next post, I will try to get the hang of it! Also visit my page; web hosting service Reply Tony 5 سبتمبر، 2020 - 2:15 ص This article offers clear idea designed for the new visitors of blogging, that in fact how to do running a blog. Here is my web page: web hosting Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.