الموسيقى لغة الشعوب (موقع ميوزيك) ثقافة و فنون عندما توحد الموسيقى الشعوب وتفرق بينها by admin 7 فبراير، 2025 written by admin 7 فبراير، 2025 9 كتاب يرصد يرصد عوالم هذا الفن ويبرز خصوصيته ته وثقافاته المتعددة اندبندنت عربية / نشوة أحمد على رغم اتفاق الشعوب في كل بقاع الأرض على أثر الموسيقى، حتى باتت جزءاً أصيلاً من أي مجتمع إنساني، فإن ثمة اختلافاً وتبايناً بين ثقافة وأخرى، لا يتجليان في صورة الإبداع الموسيقي وطبيعته وأسلوبه فحسب، بل في الذائقة كذلك. وينبع هذا الاختلاف بالأساس من طريقة فهم أو إدراك كل شعب للموسيقى الذي يوضحه جيف تود تيتون في كتاب “عوالم الموسيقى” ودلالته تغريد الطيور، لا سيما طيور “الدج” التي تستخدم الغناء للإعلان عن وجودها، أو لجذب أليفها. ويتسم غناؤها بكل خصائص الموسيقى مثل الإيقاع واللحن والتكرار والتنويع، مما دفع بعض الموسيقيين إلى نقل عبارات من غنائها إلى مؤلفاتهم. وحظي هذا الغناء بحضور مميز في الموسيقى الصينية الكلاسيكية، كما في معزوفة “بلاط العنقاء” التي تحوي مقاطع مطولة، تستعرض نداءات الطيور، وتقوم الآلات بتقليدها. وعلى النقيض من هذا، تتردد الثقافة الأورو-أميركية في تسمية هذا التغريد “موسيقى”، إذ إنها تعدّ الموسيقى تعبيراً بشرياً، لا تنتمي إليه أصوات الطيور. في حين تعتقد شعوب أخرى، مثل شعب الكالولي في غينيا بأن أغاني الطيور هي صوت أسلافهم من البشر الذين ماتوا وتحولوا إلى تلك الهيئة الجديدة “هيئة الطير”، ولذلك تحفز تلك الأغاني لديهم نوعاً من الألم وتشيع مناخاً من الحزن. اختلاف الذائقة الكتاب المترجم (المركز القومي) ويمكن تفسير هذا التباين في فهم الموسيقى وإدراكها واختلاف الذائقة الموسيقية لدى كل شعب عن الآخر بتباين السمات النفسية والاجتماعية، أو نتيجة تباين موروث كل شعب وتاريخه المشترك الذي يسهم في خلق أنماط وأساليب موسيقية تعبر عن ذائقة كل أمة وتميزها عن غيرها. وكما يوضح تود تيتون، تفضل الثقافة الموسيقية الأوروبية ألواناً صوتية يمكن وصفها بالسيولة والنعومة، في حين تفضل الثقافة الأفريقية ألواناً ذات أزيز وطنين، وتفضل الثقافة الأسيوية ألواناً يمكن وصفها بأنها تركز الصوت وكأنها تجمعه في بؤرة، مما يعني أن الشعوب في مختلف الثقافات هي التي تعطي الموسيقى معاني. لذلك فمن الطبيعي ألا تتفاعل بعض الشعوب مع الإنتاج الموسيقى لشعوب أخرى بالقدر ذاته من الحماسة والترحاب. فكما يقول تيتون “الموسيقى خارج نطاق الثقافة الموسيقية لجمهور ما قد تسبب إرباكاً وتشويشاً له، وقد يسلم بأنها موسيقى بالفعل، إلا أنه يجدها تستعصي على أذنه، ولا يمكنه الاستمتاع بها”. ويدل على ذلك بالسائد في إنجلترا أثناء العصر الفيكتوري، إذ كان الناس يقولون إنهم يجدون صعوبة في الاستماع إلى الموسيقات الغريبة لمختلف شعوب الإمبراطورية الإنجليزية الاستعمارية. الانسجام والانزعاج لا تختلف استجابات الشعوب الشرقية عن الغربية للناتج الموسيقى غير المحلي، إذ إن عدم استمتاع، أو عدم فهم الشعب الإنجليزي لموسيقى المستعمرات الإنجليزية، لا سيما الموسيقى الهندية، يساوي في المقابل انصراف القاعدة الأكبر من الجماهير في الشرق عن الموسيقى الكلاسيكية الغربية التي يعدّها بعضهم أحياناً نوعاً من الإزعاج غير المفهوم. وهذا الرأي لا يقتصر على القاعدة الكبرى من الجمهور الشرقي فحسب، بل من الممكن أن تتفق معه شعوب أخرى، كما يقول جيف تود تيتون خلال استعراضه لرأي شخص نشأ على الموسيقى الأرمينية، عندما استمع إلى الموسيقى الأوروبية الكلاسيكية للمرة الأولى، وصفها قائلاً “لقد وجدت أن معظم الموسيقى الأوروبية شيء لا قوام له. إن الموسيقى الكلاسيكية تبدو فقيرة في مفهومها، وذات ’ميلوديات‘ فصامية، أحياناً تبدو هادئة، وفي اللحظة التالية تراها وقد انتابها الجنون”. سحر المزسيقى (موقع ميوزيك) الحقيقة أن الغرب نفسه يدرك أن كثيراً من الشعوب لا يمكنها استيعاب الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وأحياناً يسخر من عدم فهم أو استيعاب هذه الشعوب لموسيقاه. فيذكر يحيى حقي في كتابه “تعال معي إلى الكونسير” أن واحدة من “القفشات” التي اعتاد الغرب أن يتندر بها على الشرق، رواية تزعم أن شاه إيران حين سمع تجربة الآلات، صفق طرباً، ظناً منه أن العازفين يعزفون لحناً جميلاً، بل طلب استعادته، وعبثاً حاولوا إفهامه أن اللحن آتٍ وأن الذي سمعه هو النشاز بعينه!. وعلى رغم هذه القاعدة التي تربط ذائقة كل شعب بثقافته، وهذا الاستقبال الشرقي السلبي للموسيقى الكلاسيكية الغربية الذي تتسبب فيه عادة عوامل ثقافية بالأساس، فإن بعض المعزوفات الموسيقية تمكنت من كسر هذه القاعدة ونجحت في تخطي الحواجز الثقافية، لتحقق شهرة وانتشاراً عالميين، وتحصد إعجاباً من أذواق متباينة وتقديراً لدى شعوب مختلفة ومتباعدة جغرافياً وثقافياً. موسيقى عابرة للثقافات يثبت الواقع نجاح مؤلفات موسيقية عدة في اختراق الحاجز الثقافي للشعوب، فهي حققت شعبية كبيرة في أنحاء شتى من العالم، مما يشير إلى أن مؤلفي تلك المقطوعات نجحوا في بلوغ حال التوتر الداخلي التي يمكنها الاستحواذ على المستمع غرباً وشرقاً، وتمكنوا من إنتاج اللحن الذي يصفه أوتو كاروبي في كتابه “مدخل إلى الموسيقى”، بأنه “الروح التي تعطي سلسلة الأصوات معنى داخلياً، وقدرة على الحياة”. فالسلم الموسيقي في نظره ليس لحناً بحد ذاته، بل أشبه بالهيكل الذي يُبنى عليه اللحن، وما يصنع من الأصوات لحناً هو نوعية التوتر الداخلي. ولعل أبرز هذه المؤلفات التي تمكنت من كسر الحاجز الثقافي، مقطوعة “كارمينا بورانا” للألماني كارل أورف التي قدمتها أوبرا فرانكفورت للمرة الأولى عام 1937. وهناك أيضاً أكثر من معزوفة موسيقية لتشايكوفسكي حققت انتشاراً عالمياً كبيراً مثل “بحيرة البجع” و”كسارة البندق” و”الجمال النائم”. كذلك حققت مقطوعة “لأجل ليزا” لبيتهوفن رواجاً عالمياً كبيراً، إلى حد أنها ارتبطت في العالم العربي بلعبة الـ”باليرينا” الشهيرة التي تكاد لا تخلو منها مقتنيات أية فتاة عربية. وهناك كثير من المقطوعات الموسيقية الأخرى التي نجحت في الوصول إلى قلوب الناس من مختلف الثقافات، وتركت لديهم الأثر عينه، ويصفها النقاد الموسيقيون، لا سيما علي الشوك بـ”موسيقى ما قبل الحداثة”، قاصداً الموسيقى المقامية التي تستجيب لها حواسنا وتستعذبها آذاننا، ابتداء من موسيقى بالاسترينا” ومروراً بموسيقى فيفالدي وباخ وموتسارت وبيتهوفن، وفيردي وحتى فاغنر، إضافة إلى الرومانسيين المتأخرين من أمثال غوستاف مالر وأنطون بروكنر. ربما يبيّن ذلك قوة الموسيقى في التوحيد بين الشعوب، والتعبير عن الإنسان مهما اختلفت ثقافته وانتماءاته، خصوصاً إذا نجحت في التعبير عن حال وجدانية صادقة مثل الحب والألم والفقد والحزن والفرح والصراعات الداخلية. فهي حينئذ تخاطب المشاعر التي يتشاركها الإنسان في كل مكان من العالم، بغض النظر عن انتماءاته الثقافية والحضارية. وقد تعود قدرة تلك المؤلفات الموسيقية على كسر الحاجز الثقافي، إضافة إلى عمق ما تعبر عنه من مشاعر وعاطفة، لسمات جمالية أخرى تميز المقطوعة، مثل التوازن والتناغم في اللحن والترابط بين أجزاء المقطوعة وتعبيرها عن قصة درامية وبساطة اللحن وعذوبة النغمات والاستخدام المميز لآلات الأوركسترا، أو ربما لأنها كما يقول علي الشوك تمثل “بديلاً لقباحات زماننا هذا وتحمل أنفاساً طوباوية تكون بمنزلة بديل للحال اللاطوباوية التي نحيا في كنفها”. وبات في مقدور هذه الموسيقى التي تحمل تلك السمات أن تحقق انتشاراً عالمياً أكثر من ذي قبل، مستفيدة من التقدم التكنولوجي المتسارع، وتعدد وتنوع الوسائط التكنولوجية التي أصبحت وسيلة ناجعة، حولت العالم ذا الأطراف المترامية إلى حيز محدود يمكن أن يعيش عبره ملايين الناس تجربة فنية واحدة. المزيد عن: الموسيقى العالميةالشعوبالتعبيرالكلاسيكيةالحديثةالحضاراتالفنالذاكرةالثقافة المتعددة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “الموناليزا”… تحفة البشرية الخالدة تغير عنوانها next post إميل زولا يرصد أحوال الموتى الفرنسيين لقرائه الروس You may also like من إصدارات فبراير البريطانية: تدريب الفيلة وسيرة ديكنز 7 فبراير، 2025 إميل زولا يرصد أحوال الموتى الفرنسيين لقرائه الروس 7 فبراير، 2025 “الموناليزا”… تحفة البشرية الخالدة تغير عنوانها 7 فبراير، 2025 الشعراء والعشاق والأمكنة والأشياء كما رآهم فان غوغ 7 فبراير، 2025 الجسد الأمومي مرجع وجودي يحتفي به الشعر 6 فبراير، 2025 هوليوود بعد وادي السيليكون تخنع أيضا لـترمب 6 فبراير، 2025 لويز بروكس تختتم السينما الصامتة بتحفتها “لولو” 6 فبراير، 2025 “فرصة العيش” كما ناقشها الفلاسفة وقالوا بها 6 فبراير، 2025 “خطيبة للبيع” أوبرا هزلية تشيكية تحولت إلى رمز... 5 فبراير، 2025 شوقي بزيع يكتب عن: =هل الشعر والفن قابلان... 5 فبراير، 2025