الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » عندما تكون الحرب النفسية أكثر فتكا من المعارك في الميدان

عندما تكون الحرب النفسية أكثر فتكا من المعارك في الميدان

by admin

 

كان لها دور بارز تاريخياً وصولاً إلى ما نشهده اليوم بين “حزب الله ” وإسرائيل إذ اعتمد عليها الطرفان بوسائل متعددة

اندبندنت عربية / كارين اليان ضاهر صحافية لبنانية @eliane_carine

شكلت الحرب السيكولوجية أو ما يعرف بالحرب النفسية مجالاً مهماً ركز عليها المختصون في علم النفس العسكري. ويرى فيها المحللون حرباً لا تقل فتكاً عن الحرب في الميدان عندما تأتي كوسيلة يلجأ إليها أطراف النزاع لزعزعة ثقة الخصم بنفسه، وإضعاف معنوياته، وتشتيت أفكاره من خلال الضغوط النفسية التي تساعد على إرباكه والتغلب عليه. ففي الحروب كافة، ومن أقدم العصور، تأخذ الحرب النفسية حيزاً مهماً من اهتمامات الأطراف المتنازعة وتشكل جزءاً لا يتجزأ من مساعيهم إلى تحقيق النصر، وإن كانت الوسائل والأدوات المعتمدة فيها قد اختلفت مع مرور الزمن لتصبح أكثر تطوراً مع ظهور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي. في المواجهات المفتوحة بين إسرائيل و”حزب الله” في لبنان، وفي ظل استمرار التصعيد العسكري يبدو واضحاً تركيز الطرفين المتنازعين على الحرب النفسية على اختلاف أدواتها ووسائلها. ففي هذه الحرب المفتوحة أيضاً تبقى الحرب النفسية أداة أساسية يلجأ إليها كل من الأخصام لإضعاف الآخر لما لها من تأثير في المعنويات والمشاعر والمواقف والسلوكيات.

تدخل لغة الترهيب والتهديد التي اعتمدها حسن نصرالله في خطاباته في إطار الحرب النفسية (رويترز)

حرب من نوع آخر

وانتشرت عبارة الحرب النفسية في الحرب العالمية الثانية بالاعتماد على الحملات الدعائية التي ترتكز في جزء كبير منها على علم النفس. وعرف عنها الجيش الأميركي آنذاك بكونها وسيلة تهدف إلى التأثير في الروح المعنوية وسلوك جماعة معينة بغرض عسكري ما، إلا أن هذا التعريف تغير في مراحل أخرى ليصبح أكثر دقة في معجم المصطلحات الحربية للجيش الأميركي. وبعدها، في مرحلة لاحقة، حصل تعديل في تعريفها ليصبح أكثر شمولية لاعتبار أن الحرب النفسية لا تقتصر على أوقات الحرب أو الطوارئ.

بالفعل، لا تحصل الحرب النفسية في ظروف الحرب فحسب. ففي منطقة الشرق الأوسط وفي لبنان تحديداً، نظراً إلى الوضع الساخن عبر التاريخ تبدو الحرب النفسية حاضرة باستمرار بصورة من الصور، بغض النظر عما إذا كانت البلاد في حالة حرب أو إذا كانت في مرحلة تهدئة.

وبحسب المختصة في المعالجة النفسية ريما بجاني “بدأت الحرب النفسية في لبنان منذ اندلاع الحرب في غزة، وذلك، عندما كان هناك احتمال بدخول لبنان في الحرب أو لا. ولهذه الحرب النفسية انعكاسات، لا على المقاتلين فحسب، بل على الرأي العام أيضاً”. لذلك، تميز بين هذا النوع من الحرب النفسية، وتلك التي تخوضها الأطراف المتنازعة للتأثير في الآخر، “مثال على ذلك، فكرة الاجتياح البري الإسرائيلي لغزة أولاً وللبنان حالياً، ففي غزة، طال التنفيذ طوال أسابيع حصل فيها مد وجزر، مع ما يسببه ذلك من ضغوط نفسية على الخصم ويجعله في حالة من التأهب المستمر لعدم وضوح ما سيحصل فعلاً. في لبنان، بالنسبة إلى البعض من الممكن أن يكون هذا التهديد الإسرائيلي باجتياح بري قريب وحصول استعدادات له، مرتبطاً بضغط نفسي تهويلي ليس إلا. هنا، تعتمد الحرب النفسية على إيهام الخصم بخطوات معينة سواء كانت ستحصل أو لا، بهدف زعزعة ثقته بنفسه وإضعافه، وفرض ظروف يغلب عليها التوتر والقلق والوهم والارتباك”.

رمي المنشورات والتوجه إلى المواطنين برسائل لإخلاء الأماكن حيث هم من الوسائل التي اعتمدت عليها إسرائيل (مواقع التواصل)

أيضاً، يعد رمي المنشورات من الوسائل التي يلجأ إليها الإسرائيليون في إطار الحرب النفسية، “إذ اعتمدت إسرائيل إلى حد كبير على الحرب النفسية في مختلف النزاعات السابقة، سواء من خلال المنشورات أو الخطابات أو المقابلات المصورة أو التهديد المباشر، لتؤثر في ’حزب الله‘ وتزعزع ثقته، حتى إن من الوسائل التي تعتمد عليها في حربها المساعي للتأثير في الرأي العام، فإذا بها تخاطب باستمرار الشعب اللبناني، محاولة تغيير نظرته إلى قيادة ’حزب الله‘، وإظهار عيوبها، لخلق رد فعل لدى الرأي العام على استخدام الحزب المدنيين للاحتماء بهم وتنفيذ أغراضه. بذلك تقنع الشعب بصحة ما تقول لتلمس رد فعل من قبله، وتشهد على انقلابه على خصمها”.

لغة الترهيب أيضاً

وتساعد هذه الحرب النفسية التي تقودها إسرائيل على ترهيب الناس وتخويفهم، مما يساعدها على تحقيق أهدافها بطريقة غير مباشرة، وكأنها بذلك تحمل خصمها مسؤولية تداعيات الحرب وآثارها في المدنيين. من جهة أخرى، تحاول إسرائيل، بهذه الطريقة، تبييض صفحتها أمام المجتمع الدولي والمدنيين، “هي تظهر وكأنها لا تتحمل مسؤولية ما يحصل، خصوصاً عندما تطلب من الناس إخلاء الأماكن التي ستقصفها والتي استخدمها ’حزب الله‘ لتخزين الأسلحة أو للاحتماء بها. فالفيديوهات التنبيهية للمواطنين ودعوتها المواطنين إلى إخلاء القرى والأحياء التي يقطنون فيها تدخل في إطار الحرب النفسية من جهة، وفي الوقت نفسه تحرص بذلك على إظهار حرصها على احترام القانون الدولي واتفاقات جنيف عام 1949 وبروتوكولاتها المكملة التي تسمح باستهداف البنى المدنية التي تخزن أسلحة حربية، فقط في حال إبلاغ ساكنيها مسبقاً بذلك. وأكثر بعد، في إطار حربها النفسية، لم تتردد في خلق حالة من الهلع بين المواطنين عبر التوجه برسائل هاتفية عشوائية تدعو فيها إلى إخلاء مكان وجودهم. أيضاً، توجهت برسائل تهويلية مماثلة إلى وزارات عدة، ومنها فيديوهات ترهيبية تظهر فيها أماكن محددة في قرى لبنانية استخدمها ’حزب الله‘ لإخفاء أسلحة وتخزينها، بالاستناد إلى معلومات استخباراتية ينقلها المتحدث باسمها، لإعطاء كلامه مزيداً من الصدقية” وفق بجاني.

وتنطبق هذه الوسائل المعتمدة في التهديد على “حزب الله”. إذ كان الأمين العام للحزب حسن نصرالله يعتمد دوماً في خطاباته على لغة التخويف والترهيب لخصومه الإسرائيليين الذين يترقبون إطلالاته التلفزيونية المصورة لما تحمله من رسائل، “فهو يحاول من خلالها زعزعة ثقتهم وإرباكهم وتخويفهم من خطوات انتقامية مستقبلية ينوي القيام بها في ساحة القتال، حتى إن من شأن مثل هذه الخطابات العنيفة اللهجة أن تؤثر في الخصم أحياناً فتدفعه إلى إحداث تغيير في خططه واستراتيجياته في القتال”.

وتميز بجاني بين الحرب النفسية التي تهدف إلى التأثير في الرأي العام، وتلك التي لها أهداف عسكرية لإرباك الخصم “مهما كان المقاتلون مدربين على التصدي للحرب النفسية وتحمل آثارها حتى لا ترهبهم، من الممكن أن يتأثر البعض في الحروب بالحرب النفسية. في ما يتعلق بعناصر ’حزب الله‘ خصوصاً، يخضعون إلى تدريبات في إطار معين تجعلهم أكثر قدرة على تحمل الضغوط النفسية في سبيل عقيدتهم. إذ يخوض الحزب الحرب في سبيل عقيدة وأيديولوجيا معينة، مما يسمح للمقاتلين بتخطي الحرب النفسية وتداعياتها، وإن كانت الثقة بالنفس قد تتزعزع أحياناً بصورة محدودة. هنا، لا بد من التمييز بين مثل هذه الحرب التي يخوضها الحزب مع إسرائيل التي هي عبارة عن نزاعات مستمرة وقتالات تشتعل حيناً وتهدأ أحياناً أخرى في مراحل متقطعة، وحروب أخرى كتلك التي اندلعت مثلاً بين روسيا وأوكرانيا بصورة مفاجئة. فالصراع بين ’حزب الله‘ وإسرائيل ليس آنياً، بل عمره عقود مما يجعل الذهنية دائماً حاضرة والمقاتلين في جهوزية دائمة وعلى استعداد لتحمل الضغوط النفسية عندما تحصل، إضافة إلى التمسك بالدفاع عن العقيدة، حتى إن أوراق العدو باتت مكشوفة هنا بالنسبة إلى ’حزب الله‘، إذ تلعبها إسرائيل دائماً في إطار الحرب النفسية بهذه الطريقة مما يجعل أثرها أخف في ’حزب الله‘ وفي الرأي العام”.

على صعيد الرأي العام، من الممكن أن يتأثر بها البعض أحياناً بين من هم أقل تمسكاً بهذه العقيدة، ومن يعدون هذه الحرب استنزافاً للقوى من دون أن تكون البلاد معنية بها بصورة مباشرة، وقد جر إليها “حزب الله” البلاد التي ترزح تحت أزمات في مختلف القطاعات، مما يولد نقمة شعبية.

بين الوسائل التقليدية وتلك المتطورة

ولا تعد الحرب النفسية طارئة على الحروب، بحسب ما يوضح الباحث في الشؤون العسكرية عادل مشموشي، “إذ وجدت الحرب النفسية منذ الحروب الأولى وفي حملات يقيمها كل فريق في محاولاته لرمي الخوف بين المقاتلين، ولو اختلفت الأدوات والوسائل على مر العصور. وكثيراً ما كان الهدف من الحرب النفسية تقويض سلطة العدو وإضعافه حتى لا يتمكن من استخدام كامل طاقاته وإمكاناته في القتال العسكري”، لكن يشدد مشموشي على أن الحرب النفسية لا تكون دوماً مواكبة للحرب والمعارك بل يمكن أن تحصل في ظروف أخرى، كما حصل أثناء التفاوض على الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل “ففي إطار الحرب النفسية، اعتبر كل من الطرفين أنه حقق انتصاراً في وقت تبين لاحقاً أنه حصل تنازل من قبل الطرفين، ومما لا شك فيه أن الحرب النفسية أصبحت من الأساسيات في الحروب. وتحرص الأطراف المتنازعة على إنشاء وحدات متخصصة لهذه الغاية. كما تلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في هذا الإطار عبر خلق إشاعات أو نشر أخبار معينة. وفي مقابل وسائل الإعلام، كوسائل تقليدية، تبرز وسائل التواصل الاجتماعي التي تعتمد أيضاً في إطار الحرب النفسية كوسيلة تتميز بسرعة انتشار واسعة للأخبار الكاذبة أو في تصميم أخبار تخدم مصلحة الأطراف المتنازعة في العصر الحديث. انطلاقاً من هنا تعد الحرب النفسية العامل الأهم في زعزعة العناصر القتالية، وإضعاف الثقة بالنفس والثقة بالقيادة حتى أحياناً وبالقضية التي تقاتل الأطراف من أجلها”.

لكل من “حزب الله” وإسرائيل اعتبارات معينة في الحرب النفسية التي يقودها، لكن أياً كانت الوسائل والاعتبارات، يبقى التأثير أكيداً في نفسية العدو مما يسهم في إرهاقه عندما يبقى في جهوزية تامة وفي حال تأهب. هذا ما حصل، بحسب مشموشي، “لدى انتظار الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي لحركة ’حماس‘) مثلاً. يدخل هذا في إطار الحرب النفسية وعملية حرق الأعصاب لترك العدو في حالة تأهب دائم واستنفار لإضعافه”.

حتى إن السعي إلى تحميل الحزب مسؤولية كل ما يحصل يدخل في إطار الحرب النفسية التي تقودها إسرائيل، ويمكن أن يسهم هذا الأمر في إضعاف قدرة الحزب على اتخاذ القرارات، وفي الوقت نفسه يؤثر في الرأي العام الذي يمكن أن ينقلب ضده. وفي عام 2006 كان لكلمة “انتصرنا” الشهيرة للأمين العام للحزب حسن نصرالله أثر كبير وتركت انطباعاً بالنصر المطلق لدى الرأي العام لترسخ هذه الفكرة لديه.

بصورة عامة استخدمت الحرب النفسية في الحروب كافة بصورة تسمح بتوجيه الخصم نحو الهدف المرجو عبر دعم سياسة معينة أو لخدمة أغراض سياسية معينة أو عسكرية أو خطة، أو في إطار مفاوضات أو أزمات، ولعبت دوراً بارزاً في قلب المقاييس وتغيير مجرى الأمور، وصولاً إلى المعارك الحالية الدائرة بين إسرائيل و”حزب الله” إذ ظهر أثرها واضحاً في مراحل عديدة.

المزيد عن: الحرب النفسيةتنظيم حزب اللهحسن نصراللهالحرب العالمية الثانيةالاجتياح البري الإسرائيلي

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00