ثقافة و فنونعربي عبود الجابري يخترق شعرياً أسلاك العراق الشائكة by admin 28 سبتمبر، 2021 written by admin 28 سبتمبر، 2021 21 ديوان “أثر من ذيل حصان” ينفتح جمالياً على الجروح الغائرة في روح الجماعة اندبندنت عربية \ شريف الشافعي كاتب وصحافي في ديوانه السابع “أثر من ذيل حصان”، الصادر حديثاً في بغداد عن منشورات اتحاد الأدباء (2021)، يطارد الشاعر العراقي عبود الجابري (58 عاماً) ما يتبقى في الذاكرة من رائحة الحياة قبل أن تبتلعه الأدخنة، ويستدعي في أوقات تهدأ فيها النيران قليلاً، وجه الوطن القريب البعيد، الذي بات فريسة للأقنعة. وهو في ترحالاته اليومية المضنية المهلكة، من أول السراب إلى آخره، لا يمتلك غير جمر الأشواق الصافية، وجماليات القصيدة المشحونة التي يتحدى بها آلات الحرب والمعابر الحدودية والأسلاك الشائكة، لينفتح بحروفه المتشظية على الجرح العراقي والشتات العربي والأوجاع الإنسانية، مستشعراً الخطورة المحيطة في معترك التفاصيل الحياتية الاعتيادية، ومستشرفاً النهاية في أية لحظة يتوقف فيها النبض فجأة وينتهي التدفق، “مهنة قاتلة/ أن تحمل في يدك نقطة/ وتنفق حياتك باحثاً عن آخر السطر”. التشبث والتقصي يواصل عبود الجابري ما اقترحه في دواوينه السابقة “فهرس الأخطاء” و”يتوكأ على عماه” و”متحف النوم”، و”فكرة اليد الواحدة”، و”تلوين الأعداء”، و”في البيت وما حوله”، من تشبث بالأرض حتى الرمق الأخير، فلربما تتقلص الاختناقات التي وصلت به وبالأحياء إلى نفق مسدود، وهواء لا يصلح للتنفس، “لا أزاحم أحداً في قبره/ فلماذا يضيق بعض الموتى، بمناجاتي للأرض، كي تكون أكثر اتساعاً؟… أنا رجل فضفاض، يضيق علي هذا العالم، كلما اتسخ قماشه، وصار علي أن أغسله”. وهو بهذا التشبث بالأرض يبدو كجندي منخرط في المقاومة، وفي إحدى يديه قنبلة صغيرة وفي يده الأخرى فسيلة خضراء يود لو يزرعها ذات فجر، إذا أتيحت له تربة خصيبة أو حضن امرأة طيبة لديها روح شفيفة ووعي بما يعتريه من ألم وأمل في آن، وما يتنازعه من ربيع وخريف متناقضين، “كما ترين فإن الدم يبدو أخضر على طين جلودنا/ لكننا لم نكن حدائق ولم تكن أوردتنا أغصاناً/ فهل لديك تسمية لبكاء السواقي قرب منازلنا كل يوم؟/ هل لديك من الحب ما يجعل الدم يسيل من الشرايين، دون أن يترك أثراً على القميص؟”. الديوان العراقي (دار إتحاد الأدباء) وتتعدد دلالات هذا “الأثر” الذي يتحدث الشاعر عنه كثيراً في ديوانه المحتفي بشعرية التقصي، إذا جاز التعبير، فالعنوان الدال يحيل منذ البداية إلى أثر حصان، ثم يكتشف القارئ على امتداد النص صوراً متنوعة ومختلفة لهذا الأثر، سواء كان أثر حصان أو غيره من أبجديات الجموح والانفلات والمغامرة والانطلاق في هذا العالم الرتيب الضيق. وبرقة المايسترو الذي يموت في ما تبقى من الحداء، ولا يزال يخطط لأسفار بعيدة في أنين النايات، يكتشف الشاعر المفتش دائماً عن الجذور أن في الموسيقى أيضاً أثراً من ذيل حصان أصبح وتراً، كما أن في الموسيقى ندبة من وجه عازف، أخطأ الطريق إلى الحنين وأومأ إلى الراقصة أن تتمايل على جرح المسافر. شعرية القسوة وتتجلى تلك الالتفاتات الموسيقية في لوحة الغلاف التي تجسد العازف والأوتار والأنغام المؤثرة، وهنا يتلاقى الشعري والموسيقي والتشكيلي معاً، وهو منحى يتكرر على امتداد صفحات الديوان المئة، لا سيما في النصوص المختزلة ذات الطبيعة المشهدية التي تنفتح كذلك على العلبة المسرحية، وكادرات السينما وتقنية السرد والحوار، وغيرها من الألوان والثيمات الإبداعية. ومن ذلك قصيدته “زووم” التي يقسمها إلى لقطات بصرية قصيرة، وإحدى هذه اللقطات التشكيلية ترسم لوحة “ثمة ما يستحق الانتظار وإن لم يأتِ، الضربة الأخيرة من ريشة امرأة على لوحة ترسم فيها رجلاً ينحني كل لحظة، ليلتقط قلبه من بين قدميه”. على أن الأثر الأعظم الذي لا يكف الشاعر عن اللهاث خلفه بوصفه الحقيقة المتوارية أو الفضاء المحجوب الموازي، هو ذلك “الوطن” بكل ما تحمله الكلمة من معان وإشارات ومساحات للتأويل، فحجارته الداكنة تظل لها قلوب بيضاء، وبين ذراعيه فقط يكون العناق: عناق العشب، والتراب، والحبيبة: “أعرف رجلاً مفدوحاً يحب التراب/ يمرغ جسده وروحه في قلبه/ ويعانق العشب بأجفانه/ يحب تراب الحديقة/ تراب البلد الهارب/ وتراب المدن التي تدفنه في حفرها/ وكأي قصيص أثر، يحب آثار خطوات امرأة بعينها، مطبوعة على التراب/ وحين يعثر على ما يلمع في روح التراب/ يعيده إليه/ كي لا يمسح عنه فضيلة لونه الداكن/ حتى أنه حاول أن يصير تراباً”. يذهب عبود الجابري في أخيلة ديوانه “أثر من ذيل حصان”، وفي صوره المركبة المنحوتة من لحم الواقع إلى تمثيل كل ما تحفل به حركة الحياة من شرور وصراعات ودمار وكبت لحرية البشر وتضييق على إرادتهم واختياراتهم، خصوصاً في الهزيع الأخير من عمر الإنسانية الذي اشتدت فيه المحن بمستوياتها المتعددة، وذابت الفواصل بين الأحياء المعذبين في الشوارع والجثث المحشورة في القبور، “كل شيء ينتحب في قلب الشاعر: المرأة الكسيرة، المعنى الكسيح، والسهم الراشد”. لكن شعرية القسوة هذه التي تبدو ظاهراً كأشواك مسنونة لا تخفي عن الرائي المتأمل جماليات الوردة ورحيقها المركز المحمل بالفكرة الفلسفية والرؤية العميقة، “حتى وهم يضربون على الأرض بأقدامهم لا يجدون ضيراً من الركون إلى أقرب منعطف مظلم/ في سبيل تأجيل الصباح/ ربما من أجل أن ينزع أحدهم سترته/ ويغطي بها جثة يتيمة/ إنهم قتلاك الذين يتجولون دون رقيب/ في صفحة الوفيات من جرائد الأعوام الماضية/ ولعلك تدركين معنى أن يتحادث الأموات للتباحث في شؤونهم ليلاً”. تتخلى القصيدة أحياناً عن تلك المكابدات المأساوية في الواقع الدامي الملموس، لتنعطف من مسار التفاصيل اليومية الممزقة للجسد إلى هدنة تحت شجرة العشق تلتئم فيها الروح، ربما في لحظة مسروقة من الزمن أو في حلم يقظة أو عند تحليق أسطوري في الخيال. ومن دون هذه المناورات الفانتازية للتخفف من الضغوط والأثقال يصعب تصور مواصلة الحياة الشحيحة، “قبل أن أعود لأعتكف/ في علبة الكبريت الواسعة/ سآخذ معي صورتك/ والقليل من نبرات صوتك/ والكثير من الأسف/ لأني أشهرت غيماتي الحزينات/ في عرض سمائك الصافية”. المزيد عن: شاعر عراقي\قصيدة النثر\شعرية القسوة\بغداد\قصيدة التفعيلة\الجماعة 12 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الكاتب النمساويّ بيتر هاندكه يكتب رواية بلا أحداث next post أعمال مجهولة للرسام الياباني هوكوساي في المتحف البريطاني You may also like كتب يناير الإنجليزية: سيرة هوليوودي واعترافات 3 نساء 9 يناير، 2025 عبده وازن يكتب عن: بثينة العيسى تروي خراب... 9 يناير، 2025 أعظم 20 فيلما في تاريخ سينما الغرب الأميركي 9 يناير، 2025 وليام هوغارث يغزو بيوت لندن بلوحات شكسبيرية 9 يناير، 2025 استعادة الشاعر بول إلويار في الذكرى المئوية للبيان... 9 يناير، 2025 فيلم “ذا اوردر” يواكب صعود التطرف في الغرب 9 يناير، 2025 عندما فقد الروسي غوغول شاعرية “سهرات مزرعة ديكانكا” 9 يناير، 2025 دمشق أقدم مدينة مأهولة… ليست مجرد عاصمة 9 يناير، 2025 شوقي بزيع يكتب عن: محاولة يائسة لترميم منزل... 9 يناير، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: دلايات ودبابيس جنائزية من... 9 يناير، 2025 12 comments buy essay online 13 نوفمبر، 2021 - 10:21 ص I treasure the data on your internet site. Kudos. http://multiessay.com Reply dover downs online casino 15 نوفمبر، 2021 - 10:05 ص Really needed to say I am just delighted that i came on your website. https://casinogamesmachines.com/ Reply sex games free download 17 نوفمبر، 2021 - 11:33 م Thank you so much! It a awesome internet site. https://winsexgames.com/ Reply reallifecam nina and kira and friends sex games 19 نوفمبر، 2021 - 9:27 ص So enlightening look forth to coming back. https://sex4games.com/ Reply fast food on keto diet 20 نوفمبر، 2021 - 9:32 ص say thanks to a lot for your website it assists a lot. https://ketogendiet.net/ Reply mediterranean keto diet 20 نوفمبر، 2021 - 2:29 م Thanks for the purpose of delivering this sort of very good post. https://ketogenicdietinfo.com/ Reply keto diet for type 1 diabetes 20 نوفمبر، 2021 - 10:59 م Really this is a handy webpage. https://ketogendiets.com/ Reply keto vs paleo diet 21 نوفمبر، 2021 - 10:44 ص Great web website! It looks very expert! Sustain the good work! https://ketogenicdiets.net/ Reply mobile casino games for real money 9 يناير، 2022 - 8:37 م Simply needed to express I’m glad that i happened upon your web site. mobile casino games for real money Reply chubby cchup gay dating 13 يناير، 2022 - 11:16 م dating black gay ass gay dating app reviews gay dating games chubby cchup gay dating Reply free online igt slots 21 يناير، 2022 - 8:48 م black pawkeet slots guide pearl warriors slots sim slots free games free online igt slots Reply free buffalo slots 21 يناير، 2022 - 9:54 م spooky slots 2015 free slots no download free konami slots online free buffalo slots Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.