بأقلامهم عبد الرَّحمن بسيسو : حِوَارِيَّةُ نَهْرِ حَيَاةٍ وَإِنْسَانِ وُجُودْ (II) by admin 17 يونيو، 2020 written by admin 17 يونيو، 2020 84 (II) فَحِيْحُ عَدَمٍ مُراوغٍ وصَرِيَخُ وُجُودْ! أَمْسَكْتُ بِيدِ الدَّانُوبِ، سَوِيِّيْ وآخَرِيْ فِي رِحَابِ الْوجُودِ، وشَرِيْكَيَ الْكَوْنِيَّ الْوَفِيَّ فِي رِحْلَةِ الْبَحثِ عَنْ حيَاةٍ حَيَّةٍ فِي بُرْهَةِ حَيَاةٍ أُسِرَتْ، لِتَوِّهَا، في دَيَامِيْسِ عَدْمْ! أَمْسَكْتُ بِيدِهِ ومَضَيْتُ أَخْطُوَ وإيَّاهُ في حُلْكَةِ دُروبِ هَذَا الْعَدمِ الْمُرَاوِغِ، وفِي دَهَالِيزِ سَوادِ سَديْمِهِ الْحَلَزُوْنِيِّ الْخَانِق، وَشَرَعْتُ أُمَرِّرُ لَهُ، بِلَمْسِ أَصَابِعِ الْكَفِّ وصَفَاءِ ملْمَسِ رَاحَتِهَا الْمُتشَابِكةِ الْخُطُوطِ معْ خُطُوطِ رَاحَةِ كَفِّهِ، مَا بَثَّتْهُ فِي أَثِيْرِ فَضَاءَاتِ الرُّؤَى عَبَاراتٌ كُنْتُ أَهْمِسُ بِهَا، فِي دَخيَلةِ نَفْسِي، إِلَى نَفْسِي وإليَه، مِنْ مَعَانٍ وخُلَاصَاتٍ، ثُمَّ هَمَسْتُ، بِمحَبَّةٍ غَامِرَةٍ، إِلَيْهْ: “قَدْ أَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِكَ الْمُرَكَّزِ، والْمُكْتَنَزِ فِي صُلْبِ وُجْدَانِيْ حَرْفَا حَرْفَاً، وكَلِمَةً كَلِمَةً، كُلَّ مَا كُنْتُ أُدْرِكُهُ، مِثْلُكَ ومِثْلُ آخَرِيْنَا، مُذْ أَدْركْتُ، وإَيَّاكَ، وإيَّاهُم، ذَوَاتَنَا الوثَّابَةَ، وذَاتَنَا الْكُلِّيَّةَ الْوَاحِدَةَ الْملْتَحِمَةَ، إِدْرَاكاً مَكَّنَنَا مِنْ تَجْلِيَةِ وُجُودَنَا الْفَرْدِيِّ والْجَمْعيِّ. وهُوَ الإدْراكُ الَّذي لَمْ يَزَلْ مَائِراً فِي أَعْمَاقِنَا الْمَقْمُوعَةِ ونَحْنُ مُؤَجَّلَيْ الْوجُودِ فِي وُجُوْدٍ سُلِبْنَاهُ، قَهْرَاً واسْتِبْدَاداً وقَسْراً، وتَحْتَ وطْآتِ حَقَائِقَ نَاشِزَةٍ، كالْخَوفِ، والْفَزعِ، والتَّرْوِيْعِ، والتَّبَاعُدِ، والْعَزلِ، والاحْتِجازِ، والْحَجْرِ، وتَكْمِيِمِ الأَفْواهِ، وتَقْفِيزِ الأَيْدِي، وغِيْرِهَا مِنْ حَقَائِقَ، وانْفِعَالاتٍ، وردَّاتِ فِعْلٍ، وتَصَرُّفَاتٍ، وأَنْمَاطِ سُلُوكٍ، رَسَخَتْ فِي الْوجُودِ، فَحالَتْ دُوْنَنَا وَمُتَابَعَةَ عَيْشِ حَمِيْمِيَّتنَا الصَّادِقَةِ الصَّافِيَةِ فِي رِحَابِ حَيَاةٍ حُرَّةٍ أَردْنَاهَا أَرحَبَ وأَغْنَى، وفي مَدَارَاتِ وُجُودٍ نَشَدْنَاهُ أَوْسَعَ حُرِّيَةً، وأَكُثَرَ تَعَدُّدَاً، وأَبْلَغَ تَنَوُّعُاً، وأَبْهَىَ جَمَالاً، وأَثْرَى! *** ومَعْ ذلِك، بَلْ وبالرَّغِمِ مِنْهُ، ولِأَصَالَةِ مَا انْبَنَتْ عَلَيْهِ ذَوَاتُنَا الْفَرْدِيَّةُ، وذَاتُنَا الْجَامِعَةُ، مِنْ مُكَوِّنَاتٍ رَاسِخَةٍ فِي جَوْهَرِ الإنْسَانِيَّة الْوجُوديَّةِ، فَإنِّي لَأشْعُرَ، بِعُمْقٍ، أّنَّ هَاتِهِ الْحَمِيْمِيَّةَ الَّتي سُلِبْنَاهَا فِي الْحَيَاةِ هُنَاكَ عَلَى الْأَرْضِ، لَمْ تَزَلْ تَجْمَعْنَا، وتَنْسَربُ مَوَّراةً في خَلَايَانَا، هُنَا والآنَ فِي حُلْكَةِ هَذَا الإظْلَامِ الْعَدَمِيِّ وسَوادِوِيَّةِ سَديْمِهِ الْحَاكِمَانِ، بِأَمْرِ التَّوحُّشِ الْبَشَرِيِّ، وُجُوْدَنَا الشّبَحيَّ في حَيَاةٍ مَيْتَةٍ يُؤَرْجِحُهَا الإفْزَاعُ والتَّرْوِيُعُ والتَّحَكُمِ الاسْتبْدَاديِّ والْمَنْعِ والكَبْحُ، ونَقَائِضُهَا جَمِيِعَاً، بَيْنَ تَحَفُّزٍ لانْبِثَاقٍ إِنْسَانِيٍّ جَدِيدٍ، مُنِيرٍ وخَلَّاقٍ، وَسُقُوطٍ مُرِيعٍ فِي مَهَاوي لامُبَالاةٍ وإِذْعَانٍ يَفْتَحَانِ هَاوِيَاتِ الانْزِلَاقِ الضَّاري صَوبَ أَسْعِرَةِ الْجَحِيمِ، وقِيْعَانِ الْعَدَمْ! *** Digital Painting BY Nabil El-bkaili إنَّهُمَا، إِذَنْ، حُلْكَةُ إِظْلامٍ وَسَوْدَاويَّةُ سَدِيمٍ لا نَعْرُفُ إلى أَيْنَ تَأْخُذَانِنَا، أَو كَيْفَ سَتَنْتَهِيانِ بِنَا، غَيرَ أَنَّنَا نَعرِفُ أنَّهُما قَدْ أَطْفَأَتَا، هُنَا في بُرْهَةِ التَّأرْجُح الانْتَقالِيِّ هَذِهِ، كُلَّ الأَنْوَارَ الْبَاهِرةَ الَّتي أَخَذَتِ بَشَراً مَنَ الْبَشَرَ إِلى انْبِهَارٍ عَظِيمٍ بِأَنْفُسِهِمْ الْمشَوْبَة بِنَقْصٍ وقُصُورٍ وفَقْرِ حَالٍ حَالَ دُونَهُمْ وإبْصَارِ أَيٍّ مِنْ شَوائِبِ أَنْفُسِهِمِ الْفَاتِكَةِ بِهِم بِبَشَرِيَّتِهم فِيْما هُمْ يَفتِكُونِ بِأنْفُسِ الإنسَانيِيينَ، والسَّاعِينَ إلى إدْراكِ إِنْسَانِيَّتِهم، مِنَ أَسْوِيَاءِ النَّاسِ. وهَكذا كَانَ لِغِيَابِ إِبْصَارِهِم شَوائبَ أَنْفُسِهِم، ولِفقْدانِهِم حَاسَّة شَمِّ نَتانَةَ أَرواحِهم الْخَرِبَة، أَنْ يُعْجِزَهَم عَنْ رُؤْيَةِ مَا يَنْخَرُ أَنْفُسَهُمُ التَّافِهَةَ الْخَربَةَ، وأرْواحِهَم الرَّخْوَةَ المَحْشُوَّةَ بِدَنَاسَةِ الْجَشَع، مِنْ عُنْصِرِيَّةٍ وحِقْدٍ وخَواءْ، ومَا يُعَشِّشُ فِي خَرَائِبِ دَيَامِيْسِهَا السَّوداءِ مِنْ تَوحُّشٍ واسْتِبْدَادٍ وفَسَادْ؛ فَشُكْرَاً لِهَذَا التَّأَرْجُحِ في بُرْهَةِ حَيَاةٍ آفِلَةٍ، وعَدَمٍ مُرَاوغٍ، مَشُحُونَةٍ بتَنَاقُضِ مُضْمَراتٍ، وخَيَارَاتٍ، ومَآلَاتٍ، ومَصَائِرْ! شَكْراً لِهَذَا التَّأَرْجُحِ الانْتِقَاليِّ الَّذِي أَطْفَأَ وهَجَ الانْبِهَارِ الْأَعْمَى، فَأَنَارْ! *** وَشُكْراً لِهَاتِهِ الْبُرْهَةِ الَّتي جَمَعَتْنِي وإيَّاكَ هُنَا فِى أُوْلَى دَوَائِرِ الْمَوْتِ الْجَحِيْمِيِّ والْعَدَمِ الْمُرَاوِغ، هُنَا في آخِرِ مَدَارٍ مِنْ مَدَاراتِ التَّشَبُّثِ الإنْسَانيِّ بالْحَيَاةِ والْوُجُود! شُكْراً لِهَاتِهِ الْبُرْهَةِ الَّتي وَحَّدَتْنَا، والَّتي جَلَّتْ فِي مَرَايَا لا يُبْصِرُ مُكْتَزاتِ بُؤَرِهَا النُّورَانِيَّةِ مِنْ أَحَدٍ سِوَانَا، أَجَلَّ مَا فِي كَيْنُونَتِتنَا الإِنْسَانِيَّةِ الْكُلِّيَةِ الْحَمِيْمِيَّةِ الْوَاحِدَةِ الْمُلْتَحِمَةِ، وَأَجْمَلَهُ، وأغْنَاهُ، وأَبْهَاهُ، وَأَعَزَّهُ عَلَى نَفْسِ الْوجُودِ الحَقِّ التَّوَّاقِ إلى إِبْصَارِ تَجلِّيَاتهِ فِي مَرايَا حَيَواتِنَا الْحيَّةِ وهِيَ تَعْكِسُ إِشْعَاعَاتِهَا صَفْوَاً إِنْسَانِيَّاً جَميْلاً يُشِعُ، صَافِيَاً خَالِصَاً وَوهَّاجَاً، مِنْ بُؤرِ صَفَاءِ مَرايَاهُ الْمُكْتَنِزَةِ نُبْلَ غَايَاتهِ، وسُمَوَّ مَقَاصِدِهِ، وإِنْسَانِيَّةِ مَرَامِيهْ! وشُكْراً لِنِدَاءَاتِ الْعَدَمِ الْمُرَاوِغِ الَّتي وَضَعَتْ الْبَشَرِيَّةَ بِأَسْرِها في قَاربٍ واحدٍ يُوْشِكُ عَلَى غَرَقٍ طُوفَانيِّ لا قَيَامةَ لَهَا مِنْهُ، ولا بَعْدَهُ، إِنْ لَمْ تُدْرِكْ إِنْسَانِيِّتها قَبْلَ تَوَالي انْدِلَاعَاتِ أَعْتَى مَوجَاتِ الطُّوْفَانِ التَّعْدِيْميِّ، وتَوَالِي انْفِجَارَاتِ بَرَاكِيْنهِ الْقَاذِفَةِ نِيْرانَ حَرْقِ الْحيَاةِ، وحِمَمَ إِمَاتَتِهَا، وحُطَامَ تَدْمِيرِ الْوُجُودِ، وجَمَراتِ رَمَادِ تَعْديِمِهْ، ونَفيِّ وُجُودهِ بِنفيِّ وُجُودِ الإنْسَانِ الإنْسَانْ! شُكراً لِنداءاتِ الْعَدَمِ، ولصَرَخَاتِ اسْتغَاثةِ الوجُود! 1 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “ديكساميثازون”.. “السلاح الجديد” في المعركة ضد فيروس كورونا next post “الإمبراطور الأخير” بو– يي ومصيره الغريب الهادئ You may also like بول شاوول يكتب عن: المسرح والتكنولوجيا 17 مارس، 2025 بادية فحص تكتب عن: لبنان والمعارضة الشيعية… ذاكرة... 17 مارس، 2025 حازم صاغية يكتب … عن «المشرق العربي» و«العالم»... 16 مارس، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: الدروز بين الشرع... 16 مارس، 2025 رضوان السيد يكتب عن: السياسات الأميركية… خطوط متداخلة... 14 مارس، 2025 دلال البزري تكتب عن: سورية ما بعد الأسد... 13 مارس، 2025 بول سالم يكتب عن: ديناميتان تعيدان تشكيل الشرق... 10 مارس، 2025 غسان شربل يكتب عن: سوريا العادلة أفضل بيت... 10 مارس، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: كيف يوقف الشرع... 10 مارس، 2025 حازم صاغية يكتب عن: … لماذا لا يُقرّ... 10 مارس، 2025 1 comment sagame 20 فبراير، 2025 - 9:49 م 381707 717880Howdy! Do you know if they make any plugins to safeguard against hackers? Im kinda paranoid about losing everything Ive worked hard on. Any recommendations? 203495 Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.