بأقلامهم عبد الرحمن الراشد يكتب عن: إسرائيل… القضاء على «الأونروا» بعد «حماس» by admin 5 نوفمبر، 2024 written by admin 5 نوفمبر، 2024 47 اليوم أقدمت إسرائيل على خطواتٍ تهدّد بانفجارِ الوضعِ القائم. أعلنت عزمَها علَى إلغاءِ الوكالةِ التي تخدمُ نصفَ الشَّعبِ الفلسطيني. وهذا يوحي أنَّ حكومةَ نتنياهو تُبيّتُ النّيةَ لمشروع تهجيرٍ جديدٍ من غزةَ والضَّفة الغربية. إنَّه سيناريو مقلقٌ ومرحلةٌ جديدةٌ من الحربِ تمثّلُ أخطرَ تهديدٍ على استقرارِ المنطقة. الشرق الاوسط / عبد الرحمن الراشد إعلاميّ ومثقّف سعوديّ، رئيس التحرير الأسبق لصحيفة «الشّرق الأوسط» ومجلة «المجلة» والمدير العام السابق لقناة العربيّة. خريج إعلام الجامعة الأميركية في واشنطن، ومن ضمن الكتاب الدائمين في الصحيفة. هيَ «وكالةُ الأممِ المتحدة لإغاثةِ وتشغيلِ اللاجئين الفلسطينيين»، وعمرُها من عمرِ إسرائيلَ نفسِها. تقدّمُ خدماتِها منذُ منتصفِ القرنِ الماضي، 1949، أي بعدَ عامٍ من الحربِ العربيةِ الإسرائيليةِ الأولى، مع تهجيرِ الفلسطينيين. في الواقعِ «الأونروا» أكثرُ من مجردِ وكالةِ إغاثية. فهي بمثابةِ حكومةِ خدماتٍ فلسطينيةٍ لستةِ ملايين شخصٍ في الضَّفةِ وغزةَ والأردن وسوريا ولبنان. وربَّما لولاها لمَاتَ نصفُ القضيةِ القائمةِ على الأرضِ واللاجئين، وربَّما غادرَ من تبقَّى من اللاجئين فلسطينَ. علَى مدى عقودٍ دعمتِ الوكالةُ مدناً بديلةً «مؤقتة» تمثَّلتْ بمخيماتٍ مثل جباليا والشاطئ وبلاطة وجنين في الضَّفةِ الغربيةِ وغزة. ولولَا «الأونروا» لذابَ ملايينُ اللاجئين في دولِ الجوارِ التي لجأوا إليها. وقد سبقَ لِي أن زرتُ مخيمَ البقعة في الأردن في الثَّمانينات ضمنَ دراستِي الأكاديمية، ورأيتُ كيفَ أنَّ في المخيمات مجتمعاتٍ حيةً، رغمَ أنَّ أهلَها يعيشون على الكَفاف. الآراءُ متضاربةٌ بشأنِ دور «الأونروا» في الماضِي والحاضر، وليستْ جميعُها مؤيدةً. هناك مَن يَرى أنَّ الوكالةَ لعبتْ دوراً سلبياً، لأنَّها وطَّنتِ الفلسطينيينَ خارجَ أراضِيهم، ومنعتْهم من الثورةِ على المُحتل مقابلَ الخبزِ والتعليم، ودجَّنت من فقدُوا بيوتَهم وأرضَهم وفُرّقُوا عن أهالِيهم. وهناك من يعدّها معسكراتِ اعتقالٍ أبدية، بعضُها عمرُها 75 عاماً. اليوم أقدمت إسرائيل على خطواتٍ تهدّد بانفجارِ الوضعِ القائم. أعلنت عزمَها علَى إلغاءِ الوكالةِ التي تخدمُ نصفَ الشَّعبِ الفلسطيني. وهذا يوحي أنَّ حكومةَ نتنياهو تُبيّتُ النّيةَ لمشروع تهجيرٍ جديدٍ من غزةَ والضَّفة الغربية. إنَّه سيناريو مقلقٌ ومرحلةٌ جديدةٌ من الحربِ تمثّلُ أخطرَ تهديدٍ على استقرارِ المنطقة. إسرائيلُ بنتْ دعاواهَا على هجومِ الحَركةِ في أكتوبرَ (تشرين الأول) العام الماضي، الذي خدمَ الإسرائيليين في الدَّفعِ بعملياتِ التَّدميرِ والتهجير. الأمم المتحدة، من خلال وكالاتِها، ترعَى ملايين اللاجئين في العالم، فعددُ الفلسطينيين المسجلينَ في «الأونروا» ستةُ ملايين، وهو مساوٍ تقريباً لعددِ اللاجئين السوريين والأفغان والفنزويليين والأوكرانيين. الفارقُ أنَّ هؤلاءِ جميعاً لهم بلدانٌ قد يعودون إليها، في حين أنَّ عودةَ الفلسطينيين إلى بلدِهم وبلداتِهم التي هُجّروا منها مستبعدةٌ. في هذه الدولِ النّزاعُ على الحكمِ والنظامِ السياسي، في حين أنَّ نزاعَ الفلسطينيين هو على الأرض والهُويّة. «الأونروا» للفلسطينيين تقوم بدورِ العائلِ الدولي. أمَّا للإسرائيليين فـ«الأونروا» تعطي الفلسطينيين الشرعية مع الخبز، أي حق العودةِ وحق الدولة. ولهذا فإنَّ إسرائيلَ عازمةٌ على هدمِ المنظمةِ الدولية. إسرائيلُ منذ بدايةِ حربِ غزةَ شنَّت حملةً مع الأدلّةِ للمجتمعِ الدولي علَى أنَّ الوكالةَ تعمل لـ«حماس»، تستخدمُها لأغراضِها العسكرية. وقالت إنَّ 12 عاملاً فيها ينتمون للحركةِ وبعض مباني الوكالة خدمتْها عسكرياً. بهذه التُّهمِ نجحت إسرائيلُ في إقناعِ كبارِ المموّلين بتوقيفِ دعمِهم. السُّؤال: كيفَ يمكنُ إنقاذُ هذا الكيانِ الإغاثي المُهم الذي يجمعُ سنوياً نحو المليارِ ونصفِ المليارِ دولار لإعالة ملايين الفلسطينيين؟ أكبرُ التبرعاتِ يأتي من الولايات المتحدة (ربع مليار دولار سنوياً)، وقد عُلّق بسببِ الاتهاماتِ الأخيرة. القضاءُ على «الأونروا» سيدفعُ الأمورَ إلى ما هو أخطر، ملايين اللاجئين القدامى والجدد دون إغاثة، سيعني هذا اضطراباتٍ سياسيةً داخلَ هذا المجتمع، سيعزّز فرصَ ظهورِ تنظيماتٍ مسلحةٍ متطرفة، وفوق هذا سيسهّلُ لاحقاً تهجيرَ ملايين الفلسطينيين من غزةَ والضفة الغربية. إسرائيلُ عازمةٌ على القضاءِ على «الأونروا» كمَا قضت على «حماس». وقد باشرتْ بالكنيست الإسرائيلي الذي شرعَ بحظرِ أنشطةِ وكالة «الأونروا» وسيطبَّقُ خلال ثلاثةِ أشهر. في غزةَ دُمِّر ثلثُ مرافقِها وقُتل أكثرُ من مائتين من موظفيها خلالَ الحرب. ستكونُ المعركةُ على «الأونروا» مع إسرائيلَ صعبة، وسيتعيَّن البحثُ عن مفهومٍ مختلفٍ لإعانةِ اللاجئين، وتحديداً الذين في داخلِ الضَّفة وغزة، من خلالِ دمجِهم وتأمينِ مواردِ عملٍ لهم ضمنَ مشروعٍ سياسيٍّ وإغاثيٍّ دائم. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post غسان شربل يكتب عن: الخيط الأميركي next post علي حسن الفواز يكتب عن: سليم بركات.. الاغتراب ومتعة الكتابة You may also like مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024