السبت, يناير 11, 2025
السبت, يناير 11, 2025
Home » عباس كيارستمي أدهش العالم بأفلامه فكوفئ بالضرب في مطار طهران

عباس كيارستمي أدهش العالم بأفلامه فكوفئ بالضرب في مطار طهران

by admin

مركز بومبيدو يحتفل بالذكرى الخامسة لرحيله ويعرض 46 فيلماً له

اندبندنت عربية \ هوفيك حبشيان 

يعود المخرج السينمائي الإيراني المعارض عباس كيارستمي  في الذكرى الخامسة لرحيله إلى الضوء. هناك حدثان مرتبطان به: الأول هو الاستعادة الكاملة لأفلامه التي يقدّمها مركز بومبيدو الفرنسي وتستمر حتى أواخر الشهر المقبل. أما الثاني فيتمثّل في عرض عدد من أفلامه على منصّة “موبي” الإلكترونية التي باتت واحدة من معاقل السينيفيلية على الإنترنت. اللحظتان على رغم تفاوت أهميتهما، ينتشلان المخرج الإيراني الطليعي من النسيان، علماً أنه لم يقع فيه بعد نظراً لأهمية إرثه السينمائي على المستوى الفنّي والثقافي والاجتماعي والسياسي. 

صرّح مركز بومبيدو أن 46 فيلماً لكيارستمي تُعرض في صالاته طوال هذه الاستعادة التي يشارك فيها العديد من الضيوف للحديث عن أعمال المعلّم، والإمعان في تفاصيلها الدالة على تفوق هذا السينمائي على سائر أبناء جيله. الاستعادة لا تكتفي فقط بأفلامه المعروفة بل تنبش في سجلّه، خصوصاً في السنوات الأولى لتجربته عندما كان لا يزال غير معروف. “هناك كنوز رهن الاكتشاف”، يؤكد المركز كاشفاً أن عدداً من هذه الأفلام المعروضة في فرنسا للمرة الأولى وصلت من إيران في حالة يُرثى لها، فتولت شركة المنتج الفرنسي ماران كارميتز (منتح عدد من أفلام كيارستمي) عملية تنقيحها وترميمها في عمل جبّار استمر عشر سنوات وانتهى في أواخر عام 2019، إلا أن تفشّي وباء كورونا حال دون عرضها فوراً.

من فيلم “سوف تحملنا الرياح” (الخدمة الإعلامية)

هذه الاستعادة ليست دخيلة على ثقافة الفرنسيين، فهم من عشّاق كيارستمي منذ على الأقل تاريخ فوزه بـ”سعفة” كانّ عام 1997 عن “طعم الكرز”، التحفة البصرية التي كرّسته عالمياً. مجلة “دفاتر السينما” لطالما دافعت عن أعماله فاتحةً صفحاتها لها. أمّا الناقد الفرنسي جان ميشال فرودون فكانت له إسهامات كبيرة في التعريف بعمل المعلّم حول العالم.

“طرق الحرية”

لفتة ذكية اختيار “طرق الحرية” عنواناً للاستعادة. من خلال إعطاء هذا العنوان للحدث، فهم المنظّمون جوهر سينما كيارستمي الذي يقوم على مشهدية الطريق. تلك الطرق المتعرجة التي لا بداية لها ولا نهاية، على نقيض الحياة التي يعيشها الإنسان. أما شخصياته فغالباً ما كانت تسلك واحدة من تلك الطرق، أحياناً من دون وجهة محددة. الطريق المتعرجة هي أيضاً إحالة على النحو الذي اكتشفنا فيه أفلامه، أقله في العالم العربي حيث لكيارستمي شعبية كبيرة. اكتشافنا لأفلامه كان “متعرجاً” إذا صح التعبير، نتيجة اطلاعنا العشوائي على أفلامه منذ نهاية التسعينيات، وإبحارنا المستمر بين ماضي سينماه وحاضرها. عرفناه بدايةً مخرجاً ثم شاعراً فمصوّراً ورسّاماً. هذا كله على دفعات وبلا أي تسلسل منطقي.

من المستحيل تصنيف سينما كيارستمي أو اختزالها في نوع محدد. هو نفسه قاوم فكرة عقلنة أعماله التي كانت أبعد ما يُمكن عن البيانات السياسية أو إعلان المواقف، بل أنطوت على حقيقتها الداخلية الخاصة بها. “حقائق” جزء منها سيبقى رهناً للتحليل. نهشت سينماه أحاسيسنا ببطء، لقطة بعد لقطة، من ساعة ما اكتشفناها، ولا تزال تفعل فعلتها في وجداننا كلّ مرة جلسنا أمام فيلم من أفلامه.

من فيلم “كلوز أب” (الخدمة الإعلامية)

في تاريخ كيارستمي، تحف سينمائية عدة، من مثل “كلوز آب” أو “عبر شجر الزيتون” و”سوف تحملنا الرياح”. لكن كلّ شخص يتعمّق في فنّه، لا بد أن يقع تحت سحر “طعم الكرز” الذي تستعيده منصة “موبي” هذه الأيام. لماذا هذا الفيلم تحديداً؟ لا ندعي أننا نعرف الجواب، ولكن يمكن القول إنه من الأعمال التي لا تخبو مهما مر عليه الزمن، بل لاحظ كثيرون أنه يزداد حداثةً وقدرةً على اختزال الاجتماعي والسياسي والفنّي في مساحة زمنية ضيقة. لـ”طعم الكرز” قدرة عالية على التقاط أحوال إنسان داخل أحوال بلاد، من خلال حالة سينمائية اخترعها كيارستمي وحملت بصمته.

الكرز وطعمه

حكاية الفيلم غاية في البساطة والوضوح: رجل أربعيني يائس يلف بسيارته ضواحي طهران بحثاً عن شخص يوافق، مقابل بعض المال، على دفنه بعد أن ينتحر. في مساره، يلتقي مجموعة من الشخصيات، وكلّ واحد من هؤلاء يتفاعل مع طلبه بطريقة مختلفة. لكن الشعر والفلسفة حاضران دائماً داخل الحوارات ما يعطي الفيلم طابعاً صوفياً. لا ينشغل الفيلم بالمكان الذي سيصله بقدر اهتمامه بالطريق التي يعبرها. طريق جبلية ترابية قاحلة تعبرها سيارة السيد بديع الطامح إلى إنهاء حياته، لتصبح في الآخر (السيارة) شخصية في ذاتها. في مشهد من المشاهد، يسأله رجل عجوز متفاجئاً من رغبته في الانفصال النهائي عن الوجود: “هل أصابك اليأس تماماً؟ هل نظرت مرة إلى السماء عندما تصحو من نومك؟ في الفجر، ألا تريد رؤية شروق الشمس؟ الأحمر والأصفر عند الغروب، ألا تريد أن تراهما مجدداً؟ الناس على الجانب الآخر يودون لو ألقوا نظرة هنا. وأنت تود أن تهرع إلى هناك”… عن هذا المشهد الذي يبلغ فيه الفيلم ذروته، يقول كيارستمي: “أعتقد أن الحياة امتحان، سؤال، وقبل أن نتوصل إلى حلّه نُستبعد، نغادر العالم. العجوز في الفيلم شاهد على ما أقول. يملك الفهم الأفضل للحياة حين لم يبقَ له الكثير ليعيش”.

من فيلم “طعم الكرز” (الخدمة الإعلامية)

لا شيء تقليدياً في الفيلم. أما النهاية، فهي صادمة. إنها دعوة صريحة للعودة إلى الواقع كي ندرك موقعنا من القصّة التي شاهدناها للتو. فجأةً، نرى كيارستمي يصوّر الفيلم. فجأةً، يزج بنا في الكواليس ليحدث انفصالاً عن القصّة. في مقابلة، قال إنه استوحاه من التفريق الذي نقع عليه في مسرح بريشت: “أردتُ القول إننا لسنا في ما يحصل من حولنا إلا شهوداً، إن العالم يستمر على رغم كلّ ما حصل”.

السيارة (رانج روفر) تحتل موقعاً بارزاً في “طعم الكرز”. هي شخصية في ذاتها. سألتُ كيارستمي في أحد لقاءاتي معه عن إصراره على التصوير داخل السيارة في غير فيلم، وكان معلوماً أنه ليس لأسباب اقتصادية، فرد مستظرفاً: “أعتقد أن السيارة أفضل الأماكن لتستقبل أحدهم؛ لستَ في حاجة إلى فتح الباب للضيف عندما يأتي ولا مرافقته إلى الباب عندما يرحل”. هذا الجواب لم يكن مقنعاً. فكيارستمي إضافة إلى أنه لم يحب يوماً الإطالة في شرح أفلامه كي لا يتطاير منها الغموض، كان يتفادى كثيراً الحكي عن البُعد السياسي خشية من الاصطدام بالسلطات الإيرانية التي لم ترحم زملاء له. وعلى رغم صمته، فالمتاعب لاحقته غداة فوزه بـ”السعفة” عن “طعم الكرز”. يُروى أنه فور وصوله إلى مطار طهران، كانت السلطات أرسلت “أدواتها” لينهالوا عليه ضرباً بعصي البايسبول. هذه الخبرية تكتم عليها الرجل الكبير لسنوات. من بعد هذه الحادثة، تم توظيف مخرج موالٍ للنظام الإيراني يُدعى إبراهيم هاتاميكيا، لإنجاز فيلم بطله الشرير مخرج يلبس نظارات سوداء على وجهه (مثل كيارستمي) ويسافر من مهرجان إلى مهرجان!

تلاشى هذا كله مع الزمن، العزيز على قلب المعلّم. سقطت السياسة وصمد الفن. لم ينجح الابتزاز إلا بدفع كيارستمي إلى تصوير بعض أفلامه الأخيرة خارج إيران. لكنه مات كبيراً. حسن روحاني نعاه على صفحته. الملايين من الذين لا يفهمون كلمة من لغته بكوه. اليوم، العودة إلى “طعم الكرز” بعد نحو ربع قرن على خروجه تؤكد ما كنّا نعلمه: حداثية وصفاء سينمائي لم يلجأ إلى أي تدليس سياسي وإثارة أو أي من أمراض العصر. بطله هو الإنسان الفضولي المستكشف الذي يتطور داخل سينما دافئة تطرح الأسئلة الصحيحة. بالكاد بالغ غودار عندما قال: السينما بدأت مع غريفيث وانتهت مع كيارستمي.

المزيد عن: سينما\أفلام إيرانية\معارضة إيرانية\طعم الكرز\سينما طليعية\مركز بومبيدو\مهرجان\عباس كيارستمي\اخترنا لكم

 

 

You may also like

15 comments

사다리게임 1 يوليو، 2021 - 6:19 ص

This piece of writing provides clear idea in favor of the new users
of blogging, that really how to do running a
blog.

Reply
Call girls Raipur 1 يوليو، 2021 - 6:24 ص

Among all the call girls and women in Raipur there are a number of who are
amongst the best in the business. Raipur is one of the most important locations for the Escort service providers to attract and earn customers from across the globe.
Most of the call girls in Raipur will be part of the elite list of the escort agencies
in Raipur and will come across you as the epitome of all elegance and poise.
They will have the ability to seduce and charm you to the
core. The beauty of the person sitting opposite you in a chat will make you fall head over heels.

Reply
[url=https://link.forex.pm/913GcL]us friendly binary options[/url] 1 يوليو، 2021 - 6:33 ص

Way cool! Some extremely valid points! I appreciate you writing this
post and the rest of the website is also really good.

Reply
Nigeria Property Homes 1 يوليو، 2021 - 6:43 ص

Nigeria Property Homes is a real estate and property listing website in Nigeria an easy-to-use platform for locating
information about homes, houses, lands, shops, office spaces, and other commercial properties available
for purchase or rental.

Reply
ChinaJigsaw Puzzle 1 يوليو، 2021 - 7:12 ص

An outstanding share! I have just forwarded this onto a coworker who was conducting a little homework on this.
And he actually ordered me dinner because I
discovered it for him… lol. So let me reword this….
Thank YOU for the meal!! But yeah, thanks for spending time to talk about this subject here on your blog.

Jigsaw ChinaJigsaw Puzzle white
label

Reply
how to sell your home for more money 1 يوليو، 2021 - 8:01 ص

This is a very good tip especially to those fresh to the blogosphere.
Short but very precise info… Many thanks for sharing this one.
A must read post!

Reply
bat dong san 1 يوليو، 2021 - 8:28 ص

Definitely believe that which you said. Your favorite justification appeared
to be on the web the easiest thing to be aware of.
I say to you, I certainly get annoyed while people think about worries that they plainly
don’t know about. You managed to hit the nail upon the top and also defined out the
whole thing without having side effect , people can take a signal.
Will likely be back to get more. Thanks

Reply
web site 1 يوليو، 2021 - 8:45 ص

What’s Going down i’m new to this, I stumbled upon this
I’ve discovered It positively helpful and it has helped me
out loads. I am hoping to give a contribution & herlp other customers like its helped me.
Great job.
Types of cryptoxurrencies web site bitcoin news

Reply
w11poker 1 يوليو، 2021 - 9:03 ص

Hi I am so glad I found your site, I really found you by accident, while I was searching on Bing for something
else, Regardless I am here now and would just like to say thanks
for a marvelous post and a all round thrilling blog
(I also love the theme/design), I don’t have time to look
over it all at the moment but I have book-marked it and also added in your RSS feeds, so when I have time I will
be back to read much more, Please do keep up the awesome work.

Reply
토토사이트 1 يوليو، 2021 - 9:35 ص

Hey there! I know this is kind of off-topic however I needed to ask.
Does building a well-established website such as yours require
a lot of work? I am completely new to running a blog however I do write in my diary every day.
I’d like to start a blog so I can share my experience and
feelings online. Please let me know if you have any kind of recommendations or tips for new aspiring bloggers.
Appreciate it!

Reply
poker online 1 يوليو، 2021 - 9:44 ص

Aw, this was a really nice post. Taking the time and actual effort to
create a superb article… but what can I say… I
put things off a lot and don’t seem to get anything done.

Reply
Casino Booi игровой автомат - Nights Of Fortune 1 يوليو، 2021 - 10:44 ص

Incredible points. Great arguments. Keep up the amazing effort.

Reply
Sex Store 1 يوليو، 2021 - 10:46 ص

I was able to find good advice from your blog posts.

Reply
IQoption chris capre sniper trading system for forex 18 يوليو، 2021 - 2:22 ص

This design is steller! You most certainly know how to keep a reader entertained.
Between your wit and your videos, I was almost moved to start my own blog (well, almost…HaHa!) Wonderful job.
I really loved what you had to say, and more than that, how
you presented it. Too cool!

Reply
us marshals badges 13 أغسطس، 2024 - 9:56 م

This was an excellent read. Very thorough and well-researched.

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00