الزواج التقليدي بريشة جوزف مطر (آرت ليبانون) ثقافة و فنون ظاهرة الزواج العصري المأزوم في مقاربة فلسفية by admin 30 يناير، 2025 written by admin 30 يناير، 2025 28 الليبرالية الجديدة قلبت المقاييس والمرأة تحصد مزيداً من الحرية والحداثة تبلور التحديات اندبندنت عربية / جمال نعيم أكاديمي لبناني لا يمكن التعامل مع الزواج بخفة ولا مبالاة. هذا ما يفسر لنا فشل غالبية الزيجات بصورة صريحة أو ضمنية. ففي غالبيتها نجد نوعاً من الطلاق غير المعلن، وإن استمر الزواج صورياً. لذلك علينا أن نعيد التفكير في نمط الحياة المعاصرة، الذي لا يشجع كثيراً على الزواج، بل ويحاول أن يدمر ما بقي منه ويقوضه. هكذا يستسهل بعضنا الدعوة إلى عدم الزواج وعدم الإنجاب بمنزلة نمط حياة معاصر يرتئيه حلاً مناسباً لفشل مؤسسة الزواج، لكن ألا يدمر نمط الحياة هذا المجتمع على المدى الطويل؟ هل يمكن تجاهل مصلحة المجتمع واستمراره وديمومته؟ وهل ما يصلح لفرد أو لثلة يصلح أن يتحول إلى نمط حياة عام؟ في يقيني إن الرأسمالية، لا سيما في مراحلها النيوليبرالية المتوحشة، قضت على كل أنماط الحياة القديمة التي كانت تحافظ إلى حد كبير على الصحة النفسية لغالبية البشر، فبات الإنسان يلهث ويلهث وراء اقتناء أشياء والحصول على أشياء لا يستعملها في حياته على الإطلاق، كما يجمع أرصدة في البنك ليس به حاجة إليها حتى لو عاش عشرات السنوات الإضافية، ومع ذلك يبقى قلقاً. هذا ما أثر في العلاقة بين الجنسين وفي مؤسسة الزواج نفسها بما هي مؤسسة اجتماعية بقيت فاعلة وناجحة حتى عهد قريب. الجسد… ذلك المجهول الزوجان بريشة موديلياني (متحف الرسام) من ميزات عصرنا أنه أطلق رغبة المرأة. وكان لهذا الحدث تداعيات كثيرة لم نستطع حصرها بعد. من تداعياته أن الرجل لم يعد يفهم ما تريده المرأة! وربما ما زال أمامه كثير ليفهم ما تريده! ولم يفهم بعد ماذا يعني الحب في نظرها في عصر المرأة هذا! على الرجل، حتى ينجح في علاقته بالمرأة، أن يكون متخصصاً في الجيولوجيا الجسدية، أي أن يكون عالماً كبيراً متمرساً بجغرافيا الجسد! فهو من عليه أن يكتشف خرائط الإحساس وما يهدر تحتها لدى المرأة ويثيرها! ما يتعلق بجغرافيا الجسد مجرد قشرة على السطح تخفي وراءها ما هو أعمق وأهم وفاعل فيها: أعني خرائط الإحساس المتغيرة المتبدلة باستمرار! وعليه، يبقى الجسد ذلك المجهول. فنحن لا نعرف ما الذي يستطيعه الجسم، كما كان يقول سبينوزا. ولم نعترف بما يكفي بقوة الجسد. فقد كانت الروح مقدمة دائماً عليه وكانت لها الأولوية. كانت المؤشر الأول على إمكان نجاح العلاقة بين الرجل والمرأة أو فشلها. لقد أهملنا أجسادنا طويلاً. ولم نعتن بها العناية المطلوبة. ربما اعتنينا بصورة الجسد أكثر مما اعتنينا بقدراته وخاصياته على التلاقي بجسد الآخر المختلف. لكي يكسب الرجل ود المرأة عليه أولاً أن يحفر عميقاً في أعماق جسمها ليصل إلى طبقات الرغبة المتراكبة لديها، فلا ينفع أن يبقى على السطح ليصير ضليعاً من علم أعماق الجسم. وعليه ثانياً أن يرسم خرائط الإحساس على قارات جسمها بعد بحث مضن، إذ لكل قارة جسمية خريطة إحساسية خاصة بها. عليه بداية اكتشاف القارة، ومن ثم رسم خريطتها. وعليه ثالثاً أن يرتفع إلى سمو روحها وعظمة مشاعرها وعاطفتها، فالمرأة ترغب في من يعاملها بنبل وسمو، وتحتقر من لا ينتبه إلى روحها. بهذا، وبهذا فحسب، يتمكن الرجل من كسب مودة المرأة، فتراه أعظم رجل في الكون، لا أحد قبله ولا أحد بعده! عرس تونسي بريشة الاوكرانية أليزابيث ليسيوتينا (صفحة الرسامة – فيسبوك) المرأة الحق من كان لها عمق وراء كل عمق! أعماق تحت أعماق وطبقات فوق طبقات! فينشغل الرجل دائماً برسم خرائطها الجيولوجية والإحساسية المتغيرة باستمرار، لكن كلما انتهى من استكشاف طبقة انكشفت لديها طبقة أعمق، مختلفة ومتمايزة، تغريه باستكشافها وسبر غورها، فيقضي عمره هكذا، وهو يحاول أن يجيب عن سؤال: ما المرأة؟ ماذا عساها تكون؟! هذه هي الأنثى التي لا تنسى والمرأة التي لا تستنفد. هل الزواج نهاية مسار أم بداية مسار؟ هل تبدأ العلاقة بين الشريكين بالزواج أم تنتهي إليه فيكون الزواج تتويجاً لمسار بدأه لا بداية لمسار يبدأ للتو؟ لا شك في أن هناك زيجات نادرة تتجدد باستمرار مهماً طال عليها الزمن، إذ يبقى الحب والشغف والاحترام قوياً بين الشريكين، بل ويقوى مع مرور الزمن ويشتد. لكن في المقابل، هناك زيجات كثيرة جداً لا تدوم، عملياً، أكثر من سنة أو سنتين. وفي أحسن الأحوال تدوم 10 سنوات، حتى لو استمر الزواج في العلن! أفلا يدفعنا هذا إلى السؤال: كيف يكون ذلك ممكناً؟ لماذا ننجح هنا ونفشل هناك؟ لست هنا في معرض الحديث عن الأسباب الاقتصادية والمجتمعية حتى الدينية. فالزواج أو بالأحرى العلاقة بين الجنسين أسرار وألغاز. هناك زيجات ناجحة جداً، وإن كانت نادرة. وهناك زيجات كثيرة فاشلة. وأحد أسباب هذا الفشل عدم التطابق والتلاؤم بين جسمي الشريكين ونفسيهما. فالتطابق الذي نلاحظه بوضوح بين جسم الرجل وجسم المرأة لا يعادل شيئاً أمام التطابق النفسي غير المرئي بين الرجل والمرأة عندما يكون الرجل رجلاً في حق والمرأة امرأة بحق! زواج لبناني على أنقاض الحرب الأهلية (سوشيل ميديا) إذاً، ما بين الرجل والمرأة من تطابق وتكامل في الجسم ليس الأعمق، فهناك أيضاً التطابق والتكامل في النفس! وهذا أعمق بكثير! هذا التطابق في الجسم والنفس يجعل العلاقة بين الرجل والمرأة ممكنة مستدامة. بذلك قد يستمر الزواج عشرات السنين من دون أن يفتر أو يبرد أو يجف. إذاً، من دون الانتباه إلى أن التلاقي الجسدي أساس التلاقي الروحي، وإلى أن لا تلاقي روحياً من دون أساس مادي له، من دون تلاق جسدي له يتأسس عليه، وأن التلاقي الروحي ما هو إلا تلاق مركب، ما هو إلا تلاقٍ جسدي – روحي، لن نفهم طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة وأسرارها وألغازها. وعليه، هناك أجساد تتلاقى وتتحاب وتنفعل، كما أن هناك أجساداً تتنافر وتتباغض وتنفعل سلباً. أحياناً يتفاعل الجسد إيجاباً مع الجسد الآخر، بل ويتأثر به من مسافة معينة، فيتعرف إليه ويشم رائحته، ويحس بالألفة والمودة تجاهه. لكن أحياناً نجد أن هناك نفوراً وعدم انسجام وبرودة شبه تامة ببن الجسدين. إذا ما تجاهلنا الأسباب الاقتصادية والمالية والاجتماعية حتى الدينية وغيرها، نجد أن فشل الزيجات الكثيرة يعود إلى عيب في هذا التطابق أو التناغم أو التكامل بين الشريكين! لكن كيف نعرف ذلك؟ كيف نعرف ذلك إذا ما كنا بدأنا مباشرة بالزواج ولم ننته إليه؟ لذلك لا يمكن وضع الزواج في بداية مسار العلاقة بين الشريكين. لقد اعتدنا أن نفكر في الزواج بوصفه البداية، وليس بوصفه نهاية طريق سلكها الشريكان. هكذا يكون علينا أن نفكر بطريقة مختلفة، فنعيد النظر في الزواج بوصفه تتويجاً لمسار طويل ناجح. وعليه، من الأفضل أن يكون خاتمة سعيدة لمسار طويل ومضطرب ومتعرج. لذلك علينا أن نعيد النظر في عقد الزواج. زواج الفلاسفة الزواج المتخيل بريشة كباس هيلاردي (صفحة الرسام – فيسبوك) يجهد الفيلسوف لنيل الحظوة في عيني صوفيا، في عيني الحكمة. يدعي أنه يعشقها ويحبها ويطمح ويتودد إليها ويطلب القرب منها. لكن ماذا لو كانت الحكمة امرأة؟ أو بالأحرى ماذا لو كانت الحكمة لا تنال من دون علاقة ما بالمرأة؟ قلما يعشق الفيلسوف أو بالأحرى قلما يفصح عن حبه صراحة، إذ إنه مشغول بمحبة الحكمة، بحب الحقيقة والبحث عنها! لكن أليست المرأة طريقاً إلى الحكمة، سبيلاً إلى الحقيقة؟ هل بإمكان الفيلسوف أن يبحث عن الحقيقة ويقترب منها من دون التعرف إلى حقيقة المرأة، من دون التعرف إلى حقيقته عبر المرأة وعبر العلاقة معها؟ في العلاقة بالمرأة إرادتان: إرادة المتعة والشبق، وإرادة المعرفة. فقط حين تتغلب إرادة المعرفة على إرادة المتعة يصبح زواج الفيلسوف ممكناً. فمن هو مشغول بمحبة الحكمة يجب أن يجد في المرأة ما يساعده على ذلك. لذلك على المرأة أن تغري الفيلسوف ليس فقط بأنوثتها ومظهرها ولطافتها، بل بألغازها وأسرارها أيضاً. يجب أن يدهش الفيلسوف من المرأة حتى يعشقها. من خلال فك هذه الألغاز والكشف عن هذه الأسرار يقترب الفيلسوف أكثر من الحقيقة، يقترب أكثر من الحكمة. إن امرأة من دون أسرار، من دون ألغاز لا تغري عقل الفيلسوف. فليس فيها ما يبحث عنه. فلاسفة كبار لم يتزوجوا، بل حتى لم تكن لهم مغامرات عاطفية: أفلاطون لم يتزوج في حين أن أستاذه سقراط تزوج فصار فيلسوفاً. وكلنا نعرف حكمة سقراط: “تزوج في كل الأحوال، فإن لم تحصل على السعادة فإنك تصير فيلسوفاً”. لكن فيلسوف العصور الحديثة يطمع بالحكمة والسعادة، فهل هذا ممكن؟ لا يمكن الحديث عن زواج الفلاسفة من دون المرور على كانط. فكنط لم يتزوج لأن تحليل بنية العقل القبلية أخذ منه 11 عاماً حتى استطاع كتابة نقد العقل المحض. فكر مرتين في الزواج. وفي المرتين فكر كثيراً وطويلاً فاتخذ القرار بعد فوات الأوان. ليس هناك ما يجبر المرأة على الانتظار حتى ينتهي الفيلسوف من بناء عمارته الفلسفية. فوكو أيضاً لم يتزوج مع أنه كتب كتباً أساسية في تاريخ الجنس. كان مثلي الجنس وتردد في أواخر أيامه على نوادي المثليين، فشاهد على الطبيعة الممارسات المازوخية والسادية، وأصيب بمرض السيدا ومات بسببه في عز عبقريته. حرية أم أسر؟ (سوشيل ميديا) لكن عدم الزواج لا يعني أن الفيلسوف لا يعشق. فقصة هيدغر وهانا أرنت مشهورة. وكذلك قصة سارتر وسيمون دبوفوار. جميل أن يعشق الفيلسوف، والأجمل أن يعبر عن عشقه للمرأة التي يحب! على المرأة أن تتفلسف حتى يعشق الفيلسوف ويتزوج. فالمرأة التي تفلسفت هي التي تتزوج من الفيلسوف! ربما علينا أن نعتمد هذه الصيغة: منه العشق، ومنها الزواج! فلكي يتم الزواج على الفيلسوف أن يكف عن التفلسف وطرح الأسئلة وأن لا يعود يفكر كثيراً، أي عليه أن لا يتفلسف كثيراً. إذاً، على المرأة أن تقتحم عالم الفيلسوف و”تجبره” على الزواج، وإلا بقي عاشقاً وحسب. وعليه، من الأفضل أن تبادر المرأة إلى الزواج من الفيلسوف لأنها إذا تركته يفكر ينقضي عمره وهو يفكر فلا يتزوج ألبتة! هل يمكن القول: من السهل على الفيلسوف أن يكتب (نقد العقل المحض) من أن يتزوج! (كانط مثالاً)؟ تحمل سقراط زوجته وغضب زوجته حتى صار فيلسوفاً. أما كيركيغارد فتراجع عن خطوبة رجينا أولسن لأنه خشي أن لا يكون باستطاعته أن يكمل حياته وهو مقيد بسلاسل الزواج، وأن لا يسعد من يحب. فترك لها رسالة وداع قال فيها: “سامحي إنساناً غير قادر على تحقيق السعادة لفتاة” لكن لسارتر وسيمون دبوفوار قصة أخرى، قصة الحب الأبدي. استطاعا كلاهما أن يبدعا من خلال الحب، ربما لأنهما وضعاه في مرتبة أعلى من الحياة ذاتها، فالحب في نظرهما هو الإنتاج الفكري. ارتبط اسمهما معاً ودفنا في قبر مشترك. عاشا معاً كاتبين، وتعاهدا على أن يخبر كل منهما الآخر حتى بأدق التفاصيل عن حياتهما. ينقل عن سارتر قوله، “ثمة شيء واحد لم يتغير ولا يمكن أن يتغير، هو أنه مهما حدث، ومهما أصبحت، سأصبحه معك”. وينقل عن سيمون قولها، “كنت أخادع حين اعتدت على القول إننا كنا شخصاً واحداً، فالانسجام بين شخصين لا يمنح أبداً، ينبغي أن يكتسب دائماً على رغم العقبات”. أما بالنسبة إلى نيتشه وسالومي فتعلق فيلسوف إرادة الاقتدار بسالومي التي لم تبادله الحب. ما إن التقى نيتشه سالومي للمرة الأولى حتى أعجب بها كثيراً وقال لها عبارته الشهيرة: من أي نجم سقط كل منا ليلتقي الآخر؟ لكن يا للأسف! لم تبادله سالومي الشعور ذاته، مع أنها كانت تمنحه أملاً زائفاً بمرور الوقت. هكذا كان حب نيتشه لسالومي حباً مستحيلاً من دون أمل. في هذا السياق لا يمكننا إلا أن نعرج على فيلسوف الكينونة الذي أحب طالبته هانا أرنت حباً سرياً مع أنه كان يكبرها بـ17 سنة. فكانت أرنت ملهمته في الكتابة الفلسفية. لم يكن هايدغر فيلسوف الحب في كتاباته الجافة. ومع ذلك عاش مغامرة عاطفية فريدة من نوعها مع تلميذته الموهوبة هانا أرنت على رغم كونه متزوجاً. لقد ألهمته أرنت، فأقام معها علاقة سرية بعيداً من الأضواء استمرت لسنوات طويلة. هكذا نلاحظ أن كل فيلسوف عاش تجربة الحب على طريقته، لكن ليس بعيداً من فلسفته. متى يكون عقد الزواج بمنزلة ضمانة لأحد الشريكين؟ فشلت المؤسسة الأقدم في تاريخ البشرية. وعلينا أن ندرس أسباب فشلها إذا ما أردنا الحفاظ على المجتمع. ربما علينا أن نحدث هذه المؤسسة حتى تستمر وتؤدي دورها في الحياة والمجتمع كما يجب. ربما آن الأوان لأن نتعامل مع الزواج بما هو تجربة فريدة ومثيرة، لا بما هو مؤسسة مغلقة ونهائية، بما هو تجربة ومغامرة لا تتضح معالمهما من الوهلة الأولى. ففي علاقة الحب بين الشريكين نخوض مغامرة، نخوض تجربة غير معروفة النتائج، أي ندخل في مغامرة لا نعرف سلفاً إلى أين توصلنا، ونسلك درباً نتلمس معالمه تدريجاً. كان العقد في ما مضى من السنين ضمانة لأحد الشريكين، لا سيما بالنسبة إلى الطرف الأضعف أي المرأة. هكذا عندما لا يعود الزوج رجلاً، تصبح شروط العقد ضمانة للمرأة! فلا تعود الرجولة ضمانة، لا تعود الضمانة الكبرى! أفلا يصح القول إن الرجولة تنتفي عندما يظلم الرجل المرأة؟ نظام الزواج المفتوح مؤسسة الزواج تترنح. هذا ما يبدو جلياً واضحاً في مجتمعاتنا المعاصرة. ما أسميه بنظام الزواج المغلق يترنح. ربما علينا أن نجرب نظام زواج آخر، ربما علينا أن نجرب نظام زواج جديداً نقترح أن نسميه نظام الزواج المفتوح. من قال إن على البشر أن يتزوجوا بالطريقة ذاتها في كل العصور؟ بما أننا لا نفكر بالطريقة ذاتها ولا نعيش بالطريقة ذاتها ولا نأكل بالطريقة ذاتها، بل حتى لا نموت بالطريقة ذاتها في كل العصور، فلم علينا أن نتزوج بالطريقة ذاتها؟ تعاني مؤسسة الزواج صعوبات كثيرة، إذ سرعان ما يتحول الزواج إلى رتابة قاتلة. فعمر الزواج الفعلي، بحسب الاختصاصيين في علم النفس، لا يتجاوز الـ10 سنوات في أحسن الأحوال. ما يعيشه الشريكان معاً بما هما زوجان لا يتعدى الـ10 سنوات. والباقي يتحول إلى نوع من الحياة القسرية، بل حتى إلى نوع من السجن والجحيم يعيشانه معاً، أو إلى نوع من الطلاق غير المعلن. لماذا وصلنا إلى هنا؟ ما العوامل التي أدت إلى ذلك؟ وكيف نحافظ على الزواج؟ ما التعديلات التي علينا أن ندخلها في مؤسسة الزواج؟ متعب مرهق مزعج الزواج بما هو مؤسسة، بما هو ارتباط له قوانينه وقيوده ومستلزماته. فالزواج غالباً ما يبدو مؤسسة جامدة، تطفئ بسهولة شعلة الغرام والانتقام، فلا يبقى شيء من الحب العظيم ذلك، من العشق الكبير الذي عرفه العاشقان قبل الزواج. غالبية الأزواج يشكون من ندرة المشاعر الحميمية وجفافها بعد الزواج. من منا لا يفضل العودة إلى ما قبل دخول القفص الذهبي، إلى ما قبل دخول مؤسسة الزواج؟ من منا لا يتذكر لحظات اللقاء الأول، مشاعر العشق الأوائل؟ من منا لا يرغب بلمسة اليد الأولى والنظرة الأولى والقبلة الأولى؟ لا شيء يثبت على حاله. ونهر المشاعر والأحاسيس الذي تدفق في بداية العلاقة، قابل لأن يجف، قابل لأن يتحول إلى جدول ماء لا حياة فيه ولا صخب. تغيرت حياة البشر. واختفت الثوابت واليقينيات، وتخلخلت المرجعيات وانزاحت المراكز عن مواقعها. وما أصاب كل شيء أصاب الحب أيضاً. وما كنا نظنه دائماً لا يزول، تبين أنه هش عابر. ما العمل؟ ما العمل للحفاظ على حياة العشق والغرام؟ ما العمل لتبقى شعلة الحب متقدة؟ ما العمل لنعيش الغرام في الزواج؟ قلنا إنه علينا أن نعيش الزواج عيش تجربة فريدة، عيش المغامرة. لكي نعيشها كذلك لا بد من تحديد أجل لعقد الزواج يتجدد برضا الطرفين. ينجم عن هذين الشرطين أن علينا أن نتزوج كما لو كنا نساكن عشيقة. عندئذ، نحافظ على عنصر الإثارة والتشويق في الزواج. تزوج كما لو أنك تعيش حياة جميلة وعابرة مع عاشقة. تزوج كما لو أنك ترغب بولد من امرأة صادفتها وأعجبتك ورغبت بأن تكون أما لولدك. تزوج كما لو أنك تعيش حياة مفتوحة لا حياة مغلقة. تزوج كما لو أنك تمارس تجريباً جديداً. تزوج كما لو أنك تبتعد دائماً عن الشاطئ كلما اعتقدت أنك وصلت إليه لتحاول العودة إليه من جديد. تزوج كما لو أنك تعشق. المزيد عن: الزواجالرجل والمراةالجسدالحريةالذاتالمساكنةالفلسفةالمجتمعالصراعالعصرالتحديات 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “موجز تاريخ الأدب البولندي” يرصد محطات الشيوعية وما بعدها next post ما حقيقة دخول الجيش اللبناني منشأة “عماد 4” التابعة لـ”حزب الله”؟ You may also like “موجز تاريخ الأدب البولندي” يرصد محطات الشيوعية وما... 30 يناير، 2025 فيلم “الخرطوم”: توثيق إرث ضائع وسط لهيب الحرب 30 يناير، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: أفاعي موقع مسافي في... 28 يناير، 2025 جماليات التجريد الغنائي في لوحات جنان الخليل 28 يناير، 2025 قضايا الحرية والهوية والاغتراب تشغل 5 مجموعات قصصية 28 يناير، 2025 ياباني يكتب رواية صينية معاصرة عن الذاكرة الثقافية 28 يناير، 2025 مبادرات لدعم القارئ والناشر في معرض القاهرة للكتاب 28 يناير، 2025 هل يستحق “إميليا بيريز” 13 ترشيحا لـ”الأوسكار”؟ 28 يناير، 2025 المؤرخ الفرنسي هيرفي لو برا: لا يوجد عرق... 28 يناير، 2025 هل كان بلزاك نابوليونيا أم اكتفى بالإمبراطور كأدب؟ 28 يناير، 2025