سالم الجميلي، أحد أبرز ضباط المخابرات العراقية خلال عهد صدام حسين (اندبندنت عربية) عرب وعالم ضابط استخبارات عراقي سابق: تهديدات الوجود والسقوط بين صدام والأسد by admin 17 يناير، 2025 written by admin 17 يناير، 2025 26 سالم الجميلي يكشف في حوار مع “اندبندنت عربية” عن رؤيته لتطورات المشهد في الإقليم بعد تزايد تحديات الامن على الخريطة السورية اندبندنت عربية / مصطفى الأنصاري كاتب وصحافي @mustfaalansari لم يكن سقوط بشار الأسد سوى رأس جبل الجليد، الذي ما إن ظهر حتى بدت تتكشف تضاريس أشد قتامة، وأهوال لم تنته برحيله وسيطرة أحمد الشرع ورجاله على دمشق، وإنما بدأت فصول أخرى تتوالى، يخشى المراقبون أن تشهد هي الأخرى مرارات، إن لم تكن بمثل التي سادت في عهد النظام السابق، فإنها أيضاً تنذر بتفجر حقبة جديدة من العنف وعدم اليقين والانتقام المتسلسل. في لقاء خاص أجرته “اندبندنت عربية” مع سالم الجميلي، أحد أبرز ضباط المخابرات العراقية خلال عهد صدام حسين، تحدث عن رؤيته لتلك التهديدات والتحولات في سوريا وما تحمله من تحديات وفرص. تطرق الحوار إلى مواضيع مختلفة، بدءاً من إرث النظام السوري والمطامع الدولية وصولاً إلى آفاق الحلول المستقبلية. الوحشية رسالة والمقارنة ليست منصفة! لدى سؤال الضابط العراقي عن تفسير تركة النظام السوري وما أثارته السجون والخراب من دهشة عالمية، أعاد ذلك لـ”طبيعة النظام الذي يعتمد على القمع الممنهج كوسيلة للبقاء في السلطة، فالسجون والممارسات الوحشية هي استراتيجية لإرهاب المجتمع ومنع أية محاولة للتمرد”، مؤكداً أن هذا النهج “تأسس منذ عهد حافظ الأسد وتفاقم في عهد بشار الأسد، مع استخدام الأساليب الوحشية كرسالة واضحة لكل معارض محتمل”. صورة لبشار الأسد محترقة جزئياً بعد دخول المعارضة السورية دمشق (أ ف ب) كانت فظائع السجون والمقابر الجماعية والمفقودين أثارت هلعاً عربياً وعالمياً بعد سقوط النظام، إذ على رغم ما تسرب من شهادات وصور بواسطة المعارضين السوريين قبل ذلك، فإن حجم الكارثة الإنسانية لم يكن مستوعباً تماماً، ولا كذلك حجم انهيار بنية الدولة. وعندما طلبت “اندبندنت عربية” إجراء المقارنة بين نظام الأسد ونظام صدام حسين، أوضح الخبير الأمني أن ” المقارنة مع نظام صدام حسين غير منصفة، صحيح كلا النظامين اعتمد على الأجهزة الأمنية لترسيخ سلطتهما، وارتكبا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لكن نظام الأسد أظهر وحشية كبيرة بسبب استجلاب قوات أجنبية للتشبث بالسلطة، في حين كان صدام حسين أكثر اعتماداً على الداخل لتعزيز سلطته”. وأضاف “سجون العراق أجريت عليها عمليات تبييض بين فترة وأخرى بفعل العفو الشامل من صدام حسين كل أربع سنوات تقريباً، بينما في سجون الأسد نجد أفراداً مضى على سجنهم 40 عاماً”. ينتمي كلا النظامين إلى “حزب البعث” إلا أن الخلافات بينهما، جعلت العداء هو الأصل، بالنظر إلى بون المقاربات والتحالفات السياسية، ففي حين كانت إيران حليف دمشق الاستراتيجي في المنطقة، ظلت عدو بغداد اللدود الذي خاض معها حرباً طويلة، فسر بها عدد من المراقبين نوازع الانتقام لدى طهران من العراق وجوارها الخليجي ومكونها السني الأبرز. تقييم مرحلة “الشرع” وحول تقييمه لإدارة التغيير في سوريا حتى الآن، قال الناظر بعين رجال الاستخبارات “إدارة التغيير في سوريا حتى الآن تعاني غياب رؤية استراتيجية دولية موحدة”، معتبراً أنه على رغم تراجع سيطرة النظام على بعض المناطق، “فإن الفصائل المسلحة وتدخل القوى الأجنبية مثل روسيا وإيران وتركيا، قد يعرقلان أي تحول ديمقراطي فعال”. ورأى أن “المؤشرات الحالية تدل على وجود الانقسام والتوترات، مما يعرقل أي استقرار حقيقي، لكني واثق من قدرة السوريين على اتخاذ العبر من تجارب الدول مثل العراق وليبيا ومصر، وأن الشرع سيقدم خريطة طريق لإقامة نظام حكم مقبول محلياً ودولياً”. الخطوات الغائبة وعندما سألنا عن الخطوة الغائبة التي يراها ضرورية، ولم تتخذها الإدارة الجديدة؟ أكد أن الغائب حتى الآن “تبني خطة شاملة لإعادة الإعمار تشمل جميع الأطراف السورية تحت إشراف دولي حيادي. كذلك هناك حاجة إلى إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية، بما يضمن عدم تكرار الجرائم والانتهاكات، وهذه تحتاج إلى بعض الوقت، لكن الاشارات التي صدرت من الشرع كانت إيجابية”. وانتقد رئيس الإدارة الانتقالية توجه أطراف من المواطنين والفصائل إلى الانتقام المباشر من خصومهم إبان فترة النظام السابق، داعياً إلى نبذ تلك النوازع والتحاكم إلى القضاء والتعامل بـ”عقل الدولة لا الثورة، فالثورة لا تبني الدول”، وهو ما علق عليه الجميلي بالقول “عندما ينصرف الثوار إلى بناء الأوطان بعيداً من المصالح الشخصية، يتجسد المعنى السامي لرجال الدولة. هكذا يطل خطاب الشرع، محملاً برؤية لمستقبل سوريا بعد هزيمة نظام الأسد الذي أرهق البلاد وسبى العباد”. الفاقة وفلول النظام وجهان خطران بيد أن الضابط الاستخباري لا يرى ذلك على أهميته كافياً، فعندما سألته عن “أبرز التهديدات التي يعتقد أنها تنتظر سوريا في تحولها بعين رجل الاستخبارات” وليس السياسي، قال بصراحة “أبرز التهديدات التقسيم الفعلي للبلاد إلى مناطق نفوذ، وعودة الجماعات المتطرفة بسبب الفراغ الأمني والتدخلات الإقليمية والدولية التي تعزز من حال عدم الاستقرار”. ولا يرى ذلك يقتصر على اضطرابات الأمن وشغب فلول النظام والمتربصين، ولكن كذلك “الاقتصاد المنهار وتداعياته الاجتماعية، وربما تغيير التركيبة السكانية يزيد من الصراعات الطائفية والعرقية”. وكان وزير الكهرباء في حكومة الإنقاذ في دمشق عمر شقروق صور في حوار مع قناة “الشرق” أخيراً مشهداً قاتماً لغياب بسط مقومات الحياة المدنية وهو الكهرباء، التي قال إن توفيرها لكل سوريا ثماني ساعات في اليوم بدلاً من ساعتين الآن يحتاج إلى قدر كبير من العمل المضني، سياسياً ولوجستياً، قد يستغرق شهرين، فضلاً عما هو أصعب من البنية التحتية والاقتصادية المنهارة. وأضاف “لدينا صعوبة في التوزيع العادل للكهرباء، وسط حجم أضرار في القطاع بلغت 40 مليار دولاراً”، مشيراً إلى محادثات مع الأردن من أجل التزود بالوقود عبر الخط العربي، والتواصل مع شركات عالمية لإعادة تأهيل محطات توليد الكهرباء، “إذ نحتاج إلى 15 مليون متر مكعب من الغاز يومياً لتوليد ثماني ساعات كحد أدنى من الكهرباء”. عين أكراد سوريا على أربيل التحديات التي ورثتها الإدارة السورية الجديدة ما يجعلها عصية هو تنوعها، فلئن كان الشق الاقتصادي الإنساني والاقتصادي والأمني هائلاً، فإن العرقي والديموغرافي والجغرافي هي الأخرى لا تحسد عليها البلاد التي تدفع ثمن وقوعها على خريطة استراتيجية تتسابق إليها المطامع، في مثل ناحية الشمال الشرقي للبلاد (مناطق قسد) الذي يشهد وحده تصارع الإرادات وتقاطع القوى الأميركية والروسية والإسرائيلية والتركية والكردية والعراقية والداعشية والمركزية السورية. صدام حسين (رويترز) ولهذا سألت “اندبندنت عربية” الجميلي عن أهداف المكون الكردي الذي تمثله “قسد” المتحالفة مع واشنطن بوصفه بين أهم التحديات القائمة لتوحيد سوريا، بالنظر إلى خبرته السابقة في العراق، فاعتبر أن “تجربة كردستان العراق (أربيل) قد تكون نموذجاً مقبولاً لهم، لكن الوضع السوري أكثر تعقيداً بسبب التوترات مع تركيا ونظام دمشق. ومن الصعب تحقيق الاستقلال التام، لذا يبقى الحكم الذاتي هو الهدف الواقعي”. تقوم واشنطن في الوقت الحالي بالوساطة بين الأكراد وتركيا ودمشق، بهدف الوصول إلى صيغة ترضي الأطراف الثلاثة، إلا أن تداخل المصالح وبروز ملف “داعش” وسجنائه في التفاصيل، يرجح المهتمون أنها ستعقد الوصول إلى تسوية حاسمة، غير أن وصول ترمب للسلطة في أميركا قد يساعد في سرعة البت، ولكن لصالح أي اتجاه غير معروف حتى الآن، حتى وإن بعث برسائل استباقية بأن تركيا هي الفائزة في سوريا الحالية. هل يحتوي المحور خسائره؟ في الشق الإيراني غير البعيد من تعقيدات الجانب الكردي، انتقدت طهران نظام الأسد بعد سقوطه بطريقة مهينة، لكنها تعهدت بأنها لن تستسلم وأن دعم المحور مستمر، وهو ما رد عليه رجل الاستخبارات العراقي بأن “إيران تعتمد على وكلائها مثل حزب الله والميليشيات الشيعية لترسيخ نفوذها في الدول، لكن سوريا الآن أصبحت مختلفة وبات من الصعب على إيران الحصول على نفوذ في سوريا”. يأتي ذلك على حين اعتبر أن “إسرائيل كانت تستهدف الوجود الإيراني في سوريا، وليس نظام الأسد نفسه، لأنها ترى في إيران تهديداً استراتيجياً”، أما الآن فهي بحسب الخبير الأمني “تسعى (تل أبيب) إلى نزع سلاح سوريا، ومنعها من امتلاك أية أسلحة استراتيجية تهدد أمنها، لهذا هاجمت كل مخازن السلاح السوري البرية والبحرية والجوية واحتلت أجزاء جديدة من الجولان”. وحول أثر ذلك على إيران وما إن كانت تبعاته قد تمتد نحو العراق، أكد الجميلي أن “سقوط نظام الأسد سيضعف النفوذ الإيراني في المنطقة، ويؤدي إلى تراجع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق ولبنان. سيزيد هذا من الضغوط على إيران لإعادة النظر في استراتيجيتها الإقليمية، مما قد يعزز من فرص استقرار العراق وتقليص نفوذها الطائفي”. إيران تعتمد على وكلائها مثل حزب الله والميليشيات الشيعية لترسيخ نفوذها في الدول (اندبندنت عربية) وتضغط أطراف أميركية وعربية على بغداد من أجل إقناعها بفك ارتباطها مع النظام في طهران والعودة لاندماج أكثر جدية مع محيطها الإقليمي والعربي، عبر تقليص النفوذ الإيراني فيها ونزع سلاح الميليشيات بكل أنواعها، في مقابل تجنيب البلاد خطر الاستهداف الإسرائيلي والصراع، ولا سيما بعد انتهاء حرب غزة، ودخول المنطقة في أجواء تهدئة أوسع. رسائل تحذير روسية في غضون ذلك دافعت روسيا عن نفوذها في المنطقة بعد سقوط الأسد وحليفها الإيراني، مؤكدة في تصريحات وزير الخارجية سيرغي لافروف أن التهدئة في المنطقة واستقرار سوريا الجديدة، يتطلب عدم إقصاء موسكو وطهران عن الترتيبات الجديدة، واستفراد الغرب بالإقليم، في رسائل تحذير جديدة. وذكر لافروف خلال مؤتمر صحافي عقده أخيراً في موسكو أن اتصالاته مع تركيا ودول الخليج العربي ونتائج الاجتماعات الأخيرة حول التسوية السورية بمشاركة دول عربية وتركيا وبعض الدول الغربية تظهر أن “الجميع ينطلقون من أن هذه العملية يجب أن تشارك بها روسيا وإيران، إذا كانت هناك رغبة حقيقية في الوصول إلى نتائج مستدامة وملموسة، وليس فقط تصفية الحسابات بين المتنافسين على الأراضي السورية”. في ظل تلك الملفات المتشابكة، خلص الضابط العراقي الكبير، إلى وصفة يراها كفيلة بعودة سوريا مستقرة، لا تشكل تهديداً لجيرانها، ولا تثير مخاوف اللاعبين السابقين، وذلك في إبرام “حل سياسي شامل يضمن مشاركة جميع الأطراف السورية وإخراج القوات الأجنبية وإعادة بناء المؤسسات الوطنية، ولابد من إعادة الإعمار بدعم عربي ودولي مشترك”، ولا يتم ذلك في نظره إلا على قاعدة “مصالحة وطنية حقيقية تنهي النزاعات الطائفية كما ينبغي تعزيز التعاون الأمني مع الدول العربية لضمان عدم عودة الجماعات المتطرفة”. بوابة الاقتصاد والعلويين وراهن على دور أوروبا واميركا والعرب وخصوصاً دول الخليج في “تقديم الدعم المالي لضمان استقرار الوضع في سوريا”، وحذر من عودة إيران “من بوابة الدعم الاقتصادي المغري للنظام السوري الجديد”. وقبل ذلك كان أشار في منشور بعد إجراء الحوار معه، إلى أن العلويين سيكونون الخاسر الأكبر من الاستجابة لتحريض النظام الإيراني لهم ضد الإدارة الجديدة، التي قال إن “السياسة الأمنية الرخوة” لها أغرت أطرافاً على التصعيد، “الهدف منه الترويج لإثارة الفتن الطائفية وتعزيز أجندتها الإقليمية”. وفيما كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن انتهاكات متلاحقة ضد الأقلية العلوية، من دون أن تنجح حكومة دمشق في إيقافها، نبه الضابط العراقي الجميلي، عطفاً على تجربته العراقية، إلى أهمية أن “يدرك الإخوة العلويون أن نظام الأسد تغير إلى الأبد، وألا يصبحوا وقوداً لخدمة مصالح خارجية بالاستجابة لدعوات خامنئي”. كانت إيران اتهمت بعد الغزو الأميركي العراق بتأجيج الفتنة الطائفة، إثر دعم طرفي الصراع المختلفة تحت غطاء مقاومة الأميركيين، بهدف ترسيخ نفوذها في بغداد، والتحكم في مستقبل البلاد السياسي، وإضعاف “بنية الدولة العراقية” المؤثرة في الإقليم لعقود وقرون. المزيد عن: صدام حسينالعراقبغدادرحيل الأسددمشقسورياأحمد الشرعالبعث العراقيضباط العراقالبعث السوري 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل يؤسس اتفاق غزة لمرحلة الفصل بين القطاع والضفة الغربية؟ You may also like هل يؤسس اتفاق غزة لمرحلة الفصل بين القطاع... 17 يناير، 2025 إسرائيل لن تفرج عن مروان البرغوثي أشهر أسير... 17 يناير، 2025 العراق يحاول إقناع فصائل مسلحة متحالفة مع إيران... 17 يناير، 2025 ماذا عن بيزنس “حزب الله” في أفريقيا بعد... 17 يناير، 2025 النص الحرفي لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة 17 يناير، 2025 ماكرون في بيروت لـ “مساعدة” رئيس الجمهورية وجهود... 17 يناير، 2025 آخر أسرار الجاسوس كيم فيلبي: من اعترافات الخيانة... 17 يناير، 2025 كاثرين بيبنستر تكتب عن. مذكرات البابا فرنسيس تتجاهل... 17 يناير، 2025 خيار عدم المشاركة وارد وبري يتشدد: “راجعوا حزب... 17 يناير، 2025 الشرع يطالب بقوات أممية عند المنطقة العازلة مع... 17 يناير، 2025