جنس ادبي شكل فضاء الحرية الذي سعوا إليه ثقافة و فنون صفحات ‘من أدب الزنوج الأمريكان’ by admin 13 يوليو، 2024 written by admin 13 يوليو، 2024 86 المترجم العراقي عبدالكريم قاسم المالكي يقدم مختارات تسعى إلى التعريف بمجموعة بشرية أصبحت اليوم تمثل ربما ثلث المجتمع الأميركي، ومعاناة خاضوها للوصول إلى ما كان يعد حلما لا يمكن تحقيقه. The Middle East Onlineمحمد الحمامصي تشكل الأدباء الزنوج، الروائيون والمسرحيون والشعراء، عنصرا حيويا في الأدب الأميركي خلال الخمسينيات من القرن العشرين، غير أن الطابع الغالب على هؤلاء الذي يسمى أدبهم بأدب الزنوج الأميركان، كتبوا خلاله عن تجاربهم في الحياة الأميركية، والتعبير عن شعورهم بما يعانونه من تمييز عنصر استمر لوقت طويل، غير أن الوضع تغير بعد ظهور المنادين بالمساواة بين البشر، حتى تحقق ما لم يكن متوقعا حين أصبح واحد من الجنس الأسمر رئيسا لأمريكا. وتسعى هذه المختارات التي اختارها وقدم لها المترجم العراقي عبدالكريم قاسم المالكي وصدرت عن إصدارات وزارة الثقافة القطرية بعنوان “من أدب الزنوج الأمريكان”، إلى التعريف بهذه المجموعة البشرية التي أصبحت اليوم تمثل ربما ثلث المجتمع الأميركي، والمعاناة التي خاضوها للوصول إلى ما كان يعد حلما لا يمكن تحقيقه، ولتكون تجربتهم درسا لكل الشعوب المقهورة التي تعاني من التمييز بأشكاله. ضمت المختارات قصصا لخمسة عشرة مبددعا من بينهم: دبليو ئي دو بويس، تشيسرت هاميس، ستيرلنج براون، جيمس بالدون، مارتن جي. هامر، لانغستون هيوز، فرانك بيربي، لويل هاريستون، جون ديفز، كارل روثفن أوفورد، جون هنرك. في مقدمته أكد المالكي أن ما يسمى بأدب الزنوج لم يحظ بذلك القدر من الدراسة والنمحيص رغم الحضور الواسع الذي سجله على ساحة الأدب الأميركي عبر ذلك الكم الكبير من الأعمال الأدبية المنوعة, وظلت مساهمات الكتاب الزنوج في تطوير القصة القصيرة بشكل عام مهملة رغم إبداع الكثيرين منهم بدرجة انعكست إيجابا على تطور القصة الأميركية. وفي هذه المجموعة من القصص القصرية المرتجمة التي كتبها عدد من هؤلاء الكتاب الزنوج سنقف عند حياة شعب عاش عذابات ومكابدات مريرة حيث كانت مشكلة اللون والعرق الهاجس والسمة البارزة في حياة الزنوج ذلك الهاجس الذي لم يتجاوزوه إلا بعد نضال طويل وجهد كبير. ويضيف “من المسلم به أنه كان لكتاباتهم الأثر الأكبر في بلوغ فضاء الحرية الذي سعوا إليه. مل يصنع هؤلاء الكتاب لأنفسهم مجدا أو أن يجدوا لهم قراء من البيض يتابعون بنهم ما كانوا ينشرون وحسب، إنما استطاعوا أن يحولوا هؤلاء القراء إىل مناصرين لقضاياهم. وعلى الطرف الآخر كان هناك الزنوج الأحرار في الشمال وأولئك الذين فروا من أسر العبودية الذين تمكنوا هم الآخرون من أن يتركوا بصماتهم في كل اتجاه. ويوضح المالكي “لدى اختياري ترجمة هذه المجموعة من القصص وضعت نصب عيني أن أطرق بابا لم يطرقه آخرون من قبل حيث لم أجد أية قصة قصيرة تناولت حياة الزنوج قد ترجمت من الإجنليزية إلى العربية أو نشرت من قبل هذه القصص التي يضمها الكتاب. ولذلك قمت باختيار ست عشرة قصة قصدت من خلال ترجمتها رفد المكتبة العربية بهذا الأنموذج من الأدب الذي شكل انعطافة مهمة على صعيد الأدب العالمي ، لاسيما أن اللون والعرق ظلا على الدوام قضية في غاية الأهمية لمعظم الكتاب السود”. ويشير إلى أن أدب الزنوج الأميركان قد ازدهر خلال عشرينيات القرن الماضي في مدينة نيويورك التي جمعت عددا من الأدباء الزنوج الذين بدأوا في أول الأمر يكرسون حياتهم للأدب واكتشاف ثقافة خاصة بالزنوج الأمريكان. وعلى الأرجح فإن المكتبة العربية تفتقر لكتب متخصصة عن أدب الزنوج الأميركان لاسيما في مجال القصة القصيرة التي لم تنل كفايتها من الترجمة فكيف إذا كانت القصص المترجمة عن أدب كان له سطوة في حقبة تاريخية بسبب أهمية القضية التي تناولها، والتي أصبحت هاجسا بل وجعا تجذر في أعماق الكثير من الأفارقة على اختلاف أماكنهم واتجاهاتهم وانتماءاتهم لأنهم عاشوا وقاسوا تلك الأوضاع المريرة. ويؤكد إن الممارسات التي تعرض لها الزنوج لم تجعلهم ينكصون بل أثارت لديهم حالة من الاعتزاز بعرقهم لكن هذا لا يمنع – في الوقت نفسه – من القول إن أكثر من قصة أبرز كاتبها فكرة اللون وأكد على الانتماء للوطن والمقصود هنا بالوطن أميركا. وقد أبدى البعض منهم حبه وإخلاصه وانتماءه الحقيقي لهذا الوطن رغم ذلك الجور والألم الذي كابدوه. ولابد من الإشارة إلى هذه القصص قد تم اختيارها من المجموعة التي جمعها وقدم لها الأديب الزنجي الراحل جون هرنك كلريك الذي ولد في يونين سبرجنس في الباما وترعرع في كولمبوس، ولاية جورجيا، وانتقل في عام 1933 للعيش في نيويورك ليواصل مسيرته كاتبا وشاعرا ومحاضرا وصحفيا متميزا، فكان له حضور كبير في مجال البحوث التي تناولت دور المسرح الأفريقي في التاريخ العالمي، وكان عضوا بارزا في خمس جهات نشر مختلفة وشارك في تأسيس مجلة “هارلم” التي تصدر كل أربعة أشهر في السنة. عاش كلريك طوال حياته مهتما بالتاريخ الأفريقي، والملاحظ أن مقالاته في هذا المجال نشرت في مجلات عديدة في مختلف أرجاء العالم. وله مقولة شهيرة: التاريخ ليس كل شيء لكنه نقطة البداية. وكان أول إصداراته كتاب بعنوان “التمرد في الإيقاع” وهو كتاب شعري كان قد صدر في عام 1948 كما نشرت له كتب عديدة أخرى، وقد تبوأ مناصب عديدة من بينها مديرا لبرنامج تعليم التراث ومدير لوكالة مكافحة الفقر في هارلم. قصة “على حافة الجنون” لـ “دبليو ئي دو بويس” كانت الساعة الواحدة ظهرا، شعرت بالجوع سرت باتجاه أحد المطاعم. تركت جسدي المتعب لأحد الكراسي لحين وصول قائمة الأطعمة. “لم تشاركني المائدة إلا وردة حتى جاءني النادل”. باغتني قائلا: سيدي هل ترغب يف فرض نفسك على رواد مكان لا يرغبون أن تكون فيه. قلت: كلا.. ـ إن ما أرغبه هو الأكل فقط. قال النادل: وهل تدرك بأن تلك مساواة اجتماعية قلت: كلا.. ـ ولا يوجد شيء من هذا القبيل. فقط إنه الجوع.. فأكلت. ـ أنجزت عمل ذلك اليوم فسرت ناشدا المسرح وما أن احتواني مقعدي حتى ارتعدت وارتبكت تلك السيدة التي تجلس إلى جواري. ـ قلت لها : أستميحك العذر – سألتني ببرود: هل تستمتع في مكان وجودك غير مرغوب فيه. قلت: كلا.. – إذن فإنك مرفوض هنا. قلت باندهاش شديد: أخشى أن تكوني على خطأ، فأنا متأكد من أني أحب الموسيقي وأعتقد أن الموسيقي ترغب في أن أصغي لها. نادت السيدة: أيها المرشد – وهو الشخص الذي ينظم دخول الجمهور للمسرح – هل هذه مساواة اجتماعية؟. قال المرشد: كلا سيدتي إنها الحركة الثانية من السيمفونية الخامسة لبيتهوفن. غادرت المسرح ونشدت الذهاب إلى الفندق حيث أستطيع وضع حقائبي، وحينما دخلت، قطب موظف الاستعلامات حاجبيه وسألني: ماذا تريد؟ قلت: الراحة. قال: إنه فندق أبيض. ـ نظرت من حولي. قلت: إن نظام التلوين هذا بحاجة إلى جهد عظيم من أجل تطهيره، فاستدركت لكني لم أعرف بذلك كي أعترض. قال: نحن من يعترض. قلت: لماذا؟ قال موضحا: نحن لا نستقبل الزنوج ولا نرغب بالمساواة الاجتماعية أجبت: وأنا لا أرغب بذلك، لكني أريد غرفة لأستريح فيها ـ مضيت مفكرا باتجاه محطة القطار أردد مع نفسي بأني سوف أحجز غرفة منام في القطار المار عبر تكساس مع أني لدي عدم قناعة بتلك المدينة التي لا يبيعك أحد شيئا فيها. قلت لنفسي أريد فقط استئجارها ليومين. – لكنهم يعتبرون ذلك مساواة اجتماعية. قلت: وأنا أعتبربها بربرية. وفكرت بأن أظل سائرا. وخلال مسيري التقيت بعابر سبيل آخر كان يمشي علي الجانب الآخر من الطريق الذي كان موحلا، فسألته عن السبب. قال عابر السبيل: الزنوج قذرون. قلت: مثل الوحل ولكني لست قذرا مثلك حتى الآن. وتساءل: ولكنك زنجي، أليس كذلك؟ ـ جدي كانوا هكذا يسمونه. فأجاب بنبرة المنتصر: حسنا إذن. واصلت الحديث معه مسرورا: هل تعيش في الجنوب؟ أجاب بتذمر: بالتأكيد حيث الجوع هناك. أعتقد أنك والزنوج يجب أن تجتمعوا لتصوتوا من أجل التخلص من الجوع. – نحن لا نسمح لهم بذلك. ـ أجبت مندهشا؛ نحن! لماذا؟ ـ الزنوج يتخلفون كثيرا عن التصويت. قلت: لكني لست بالجاهل مثلك. أجاب ونبرة الانتصار بدت أكثر حدة: حسنا إذن. ـ كما أني لا أرغب أن تتزوج أختي من زنجي. وبما أني لم أكن قد رأيت اخته فدمدمت قائلا: دعها تقول كلا. رد: بحق الله ينبغي ألا تتزوجها حتى لو قالت نعم. أجبت: ولكني لا أرغب في الزواج منها. أجاب وهو أكثر غضبا منذي قبل: ـ لماذا؟ ـ لأنني متزوج وأحب زوجتي. وتساءل بشيء من الريبة: وهل هي زنجية؟ قتل ثانية: حسنا إن أمها كانت توصف كذلك. صرخ بتلك الطريقة غري املنطقية والغريبة: حسنا، ، إذن لقد استسلمت. قلت: واصل حديثك فأما أنا جمنون أو أنت؟. قال: كالنا مجنونان. ومضى مهرولا في الوحل. جنس ادبي شكل فضاء الحرية الذي سعوا إليه 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post لجان المسرح الكويتي تستعرض أحداث الموسم الصيفي next post أعمال درامية متنوعة تختار المغربية سلوى زرهان You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024