نادين لبكي في دور الأم مع ابنتها على الجزيرة (نتفليكس) ثقافة و فنون صرخات النازحين إلى جزيرة لا تصل “من وراء الأمواج” by admin 3 فبراير، 2025 written by admin 3 فبراير، 2025 13 نادين لبكي وزياد بكري معزولان في فيلم واقعي غرائبي عن التهجير المأسوي اندبندنت عربية / زياد عبدالله إرتبطت الجزيرة بالنجاة، بسفينة غارقة تحمل إليها الأمواج بضعة ناجين، فتطالعهم طبيعة عذراء وكائنات غريبة ومغامرات عجائبية، ونحو ذلك من اكتشافات ومفاجآت، كما في “ألف ليلة وليلة” و”حكايات السندباد” وغيرهما من قصص القزويني والغرناطي، أو أنها فضاء لبداية جديدة، بعيدة نائية، صالحة لإقامة يوتوبيا أو مدينة فاضلة، ما دامت صالحة للبدايات، وتأسيس مجتمع، قد لا يحتكم على أحد سوى ناجٍ وحيد، كما هو روبنسون كروزو في رواية “ديفو” الشهيرة. في فيلم “من وراء الموج” أو “القلعة الرملية” The Sand Castle (عنوان الفيلم بالإنجليزية) المعروض حالياً على منصة “نتفليكس”، ما من مجتمع يتأسس ولا بدايات، بل هي نهايات، كما أن الناجين لا يتأقلمون ولا يروضون الطبيعة في صراع بقائهم، بل ينتظرون، يترقبون، وكلٌّ سيمضي إلى مصيره المحتوم، الذي سنكتشف في النهاية أنه تحقق في الماضي. بعيداً من روبنسون كروزو زياد بكري في دور الأب مع ابنه (نتفليكس) للفيلم أن يدعونا إلى الجزيرة، والتركيز أولاً وأخيراً على تمديد أمد النجاة، ومواصلة الحياة، ونحن مع بداية الفيلم أمام ناجية وحيدة، فتاة صغيرة وحيدة في جزيرة، وهي تردد تحت غطاء أزرق: “على نفس واحد أبعد من الموج، أبعد من المسا، هيك لحتى وصّل على الشط… شهيق زفير… شهيق زفير…”، يطير الغطاء وتنكشف الجزيرة، ونمضي معها عبر مونولوج مترافق مع لقطات متوالية سريعة، تلاعبُ الشمس والظل، على طريقة تيرانس مالك، وتحديداً في فيلمه “شجرة الحياة” (2011)، إلى أن تقول جنى، وهذا اسم الفتاة: “قلعتي محاصرة كانت تمشي عكس الموج… كانت تحاربهم جميعاً”، فإذا بالغطاء الأزرق أمسى في البحر والفتاة تشيعه بناظريها. لن تحيلنا الفتاة إلى روبنسون كروزو ووحدته، فسرعان ما ستظهر الأم ومن ثم الأب فالأخ، إنها عائلة كاملة مرمية على سطح تلك الجزيرة، لكن مهلاً! المبنى الخشبي الأشبه بالقلعة الذي تراه الفتاة في البداية أصبح منارة، والعائلة على موعد مع من سيأتي وينقذهم، والأب يطلق نداءات استغاثة على أمل أن يحصل ذلك. العائلة تعيش في تلك المنارة، والجزيرة صغيرة ومحدودة، وهي أشبه برقعة أرض طافية على سطح البحر، قاحلة لا شجر فيها، مكسوة بالرمل والأعشاب اليابسة والنباتات البرية والأشواك. ثمة ما يدفع إلى الشعور بأن الجزيرة ليست بحقيقة، إلا أن بث الراديو باللغة اليونانية والحديث عن اللاجئين سيعرفنا مباشرة على خلفية ما نشاهده، والخلوص أولاً إلى عائلة من اللاجئين السوريين ربما! تحطم مركبهم فغرق من فيه ونجوا، فإذا بهم على سطح تلك الجزيرة. ومع مضي الفيلم إلى نهايته فإننا سنخلص إلى أن الحقيقة ماثلة في مكان آخر، في مسببات الهرب واللجوء أساساً، ألا وهي الحرب! أدوات الانتظار والأمل الأم تنظر إلى ما وراء الموج (نتفليكس) الفيلم من بطولة نادين لبكي في دور الأم ياسمين وزياد بكري في دور الأب نبيل، وزين الرافعي في دور الابن آدم (بطل فيلم لبكي “كفرناحوم” 2018، وقد أمسى يافعاً)، إضافة إلى ريمان الرافعي مجسدة شخصية جنى التي تجسد كل الحكاية، منطلقها ونهايتها. معاناة العائلة في الفيلم الذي أخرجه الأميركي ماتي براون في أولى تجاربه الإخراجية الروائية الطويلة، كامنة بالانتظار، والأخطار ماثلة في أن يدوم هذا الانتظار للأبد، وأن تنفد أدوات الانتظار القادرة على إعطاء بصيص أمل، ويعم اليأس والاستسلام، ولتقتصر تلك الأدوات على الرسائل التي يواظب الأب على إرسالها عبر جهاز البث وما من مجيب، أو تشغيل ضوء المنارة ودورانه عسى سفينة تهتدي إلى الجزيرة. أما ما هو متعلق بمتطلبات الحياة فما من مشاغل ولا قلق بهذا الخصوص، فهم يأكلون لمرة واحدة ولا نعرف ماذا يأكلون، والابن يعلّق ساخراً بأنه يأكل “خروف مكتّف”، كذلك لا يمكن الحديث عن العطش، على رغم عدم توفر أي مورد للمياه، إذ وحده هطول الأمطار ما يجعله حاضراً حين يملأ آدم أوعية وقناني، ومن ثم يملأ أكواباً عدة فقط لا غير. قصتان في قصة واحدة تأتي مصائر الشخصيات متناغمة مع حياتهم غير المتطلبة لمقومات الحياة، فإصابة الأب نبيل بجرح بليغ يحصل من حيث لا ندري وعلى نحو غريب، بعد سعيه هو وابنه إلى صيد الحبّار، فهو يغوص في عمق البحر، فإذا به يرى جثة عالقة في قاعه، وحين يخرج منه هلعاً تجرح الصخور ساقه، كذلك فإن الحادثة التي تفضي إلى وفاة الأم تتأسس على أوهامها، فمحاولتها إنقاذ ابنتها من الغرق تكون من بنات مخيلتها، فجنى تكون على الشاطئ بينما أمها ياسمين تسبح نحوها وتعانقها، فإذا بها تغرق، وفي لقطة محكمة منخفضة “كلوز أب” نرى الأب نبيل يزحف نحو زوجته ياسمين والألم يعتصره، فنعرف حينها أنها ماتت، ولا نعرف أين دفنت وكيف ومتى وكذا هو نبيل. طبعاً سينمائياً تلك التفاصيل غير مهمة، فالمهم هو مصير الشخصية، لكنني أصر على إيراد ذلك لتوضيح بنية الفيلم، سرده، تهويماته، وصولاً إلى جنى، فهي آخر ما يتبقى لنا لنكتشف ماهية الفيلم، دوافعه، فنحن أمام خيال بصري، لكنه – أي هذا الخيال – كما يقول أنطونيويني “يتحرك في فراغ ما يرتبط بقصة”، والقصة في “من وراء الموج” قصتان واحدة حصلت بحق وأخرى من نسج الخيال، وجنى هي العامل الحاسم في هذا الخصوص، وهي تكتفي بالقصة الثانية، فهي كما أسلفت منطلق القصة ونهايتها، ولعل توصيفها بالراوي الخفي توصيف دقيق، فكل ما يجري وجرى ماثل عندها ويدور في رأسها، كما أنها المعبر الأكيد إلى ما يقف أمام جماليات لقطات الفيلم وحركية الكاميرا الشديدة، وتحديداً مع تصاعد الأحداث في النهاية ونسف كل ما أوردته عن الجزيرة ومجازاتها، فالسؤال الأساس في أحداث الفيلم هو: هل الجزيرة جزيرة بحق أم أنها قارب؟ وهل كل ما تمتلكه جنى للنجاة هو شهيقها وزفيرها وحسب؟ المزيد عن: فيلم أميركيالنازحونالجزيرةالعزلةنادين لبكيزياد بكريالسفرالتهجيرالاستغاثة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post فلسفة العفو العام تتحور… المصلحة السياسة أولا ثم العدالة next post أجواء حزينة تحاصر “غرامي” وأسهم بيونسيه للفوز تتصاعد You may also like رسائل ميكائيل أنجلو مثل معجزاته الفنية تكشف خفاياه 3 فبراير، 2025 أجواء حزينة تحاصر “غرامي” وأسهم بيونسيه للفوز تتصاعد 3 فبراير، 2025 بعد ترشيحها للأوسكار… بطلة “إميليا بيريز” تعتذر عن... 2 فبراير، 2025 مهى سلطان تكتب عن: معرض وكتاب عن “البداية... 2 فبراير، 2025 أبرز إخفاقات كبار المخرجين 2 فبراير، 2025 لوثر وديكارت وروسو… حين يهبط الإلهام الصاعق فجأة 2 فبراير، 2025 قراءة ثقافية في ظاهرة الأوسكار: الفن السابع وهواجسه 1 فبراير، 2025 “حراس” السينما اللبنانية يستضيفهم مهرجان فرنسي عالمي 1 فبراير، 2025 بلزاك يبتكر مبدأ عودة الشخصيات في روايته “الأب... 1 فبراير، 2025 في قسم «البداية» ببينالي الفنون الإسلامية… من السماء... 31 يناير، 2025