الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Home » صديقة الحجر منى السعودي : أحفر أحلامي من خلال النحت

صديقة الحجر منى السعودي : أحفر أحلامي من خلال النحت

by admin

«الأحلام تنمو وتتحقق، ومثلما نحفر في الحجر شكلاً جميلاً، نحفر في حياتنا النجاحات».

جريدة الخليج \ بيروت: هناء توبي

2 ديسمبر 2017

مثلما ألفت الحجر والتعامل معه، ألفت الفنانة منى السعودي التشكيل والتخطيط والحروفية والشعر. رائدة في النحت التجريدي تطوّع المادة وتصقلها لتصوغ فلسفتها، وتستقي من الشعر والخط العربي محفزات تتكامل من خلالها منحوتاتها برسوماتها، كما بقصائد الشعراء الملهمين بالنسبة لها، أبرزهم أدونيس، محمود درويش، سان جورج بيرس وغيرهم…

في معرضها الأخير في غاليري «صالح بركات»، تعرض منى 23 عملاً نحتياً ومئة لوحة ومخطوطة، تغوص من خلالها في عمق المعاني والتجارب الحياتية، ويسافر معها قارئ أعمالها في رحلات استكشافية في عالم النحت والتشكيل.

في رأي منى أنها ولدت لتكون فنانة. «لا أصنف نفسي كنحاتة أو رسامة وخطاطة، بل أرى نفسي فيها كلها. أعمالي هي أنا، تحمل بصمتي وأفكاري. منذ كنت صغيرة أرسم، ألوّن، أشكل، أنحت، وقد سبرت خلال نصف قرن من احتراف الفن أغواره وطرائقه المختلفة. عشقت في النحت صعوباته وتحدياته وكيفية تطويع المادة الصخرية الصعبة، وبخاصة الرخام الملوّن لصوغ فلسفتي وأفكاري عن الحياة والأمومة والأرض والوجود. تأثرت كثيراً بالأرض الحبلى بالأحجار، فاستلهمت منها حتى صار النحت بالنسبة لي فعل إيمان بما أقوم به. ربما يتطلع الآخر إلى الجهود البدنية التي يفرضها النحت وقسوة أدواته، المطرقة والإزميل والمعدات الكهربائية، لكن بالنسبة لي الأمر مختلف. المطرقة هي مطرقة الروح، والإزميل هو إزميل الإبداع والتجلي، وبواسطتهما أستمر وأُحلّق».

وعن الرسم تقول، «هو فكرة أو قصيدة أو شعر مرئي، فيه صور وألوان وتشكيلات. فيه قصائد متناغمة تلبس جسد المنحوتة. العلاقة بين ما أقدمه علاقة تكاملية، هي أشكال تعبيرية يكمل بعضها بعضاً، وتعانقني أو أعانقها لأتماهى مع إنسانيتي وأفكاري، وأتواصل من خلالها مع الوجود، ولا أعرف أي منها له عميق الأثر عندي، بل لكل منها خطوته الخاصة، وفق حالات معينة ومراحل محددة».

أعمال معرضها أنجزت بين 1995 و2017، وهي الفترة التي قضتها السعودي في بيروت، بعد ترحالها وتجوالها في بلاد العالم من مشرقه إلى مغربه. هذه الأعمال تعكس جزءاً مما تأثرت به الفنانة، هناك منحوتة بعنوان «قمر مكتمل» مصنوعة من حجر الترافيرتين، و«أمزجة الأرض» و«كسوف القمر» و«المتشرد» منحوتة من حجر اليشم الأردني الأخضر المتماوج، أما «ماء الحياة» فهي من العقيق اليماني،

و«المرأة النهر» من الجرانيت الأخضر الزمردي، و«بوابة الحياة» و«الأم الأرض» من الحجر اللبناني الترابي اللون، و«المرأة الطائر» من رخام الكرارا، وغيرها الكثير من الأعمال التي تصيب الناظر بدهشة الفرادة والتمايز والقول، تؤكد منى من خلال هذه الأعمال على وحدة الأرض، الأرض بصخرها وترابها تعطينا الكثير وتحثنا على التفكر والاختيار، وعن هذه الفلسفة تقول: «حين اخترت أن أكون نحاتة، اخترت طريقة في الحياة، ولكي تكون نحاتاً ينبغي أن تكون عاشقاً للأرض وما عليها، وأن تلمس نبضها الحي». وقد دونت هذه القناعة في مقدمة كتابي «أربعون عاماً في النحت»، لأؤكد إيماني وفرحي بالكون والوجود.

ورداً على سؤال حول الصعوبات التي واجهتها السعودي، في مشوارها الذي يزيد عن نصف قرن، تقرّ أن بعض المراحل كانت صعبة، لكن الشغف الحقيقي يجعل الإرادة صلبة كالفولاذ، سخّرت نفسي لمعالجة الكتل الحجرية، ورسمت ولوّنت وظللت، أشعر أني في مكاني الصحيح، حيث الفن وسيلتي للتواصل العميق مع نفسي وكينونتي.

عن أعمالها التي عرفت طريقها إلى متاحف العالم، وكانت جزءاً من مقتنيات المعرض الوطني للفنون الجميلة في الأردن، والمتحف البريطاني، ومتحف غوغنهايم، ومعهدي الفنون في شيكاغو وديترويت، وساحة العالم العربي في باريس، وغيرها من المتاحف، تقول: «الأحلام تنمو وتتحقق، ومثلما نحفر في الحجر شكلاً جميلاً، نحفر في حياتنا النجاحات».

وتضيف: «المهم أن نرى بقعة الضوء في داخلنا ونؤسس لها، عشت طفولتي في مكان أسطوري، كان بيتنا جزءاً من الموقع الأثري المسمى «سبيل الحوريات» في المدرج الروماني في عمان، وكنت مسحورة بما أراه، ولما سافرت وبدأت رحلتي في المدرسة العليا للفنون الجميلة في العام 1964 في باريس حرصت على تعزيز بصيرتي بما يقع عليه بصري، الأرض غنية بالمحفزات، وقد اخترت منها النحت على الحجر؛ لأنه مادة الأرض الأولى التي سلّمت نفسي لها، ودفعني ذلك لأحفر أحلامي التي أنتجت تماثيل ولوحات وقصائد إلى ما أنا عليه اليوم».

زائر معرض السعودي يرى أن ثمة نقطة التقاء بين ما تقدمه. المنحوتة عندها تتقاطع مع اللوحة، وما نلمسه في الحجر نراه في اللوحة وخطوطها، وتتجلى الفكرة الواحدة بأشكال متعددة، كما يتنكر الجسد بأكثر من رداء، وتفسّر السعودي هذه الرؤية بالإيجابية، وتقول إنها القدرة على تطويع الأشكال الفنية المختلفة لخدمة الفكرة الواحدة أو الأفكار المحددة.

السعودي التي كان لها تجارب شعرية في بداياتها الفنية، وأصدرت كتاباً شعرياً في العام 1970 بعنوان «رؤيا أولى»، ثم مجموعة شعرية في العام 1993 «محيط الحلم» لم تفارق الشعر في معرضها الحالي، كما لم يفارق الحجر كتاباتها، فهناك تداخل بين تجاربها، وعلّقت على جدار معرضها الحالي كلمة تقول فيها: «لحجارة نرفع منها محيط الحلم، لحجارة تسكن فيها بدايات ونهايات، لحجارة حبلى بشوق التجلي، لحجارة أنسج منها ضوء الفرح، لحجارة علّمتني بهاء الفعل، أستند عليها كلما مسنّي التعب، أو طرق بابي اليأس».

 

 

 

You may also like

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00