ثقافة و فنون صاحب “ميّل يا غزيّل” و”يا جارحة قلبي”.. “الصيداوي” الذي لا يعرف من يكون! by admin 15 يوليو، 2023 written by admin 15 يوليو، 2023 174 كان الصيداوي فنّانًا شاملًا في الكتابة والتلحين وطريقة الأداء، حتى وصفه محمد عبد الوهاب بـ “بيرم التونسي لبنان” موقع مناطق \ د. ربيع شامي ظلت الأغنية اللبنانية حتى الثلاثينيات، محصورة بالأغنية الفولكلورية وبالقالب التقليدي الغنائي، مثل العتابا والميجانا وأبو الزلف، بالإضافة الى تراث بلاد الشام، والأغنية المصرية الكلاسيكية. وبين تلك الحقبة وحقبة ما عُرف بعصبة الخمسة الموسيقية في الخمسينيات (عاصي ومنصور الرحباني، زكي ناصيف، توفيق الباشا، وتوفيق سكر) الذين توصلوا إلى بناء مشروع الأغنية اللبنانية مكتملة المعالم. بين تلك الحقبتين ظهرت أسماء من الرواد الذين مهّدوا لولادة الأغنية اللبنانية، ومنهم “سامي الصيداوي” الذي يُعدُّ واحدًا من أبرز مؤسسيها. هو سامي بشارة صاصي، لقبه الفني “الصيداوي” نسبةً إلى مدينته صيدا التي وُلد وعاش طفولته وصباه فيها. تاريخ ولادته ملتبس بين تاريخيّ 1908 و1912. نشأ في عائلة متواضعة الحال، ورث عن جده نظم أبيات المعنى -وهو نوع من أنواع الزجل اللبناني- وورث الصوت الجميل عنه. كان يغني في عشيّات بساتين الليمون، قبل أن يلتحق بأسقفية صيدا ويغني مع الكورس، فلاحظ القيّمون جمال صوته وعيّنوه قائدًا للجوقة. تعلّمَ النوتة البيزنطية واليونانية في المدرسة، أما خارجها فكان ينظم ويغني القصائد والمواويل. وعندما سمع عنه رئيس الأساقفة في بيروت، استدعاه وطلب منه أن يقدّم القداس، كان ذلك إثر وفاة والده. رحّب الصيداوي بالوظيفة الجديدة الّتي ستسمح له بالتواجد في بيروت قريبًا من أجواء الفنانين، وصار يرتّل أيام الآحاد ويعمل في محل تجاري خلال أيام الأسبوع. سامي الصيداوي (الصورة مأخوذة من موقع جريدة النهار) بعد حريق شبّ في المتجر الّذي كان عاملًا فيه، انتقل الصيداوي ليعمل في مصرف، وهناك وقعت تحت يده “كمبيالة” باسم عمر الزعني الّذي كان يملك محلًا لبيع الأسطوانات، فوجدها فرصة للتعرُّف على فنانه المفضّل آنذاك، كما تعرّف على “آل بيضا” واستأجر شقة عندهم، ومعهم تعرّف على نقولا المني ومحي الدين بعيون ومحمد شامل، ومنهم اكتسب وتبادل الخبرات في الكتابة والنظم والتلحين. لم يدرس سامي الصيداوي النوتة الموسيقية الغربية، كان رأيه أنّ العلم يطوّع الموهبة، فظل متفلّتًا يكتب ويلحّن من السليقة، وكانت الأغنيات الانتقادية، السياسية والاجتماعية أولى أعماله المتأثرة بعمر الزعني، فاشتهر بـ “مونولوغاته” المرحة، التي غناها بنفسه مثل “يا حكيم يا حكيم دقتني البردية” و”تصور وبعتلي صورة” و”مش مهضوم يا برهوم” و”لبس القصير قصير لفوق لفوق” و”مونولوغ الستات” و”ع الماني” و”لو كل مين بيعرف نفسه” و”على ضفة نهر الأولي” و”على علمي إنك فهمان” و”اضحكي اضحكي ولا تزعلي”، كما لحن أغنية تحذّر من ضرر التدخين وهي “بإيدو سيجارة وبتمو سيجارة”. لم يستمر الصيداوي في الأغاني الساخرة، فقد تعرّض لتهديدات جديّة، تأمره بالابتعاد عن الأغنية الانتقادية، لا سيما السياسية، فانتقل لكتابة وتلحين الأغاني العاطفية. يا جارحة قلبي حين كان يسجّل الصيداوي رائعته “يا جارحة قلبي” في الإذاعة اللبنانية، سأله قائد الأوركسترا “محي الدين سلام” بدهشة: “على أي مقام هذا اللحن؟”، فارتبك الصيداوي ولم يعرف ماذا يجيب. إلا أن سلام أبدى إعجابه الشديد بهذا اللحن وأبدى رغبته في أن تغنيها ابنته الشابة “نجاح سلام”. وكانت انطلاقتها بهذا اللحن في لبنان والعالم العربي، كما غناها “صباح فخري” في بداية إنطلاقته الفنية، والّذي أصبح علَمًا مكرّمًا في المحافل الدولية (1992) واعتُبر أسلوبَه في الأداء مرجعاً معيارياً للغناء التقليدي العربي. الفنانة نجاح سلام بعد “يا جارحة قلبي” لمع اسم الصيداوي وبدأ بالتلحين لأصوات لبنانية وعربية كبيرة أمثال “وديع الصافي” و”نور الهدى” و”صباح” و”فايزة أحمد” و”سميرة توفيق” و”وداد” الّتي غنت له “بتندم”. وعن هذه الأغنية تذكر وداد في إحدى لقاءاتها الإذاعية: “كان سامي الصيداوي صديقًا العائلة، وكان شفافًا، مرهفًا، سريع البديهة في التقاط كلمات الواقع اليومي وتحويلها الى روائع فنية”. في إحدى السهرات قطف الصيداوي كلمة “بتندم”، من كلمة عتاب قالتها وداد لزوجها توفيق الباشا، بعد سوء تفاهم حصل بينهما. التقط الصيداوي الكلمة وبنى عليها: “بتندم، وحياة عيوني بتندم/ بدك تقهرني طيب/ غبلك شي غيبة وجرّب/ ولما بترجع ياحبيّب. ياحبيّب شو بدك تندم”. هذه الأغنية التي أصبحت من كلاسيكيات الأغنية اللبنانية، وواحدة من أنجح أعمال التعاون والذي تجسّد، بين بحّة صوت وداد، وشفافية كلمة ولحن الصيداوي. نذكر من هذه الأغاني: “يا ناعم”، “تصور وابعتلي صورة”، “لا قلبي ولا بعرفك” وغيرها من الأغاني. الفنانة وداد آه منك يا غزيّل تُعدّ أغنية “ميّل يا غزيل” من الأغاني المكرّسة في التراث الغنائي اللبناني والعربي. غنتها “نجاح سلام” في الستينيات بعد نجاح تعاونها مع الصيداوي في “يا جارحة قلبي”. أغنية لبنانية تطغى عليها المفردات اللبنانية الشعبية والجرأة في مضمونها ودعوتها. مفردات مثل “ميّل”، “القهوة”، “التبولة”، “الشباك”، “القيولة”، وغيرها من المفردات التي كانت جديدة وغريبة في صوغها داخل أغنية يغنيها بدلع صوت أنثوي. كان الصيداوي فنّانًا شاملًا في الكتابة والتلحين وطريقة الأداء، حتى وصفه محمد عبد الوهاب بـ “بيرم التونسي لبنان”. وكان الصيداوي يعرف تمام المعرفة ماذا كان يضمّن في أغانيه، من طروحات جريئة في مجتمعات كانت خارجة من صرامة التقاليد، وغياب الاختلاط الاجتماعي. وإذا ما راجعنا كلمات أغانيه الانتقادية الاجتماعية، سنجد أن سامي الصيداوي لم ينظم، أو يستخدم مفرداته صدفة، أو تلبية لقافية أو وزن. هو الذي بدأ حياته كـ “مونولوجيست” انتقادي، سياسي، اجتماعي كتب ولحن وغنى حوالي الألف اغنية. لم يدرس سامي الصيداوي النوتة الموسيقية الغربية، كان رأيه أنّ العلم يطوّع الموهبة، فظل متفلّتًا يكتب ويلحّن من السليقة، وكانت الأغنيات الانتقادية، السياسية والاجتماعية أولى أعماله المتأثرة بعمر الزعني ورغم غناء الأصوات الكبيرة لأعماله، ظل يميل إلى الغناء الساخر الانتقادي، وكان له تجربة تلفزيونية في أواخر الستينيات مع “فريال كريم” حيث كتب لها برنامج “أم خبار”، وغنّت له “بعد ناقص” و”شوف يا الياس”، حيث عُرض البرنامج على شاشة تلفزيون لبنان، وأخرجه باسم نصر. كما غنى من مونولوغاته صلاح تيزاني “أبو سليم “. عندما اندلعت الحرب لزم سامي الصّيداوي الصمت وانعزل مُصابًا بالاكتئاب. توقف عن الكتابة والتلحين وترك مدينة صيدا واستقر في ضواحي جونية حيث توفي في العام 1994. في لقاءاته الإذاعية الأخيرة، بدا وكأنّه يراجع شريط عمره وأعماله فقال: “الملحنون يعتبرونني ملحنًا، والشعراء يرونني شاعرًا، والجمهور يراني فنانًا ساخرًا، وأنا ضائع في تحديد نفسي. ماذا أكون؟ “. روايط: يا حكيم يا حكيم https://www.youtube.com/watch?v=hysJnpoIJWs بتندم https://www.youtube.com/watch?v=RmJ40tAC7o0 يا جارحة قلبي https://www.youtube.com/watch?v=JBN5I-YCb8M ميّل يا غزيّل https://www.youtube.com/watch?v=v1FMP5wduMc لا قلبي ولا بعرفك https://www.youtube.com/watch?v=Y7P165nJZak فيسبوك تويتر لينكدإن مشاركة عبر البريد طباعة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post القصة الحقيقة لسلسلة أفلام “مهمة مستحيلة” next post لاء هو الأكثر بياضاً.. يخفض حرارة المباني 8 درجات نهاراً و19 درجة ليلاً You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024