ثقافة و فنونعربي صاحب “المصابون بالطاعون في يافا” ينتحر في عز عطائه by admin 14 أغسطس، 2021 written by admin 14 أغسطس، 2021 116 البارون غرو يرمي نفسه في النهر والترياق يأتي من ديلاكروا اندبندنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب تعتبر لوحة “بونابرت يزور المصابين بالطاعون في يافا” واحدة من أقوى اللوحات التي خلدت صورة ما وغير عادية للجنرال الفرنسي خلال حملته على مصر وعلى الشرق الأدنى عموماً. ففي مقابل عشرات وربما مئات اللوحات التي رسمت للقائد العسكري الفرنسي الذي سيتحول إلى إمبراطور بعد حين، ممجدة أعلى درجات الأبهة والجلال، أتت هذه اللوحة لتثني على جانب إنساني فيه يتناقض مع الأبهة العسكرية. فهو هنا لا يرتقي صهوة حصانه، ولا يتوج في كاتدرائية، ولا يقف خطيباً كصانع للتاريخ يخبر جنوده أن أربعة آلاف عام تنظر إليهم وإليه من على أعلى الأهرامات المصرية، ولا هو يخاطب مسلمي الشرق كواحد منهم مؤلباً إياهم على أعدائه الإنجليز… بل هو وبكل بساطة يزور ملجأ في مدينة يافا الفلسطينية وُضع فيه عدد كبير من المصابين بالطاعون، يتحدث إليهم بكل بساطة، يدعو لهم بالشفاء ويحتك بهم دون أن يخشى العدوى. ولعل الناس أحبوا نابوليون من خلال هذه اللوحة أكثر مما أحبوه من خلال أية لوحة أخرى. شعروا أنه يقف بين التعساء وقفة الأخ الكريم، بشكل لم يسبقه إليه أي زعيم آخر، ولكن سوف يفعله من بعد كثيرون بالطبع. ولا ننسى هنا بالنسبة إلى الزمن الذي نعيش فيه صورة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يتجول بين الناس في المناطق المنكوبة بانفجار المرفأ في بيروت العام الفائت، من دون أن يخشى عدوى وباء كورونا المنتشر في العاصمة اللبنانية. غرو لم يكن هناك تفيدنا المدونات التاريخية أن الزيارة التي خلدها الرسام الفرنسي أنطوان – جان غرو كانت حقيقية قام بها الجنرال بونابرت بالفعل يوم انتقل من القاهرة إلى يافا، وبالتالي ليس ثمة أدنى شك في أنها خطوة حقيقية قد تحمل قدراً كبيراً من الديماغوجية وقد تكون صادقة لكن الجنرال فعلها. وفي المقابل تفيدنا المدونات التاريخية نفسها بأن الرسام غرو لم يكن هناك. أي أنه لم يكن من بين الذين رافقوا الجنرال الفرنسي في الزيارة التي صورها بعد حدوثها بنحو خمس سنوات، في لوحة يزيد ارتفاعها على خمسة أمتار وعرضها على سبعة أمتار. فالزيارة تمت عام 1799 فيما أنجزت اللوحة عام 1804 لتعرض في “الصالون الباريسي”، محققة ردود فعل مدهشة ونجاحاً كبيراً من دون أن يسأل أحد نفسه عما إذا كان الرسام الشاب الذي لم تكن سنه تتجاوز الثالثة والثلاثين صورها على الطبيعة أو في محترفه. والحقيقة أنه صورها في المحترف الباريسي انطلاقاً من تفاصيل رواها له العالم سان سيموني دانون، الذي كان في عداد الفريق العلمي المرافق لبونابرت في رحلته. صنيع الملوك والقديسين في البداية وفي الإسكتشات الأولية التي خطّها الرسام الشاب انطلاقاً من حكايات دانون، يبدو بونابرت واقفاً على مبعدة ما من المصابين يتحدث إليهم ويواسيهم. ولكن في الصيغة النهائية قرّبه الرسام أكثر منهم، وجعله يمد يده بكل هدوء ومحبة لامساً جراحهم وإصاباتهم كما كان يفعل ملوك فرنسا وقديسوها في الأزمنة الغابرة. والحقيقة أن نقل الرسام ذلك التصرف من التاريخ الملكي الفرنسي إلى ديار الشرق كان يحمل دلالات كبيرة يمكن أن توصف اليوم بـ”الدعاوى الأيديولوجية” كما بالديماغوجية، لكن الرسام الشاب الذي كان معروفاً عنه تأييده المطلق لنابوليون، كان يعبر في لوحته عن موقف وطني وإنساني لا شك فيه هو الذي كان في الوقت نفسه يتطلع إلى أن يصبح رساماً رسمياً للبلاط الإمبراطوري خلفاً لأستاذه دافيد، الذي من المعروف أنه أنفق قسطاً كبيراً من حياته ومقداراً كبيراً من مواهبه الفنية في تخليد صورة نابوليون، ولا سيما خلال حملته المصرية، راسماً ميدانياً عشرات اللوحات له. بيد أن التلميذ غرو تفوق بالتأكيد على أستاذه دافيد بالمعاني التي حمّلها للوحة التي نحن في صددها. ولعل الطريف في الحكاية أن غرو الذي اضطر إلى أن يلزم المكان المخصص لمحترفه في فرساي يوم عرضت اللوحة للمرة الأولى ونالت نجاحاً أسطورياً، لم يتمكن من مبارحة سريره لحضور المناسبة بسبب إصابته بروماتيزم قاسٍ، ما حرمه من أن يشارك في واحدة من أكثر لحظات حياته مجداً. الرسام الفرنسي أنطوان – جان غرو (غيتي) تعاسة السنوات الأخيرة مهما يكن من أمر فإن غرو على الرغم من نجاحه خلال المراحل التالية عبر لوحات عديدة كرسته كواحد من كبار النيوكلاسيكيين في الفن الفرنسي، على الضد من أقطاب التيار الرومانطيقي الذي تزعمه ديلاكروا، كان يشعر بتعاسة كبيرة خلال سنوات ما بعد نابوليون وهو الذي آمن به كثيراً. ولقد وضع نهاية لحياته بنفسه في عام 1835 وكان بلغ الرابعة والستين من عمره، بإلقاء نفسه في مجرى نهر السين بعدما قطع المسافة سيراً من بيته في منطقة إيسي هائماً ساهماً يفكر بأن حياته كلها كانت بلا جدوى، كما كان عبر في رسالة تركها في المحترف وعثر عليها حاملة عبارة وداع لطيفة لزوجته، قبل العثور على جثته طافية في مياه النهر. مهمة رسمية في إيطاليا أنطوان – جان غرو المولود في عام 1771 في باريس كان بيّن الحزن خلال العشرين عاماً الأخيرة من حياته وتحديداً منذ نهاية نابوليون. فهو يدين بنجاحه للقائد الإمبراطور منذ تعرف إلى جوزفين زوجة هذا الأخير في ميلانو بإيطاليا، حيث كانت السلطات قد كلفته بمهمة إجراء جردة للوحات التي صودرت أيام الحملة على إيطاليا وعرفته هي إلى زوجها. ولسوف يقال إن اشتغاله على تلك الجردة كان مدرسته الفنية الحقيقية التي استكملت ما كان تعلمه أول شبابه في محترف دافيد. ومع ذلك لم يتقاعس غرو الذي سيسبغ عليه شارل العاشر عام 1824 لقب بارون، عن تطوير نفسه وعمله منذ نفي أستاذه دافيد إلى بروكسل ليحل هو مكانه في الاشتغال على تنفيذ جداريات البانتيون، غير أنه في الوقت نفسه غاص في العمل الرسمي إلى درجة أنه لم يتمكن من تطوير أساليبه الفنية، بحيث بقي جامداً عند النيوكلاسيكية بعدما صارت هذه قديمة الطراز غير مستحبة. ومن الواضح أن هذا فاقم من حزنه وكآبته. ولقد وصل به الإحساس بالفشل إلى مستوى قاتل بعد الصالون الأخير الذي شارك فيه ولم يبد أن أياً من لوحاته الثلاث التي عرضها هناك قد لقي إعجاباً من النقاد، أو حتى من الجمهور الذي كان لا يزال يذكر بالخير لوحاته القديمة ولا سيما النابوليونية منها. وكذلك كان من الواضح أن إشارته إلى إهداء تلك اللوحات إلى ذكرى دافيد الذي كان قد رحل عن عالمنا في عام 1825 لم تضف على اللوحات أية قيمة استثنائية. حين تدخل ديلاكروا فالنيوكلاسيكية كانت قد ولت من غير رجعة، تاركة المكان خالياً للرومانطيقيين وعلى رأسهم ديلاكروا، الذي وإن كان بدوره واحداً من تلاميذ دافيد فإنه عرف باكراً كيف يفترق عنه، خائضاً في فنون أكثر حداثة. غير أن ذلك لم يمنع ديلاكروا أن يتحدث خلال تأبينه غرو عن “إسهامات هذا الأخير في نهضة الفن الفرنسي”، وتحديداً عن صدقه في مواقفه السياسية التي عبر عنها في فنه – مشيراً دون ريب وبشكل خاص إلى لوحة “بونابرت في يافا” في رد مبطن على كل الذين تحدثوا لمناسبة انتحار الرسام عن “انتهازية سياسية” تسم تلك اللوحة تحديداً، مشيرين إلى أن اللوحة تكاد تكون واحدة من أكثر اللوحات التي رسمت للإمبراطور الراحل “ديماغوجية وانتهازية”، فأكد ديلاكروا أنها لوحة “يمكن بكل بساطة أن نضمها إلى أروع أعمال الفنون الإنسانية”. كان كلام ديلاكروا هذا، وهو من هو في الحياة الفنية الفرنسية في ذلك الحين، خير تعويض للبارون غرو عن الخيبات التي طبعت حياته طوال أكثر من عشرين عاماً، وأوصلته إلى ذلك الانتحار الذي أحزن كثيراً من الفرنسيين. المزيد عن: نابليون بونابرت\مدينة يافا\مرض الطاعون\أنطوان – جان غرو\النيوكلاسيكية\ديلاكروا 17 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الحِداء… عندما تكون وسيلة التواصل “أغنية” next post Dartmouth-based nonprofit crafts quality woodwork and opportunities for those living with mental illness You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024 17 comments 온라인카지노추천 14 أغسطس، 2021 - 2:52 م Hi, i think that i saw you visited my website so i came to “return the favor”.I’m trying to find things to improve my site!I suppose its ok to use a few of your ideas!! Reply Williamnix 15 أغسطس، 2021 - 6:55 ص provigil modafinil alcohol Reply national junior honor society essay examples 12 نوفمبر، 2021 - 9:51 م You’re a really practical site; couldn’t make it without ya! http://multiessay.com/ Reply borgata online casino promo code 15 نوفمبر، 2021 - 10:24 ص Thanks intended for offering these sort of good subject material. https://casinogamesmachines.com/ Reply amazing sex games 18 نوفمبر، 2021 - 1:02 م Great looking web site. Presume you did a great deal of your very own coding. https://winsexgames.com/ Reply girl with girl sex games 19 نوفمبر، 2021 - 9:50 ص Great looking web site. Assume you did a whole lot of your very own coding. https://sex4games.com/ Reply free adult sex games for android 19 نوفمبر، 2021 - 4:30 م Really wanted to state I’m just delighted I came upon your internet page. https://sexygamess.com/ Reply how many carbs can you eat on keto diet 20 نوفمبر، 2021 - 9:52 ص Wow, gorgeous website. Thnx … https://ketogendiet.net/ Reply keto breakfast casserole 20 نوفمبر، 2021 - 2:58 م Wow, stunning site. Thnx … https://ketogenicdietinfo.com/ Reply keto gingerbread cookies 20 نوفمبر، 2021 - 11:10 م Truly, such a important website. https://ketogendiets.com/ Reply basic keto diet 21 نوفمبر، 2021 - 10:55 ص Thanks with regard to delivering such wonderful post. https://ketogenicdiets.net/ Reply best casino bonus 9 يناير، 2022 - 9:11 م Sustain the awesome job !! Lovin’ it! best casino bonus Reply gay autism dating vancouver washington 12 يناير، 2022 - 3:12 ص gay dating southwest floridagay autism dating vancouver washingtongay men web dating sites whats the best sith for findina a gay dating site older gay dating sites Reply gay dating game orgy 13 يناير، 2022 - 9:48 ص chubby gay mens dating sites gay male dating sites which gay dating app has most members gay dating game orgy Reply gay black and white men dating 13 يناير، 2022 - 8:00 م mature gay men dating cookeville tennessee gay foot fetish dating gay muscle dating gay black and white men dating Reply big fish slots free 21 يناير، 2022 - 3:11 م slots games free slots with high volitality free online igt slots big fish slots free Reply indiana grand slots list 21 يناير، 2022 - 7:36 م slots machines skill slots app smt4a free game slots indiana grand slots list Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.