الأربعاء, مايو 28, 2025
الأربعاء, مايو 28, 2025
Home » شيفرة المعبد المصري القديم… هل يفكها الذكاء الاصطناعي؟

شيفرة المعبد المصري القديم… هل يفكها الذكاء الاصطناعي؟

by admin

 

يقبع “السيرابيوم” تحت الأرض منذ آلاف الأعوام ومؤشرات تفيد بأن توابيته الحجرية ذات الأوزان الهائلة مقبرة للإله أبيس

اندبندنت عربية

في كثير من الأوقات، ينبهر المسافرون الذين يزورون مصر بآثار عالم الفراعنة أو، إن شئت الدقة، المصريين القدماء، من الأهرام العظيمة إلى المعابد الشاهقة وصولاً إلى بعض الكيانات الغامضة المنحوتة في قلب الحجر.

والشاهد أن علم المصريات القديمة، لم يبدأ بجدية إلا بعد غزو نابليون بونابرت في مطلع القرن الـ19، حين جمع العلماء الفرنسيون سجلات مفصلة للمواقع القديمة وجابوا البلاد بحثاً عن الآثار، إلى أن فك جان فرانسوا شاملبيون رموز اللغة الهيروغليفية في عشرينيات القرن الـ19، مما يسر أخيراً إمكانية قراءة تاريخ إحدى أعظم حضارات البشرية.

منذ هذا اليوم توافد العلماء والمتحمسون الأوروبيون لمشاهدة ليس فقط أهرام الجيزة، ولكن أيضاً تماثيل رمسيس الثاني الضخمة المنحوتة في منحدرات أبو سمبل والمقابر الملكية في وادي الملوك بالأقصر.

على أن القليل جداً من الآثار المصرية، أمكن بالفعل حل شفراته ومعرفة السر وراء بنائه، وإذا كان الهرم الأكبر لا يزال لغزاً عصياً على فهم سرديته التاريخية من عند الهدف الرئيس منه، مروراً بكيفية بنائه، وصولاً إلى تركيبته المعمارية، بمعنى الغرف الخفية داخله، والدهاليز الصاعدة إلى قمته، بخلاف ما هو كائن في أسفله. ويدور الحديث عن أنه لا يزال هناك أثر آخر لم يكتشف حتى الساعة على رغم مرور أكثر من 150 عاماً على اكتشافه، ويمثل لغزاً كبيراً ملفوفاً في أحجية، وملقى في بئر عميقة.

مدخل معبد السيرابيوم (شركة المقاولون العرب)

 

عن أي أثر نتحدث؟ بالقطع عن ذلك المعبد المهيب، والرهيب في ذات الوقت، القائم على بعد بضعة كيلومترات فقط من أهرام خوفو وخفرع ومنقرع، وفي قلب صحراء الجيزة، جنوب القاهرة، هناك في تلك الرقعة الجغرافية، حيث كدس الفراعنة عشرات من آثارهم التي تحتاج اليوم إلى فض كثير من أسرارها، فماذا إذاً عن ذلك اللغز؟

قرية سقارة مدينة الكنوز الخفية

هي إحدى القرى التابعة لمركز البدرشين في محافظة الجيزة، على بعد 20 ميلاً جنوب القاهرة، وتحوي على مقابر ملكية للأسرات التي كانت تحكم مصر القديمة من العاصمة منف. كما تضم عدداً من الأهرام من بينها هرم زوسر المدرج الذي يعود إلى عصر الأسرة المصرية الثالثة، والذي يعد أقدم بناء حجي معروف تاريخياً، إضافة إلى عدد من المصطبات الأثرية.

شيد 16 ملكاً مصرياً آخرون أهرام في سقارة، إضافة إلى الآثار الجنائزية التي شيدها بعض كبار المسؤولين في مصر القديمة، وجرى تصنيف المنطقة الممتدة من أهرام الجيزة إلى دهشور مروراً بسقارة كموقع تراث عالمي من قبل الـ”يونيسكو” عام 1979 .

إلى جانب أهرامها المتآكلة، اشتهرت سقارة على النقيض من ذلك، بكهوفها الجوفية التي كان السكان المحليون يغزونها بحثاً عن مومياوات لاستخدامها سماداً، بينما كان السياح يفتشون فيها بحثاً عن تذكارات. لم يقتصر اللصوص على سرقة المومياوات وحسب، بل نهبوا أيضاً الحيوانات المحنطة كالصقور وأبومنجل وقرود البابون. ولم تجذب سقارة اهتماماً أثرياً كبيراً حتى زارها عالم المصريات الفرنسي الشهير أوغست مارييت، الذي أصبح أول مدير لهيئة الآثار المصرية عام 1850.

القليل جداً من الآثار المصرية أمكن بالفعل حل شفراته ومعرفة السر وراء بنائه (المقاولون العرب)

 

قال مارييت عن موقع سقارة إنه شهد دماراً شاملاً بحفره الواسعة وجدرانه المبنية من الطوب المفكك، حيث اختلطت الرمال بلفائف المومياوات والعظام، لكنه لاحظ أيضاً تمثال أبوالهول نصف المدفون، وبتعمقه في البحث وجد طريقاً تصطف على جانبيه تماثيل أبوالهول تؤدي إلى معبد يسمى “السيرابيوم”. وكانت هناك أنفاق أسفل المعبد تحوي توابيت عملاقة، ذات صلة بالإله “أبيس” الإله الثور عند قدماء المصريين .

منذ ذلك التاريخ، كشفت الحفريات عن تاريخ من مراسيم الدفن والطقوس الدينية يمتد لأكثر من 3 آلاف عام، من عهد فراعنة مصر الأوائل إلى أنفاسها الأخيرة في العصر الروماني، ومع ذلك ظلت سقارة محط أنظار العلماء والأثريين، لا سيما أن سر التوابيت هذه لا يزال مخفياً عن الأعين حتى الساعة .

لماذا عبد المصريون الثور أبيس؟

ليس سراً أن المصريين القدماء قدسوا كثيراً من الحيوانات، ومن بينها الإله حتحور، الذي يرمز له بالبقرة، والإله أبيس، صاحب الرمز الشهير أي الثور المقدس الرب أو الحامي لمدينة ممفيس. وجرى العرف أن أي ثور يوجد يحمل مثلثاً أبيض على وجهه، والبقية كله أسود، وكان يعد تجسيداً لأبيس.

في ذلك الزمان كان الكاهن الفرعوني يستلهم التنبؤ بالمستقبل من سلوكه وحركاته، ولم يكن يسمح للثور بالعيش أكثر من 25 عاماً، فعندما يصل إلى هذا العمر يجري إغراقه والبحث من ثم عن ثور جديد، فإن مات في هذا العمر، فإنه يدفن باحتفال مهيب في منطقة سقارة.

على أن السؤال الحيوي والمهم، لماذا كانت الثيران تُؤله عند المصريين القدماء؟ الجواب هو أن الثور أبيس كان هو التجلي الإلهي للإله بتاح ثم أوزوريس لاحقاً. وهكذا كان الثور أبيس هو الحاضن الفعلي الذي اختارته روح بتاح لتأتي وتتجسد في قلب أرض مصر.

عثر مارييت على عدد من التوابيت الخشبية والحجرية صغيرة الحجم والثيران محنطة داخلها (المقاولون العرب)

 

ويقال بحسب المرويات الأسطورية الفرعونية، إنه عندما استوعب أوزوريس لاحقاً هوية بتاح، رمز إلى الحياة في الموت، أي البعث، إن أوزوريس الذي يعيش في العالم السفلي هو أيضاً النبات الخصيب، الذي قهر الشر والموت، وكل هذه الارتباطات بين الآلهة المتشابهة عبر العصور، الشائعة في مصر، لها في الواقع معنى بالغ الأهمية، دلالة قد تحوي أحياناً أكثر من سر، وربما يفسر لنا ما تقدم كيف تمت تسمية الإله البابلي “سرابس” أي ملك الأعماق، مما يرتبط أيضاً بسرابيس المصري .

ارتبطت عبادة أبيس في ما بعد ارتباطاً وثيقاً بالرب “بتاح” إله الخلق، الذي لا يزال المصريون ينادونه صباح كل يوم، من دون أن يدورا، عبر مقولتهم الشهير “يا فتاح يا عليم”، وفتاح هو بتاح إله الخلق العظيم كما تروي الأساطير القديمة .

والمثير أن الإله بتاح هذا نجده عند اليونان والرومان، وفي زمن البطالمة، عُبد مع أوزوريس تحت اسم سرابيس، وكان مركز عبادته في الإسكندرية .

ولعل أسطورة أبيس تحمل كثيراً من التفاصيل والرموز، فقد وجد تمثالاً بازلتياً ضخماً، يجسد سرابيس في هيئة عجل يحمل قرص الشمس والكوبرا الملكية بين قرنيه. ويشير النقش الموجود على العمود الذي يدعم جسده إلى أنه “نحن في عهد الإمبراطور الروماني هدريانوس”.

وسرابيس هو إله جديد استحدث من الرمز “أوزوريس – أبيس”، لتوحيد سكان الإسكندرية من الإغريق والمصريين القدماء .على أن القصة الرئيسة هنا لا تدور حول الإله أبيس، بل حول معبده المثير، وتوابيته الغامضة، والتساؤلات هنا كثيرة حول الهدف منها، وما إذا كانت مجرد مقابر لتلك الثيران أم لا؟ وإذا كانت كذلك فما الذي يرمز إليه الرقم 24 عدد التوابيت المكتشفة، ثم وربما هذا هو الأهم، “لماذا بعض تلك التوابيت تصل أوزانها إلى نحو 80 طناً؟”.

معبد السيرابيوم واللغز الخفي

تشير كل الأوراق البحثية التي تناولت شأن معبد السيرابيوم في منطقة سقارة المصرية، إلى أن الباحث الفرنسي أوغست مارييت، هو أول من اكتشفه. هنا يحتاج الأمر إلى مزيد من التوضيح… فكيف ذلك؟ المؤكد أن هناك من تحدث قبل نحو 2000 عام عن ذلك المعبد، وتحديداً فقد جاء على ذكره الفيلسوف والمؤرخ اليوناني سترابو عام 570 قبل الميلاد .

لكن المعبد ظل مدفوناً في وسط الرمال إلى أن قدر لمارييت أن يرفع الغبار عنه، في محاولة لاستكشاف أبعاد المشهد الحالي .

يعود أصل المعبد – المقبرة إلى الأسرة المصرية الـ18 في المملكة المصرية الحديثة، التي تبدأ من عند الملك أمنحتب الثالث وأول امتداد لها إلى عهد الملك رمسيس الثاني، وسيستمر اتساع تلك الأسرة إلى أن يصل للعهود التالية وحتى نهاية العصر المصري القديم في فجر العصر المسيحي.

كانت رواية المؤرخ اليوناني “سترابو” هي الأساس الذي بنى عليه أوغست مارييت سعيه إلى اكتشاف السيرابيوم، فقد استوحى شهادة ذلك المؤلف والكاتب اليوناني واستلهم من الطريق الواصل بين معبدالأقصر وفناء آمون في معبدالأقصر الشهير الكرنك. نقول استلهم بحثه في هذا المسار المحاط بأبوالهول، ثم اكتشف المدخل إلى سراديب الموتى المخصصة للإله أبيس أو الثور المقدس.

ظل المعبد مدفوناً في وسط الرمال إلى أن قدر لمارييت أن يرفع الغبار عنه (كونا)

 

أحدث الاكتشاف في ذلك الوقت ضجة ضخمة، لا سيما أنه في ذلك الأوان نظمت ومولت أعمال عن البحث عما قيل إنه “كنز” حقيقي مدفون من قبل الحكومات الإمبريالية المتنافسة باستمرار في أوروبا، لا سيما بريطانيا وفرنسا .

في هذا التوقيت لم يكن علم المصريات قد بلغ شأناً عالياً كما هي الحال في حاضرات أيامنا. وفي هذا السياق كان النهب المنظم للثروات الفرعونية المصرية، جار على قدم وساق، والدليل على ذلك هذا الكم الكبير من الآثار المصرية المنتشرة في كافة أرجاء العالم، مثل رأس نفرتيتي في برلين، وحجر رشيد في لندن، أما عن المسلات الفرعونية التي تزين معظم ميادين العواصم الأوروبية فحدث عنها ولا حرج .

كيف اكتشف مارييت معبد السيرابيوم على وجه التحديد؟ لم يكن اهتمام الفرنسيين بالآثار المصرية منطلقه حملة نابليون على مصر، إذ بدأ الأمر من قبل ذلك، لكن وجود طائفة هائلة من العلماء الفرنسيين مع نابليون، فتحت العيون على تاريخ مصر الفرعونية القديمة.

في الواقع لم يرسل مارييت إلى مصر بهدف البحث عن السيرابيوم، بل كان الأمر مختلفاً تماماً، فقد أرسله متحف اللوفر بهدف العثور على المخطوطات السريانية والقبطية، وجمعها من الأديرة القبطية المنتشرة في صحاري مصر القائمة في ذلك الوقت.

كانت مهمة مارييت صعبة للغاية، والسبب هو أن الإنجليز بدورهم كانوا خدعوا رهبان الأديرة المصرية، ثم انتزعوا المخطوطات من أرشيفاتهم الثمينة، وهو أمر لم يستطع مارييت أن يجاريه .كانت تعزية مارييت الحقيقة تتمثل في أن هناك مساحات شاسعة من الآثار المصرية راقدة تحت الرمال، وبأن أن غالبيتها راقدة بل راكدة أسفلها، ولهذا بدأ يشعر مارييت أن هناك ما يغريه أو يعزيه عن المخطوطات .

كان مارييت قد قرأ بالفعل كتابات “سترابو” اليوناني الذي وصف بعض المباني المصرية بنفسه. أثار وصفه لما يسمى شارع أبوالهول في سقارة والسرابيوم الغامض، الذي كان الوصول إليه شبه مستحيل، اهتمام مارييت، فقرر إلقاء نظرة في الجزء الشمالي المغطى بالكثبان الرملية من سقارة. وكانت هذه هي الخطوة الصائبة، إذ سرعان ما عثر على أبوالهول صغير مدفوناً جزئياً في الرمال، تمهيداً للشارع الشهير المؤدي إلى السيرابيوم .

نظراً للمنافسة المحتدمة مع علماء الآثار الإنجليز، الذين كانوا يسابقون نظراءهم حتى قبل الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1881، لم يكن هناك وقت عند مارييت ليضيعه، وهكذا كما كان يحب أن يروي “في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1850، خلال أحد أجمل شروقات الشمس التي رأيتها في مصر مع مجموعة من 30 رجلاً يعملون تحت إمرتي قرب تمثال أبوالهول الصغير”. ووجد مع مرور الأيام نحو 100 من هذه التماثيل الصغيرة لأبوالهول على جانبي شارع، وبدأ يتشكل أمام عينيه ممر علوي يمثل طريقاً مقدساً يؤدي إلى مكان مهم .

سرعان ما وصل مارييت إلى وصفه بفناء من أطلال معبد صغير. هناك وجد التمثال الشهير للكاتب الجالس، الموجود الآن في متحف اللوفر، وتمثالاً للإله بس الذي يعني “البدء أو الولادة ويمثل في صورة قزم منتفخ الوجنتين وكان شكله القبيح يهدم فكرة طرد الأرواح الشريرة”.

في النهاية وفي 12 نوفمبر 1851، بعد عام واحد فقط، وبسبب أطنان الرمال التي كان من المقرر نقلها، وجد في الأسفل المدخل الحقيقي لسراديب الموتى في السيرابيوم. واضطر مارييت إلى استخدام المتفجرات لاحتراق صخرة المدخل المختوم، ثم دخل إلى رواق طويل يحوي كوات عليها شواهد و24 غرفة جانبية تشبه التجاويف، تحوي كل منها تابوتاً ضخماً من الجرانيت الداكن.

لم تكن هذه التوابيت قريبة من الحجم البشري، حيث كان على المرء أن يصعد سلماً من ثماني درجات كاملة في الأقل للوصول إلى القمة، ويبلغ طول كل تابوت، المنحوت من كتلة واحدة من الجرانيت أربعة أمتار، وعرضه 2.30 متر، وارتفاعه 3.30 متر، ويزن حوالى 80 طناً .

حينها لم تكن كلمة تكنولوجيا شائعة أو ذائعة في ذلك التوقيت، لكن حكماً، كان السؤال الذي طرحه مارييت في ذلك الوقت، “أي عقل أبدع هذه التوابيت، وبأية أدوات أو آليات بشرية، تم نحتها على هذا الشكل الهائل الإبداع؟”

توابيت حجرية وأسئلة من دون إجابات

في مذكراته يكتب مارييت أن ما وصل إليه من كتابات ونقوش عن هذه التوابيت أنها لثيران أبيس المقدسة المحنطة من زمن الأسرة الـ26 (664- 524) قبل الميلاد حتى العصر البطلمي. لذلك من المفترض أن هذه التوابيت الضخمة كانت أوعية لجثث الثيران المحنطة التي في الحياة الواقعية لن يزيد ارتفاعها على متر و60 سنتيمتراً على الإطلاق، وكان وزنها كشخص بالغ حوالى طن في الأكثر.

هنا يبدو أن أقل ما يمكن قوله هو إن هذه التوابيت الجرانيتية كانت كبيرة الحجم مقارنة بمحتواها المفترض. بدا المشهد بالفعل غريباً للغاية، لا سيما أن مارييت وجد تلك التوابيت فارغة، ويقول إنني تحققت من ذلك بالفعل . يضيف في مذكراته، “إنني وجدت أغطية تلك التوابيت وجرى تحريكها، مما طرح تساؤلاً عما كان في داخلها، وهل هناك من قام بنهب محتوياتها؟”.

سوف يزداد الغموض لاحقاً عندما يواصل مارييت أعمال التنقيب، وفي العام التالي عثر على معارض أخرى يرجع تاريخها إلى عهد رمسيس الثاني (1279- 1212) قبل الميلاد، أي زمن الأسرة الـ19، ومن ثم أقدم هذه المرة .

احتوت تلك المعارض أو الفجوات على 28 مومياء للإله أبيس أي للثيران المحنطة، ولكن في كهوف صغيرة، وفي توابيت خشبية تطابق الحجم الفعلي لثور محنط. علاوة على ذلك كانت مومياوات الثيران تحنط دائماً في وضع الركوع مثل أبوالهول، التي كانت تشغل مساحة أقل .

طائفة هائلة من العلماء الفرنسيين مع نابليون فتحت العيون على تاريخ مصر الفرعونية القديمة (المقاولون العرب)

 

عثر مارييت على عدد من التوابيت الخشبية والحجرية صغيرة الحجم والثيران محنطة داخلها، مما فتح الباب لتساؤلات واسعة وأكثر إثارة عن التوابيت الـ24 الحجرية العملاقة، ذلك أنه لا يمكن أن تكون قد احتوت على ثيران محنطة بصورة اعتيادية، وربما عدم وجود ثيران فيها من الأصل، ذلك أنه لو أراد اللصوص تلك الثيران، لما كبدوا أنفسهم عناء ومشقة رفع أغطية من الجرانيت تزن أطناناً، مما يمثل عبئاً شاقاً وهائلاً في حين توجد منها ما هو سهل ومتاح الحصول عليه.

أعظم لغز بشري تحت الأرض

حين غادر مارييت عالمنا عام 1881، أي بعد حوالى 30 عاماً من اكتشافه لمعبد السيرابيوم، وتوابيته الحجرية الهائلة، كان السؤال الأهم، “ماذا وراء تلك التوابيت؟”. معلقاً في الهواء من دون جواب، مما فتح الباب واسعاً أمام كثير من التساؤلات الجوهرية عن ما هيتها وهويتها .

أحد أعظم الألغاز هو أن جميع التوابيت وجدت فارغة ومن غير أي بقايا تدل على ما كان بداخلها، بما في ذلك التابوت المختوم الوحيد الذي فتحه مارييت بالديناميت، مما ترك المؤرخين والأثريين في حيرة من أمرهم حتى الساعة حول الغرض الحقيقي منها .

يستشهد بعد المنظرين مثل كريستوفر دان الفرنسي الباحث في تكنولوجيا المصريين القدماء بالزوايا الهندسية الدقيقة ومهارة صنع التوابيت كدليل على فقدان التكنولوجيا المتقدمة التي كانت أبعد مما كان من الممكن أن يكون ممكناً في ذلك الوقت.

بالبحث يجد المرء كثيراً من النظريات المثيرة للجدل والتخمينية حول التوابيت، بما في ذلك استخدامها كبطاريات طاقة، أو محطات نقل عن بعد، أو حتى غرف شفاء، مما يشير إلى أنها ربما لم تستخدم لدفن الثيران على الإطلاق .

في مؤلفه الشيق والمثير كذلك للجدل “التقنية المفقودة في الحضارة المصرية”، يفتح لنا كريستوفر دان الباب للتساؤلات عن امتلاك المصريين القدماء لتقنيات تكنولوجية فائقة التقدم، لا علاقة لعالمنا المعاصر بها.

اعتمد كريستوفر في كتابه على ما يسمى الدقة الهندسية في الحضارة المصرية من خلال حساب الأضلاع، ولإثبات وجود تلك التقنية في السيرابيوم قام بقياس الزاوية الداخلية للتوابيت، فتفاجأ بأن الزاوية الداخلية صحيحة، ومنضبطة بدقة مذهلة لدرجة أنها لا تسمح بمرور الضوء إذا كان التابوت مغلقاً، وهو أمر لا يستطيع أي إنسان نحته بأدوات بدائية، هذا أمر مستحيل، لا يمكن تصور أن التقنية المستخدمة في نحت توابيت السيرابيوم العظيمة قد نحتت بالأيدي البشرية، وعليه يبقى السؤال، “إذا كان الفراعنة قد امتلكوا مثل تلك التقنية، فأين ذهبت، ولماذا لا يبدو أن هناك لها أثراً ما؟”.

الحديث عن هذه التوابيت، فتح الباب واسعاً مرة جديدة أمام التساؤل عن تلك المنطقة برمتها من أرض مصر، وهل لها علاقة بفكرة الطاقة الكونية؟

من قبل، وحين تعرضنا للعالم الصربي الشهير نيكولا تسلا، وجدنا أحاديث عن قناعاته، بأن الأهرام، هي مولدات للطاقة في الكرة الأرضية، وأن المسلات بدورها تلعب دوراً مكملاً، إذ تعد نواقل للطاقة عبر الأثير .

الآن يأتي الحديث عن تلك التوابيت الحجرية، التي يلفت الانتباه فيها دقة نحتها من الداخل وليس من الخارج فقط، وهي متعرجة من الخارج مما يدل على أن الداخل هو الأهم وليس الخارج، وإذا علمنا أن كل تابوت يتكون من قطعة صخر واحدة ضخمة، وأن سمك الجدار كبير، نستنتج أن هناك احتمالاً أن تكون هذه التوابيت صممت لتحمل الضغط العالي لسبب ما، وعليه فما الهدف من ذلك؟

هنا يعتقد البعض أن هذه التوابيت كانت تستخدم كبطاريات لتوليد الطاقة، إذ تحتاج إلى تحمل ضغط كبير، لكن هذه النظرية يُبطلها بعض العلماء لأن بعض التوابيت من الداخل كانت خشنة وغير مستوية، مما يدل على أن تصنيعها توقف فجأة نتيجة لأمر طارئ .

هل من سرديات أخرى لتفسير قصة تلك التوابيت التي بدأ العالم من جديد يهتم بروايتها ويحاول أن يجد لها تفسيراً علمياً بصورة تقنع العقل العصري الحداثي؟

التوابيت بين التخمير والخبز

يرفض كثير من الناس نظرية السيرابيوم كمعبد للدفن الاحتفالي أو الجنائزي في الأقل بالرواق الكبير للموقع حيث توجد التوابيت الكبيرة. لكن إن لم يكن ذلك، فما الغرض منه إذاً؟

هذا هو السؤال الذي يطرحه بعض علماء المصريات وليس من المستغرب أن يسمعوا “صوت صراصير الليل”، بعدما عجزوا عن إيجاد أية نظرية بديلة معقولة .

في هذا السياق يقدم أحدهم، رؤية تبدو عبثية أو مضحكة، لكن يمكن التوقف أمامها ومشاغبة فكرتها… ماذا عن ذلك؟ من المعروف أن المصريين ما قبل الأسرات عرفوا عملية التخمير. وبحلول عام 3 آلاف قبل الميلاد تقريباً، كانوا قد استخدموها لتخمير البيرة والخبز. ويشير بعض العلماء إلى أن العملية كانت معروفة حتى قبل ذلك .

كشفت الحفريات عن تاريخ من مراسيم الدفن والطقوس الدينية يمتد لأكثر من 3 آلاف عام (المقاولون العرب)

 

هل كانت التوابيت إذاً بمثابة مصانع لصناعة الجعة التي عُرف المصريون بتخميرها وشربها إلى درجة أن موسم تصنيعها كان يعد من الإجازات الرسمية في الدولة المصرية القديمة؟ المعروف علمياً أن توابيت الجرانيت مصنوعة بدقة عالية، وتتمتع بتفاوت في حدود ميكرون واحد، لذا فإن إغلاق الغطاء يجعلها محكمة الإغلاق. الجرانيت مادة غير مسامية، لذا يتسرب القليل من الغاز عبر الجدران. يزن الغطاء حوالى 30 طناً، لذا يجب أن يكون ضغط الغاز كبيراً قبل أن ينفتح. وتستمر العملية في ظل وجود التركيب الكيماوي للمواد داخل التابوت ودرجة الحرارة مناسبتين لنمو الخميرة.

لكن علمياً، هناك نقطة أخرى جديرة بالملاحظة وهي أنه لو فتح أحدهم غطاء تابوت السيرابيوم بعد آلاف السنين، فمن المرجح أنه لن يرى ما لم تستهلكه الخميرة قبل جفافها، وهنا لا بد أن تكون هناك بقية من عظام الثيران التي تستخدم دهونها لتوليد الخميرة .إلا أن حتى هذه البقايا، لم يجدها مارييت حين قام بتفجير أحد التوابيت، مما يعني أن اللغز لا يزال معلقاً حتى الساعة.

هل من خلاصة؟

لا تزال الأحاديث التي تحاول ربط الحضارة المصرية القديمة بسكان كوكب متقدم من خارج الأرض، أو أن المصريين القدماء بدورهم كانوا أحفاد حضارة متقدمة جداً مثل أطلانتس، قائمة وقادمة، وتحاول أن تلقي بكل الأمور غير الممكن تفسيرها على هذا الطرح. غير أنه وفي كل الأحوال ربما تكون العقود القادمة، عقود الذكاء الاصطناعي، وعالم ما بعد الإنسان البيولوجي، تحمل إمكانية الكشف عن الأسرار الغامضة التي عجز الشرق والغرب عن تفسيرها حتى الساعة.

المزيد عن: مصرفرنساالإنجليزنابليون بونابرتمعبدسقارةأبو الهولالذكاء الاصطناعي

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili