الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Home » شريف عبدالمجيد يصور أسباب الموت المتعددة في “صولو الخليفة”

شريف عبدالمجيد يصور أسباب الموت المتعددة في “صولو الخليفة”

by admin

قصص ترصد معالم الحي المتداعي وتقدم شخصياته التي تعيش أحوالاً من الاغتراب

اندبندنت عربية / محمد السيد إسماعيل 

ظلت وحدة المكان من السمات الأساسية في القصة القصيرة، وإن تم الخروج عليها كثيراً بعد نشأتها الأولى، وها هو شريف عبدالمجيد في مجموعته القصصية “صولو الخليفة” (دار بدائل)، يعود إلى هذه الوحدة المكانية حين يجعل من حي الخليفة، في قلب القاهرة، مكاناً رئيساً تدور فيه أحداث معظم قصص المجموعة. ويفسر السارد سبب تسميته بأنه كان مقر أحد خلفاء العصر المملوكي، ثم تحول – مع الزمن – إلى هذا الحي الشعبي المعروف، ما يعني أنه قد فقد هيبته القديمة.

ويبدو أن تيمة التحول هذه ظلت ملازمة للمكان، ففي قصة “عزف منفرد” يصور السارد مأساة “الأستاذ كمال”؛ مغني الكورال في فرقة الموسيقى العربية، وأشهر فنان في شارع الخليفة، حين بارت تجارته مع بدايات القرن الواحد والعشرين، بعد ظهور فرق المهرجانات. وكان تشييعه لأم كلثوم وعبدالحليم وعلي إسماعيل ومحمد فوزي، أشبه بألحان وداع مأساوية لما مثله هؤلاء من فن أصيل، وخاصة مع حقبة السبعينيات التي شهدت تحول الذوق المصري.

ولا شك أن هذا الموت المعنوي كان تمهيداً لموته الفيزيقي، فعندما “دقت الساعة معلنة تمام الثالثة بتوقيت القاهرة اكتشف الموظفون – يقصد موظفي مكتب البريد – أن الرجل الجالس على الكرسي فارق الحياة.

“الكاتب الكبير”

هذا المصير الذي انتهى إليه فنان حي الخليفة نجده أيضاً في قصة “ضيف على الهواء”؛ حين يحل أحد الكتاب ضيفاً على البرنامج الثقافي ليتحدث عن حقوق الكتاب في مصر، وعندما يقترب موعد التصوير يفاجأ الجميع بموته. وتبدو قصة “الكاتب الكبير” تفسيراً لحالة الكاتب الذي كان سيدافع عنه ضيف البرنامج الثقافي. فذلك الكاتب بعد أن تقدم به العمر، وأصبح يعاني تدبير أساسيات حياته، يفاجأ بحصوله على جائزة كبيرة، وعندما ذهب شخصان إليه لتسليمها له وجدا أن الشقة التي يعيش فيها تعكس بؤس حاله. وبعد تسليمه الجائزة يقوم ويفتح الباب كأنه يطردهما؛ “لشعوره الأكيد بأن كل ما حدث هو حلم سخيف”.

وفي قصة “الوصية” يربط السارد بين القهر والموت حين يصور حياة “سعاد” وأمها واضطرارهما للسكن في الطابق الأخير لبيت متهالك، لأنهما لا يستطيعان الحصول على مسكن آخر. فـ”سعاد” تعمل في مشغل لا تتقاضى منه سوى عائد بسيط، وحين تطلب صاحبة المشغل مساعدة الأم لها في أعمال البيت تفاجأ بموتها وكأنها تتخلص بهذا الموت من الفقر والمهانة.

المجموعة القصصية (دار بدائل)

وفي قصة “في مسألة التوك توك” تظل الأم صابرة على خلافات أبنائها حتى يتفقوا على الصلح، فيفاجئهم سقوطها على الأرض في غيبوبة سكري جديدة. وهي نهاية مفتوحة وإن كانت ترشح هي الأخرى لقدر الموت الذي يطارد الجميع. وهو ما نجده في قصة “سماعي” التي تحكي عن “الأسطى ربيع النجار”؛ أشهر نجوم “سوق الجمعة”، والذي تخصص في صنع “غيّات” الحمام، ونسي بسبب انشغاله بهذه الهواية أمر الزواج وأسقطه من حساباته. اكتشف أصدقاؤه موته وقرروا أن يدفنوه في اليوم التالي في قريته، منفذين الجزء الأهم من وصيته، وهو أن يخرجوا الحمام كله من “الغيّة” لو حدث له مكروه، لكي يطير إلى صاحب النصيب وكأنه هديته الأخيرة إلى العالم بعد موته.

اغتراب الإنسان

ويلمح الكاتب إلى نوع آخر من الموت، ويعني به اغتراب الإنسان، بسبب معتقداته، عن العصر الحديث. ويمثل “عادل غريب” في قصة “فيديو قديم” هذا النموذج، حيث كان يرغب – قبل سجنه – في “حماية المجتمع من الرذيلة المتمثلة في المساخر التي يرونها في أشرطة الفيديو”. ويزداد اغترابه بعد خروجه من السجن عندما يرى الأطباق اللاقطة فوق كل بيت، ويتساءل في حسرة: “كيف صار الفسق والفجور في كل مكان هكذا؟”. ويرى أن سنوات الكفاح من أجل “الدين”، قد ضاعت هباءً، فيتخذ قراره بأن يواصل “الجهاد ومحاربة الطواغيت” في سوريا وسيناء وبورما وأفغانستان. إننا أمام حالة من الاغتراب يرى صاحبها كل جديد ضلالاً تنبغي محاربته.

وعلى العكس من ذلك، نجد نموذج “سلمى”؛ إحدى فتيات “جمعية الوفاء والأمل لرعاية الكفيفات”. هذه الفتاة التي تعلمت مع زميلاتها العزف، يقرر سارد القصة كتابة فيلم تسجيلي عنها بعنوان “في العتمة نور”.

ولا يقتصر التحول وملاحقة الموت على شخصيات المجموعة فحسب، بل يمتد إلى الأماكن كما حدث – مثلاً – لـ”سينما الهلال” التي يتلفت السارد حوله باحثاً عنها، فلا يجد لها أثراً في تلك الأرض المهجورة، والتي يعرف من عامل المقهى أن هناك مشروعاً لإقامة مركز تجاري لبيع الملابس المستوردة من الصين فوقها. ويستمر هذا التحول ليشمل الشارع كله، وهو ما يلاحظه بطل قصة “العشرة جنيه”؛ حين يقول: “لأول مرة أكتشف أن شارع الخليفة تغير كثيراً، وأنني تقريباً لا أعرف أحداً فيه، فمعظم من كنت أعرفهم تركوا المكان”.

سباق الخيل

ينسحب هذا الغياب الذي يتوازى مع الموت إلى بعض الهوايات القديمة التي ارتبطت بالعصر الملكي في مصر وطبقة الباشوات، وانقرضت مع ثورة يوليو، ومنها متابعة سباقات الخيل. وقد وصل هوس سارد قصة “السبق” بهذه الهواية حد الرهان على كل الخيول، قبل أن يترك المكان من دون أن يعرف أي حصان بالضبط سيفوز. وكأنه يشبع رغبته في الفوز دون أن ينتظر الجائزة، مكتفياً بالخروج من مضمار السباق “بينما صوت الخيول وجريها ما زال يتناهى إلى سمعه”.

وفي قصة “كريشندو وسيد روسيا” يتحدث السارد عن انهيار عصر “الفتونة” بقيمه القديمة، مفسحاً المجال لبلطجة يتضافر الأهالي والشرطة للخلاص منها. وفي قصة “توك شو” يتداخل التمثيل والحقيقة حين يستضيف أحد البرامج طبيباً متخصصاً في مرض السرطان، وكان عمل بطلة القصة أن تمثل – مع زملائها – دور الجمهور الذي يصفق بأوامر من المسؤول عنهم والبعيد عن الأضواء. ولأن والدة هذه الفتاة مريضة بالسرطان فقد ظلت تفكر “ماذا يمكن أن تفعل لتعبر الحائط الفاصل بين الجمهور وبين ضيف البرنامج والمذيعة؟”، لتطلب علاج أمها على نفقة الدولة. وحين تقوم بذلك بالفعل يتم طردها من الاستوديو وهي تبكي، بينما كانت المذيعة تتكلم عن “قلبها الطيب الذي سيجعلها تبحث عن الفتاة المندسة على البرنامج لتحاول مساعدتها وسط تصفيق الجماهير المتحمسة”.

تمتاز هذه المجموعة باستخدامها اللغة الدارجة في الحوار، ما جعله يتسم بالحيوية والتعبير عن واقع الحياة الشعبية، وتوظيف ما يمكن أن نسميه الكنايات الشعبية الشائعة، مثل قوله في قصة “ارتجال”: “العين بصيرة واليد قصيرة”، وهو مثل يضرب للكناية عن العجز. كما يتراوح السرد بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب، وهو ضمير نادر الاستخدام في السرد عموماً، ويدل على حرفية واضحة.

المزيد عن: قصص/قاص مصري/يوميات/حياة إجتماعية/تناقضات/شخصيات/سرد/فن القصة القصيرة

 

 

You may also like

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00