الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » شذى مصطفى تناقش الهوية الفلسطينية المنقسمة سرديا

شذى مصطفى تناقش الهوية الفلسطينية المنقسمة سرديا

by admin

البطلة الشابة تعيش صراع الداخل والخارج في رواية “ما تركت خلفي”

اندبندنت عربية / سلمان زين الدين 

“ما تركت خلفي” هي الرواية الأولى للكاتبة الفلسطينية الشّابّة شذى مصطفى (نوفل/ هاشيت أنطوان). ترصد فيها التَمَوضُعَ العلائقي لفتاة فلسطينية بين الأم والأب والحبيب والأصدقاء، وَتَنَقّلَها بين فلسطين ولبنان والسويد والفيليبين، خلال مدّة دراستها العمارة في الجامعة الأميركية في بيروت، لا سيما في عام 2017. والفتاة المرصودة هي راوية الرواية والشخصية المحورية فيها، وهي تتقاطع مع الروائية، في ثلاث نقاط، على الأقل، هي: الهوية ومكان الدراسة والكتابة، ما يُوهم بواقعية الرواية، من جهة، وَبِسِيَرِيَّتِها، من جهة ثانية. ولعلّ السؤال البديهي المركّب الذي يطرحه العنوان هو: ما الذي تركته الراوية/ الروائية خلفها؟ وكيف فعلت ذلك؟ والإجابة عن هذا السؤال المركّب هي موضوع هذه العجالة.

في وسط الرواية، تخاطب الراوية صديقها إسماعيل بالقول: “أتعرف متى كان اليوم الذي قرّرت فيه أن أكتب كل هذا يا إسماعيل؟ يومها خرجت من الصف بعدما قال لنا الأستاذ: “لمّا مننشر وسخنا، بينشف بالشمس”. عدت إلى المنزل. جلست إلى الطاولة، وبدأت بنشر أوجاعي” (ص 86). وفي نهاية الرواية، تقول لها أمّها: “لو أنني تمسّكت بكلّ شيء سيّء حصل لي، لما استطعت العيش. أنا بَكِبّ وبمشي يا بنتي”، فتجيبها: “أنا أيضاً بكتب وبمشي يا أمّي…” (ص 120). وهكذا، تكون الكتابة، من وجهة نظر الراوية، نشر الغسيل الموجع، والتخلّص من السَّيِّء. فهل هذا ما تركته خلفها الروائية؟

الرواية هي سيرة الراوية الذاتية، في علاقاتها بمن حولها، وهم الأب والأم والإخوة داخل فلسطين، والأصدقاء والحبيب خارجها. ولكلٍّ من هؤلاء موقعه النوعي والكمّي في الرواية الذي يتفاوت من شخصية إلى أخرى. في الداخل، تستأثر الأم بالموقع الأكبر، يليها الأب فالإخوة. في الخارج، يستأثر الحبيب بهذا الموقع يليه الأصدقاء. وبمعزل عن نوع الموقع وكمّه، نتساءل: ما هي طبيعة العلاقة التي تربط الراوية، واستطراداً الروائية، بكلٍّ من هؤلاء. وللإجابة عن هذا السؤال، لا بدّ من إضاءة إحصائية تشكّل مدخلاً مناسباً لها.

 مشاهد وشخصيات

تضع الكاتبة روايتها في مائتين وثلاثة وثلاثين مقطعاً أو مشهداً سردياًّ مرقّماً، من الرّقم واحد إلى الرقم أربعة، بحيث تضع لكلِّ شخصية رقماً خاصاً بها، يتكرّر هو نفسه بتكرار المشاهد العائدة لها.  يتراوح طول المقطع / المشهد بين سطرٍ واحدٍ ونصف السطر، في الحدّ الأدنى، وثمانيةٍ وعشرين سطراً ونصف السطر، في الحدّ الأقصى. وتتوزّع على شخوص الرواية بعدد: خمسةٍ وخمسين مشهداً للأم، ، ثمانيةٍ وأربعين مشهداً للأب، تسعةٍ وثلاثين مشهداً للأصدقاء، وواحدٍ وتسعين مشهداً للحبيب. وبذلك، يستأثر الحبيب بحصّة الأسد من النص، يليه الأم، فالأب، فالأصدقاء. وبكلمة أخرى، تتقدّم علاقة الحب على العلاقة الأسرية التي تتقدّم، بدورها، على علاقة الصداقة، من الناحية الكمّية، على الأقل.

رواية الفلسطينية شذى مصطفى (دار النشر)

بالعودة إلى نوعية العلاقات بين الرواية وكلٍّ من الفئات المذكورة، نشير إلى أنّها مشوبة باهتزازات تبلغ حدّ التصدّع، في بعض الأحيان، وخاضعة لمتغيّرات ترتبط بتقدّم العمر، من جهة، وزيادة الوعي، من جهة ثانية.

العلاقة مع الأم، تقوم، من جهة الراوية، على محبّتها، والخوف منها، والتعاطف معها، ولومها على زواجها، وإحساسها بالذنب، جرّاء موقفها منها، في مرحلة لاحقة. وتقوم، من جهة الأم، على التضحية في سبيل أولادها، والصرامة في تربيتهم، وتقديمهم على نفسها.

العلاقة مع الأب يكتنفها الكثير من عدم الفهم؛ هي تُحمّله مسؤولية تفكّك الأسرة بطلاق أمّها والزواج من أخرى، وتأخذ عليه عدم اهتمامه بالأسرة، وعدم التعبير عن مشاعره، وعدم مشاركتها في مناسباتها السعيدة. ولا تتورّع عن وصفه بالحقارة والانقطاع عن زيارته. وهو ضحية الأسر الذي تعرّض له ما أفقده التوازن، وجعله يعنّف زوجته، لا يتقن التعبير عن مشاعره، يقدّم رغباته على مصلحة الأسرة، ما يؤدي إلى تفكّكها.

اقرأ المزيد

أصدقاء الخارج

العلاقة مع الأصدقاء تتمّ خارج فلسطين، خلال دراسة الراوية في الجامعة الأميركية في بيروت. والأصدقاء هم زملاء الدراسة: إسماعيل ودنيا وناي. ويكون لكلٍّ منهم دوره في دعم الراوية، والوقوف إلى جانبها، والأخذ بيدها. الأوّل يهتم بها كجدّتها ويحنو عليها. الثانية تُخرجها من عالمها القديم، وتُشجّعها على الانخراط في آخر جديد، فترتاد معها الحانات وتشرب الكحول، وتساعدها على الخروج من أزمتها العاطفية، على الرغم من أن الراوية سبق أن أساءت إليها، حين سرقت منها فكرة التدرّب لدى مكتب معماري في هولندا، ونافستها على المركز، وحصلت عليه دونها. الثالثة ناي تشاطرها غربتها الاجتماعية، وتشكّل بديلاً لدنيا التي ابتعدت عنها، غير أنها لا تقوم بتحذيرها من مآل علاقتها العاطفية، على الرغم من مرورها بتجربة مشابهة. وهكذا، يمكن القول إن ما شاب علاقة الراوية بأصدقائها تتحمّل مسؤوليته هي لا الأصدقاء.

على أن العلاقة المحورية في الرواية هي علاقة الحب التي انخرطت فيها الراوية، خلال سفرها إلى السويد، لبضعة أشهر من عام 2017، في إطار تبادل طلابي بين الجامعة الأميركية وجامعة لوند السويدية، تخلّلته رحلةٌ دراسية إلى الفيليبين، لثلاثة أسابيع. فشكّل السفر، والرحلة التي تخلّلته، مناسبة للتعرّف إلى طالب سويدي، وولادة علاقة بينهما راحت تنمو شيئاً فشيئاً، حتى بلغت شأواً متقدّماً، تبادلا فيه الأحلام والوعود، وانخرطا في علاقة جنسية فقدت فيها عذريّتها طوعاً، بذريعة تحلّلها من القيم القديمة التي تقدّس العذرية وتفاعلها مع أخرى جديدة تعرّفت إليها في الجامعة، ولم تَحُلْ معرفتها بوجود حبيبة سابقة لحبيبها يفكّر بالعودة إليها دون استمرارها في العلاقة معه، على أمل تخلّيه عن تلك والارتباط بها هي، فيلحق بها إلى بيروت، بعد بضعة أشهر من عودتها إليها، ليتفقا في ما بعد على الفراق من دون التخلّي عن فكرة إمكانية اللقاء مجدّداً. والمفارقة، هنا، أنّه على الرّغم ممّا فعله بها، بقيت تحبّه وتفكّر فيه، ولم تغضب منه، ولم تندم على فعلتها، ولم تنتقم منه، ولم تثأر لكرامتها الجريحة. بل عمدت إلى الاستعانة بأصدقائها، وبالكتابة إليه، وكتابة حكايتها، لكي تتحرّر من سجن الحب الذي وضعها فيه، الأمر الذي يطرح مسألة بناء الشخصية الروائية على المحك، ويطيح بما أوهمتنا به الكاتبة من واقعية. فَتَخَلّي الراوية التي نشأت في مجتمع محافظ عن عذريّتها من دون أدنى وازع من تربيتها، وانخراطها في علاقة جنسية متمادية مع الآخر الآتي من منظومةٍ قِيَمِيَّة مختلفة، وقبولها بوجود شريكة لها في العلاقة، وعدم انتفاضها على النكوث بوعوده البرّاقة، واستقباله في بيروت بعد عودتها، واستمرارها في حبّه رغم ذلك كلّه، لهي أمور تنتقص من واقعية الشخصية، وتطيح بشرقيّتها، مع العلم أنّه حتى الشخصية الغربية لا تقبل بمثل هذه السلوكيات. على أيّ حال، لعلّ تعثّر البدايات هو ما يبرّر للكاتبة بناءها.

في الخطاب الروائي، تستخدم مصطفى تقنية الراوي المشارك، وهي تقنية تناسب رواية الشخصية، فتمنحها حق الكلام وحريّة التعبير الذي يلامس الجرأة في انتهاك المحظور الجنسي، بغضّ النظر عن عدم التناسب بين الكلام وهويّة المتكلّم. على أن الجديد في لغة الراوية هو استخدامها صيغة المخاطب في التعبير، فيبدو كأنّ المرويَّ له بين يديها، سواءٌ أكان أماً أو أباً أو صديقاً أو حبيباً، ويصبح الروي نوعاً من التفريغ النفسي للأوجاع، والنشر للغسيل السَّيِّء، ما يخرج الراوية من حالتها النفسية. وهنا، لا بد من الإشارة إلى تلقائية الروي ومباشرته بعيداً من الافتعال والاصطناع، الأمر الذي ينسجم مع عملية التفريغ المذكورة. ولعل الجديد الآخر الذي تقدم عليه الكاتبة هو قيامها بتقسيم الرواية إلى مشاهد سردية بينما الغالب في الرواية العربية تقسيمها إلى وحدات تشتمل الواحدة منها على مجموعة من المشاهد السردية، وقيامها بترقيم هذه المشاهد تبعاً للشخصية التي تدور حولها، وهو ما مكّننا من القيام بعملية إحصائية تجعل مقاربتنا النص مقاربة علمية. على أنّ الانتقال من مشهد إلى آخر لا يخضع لمعايير واضحة، فهو قد يتم وفقاً لحساسيّة الروائية، وقد يكون مجّانياًّ من دون وجود علاقة مباشرة بين المشهد والآخر، ما يدفع بنا إلى الاستنتاج أننا إزاء خطاب روائي حديث، يناسب الحكاية التي يقدّمها.

المزيد عن: فلسطين/رواية/الهوية/الصراع/قضية الشباب/شذى مصطفى/رواية ما تركت خلفي

 

 

You may also like

24 comments

Letha 11 أغسطس، 2020 - 11:15 ص

This is the right webpage for anyone who really wants to
find out about this topic. You realize so much its almost tough to argue with you
(not that I really will need to…HaHa). You definitely put a new spin on a
topic which has been written about for decades. Great stuff, just excellent!

My page – best web hosting sites

Reply
Andreas 24 أغسطس، 2020 - 2:55 ص

I think this is one of the most important information for me.
And i am glad reading your article. But wanna remark on some general
things, The website style is great, the articles is really great : D.
Good job, cheers

Also visit my web page; cheap flights

Reply
Katrina 25 أغسطس، 2020 - 5:36 م

Hello to all, for the reason that I am truly eager of reading this weblog’s post to be updated regularly.
It carries fastidious stuff. cheap flights 32hvAj4

Reply
Danilo 27 أغسطس، 2020 - 9:13 م

Fabulous, what a blog it is! This weblog gives helpful information to us,
keep it up.

my website – cheap flights

Reply
Leonard 28 أغسطس، 2020 - 8:42 ص

Hey! I know this is somewhat off topic but I was wondering which blog platform are you using for this website?

I’m getting fed up of Wordpress because I’ve had issues with hackers and I’m looking
at alternatives for another platform. I would be fantastic if you could
point me in the direction of a good platform.

My website … black mass

Reply
Kami 5 سبتمبر، 2020 - 3:44 ص

I love looking through an article that can make people think.
Also, many thanks for allowing for me to comment!

Also visit my page website host

Reply
Tinder dating site 24 يناير، 2021 - 4:19 م

tider , tinder dating app https://tinderdatingsiteus.com/

Reply
100% free dating sites no fees 1 فبراير، 2021 - 12:36 ص Reply
lovoo mitglieder 18 مايو، 2021 - 2:12 ص

lovoo du wurdest für diese aktion was ist mit lovoo los http://lovooeinloggen.com/

Reply
australia free dating site 20 مايو، 2021 - 3:26 م

100 free filipina dating sites
free dating sites for bikers http://freedatingfreetst.com/

Reply
Adult dating site 20 مايو، 2021 - 3:34 م

best real adult dating site
hacked adult sim dating games http://freeadultdatingusus.com/

Reply
adult dating online 16 يونيو، 2021 - 4:09 م

Many thanks! It is an amazing webpage. https://datingsitesfirst.com/

Reply
facebook dating review 17 يونيو، 2021 - 2:19 م

Many thanks really handy. Will certainly share site with my buddies. https://datingonlinecome.com/

Reply
free dating site in usa 22 يونيو، 2021 - 1:11 ص

Many thanks, this website is very practical. https://onlinedatingtwo.com/

Reply
asian dating 22 يونيو، 2021 - 2:25 ص

I enjoy the information on your site. With thanks. https://onlinedatinglook.com/

Reply
avril lavigne dating 22 يونيو، 2021 - 7:25 ص

Wow cuz this is excellent job! Congrats and keep it up. https://datingsitesover.com/

Reply
diet doctor keto recipes 24 يونيو، 2021 - 3:01 م

You have got great thing here. http://ketodietione.com/

Reply
keto cereal walmart 24 يونيو، 2021 - 11:13 م

Wow, gorgeous website. Thnx … https://ketorecipesnew.com/

Reply
keto diet eggs 25 يونيو، 2021 - 5:51 ص

Thanks regarding supplying many of these very good posting. https://ketodietplanus.com/

Reply
my ps4 games 23 أغسطس، 2021 - 12:01 ص

You’re so awesome! I don’t suppose I have read
through anything like that before. So great to find somebody with a few original thoughts on this topic.
Really.. many thanks for starting this up. This site is something that’s needed on the internet, someone with a bit of originality!

Reply
ps4 games on 23 أغسطس، 2021 - 9:54 ص

Hello to every body, it’s my first pay a quick visit of
this weblog; this web site consists of amazing and really excellent material for visitors.

Reply
ps4 games is 24 أغسطس، 2021 - 3:38 م

That is really attention-grabbing, You are an excessively
professional blogger. I have joined your rss feed and look forward to looking for extra of
your fantastic post. Additionally, I’ve shared your site in my social networks

Reply
tracfone special coupon 2022 29 نوفمبر، 2022 - 8:16 م

Great post however , I was wondering if you could write a litte more
on this topic? I’d be very grateful if you could elaborate a little bit further.
Kudos!

my web-site; tracfone special coupon 2022

Reply
tracfone special coupon 2022 3 ديسمبر، 2022 - 6:39 ص

Neat blog! Is your theme custom made or did you download it from somewhere?
A theme like yours with a few simple adjustements would really make my blog shine.
Please let me know where you got your design. Cheers

My web page; tracfone special coupon 2022

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00