هذه الحرف تتجاوز كونها علامة على تاريخ وحضارة المغرب إلى كونها مورد رزق لملايين الأشخاص (وكالة الأنباء المغربية) ثقافة و فنون شباب المغرب يحتشدون لإنقاذ الحرف التقليدية by admin 14 فبراير، 2025 written by admin 14 فبراير، 2025 24 مبادرة لتدريب 30 ألفاً على أيدي حرفيين مهرة في دباغة الجلود وصناعة الحصير والنقش على النحاس اندبندنت عربية / حسن الأشرف صحافي وكاتب باعتراف حكومي صريح يواجه عدد من الحرف التقليدية في المغرب خطر الاندثار والانقراض، من بينها دباغة الجلود، وصناعة الحصير، وحرفة “تالبادت”، والنقش على النحاس، وحرف تقليدية أخرى. الحكومة المغربية أقرت في شخص لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، باحتضار حرف تقليدية جراء تداعيات المنافسة والعصرنة وانقطاع الصلة بين الأجيال، مما دفع الحكومة إلى تجريب مبادرة “الكنوز الحرفية” لتدريب الشباب، وحمل المشعل من جيل الرواد والكبار “المعلمين” إلى جيل الشباب الواعد. ناقوس الخطر دق المسؤول الحكومي المغربي، وقبله وزراء سابقون في الصناعة التقليدية، ناقوس الخطر في شأن تعرض 16 حرفة تقليدية في البلاد للزوال والاندثار بعدما كانت في أعوام سابقة مهناً تقليدية وتراثية تشهد رواجاً تجارياً واجتماعياً لافتاً. وذكر السعدي قبل أيام خلت بعض هذه الحرف التقليدية المهددة بالاندثار، وهي الفخار والزليج التقليدي والأزياء التقليدية، غير أن هناك حرفاً أخرى أيضاً يتهددها المصير نفسه من قبيل حياكة النسيج وصناعة الحصير وصناعة اللباد ودباغة الجلود، وغيرها من الحرف والمهن العتيقة. دفع خطر اندثار تلك الحرف السلطة التنفيذية إلى إعلان أكبر تدريب في تاريخ المغرب يشمل إعداد 30 ألف شاب لتعلم الحرف التقليدية المهددة بالانقراض على أيدي الحرفيين المهنيين المهرة الذين يسمون مغربياً بـ”الصنايعية” أو “الحرايفية”. بدأت تشهد ركوداً وتراجعاً كاسحاً جعلها على عتبة الاندثار (وكالة الأنباء المغربية) وفق أرقام رسمية، استفاد أكثر من 50 ألف شاب مغربي خلال ثلاثة أعوام، ابتداءً من 2022، من تدريبات على الحرف التقليدية المهددة بالاندثار، بينما يرتقب أن يتدرب 30 ألفاً في فترة زمنية قريبة على إتقان هذه الحرف ومزاولتها صوناً لها من الانقراض. وتبعاً لتصريحات الوزير المكلف الصناعة التقليدية، فإن هذه الحرف التقليدية لا تحتاج إلى جهود كبيرة في التلقين، باعتبار أن “الحرف تنتقل من الجد إلى الأب ثم الابن”، مؤكداً أن “هذا القطاع يوفر فرصاً عدة للشغل، إذ يشكل مورد رزق لزهاء 2.7 مليون شخص، مما يتطلب توفير برامج التكوين، والحصول على التمويل المناسب والمواد الأولية وغيرها”. سائرة إلى الزوال من أبرز الحرف التقليدية الآيلة إلى الانقراض والاندثار في المغرب مهنة دباغة الجلود المشتهرة على وجه الخصوص بمدينة فاس (وسط البلاد)، وأيضاً مراكش (جنوب)، التي صارت قريبة من الزوال بعدما كانت حرفة تقليدية تملأ الدنيا بألوان زاهية تزين المنتجات الجلدية ويقبل عليها الزبناء والسياح على السواء. وتعتمد حرفة الدباغة على تدوير جلود الماشية من أغنام وماعز تُشترى من الجزارين لـ”رقدها” في أحواض دائرية مليئة بألوان صباغية من أحمر وأزرق وغيرهما تستخرج أساساً من قشور الرمان أو الزعفران أو الحناء ومواد تقليدية أخرى، قبل أن ينظفها الحرفيون ويرمونها في الجفان للدبغ. حرفة الخزف والفخار بدورها لم تسلم من أخطار الاندثار بعدما عمرت آلاف الأعوام في حقب تاريخية غابرة، وتأثرت بالحضارة الرومانية والفينيقية والحضارة الإسلامية والأندلسية على وجه الخصوص، لتزيدها الخصوصية المغربية إبداعات حرفية وتراثية جميلة. واشتهرت في وقت مضى مدن مغربية مثل آسفي وسلا وفاس باحتضان هذه الحرفة التراثية على مر الأعوام، غير أنها بدأت تشهد ركوداً وتراجعاً كاسحاً جعلها تقف على عتبة الاندثار، لولا محاولات ما تبقى من الحرفيين و”المعلمين” الذين لا يزالون يحملون مشعل هذه الحرفة، التي تتيح استخدام الفخار في أواني الطهي والتخزين والزينة وحتى التماثيل والأكسسوارات الطينية. المصير نفسه تعرفه حرفة صناعة الحصير التقليدي بالمغرب، وهي حرفة عريقة جداً تعود إلى عصر الفتوحات الإسلامية، غير أنها ازدهرت بالخصوص إبان قوة الحضارة الأندلسية، حين كانت المساجد تتزين بهذا النوع من الحصير، واستمرت الحرفة في “الحياة” قروناً عدة إلى أن أضحت حالياً تقترب من الاحتضار التام. وفي وقت تعرف مناطق مثل الحوز ودكالة وشياظمة وسوس محاولات لإنقاذ هذه الحرفة من عوامل الاندثار، فإن الغالب هو توجه الناس نحو الفرش الصناعية الحديثة، ومنها المصنوعة من البلاستيك، وعلى وجه الخصوص الزرابي، بدل استعمال حصائر “الدوم” التقليدية. تواصل الأجيال تحكي الأيام الخوالي كيف كانت حرفة الدباغة بمدينة فاس شاهدة على الإشعاع والازدهار لحقب عدة من الزمن، حتى إنها كانت “تمثل صناعة أساساً ومحوراً محركاً اقتصادياً في المدينة، ووصلت قديماً بفضل جودتها العالية إلى عدد من المراكز التجارية في أفريقيا وأوروبا والعالم الإسلامي”، وفق الكاتب المهتم بشؤون فاس إدريس الجاي. هذه الحرفة، تبعاً للجاي، “كانت مهنة ثرية، وكان الناس يطلقون على دار الدبغ (ورشات الدباغة) اسم (دار الذهب) بفضل ما كانت تدر على ممتهنيها من أرباح مالية وفيرة، غير أنها اليوم صارت إلى الاحتضار أقرب منها إلى الحياة”. هذا القطاع يشكل مورد رزق لزهاء 2.7 مليون شخص (وكالة الأنباء المغربية) في هذا الصدد يقول “معلم الدباغة” عبدالله الدبايغي، وهو حرفي يعمل بدار الدبغ “شوارة” بمدينة فاس، إن هذه الحرفة التي كانت دجاجة تبيض ذهباً بفضل ما تأتي به الجلود الفائقة الجودة من مكاسب، صارت “ديكاً يتيماً” وفق تعبيره، بسبب قلة المداخيل المادية التي تدرها في الأعوام الأخيرة. وعزا الرجل الوضعية الحالية لحرفة الدباغة وغيرها من الحرف التقليدية التي تعتمد على المجهود اليدوي، إلى منافسة الآلات الحديثة، وأيضاً إلى نفور الناس من منتجات الدباغة وتفضيلهم المنتجات العصرية. وزاد عاملاً آخر يفسر احتضار هذه الحرف، يتمثل في انقطاع الصلة بين الجيلين القديم والجديد في تعلم وتلقين المهنة، مبرزاً أن “الشباب صاروا يرفضون العمل في هذه الحرف كونها شاقة تتطلب مجهوداً بدنياً كبيراً من دون الحصول على مداخيل مالية تناسب ما يُبذل”. من يعيد الاعتبار؟ تلتقط الباحثة السوسيولوجية ابتسام العوفير خيط الحديث من حرفي الدباغة، وتؤكد “أهمية نقل هذه الحرف التقليدية اليدوية من جيل الآباء إلى الأبناء”، مشددة على أنه “لا يمكن إجبار الأجيال الجديدة على تعلم ومزاولة هذه الحرف من دون قيام السلطات المعنية بتثمينها والعناية بالحرفيين اجتماعياً ومعنوياً ومادياً”. وخلصت العوفير إلى أن هذه الحرف تتجاوز كونها مهناً تقليدية وتراثية تدل على تاريخ وحضارة المغرب العريقة، إلى كونها مورد رزق اقتصادياً ومعيلاً اجتماعياً لملايين الأشخاص، مما يحتم ضرورة انتشالها من حافة الاندثار بإجراءات حكومية عاجلة تعيد الاعتبار لها ولمزاوليها. المزيد عن: المغربالحرف التقليديةدباغة الجلودالنقش على النحاسإحياء التراثالحضارة الإسلامية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الريفلكسولوجي… علاج تقليدي لأصل المرض next post خدام: ماهر الأسد خدع رفيق الحريري قبل اغتياله… فطلبت منه مغادرة لبنان (3 من 3) You may also like تنيسي ويليامز يستعير شخصياته من حياته ورؤاه 14 فبراير، 2025 أسفار ويوميات ومخطوطات تحصد جوائز ابن بطوطة 14 فبراير، 2025 عبده وازن يكتب عن: وزارة الثقافة اللبنانية المنهارة... 14 فبراير، 2025 أسامة منزلجي المترجم الذي أسس مشروعا شاملا 13 فبراير، 2025 المفكر رولان غوري: تفكيك الحضارة منطق جديد للهيمنة 13 فبراير، 2025 شابلن بدأ مشروعه بشرائط قصيرة تسخر من السينما 13 فبراير، 2025 الفيلم الفرنسي “الجدار الرابع”: بيروت 1982 في ظلال... 13 فبراير، 2025 الوحدة الأوروبية أجهضت قبل أن تولد مرة ثانية 13 فبراير، 2025 اتهامات مفبركة ضد كراوتيين مجنسين في “مسكوت عنه” 13 فبراير، 2025 تحويل منزل فيروز إلى متحف قريبا… صور ومقتنيات... 13 فبراير، 2025