غالباً ما يتحاشى مخرجو الغرب مثل هذه المواضيع على رغم مكانتها داخل السينما الهوليوودية (مواقع التواصل) ثقافة و فنون سينما الإبادة… شاشة أضاءها الموت by admin 28 يناير، 2024 written by admin 28 يناير، 2024 184 حاولت تقريب الكاميرا من جسد الإنسان ومواجعه كأنها تعيد إنتاج سردية بصرية تدين فداحة القتل الجماعي اندبندنت عربية / أشرف الحساني تضطلع السينما بدور خفي وساحر في فضح المجرمين بحق الإنسانية، فإن “الريبرتوار” السينمائي العالمي يحبل بصنوف شتى من الأفلام التي قاربت علاقة السينما بالإبادة، بل إن هذا الفن بدا للمشاهد وكأنه الوسيط البصري الأكثر قدرة على توضيح أفق هذه العلاقة، إذ رصدت الأفلام عدداً كبيراً من جرائم الاحتلال من زوايا نظر مختلفة. حاول المنجز السينمائي تقريب الكاميرا من جسد الإنسان وآلامه ومواجعه، بعد أن غدت الأفلام الغربية وكأنها تعيد إنتاج سردية بصرية تدين فداحة الاحتلال وويلاته، وحرصت هذه الأفلام على فتح الجرح أكثر من أجل توضيح الجرائم من زاويا متنوعة تتعلق بالسياسة والمجتمع والأخلاق والمواثيق الدولية وغيرها، مما يعني أننا أمام أفلام سينمائية متعددة المنطلقات وزاخرة بالمعالجات الفنية. وتوقفت الأفلام عند سياقات هذه الإبادات بين الفردية والجماعية أو التي تمت داخل حروب، وكشف الأسباب الدينية والاجتماعية والسياسية والعرقية التي قادت الاحتلال إلى الانتقام بتلك الطريقة. ونظراً إلى الحمولة البصرية المذهلة للسينما، استطاعت توثيق عشرات الإبادات في أفريقيا ورواندا وفلسطين وغيرها، على رغم أن السينما لم تستطِع أن تغير شيئاً داخل الأنظمة السياسية والميليشيات العسكرية والمؤسسات الدولية، لكونها لم تسهم في تغيير القوانين المتعلقة بالحروب والإبادة. كما أنها لم تدفع المؤسسات القانونية إلى محاسبة الجهات التي ارتكبت جرائم القتل والتنكيل والألم في حق الناس، مما يعني أننا أمام موضوع مركب يتخذ أبعاداً سياسية وقانونية وتاريخية وأيديولوجية وثقافية وغير ذلك. غياب الاهتمام النقدي أول ملاحظة يسجلها المرء حول علاقة السينما بالإبادة، أنها علاقة مركبة وتستدعي إحاطة شاملة وطويلة بتاريخ الفكر الإنساني، من أجل معرفة السياقات والوضعيات والأبعاد التي تحكم أواصر هذه العلاقة، مما يفسر السبب الحقيقي الذي يجعل النقاد ينفضون عن التفكير في هذه العلاقة، إذ لا توجد مؤلفات فكرية ودراسات أصيلة تشرح علاقة السينما بالإبادة، وتحاول عبر هذه الثنائية إعادة بناء أفق فكري لهذه الثنائية الضدية. ولعل غياب الاهتمام بتشريح “براديغم” الإبادة داخل المنجز السينمائي العربي، يفسر بعضاً من نمطية النقد السينمائي. فهذا النقد عملية فكرية تدعو إلى نوع من التنظير الفني قبل أن يكون تمريناً على قراءة الأفلام ورصد سياقاتها الجمالية، بل إن الناقد المجتهد له القدرة على تحصيل المعارف وتوليفها مع مشاهداته السينمائية. وهكذا تبدو الكتابة أصيلة في منطلقاتها التحليلية، وفي اختيارها لمواضيع ذات صبغة فكرية جدلية، كما هي الحال في علاقة السينما بالإبادة. إن التفكير في جوهر هذه العلاقة يدفع الناقد إلى الدخول في معرفة تاريخية بما يجعل نقده يكتسب بعداً فكرياً. “قتلة زهرة القمر” للمخرج الأميركي سكورسيزي أحد الأفلام الجديدة التي جعلت موضوع الإبادة يبرز إلى السطح (مواقع التواصل) وأغلب الظن أن سبب امتعاض الناقد لمجرد التفكير في هذه الجدلية القائمة مرتبط بالجانب التكويني، فيعتبر نفسه بحكم التخصص بعيداً من الموضوع، أو أن الموضوع يثير حساسيات كبيرة ليس للنقاد فقط، بل حتى للسينمائيين أنفسهم، بحكم أن المؤسسات المنتجة تمتلك رأياً مغايراً عن أفكار ومواقف المخرج تجاه فعل الإبادة. وغالباً ما يتحاشى المخرج الغربي مثل هذه المواضيع، على رغم المكانة التي تتنزلها داخل السينما الهوليوودية، باستثناء المخرجين الكبار ممن يمتلكون سلطة قوية على المنتج، فإنهم يخوضون دوماً مغامرة التجريب السينمائي وطرق مواضيع حساسة أكثر تجذراً في واقعهم وتاريخهم، كما هي الحال مع مارتن سكورسيزي وتيري جورج وياسميلا زابانيتش ودانيس تانوفيتش وغيرهم. بيد أن هذه الأفلام على حساسيتها السياسية، فإنها المفضلة عند النقاد وغالباً ما يدخلونها ضمن سينما المؤلف، الأصيلة في تفكيرها والمذهلة في التقاطها لتحولات الواقع والتاريخ والذاكرة. ولا تتطلب أفلام الإبادة دائماً إنتاجاً ضخماً لأن سر نجاحها يبقى رهيناً بأسلوب الكتابة وزاويتها، وإلى أي حد يستطيع المخرج القبض على روح التاريخ داخل صورة سينمائية متخيلة. إننا أمام سينما لا يمكن فصلها في مبادئها وتجلياتها عن السينما التي تعنى بـ”براديغم” التاريخ وأحداثه. أفلام مختلفة تعتبر سينما رواندا أكثر السينمات في العالم التي تصدت لموضوع الإبادة لأن تاريخ هذا البلد منطبع بذكرى إبادة جماعية عرفها خلال تسعينيات القرن الماضي، وانشغلت السينما بهذا الموضوع كثيراً وأعادت الاشتغال عليه من زوايا نظر مختلفة. وحظي الفيلم الروائي الطويل بنصيب الأسد من هذا الاشتغال، إذ تطالعنا مجموعة من الأعمال التي حصلت على جوائز عدة تطرقت إلى موضوع الإبادة، بحكم أن الفيلم الطويل يتوافر على إمكانات مذهلة للاشتغال على الحكاية، على رغم أن الفيلم الوثائقي بدا قريباً من الحدث وحساسيته لكون الصورة الوثائقية لها أبعاد توثيقية غير التي يطمح إليها الفيلم الروائي. عملت مخرجة “أين تذهبين يا عايدة؟” على تصويره وفق أسلوب واقعي لإظهار الإبادة من بعد مختلف (مواقع التواصل) في الفيلم البوسني “أين تذهبين يا عايدة؟” للمخرجة ياسميلا زبانيتش الذي تم ترشيحه لحفل جوائز “أوسكار” الـ93، تعمل المخرجة على رصد حكاية مترجمة في قوات حفظ السلام تحاول الحفاظ على حياة عائلتها وسط ملايين من المواطنين والعمل على حمايتهم خلال فترة الحرب بين البوسنة والهرسك عام 1995. عملت زبانيتش على تصوير الفيلم وفق أسلوب واقعي يحاول إظهار عامل الإبادة من منظر مختلف، بحيث ركزت على الأسلوب التراجيدي الذي عادة ما يطالعنا في أفلام الحروب، غير أنه مع تقدم الفيلم نفهم المقاربة البصرية المزدوجة التي اعتمدتها المخرجة، من خلال تصوير مأساة عايدة وجعلها تمثل تراجيديا البلد بصفة عامة. يعتبر فيلم “قتلة زهرة القمر” (2023) للمخرج الأميركي مارتن سكورسيزي، أحد الأفلام الجديدة التي جعلت موضوع الإبادة يبرز إلى السطح، فقد عمل المخرج في الفيلم الذي يقوم ببطولته كل من ليونادردو دي كابريو وروبرت دي نيرو وليلي غلادستون، على رصد حياة بعض أفراد قبيلة أوساج في منطقة أوكلاهوما خلال عشرينيات القرن الـ20. وهو فيلم يحكي عن الإبادة وقصة سرقة الأرض والحقوق من الأهالي. حقق الفيلم نسب مشاهدات عالية، فاعتبره النقاد أحد أهم أفلام سينما الإبادة، بينما ذهب آخرون إلى مقارنة ما حدث في الفيلم بما يحدث في غزة اليوم، إذ على رغم هول ما يعيشه القطاع الفلسطيني أمام أنظار العالم، لا يكاد المرء يعثر على أفلام تتناول الإبادة في العالم العربي، ما دام أن المخرجين العرب يعتبرون أن الاهتمام بالأحداث السياسية قريب في تشكلاته الفكرية من سينما الإبادة. المزيد عن: السينما العالميجرائم الإبادة الجماعيةكوسوفاالمخرجون العربأفريقيارواندافلسطينغزة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ما رؤية دول الخليج للأمن الإقليمي بعد تجدد الصراعات؟ next post هل تخفض مصر الجنيه إلى أسعار الدولار في السوق السوداء؟ You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024