بوابة معبر رفح الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة (اندبندنت عربية) عرب وعالم سيناء الرافضة التهجير تتحين لحظة الإعمار by admin 22 فبراير، 2025 written by admin 22 فبراير، 2025 25 زارت “اندبندنت عربية” معبر رفح في اليوم الأول لدخول المعدات الثقيلة إلى قطاع غزة اندبندنت عربية / أحمد الدعدر مسؤول تحرير اندبندنت عربية – مكتب القاهرة محمولاً على كتف والده، ظل ذلك الفتى الصغير قرب أحد الحواجز الأمنية المؤدية في نهايتها إلى معبر رفح، حيث نقطة التقاء الحدود المصرية مع قطاع غزة، يردد عبارة: “لا للتهجير ونعم لإعمار غزة إلى جانب أهلنا بها”، ظناً منه أن بإمكانه أن يوصل نداءه إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فيما يحثه والده وهو على جانب الطريق لرفع صوته ريثما يسمعه المارون أو الزائرون داخل مركباتهم وهم في طريقهم إلى المعبر الذي تتجه إليه أنظار العالم، حيث لحظات الانتظار الطويلة لدخول المساعدات الإنسانية ومعدات الإعمار. لم يعرف ذلك الفتى المصري هُوية من داخل المركبات، فقط يدرك والده أن زيارات كثيفة رسمية وغير رسمية، محلية وأجنبية، لتفقد أحوال المعبر تمر من ذلك الطريق، فحال المنطقة تبدّل كثيراً منذ إقرار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في مرحلته الأولى في الـ19 من يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك بعد أشهر من السكون خيمت على المكان على إثر إغلاق المعبر إبان سيطرة القوات الإسرائيلية على شقه الفلسطيني ومحور صلاح الدين (فيلادلفي) في مايو (أيار) 2024. إعمار ضد التهجير غير أن هذا التحول رغم ما أحياه من أمل بوقف الحرب الإسرائيلية المستعرة ضد فلسطينيي غزة وإعادة الإعمار، أشعل معه المخاوف من سيناريوهات التهجير التي يتمسّك الرئيس الأميركي بالمضي فيها قدماً، متعهداً “السيطرة على القطاع”، ونقل سكانه إلى مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان بشدة “خشية تصفية القضية الفلسطينية وصوناً لأمنهما القومي والعربي”. في الطريق إلى معبر رفح، لا حديث يعلو على “رفض التهجير والإصرار على إعادة الإعمار”، فالسيارات التي تمر إلى جوارنا غالبيتها تحمل عبارات تضامن مع الشعب الفلسطيني، على نحو جملة “فلسطين قضيتي” التي ازدان بها الزجاج الخلفي لإحدى السيارات الصغيرة. في إحدى الاستراحات التي تطل على الصحراء، يحكي العم جلال، صانع الشاي والقهوة للعابرين في الطريق، “يومياً تتدفق شاحنات الأغذية إلى معبر رفح من هنا، عيوننا اعتادت ذلك المشهد الذي يجعلنا نشعر بالأسى لما يحدث في غزة، خصوصاً حينما تتواتر الأنباء بأن تلك المساعدات في انتظار إذن السماح لها بالدخول”، مستدركاً “لكن المشهد الذي جعلنا نأمل خيراً بانتهاء الأزمة هو مرور الجرافات والبيوت المتنقلة والمعدات الثقيلة لإعمار غزة من دون تهجير، كما قالت مصر ويتمنى المصريون”. سائق شاحنة مصري ينتظر أمام معبر رفح للعبور إلى قطاع غزة (اندبندنت عربية) وبسؤاله عن التهجير وهل سيحدث؟ أجاب الرجل السبعيني، “منذ زمن ناصر (يقصد جمال عبدالناصر) ونحن نسمع عن مخطط تهجير الفلسطينيين إلى مصر مروراً بالسادات ومبارك، ولم تكتب لهذه الدعوات النجاح، مما يجعلنا نثق أن ذلك المخطط مصيره الفشل، وأن مصر لن تقبل به ولا تساوم على تراب أرضها”. لكن العجوز المصري تمنّى أن يصل صوته إلى العالم العربي لدعم مشروع الإعمار، لأنه “الخلاص الوحيد من مشروع التهجير الأميركي” كما يقول. الطريق إلى رفح لنحو ثماني ساعات من السفر ذهاباً وإياباً، خاضت “اندبندنت عربية” رحلة براً من وسط القاهرة إلى معبر رفح البري، ففي الخامسة فجراً كانت الانطلاقة والواحدة ظهراً كان زمن الوصول، تخللت الرحلة بين حينٍ وآخر أكمنة شديدة الحراسة، أحدها كمين “بالوظة” على طريق “العريش – القنطرة شرق” بمحافظة شمال سيناء، الذي دام الانتظار به ما يقارب 45 دقيقة، لحساسية المنطقة عموماً والموقف الراهن خصوصاً. ثماني ساعات جمعت بين نقيضي الحياة: اليابسة والماء، إذ الصحراء رفيقة المسافر إلى سيناء، فعن يمينك وشمالك صحراء مترامية الأطراف، تلمع بلون الذهب بعدما أسقطت الشمس عليها أشعتها فكشفت عن ملامحها التي تزينت بأشجار متفرقة من الزيتون، وبرجال يرتدون زياً بدوياً لا تخطئهم العين الشغوفة لرؤية المكان والتعرف إليه، وعلى حوافها تنتصب أعمدة كهرباء، وقبلها شواطئ العريش الهادئة المطلة على البحر المتوسط، وشاليهات يبدو أن لا ساكنين بها، منتظرة ضيوفها في صيف كل عام. يصف سائق أربعيني ما يفعله وبقية زملائه بـ”الواجب الوطني” (اندبندنت عربية) في الساعة الـ11 ظهراً الثلاثاء الماضي، وبينما يتبقى ساعتان على الوصول إلى المعبر تداولت أنباء بدء دخول جرافات مصرية وكرفانات (بيوت متنقلة) من تلك المنتظرة منذ أيام أمام المعبر إلى غزة لبدء عملية الإعمار، أعقبها فيديو تظهر فيه الجرافات تحمل علم مصر وهي تعبر إلى القطاع المنكوب، وهو ما أوحى أن المعبر يشهد حالاً من الانتشاء والحركة بدخول تلك المعدات الثقيلة التي لطالما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي عدم مرورها إلى القطاع. غير أن ذلك الإيحاء بالحركة تبدد ما إن وصلت الحافلة إلى المعبر، إذ يسود الصمت المكان، والأعين لا ترى سوى جرافات وبيوت متنقلة مصطفة بانتظام دقيق في انتظار السماح لها بالدخول، وبوابتا المعبر إحداهما مغلقة تماماً والأخرى نصفها مفتوح والآخر مغلق، وحواجز خرسانية بارتفاعات مختلفة تحجب رؤية الناظرين، ولا اختراق لذلك الصمت سوى “كلاكسات” شاحنات الأغذية معبرة عن نفسها في أثناء دخولها إلى القطاع عبر المعبر في خطوات تبدو شبه محفوظة لقائدي السيارات، مخلفة خلفها سحابة من التراب، على إثر نفيرها وهي تعبر إلى غزة عبر البوابة الحديدية. وينص اتفاق وقف إطلاق النار على إدخال معدات إلى غزة لإنشاء ما لا يقل عن 60 ألف منزل موقت و200 ألف خيمة إيواء، وذكرت مصر أن عدد الخيم التي وصلت إلى قطاع غزة من المعابر المصرية منذ بداية الهدنة وحتى الآن يتجاوز الـ20 ألف خيمة. الرغبة في الدخول إلى جانب عشرات وقد تكون مئات من الشاحنات والمعدات الثقيلة المنتظرة في الجانب المصري من معبر رفح، يقف السائقون المصريون وعينهم على الجانب الفلسطيني من المكان، تجمعهم حماسة العبور وصبر الانتظار، ينتظرون أمام المعبر منذ أيام عدة، آملين أن يسمح لهم بالدخول إلى غزة لإعادة إعمار القطاع المنكوب. سيناء الرافضة التهجير تتحين لحظة الإعمار مشيراً بيديه إلى بوابة المعبر المخصصة لعبور الشاحنات يقول السائق المصري عبدالرحمن محمد، “سنمر من هنا، وسندخل غزة لإعادة إعمارها”. ثمة شعور يجمع الحاضرين في المكان ألا وهو الرغبة في الدخول إلى القطاع، من دون أن يعلموا ما ينتظرهم بالداخل، يمتزج في هذا الشعور المساعدة في الإعمار وكذلك مساندة الغزيين، يكمل السائق “تركت أسرتي منذ 10 أيام، وجئت بالجرافة التي أعمل عليها، ومستعد أن أظلّ هنا ما تبقى من عمري إلى أن ندخل غزة ونعيد إعمارها، وأن يشعر الفلسطينيون أنهم ليسوا بمفردهم في محنتهم”. سائق أربعيني آخر من أعلى الجرافة ذات اللون الأصفر يتداخل في الحديث، واصفاً ما يفعله وبقية زملائه بـ”الواجب الوطني، الذي يقتضي فعله عدم الالتفات إلى أي شيء آخر، سوى تحقيق الهدف والدخول إلى غزة”، وبسؤاله عما إذا كان يعلم سيعبر إلى القطاع اليوم أو غداً، أجاب “لا أعلم، لكني واثق أنني سأدخل غزة وأعمّرها مهما طال الانتظار”، مؤكداً أن بلاده “مستعدة لإعادة الحياة إلى القطاع في عام واحد، ونسف فكرة التهجير”. يقف السائقون المصريون وعينهم على الجانب الفلسطيني من المكان (اندبندنت عربية) أثناء إعداده وجبة غدائه من المعلبات التي اختزنها داخل صندوق الشاحنة، يقول سائق مصري، “سيناء أرض مصرية، بُذلت من أجلها التضحيات وروت بدماء المصريين، والتفريط بها بمخطط التهجير أمر مرفوض”، موجهاً نظره ناحية بوابة المعبر وبصوت أعلى قال الرجل الخمسيني، الذي يمكث أمام المعبر منذ 15 يوماً، “راجعوا تاريخ هذه الأرض، وأنتم تعلمون مصير ما يحاك لتلك البقعة”، مؤكداً أن المصريين “لن يقبلوا بالتهجير ولن يعودوا إلى الوراء، ولن يتخلوا عن الفلسطينيين أيضاً في محنتهم”. الثقة التي تتملّك عموم السائقين المصريين من أمام المعبر رسّخها الموقف المصري الثابت والمعلن في وجه مخطط التهجير بإعادة إعمار غزة، بوصفه السبيل الوحيد لإجهاض تلك الفكرة، بعدما اعتزمت مصر طرح تصوّر متكامل لإعادة إعمار القطاع، بصورة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وبما يتسق مع الحقوق الشرعية والقانونية لهذا الشعب. ومنذ أسابيع تتحرك القاهرة بدعم عربي نحو طرح بديل لمقترح الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، القاضي ببسط السيطرة الأميركية على قطاع غزة لإعادة بنائه وتطويره، بعد تهجير سكانه إلى دول الجوار، مما أثار جوقة من الاستنكار والرفض الفلسطيني والعربي والدولي، إذ يرتكز الجهد المصري على ضرورة إعادة إعمار القطاع المدمر “دون تهجير أهله”. ويبقى حجم إعادة إعمار قطاع غزة وكلفتها السؤال الأكبر في معادلة استقرار المنطقة لضخامة الأموال المطلوبة، إذ تقول الأمم المتحدة إن نحو 70 في المئة من مباني غزة دمرت أو تضررت، بما فيها أكثر من 245 ألف وحدة سكنية، فضلاً عن تضرر نحو 70 في المئة من الأراضي الزراعية، في ما يعد الحرب “الحضرية” الأكثر تدميراً في التاريخ الحديث. رهان على الزمن في الأثناء ترافقت زيارة حقوقية للمنظمة العربية لحقوق الإنسان للمعبر تعبيراً عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني، يقول نائب رئيس مجلس المنظمة، عصام يونس، “يفترض أن اتفاق وقف إطلاق النار نصّ على السماح بدخول المساعدات وكذلك المعدات الثقيلة والبيوت المتنقلة، لكن ما يحدث أن عشرات الآلاف من أهالي غزة بلا مأوى حتى الآن، وفي انتظار دخول ما هو منصوص عليه”. ويشير يونس، في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، إلى أن إسرائيل “تراهن على الزمن لتمرير مخطط التهجير، فبعدما جعلت قطاع غزة غير صالح للحياة، بتدمير البنية التحتية والمستشفيات والجامعات، ودفعت الكتلة السكانية إلى مدينة رفح الفلسطينية جنوب القطاع، لإجبارها على الخروج إلى صحراء سيناء، اليوم تتلكأ في إدخال تلك المعدات والبيوت المتنقلة من أجل الهدف ذاته، وهو التهجير، لكن بوضع خطط أخرى منها ما يسمى التهجير الطوعي”، مشدداً على أهمية دخول “المعدات الثقيلة والبيوت المتنقلة، في الأقل لانتشال القتلى من الركام، وفتح شوارع القطاع وما إلى ذلك، وضرورة مقابلة التلكؤ الإسرائيلي في إدخال المعدات بإدانة دولية والضغط على الجانب الإسرائيلي للسماح بدخول المعدات الثقيلة وتهيئة القطاع لإعادة الإعمار”. ويلفت يونس إلى أن مشهد عودة عشرات الآلاف من الفلسطينيين من جنوب القطاع إلى شماله، بحثاً عن بيوتهم المدمرة، “يؤكد تمسُّك الأهالي بأراضيهم، وكذلك موقف الجانب المصري من رفض التهجير يؤكد أيضاً أن ذلك المخطط مصيره الفشل سواء كان طوعياً أو قسرياً”. يرفض سائق مصري مخطط التهجير قائلاً إن “سيناء أرض مصرية، بُذلت من أجلها التضحيات وروت بدماء المصريين” (اندبندنت عربية) وبحسب مراقبين فإنه بعد وقف إطلاق النار في غزة، لم يعد الفلسطينيون قادرين على التعرف إلى أحيائهم، بينما تعج الشوارع بالذخائر غير المنفجرة، مشيرين إلى أن إزالة نحو 50 مليون طن من الحطام الناتج من أشهر من القصف قد تستغرق أكثر من عقد من الزمن. ويقول الخبراء إن إعادة بناء غزة تحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات، وتقدر الأمم المتحدة أن استعادة اقتصاد القطاع إلى مستويات ما قبل الحرب سيستغرق 350 عاماً. وعلى يمين المعبر تصطف سيارات الإسعاف المصرية بلونها الأصفر في انتظار السماح لها بالدخول إلى القطاع، لنقل المصابين إلى مستشفى العريش العام، وفي المستشفى كانت لنا لقاءات مع جرحى ينالون الرعاية الطبية، تمنوا أن يعودوا إلى القطاع للوقوف في وجه التهجير، لا البقاء داخل الأراضي المصرية، نسردها في مقام آخر. ومنذ سريان الهدنة في الـ19 من يناير (كانون الثاني) الماضي، استقبلت مصر من معبر رفح 680 مصاباً ومريضاً، ومعهم 1850 مرافقاً. المزيد عن: سيناءفلسطينإسرائيلترمبغزةإعادة إعمار غزةمصرمعبر رفحقطاع غزةالمعدات الثقيلةشاحناتمنازل متنقلةأميركا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الجنوبيون في لبنان… عودة إلى ديار مفخخة next post يوسف بزي يكتب عن: الجنوبيون بعيدون جداً عن لبنان؟ You may also like الشيعة بين حزب الله وزعامة بري: متاهة التحولات 22 فبراير، 2025 يوسف بزي يكتب عن: الجنوبيون بعيدون جداً عن... 22 فبراير، 2025 الجنوبيون في لبنان… عودة إلى ديار مفخخة 22 فبراير، 2025 الأردن وإعادة ترتيب الأوراق بمواجهة داخلية وحزم إقليمي 22 فبراير، 2025 معادن أوكرانيا… ماذا نعرف عنها ولماذا يريدها ترمب؟ 22 فبراير، 2025 في إجراء “غير مسبوق”.. الإطاحة بعدد من قيادات... 22 فبراير، 2025 رياح القلق تتقاذف الأسد في صقيع منفاه بموسكو 20 فبراير، 2025 خطوط نتنياهو الحمر تصادر “اليوم التالي” مسبقا 20 فبراير، 2025 لماذا اعتذرت “بي بي سي” عن فيلم حول... 20 فبراير، 2025 حفتر وحكومة المركز… صراع السيطرة على النفط في... 20 فبراير، 2025