الجمعة, مايو 30, 2025
الجمعة, مايو 30, 2025
Home » “سويني يحتضر” تمرين إليوت الأولي على الكتابة المسرحية

“سويني يحتضر” تمرين إليوت الأولي على الكتابة المسرحية

by admin

 

لها مكانة خاصة عند النقاد والباحثين لكونها تكاد تلخص الذائقة الأدبية كما كانت سائدة لدى كبار الأدباء الإنجليز الأميركيين

 

اندبندنت عربية/ إبراهيم العريس باحث وكاتب

اليوم تعد مسرحية الكاتب الإنجليزي الأميركي تي. أس. إليوت “سويني يحتضر”، من علامات المسرح الشعري الإنجليزي خلال النصف الأول من القرن الـ20. ومع ذلك لم يتوانَ كاتبها وطوال حياته عن التأكيد مبتسماً بأنها لم تكن بالنسبة إليه أكثر من تمرين على خوض ذلك النوع من المسرح. وبأنه، لولا ضغط الأصدقاء ومن بينهم خاصة إزرا باوند وربما جيمس جويس لكان طواها وأودعها غياهب النسيان. وهي كانت بالتالي أول محاولة له لكتابة مسرحية شعرية، على رغم أنه لم يتمكن من إكمالها، حين شرع في خطها على الورق في عامي 1926 و1927. ومن المعروف أن إليوت نشر أول الأمر، مشهدين منفصلين من هذه المحاولة، ثم جمعهما عام 1932 في كتيب صغير بعنوان “معارضات سويني: شظايا من ميلودراما أريستوفانية”، على أمل أن يتمكن لاحقاً من دمجهما معاً في سياق عمل شعري متكامل فبقيتا على تلك الحال. وكثيراً ما بات هذان المشهدان يعرضان معاً في مسرحية من فصل واحد.

وتتوافر “معارضات سويني” حالياً مطبوعة ضمن مجموعة قصائد إليوت الكاملة: 1909-1962، وتحديداً ضمن فصول معنونة “قصائد غير مكتملة”، حيث يحمل المشهدان عنوانين منفصلين هما “شظية من مقدمة” و”شظية من آغون”. وتفيدنا سيرة اليوت وسيرة هذا العمل نقلاً عن الباحث كينلي روبي إلى أن إليوت بدأ كتابة مشهد “شظية من مقدمة” عام 1924، حين كتب إلى صديقه الكاتب أرنولد بينيت، موضحاً فكرته عن المسرحية غير المكتملة. ذكر أنه أراد “كتابة دراما عن الحياة العصرية (أشخاص يعيشون في شقق مفروشة) بنثر إيقاعي، ربما مع بعض التفاصيل التي تبرزها إيقاعات الطبول”. كما أشار روبي إلى أن أسلوب المسرحية غالباً ما يرتبط بإيقاع موسيقى الجاز، إضافة إلى “إيقاع الكلام الشائع في عصره”.

تي. إس. إليوت (1888 – 1965) (غيتي)

 

سويني ودوريس

إذاً، إذا كانت “المسرحية” كما استقرت في نهاية الأمر تحمل اسم سويني مجهزة إيانا لاحتضاره، فإن هذه الشخصية رغم كونها رئيسة لا تظهر إلا في المشهد الثاني، “شظية من صراع”، بيد أن علينا هنا أن نتذكر أن سويني كان قد سبق له أن ظهر مرات عدة في أدب اليوت، كما سيظهر لاحقاً في ذلك الأدب ونلتقيه تحديداً في نصوص اليوتية في أربع قصائد قبل “مواجهات سويني”: “سويني بين طيور العندليب” (1918)، و”قداس السيد إليوت لصباح الأحد” (1918)، و”سويني منتصب” (1919)، و”الأرض الخراب” (1922).

وعلى رغم أن سويني لا يظهر إلا لفترة وجيزة أو كشخصية رئيسة في القصائد ولا يتحدث مطلقاً، فإنه في “شظية من مواجهة” هو الشخصية الرئيسة التي تسند إليها الحوارات. وإلى سويني تتكون شخصيات “شظية من مقدمة” من فتاتي الهوى، دوريس وداستي اللتين يزورهما سام واكوب، وهو جندي سابق من قوة المشاة الكندية، الذي يقدم رفاقه في الحرب الذين اصطحبهم معه: السيد كليبستاين والسيد كرومباكر (رجلا أعمال أميركيان) والكابتن هورسفول. تظهر جميع هذه الشخصيات، إضافة إلى سويني، في قصيدة “شظية من عذاب” التي تضم أيضاً الشخصيتين الثانويتين سوارتس وسنو. تظهر شخصية دوريس أيضاً مع سويني في قصيدة “سويني منتصب”، وقد استخدم إليوت اسم دوريس في مجموعة من ثلاث قصائد نشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 1924 في مجلة “تشاببوك”. أدمجت القصيدة الثالثة من “أغاني أحلام دوريس” (“هذه هي الأرض الميتة/ هذه هي أرض الصبار”) لاحقاً في قصيدة إليوت “الرجال الجوف”.

طبعة مبكرة من “سويني يحتضر” (أمازون)

 

سويني وعلامات الزمن

من المؤكد أن “سويني يحتضر” لا يمكن أن تضاهي في قيمتها نصوص إليوت المسرحية الأخرى، ولا حتى نصوصه الشعرية. غير أن لها مكانة خاصة تكاد تتجاوز كونها من تدبيج هذا الكاتب والشاعر الذي يحتل مكانة أساسية في تجديدات الأدب واللغة في القرن الـ20 وذلك لأن كثراً من النقاد والباحثين ينظرون إلى “سويني يحتضر” من ناحية لكونها تكاد تلخص الذائقة الأدبية كما كانت سائدة لدى كبار أدباء الإنجليز/ الأميركيين، في تلك المرحلة عند بدايات الثلاثينيات، من ييتس إلى إيشروود ومن ديلان توماس إلى أودن من الذين كانوا يبذلون مساعي لافتة لإضفاء مسحة من التعبيرية على النثر والشعر الإنجليزيين، ومن ناحية ثانية لكون هذه “المسرحية” تمهد باكراً لمجيء الشخصيات والمواقف الأساسية التي ستطبع أدب صموئيل بيكيت ورفاقه من مسرحيي اللامعقول، لا سيما انطلاقاً من مقولة “لا شيء يحدث، لا أحد يجيء”.

ففي “سويني يحتضر” وفي ظل التعبيرية المخيمة، ليس ثمة أحداث حقيقية، بما في ذلك احتضار سويني. ولكن في المقابل ثمة إشارات متعددة إلى غياب تام للحدث المسرحي بل حتى للحدث الحياتي وصولاً إلى اللحظة التي يخبرنا فيها سويني نفسه بما كان في إمكاننا ألا نجهله ونحن نستعد لمشاهدة هذا العرض من أن “الحياة ليست سوى الموت، وما بينهما من ولادة وزواج وإنجاب ونهاية… هذا كل شيء”.

ونعرف على أية حال أن اليوت نفسه حدثنا عن ذلك “الخواء” الذي أراد أن ينقله إلينا في نصه هذا حين فسر في كتاب لاحق له هو “استخدام الشعر واستخدام النقد”، طريقته في بناء هذا العمل على الشكل التالي “أن تكون لدينا شخصية تمتلك نفس الحساسية والقدر نفسه على الفهم اللتين للجمهور الذي يشاهد العمل، معناه أن الشخصية تتوجه إلى هذا الجمهور، وبالتحديد إلى المجموعة الأكثر حساسية من أفراد هذا الجمهور، على المستوى نفسه الذي به تتوجه إلى باقي شخصيات المسرحية، مما يعني أن ثمة قدراً كبيراً من التفاهم المشترك بين تلك الشخصية الرئيسة ونخبة الجمهور، فيما بقية الجمهور تشارك الشخصيات المسرحية الأخرى إدراكها وحساسيتها و… ردود فعلها. وهذا قد يبدو مرتباً عن قصد ومتعمداً لكننا نرى أنه يشكل جزءاً من تجربة يتعين خوضها في مجال التلقي المسرحي”.

من تقديم معاصر لمسرحية “سويني يحتضر” (موقع العرض)

 

نخبوية مقصودة

ويقيناً أن هذا التفسير الذي قدمه إليوت في كتابه المذكور، من دون أن يحدد على أية حال أنه إنما يتحدث فيه عن “سويني يحتضر” كان ما خيم دائماً على التقديم المتباعد لهذه “التجربة المسرحية”، وهو التوصيف الذي باتت “سويني يحتضر” تعرف به في نهاية المطاف، بل على تحولها من عرض مسرحي قد يكون جماهيرياً، إلى عرض شديد النخبوية من دون أن يفوتنا أن المشهدين اللذين تتألف المسرحية منهما غالباً ما يقدمان في معاهد التدريب المسرحي كوسيلة ليس فقط للتدريب على الإلقاء الشعري في المسرح، بل وسيلة لشرح مبدأ التلقي من خلال العلاقة التي يرى إليوت نفسه أن “سويني” كشخصية حاضرة بقوة في أحد المشهدين، وغائية “بقوة أيضاً” في المشهد الثاني، تقيمها مع نخبة الجمهور.

وفي هذا السياق قد يجدر بنا أن نلفت النظر إلى أن واحداً من أبرز العروض التاريخية حقاً لـ”سويني يحتضر”، كان ذلك العرض الذي قدمه المسرحي الأميركي روبرت دون للمسرحية أمام جمهور ربما يكون في نهاية الأمر جمهوراً حقيقياً وبالمعنى المتعارف عليه للكلمة لكنه كان أيضاً جمهوراً شديد النخبوية من النمط الذي حدد إليوت نفسه في كتابه آنف الذكر كونه الجمهور الأفضل الذي يمكن أن يتوجه إليه سويني في حديثه. أي الجمهور الذي يمكنه، ومنذ بداية حضور سويني على الخشبة، أن يدرك أن هذا الأخير إنما هو بطل/ مضاد، وربما، على خطى شخصيات كافكا الرئيسة، واحداً من أول الأبطال المضادين الحقيقيين في مسرح القرن الـ20.

مسار مسرحي

أما بالنسبة إلى مسرح توماس ستيرن إليوت (1888 – 1965) بالمعنى الأكثر حضوراً للكلمة فإنه لن يبدأ ومن دون أن يكون على أية حال، منطلقاً من “سويني يحتضر” إلا في عام 1934 مع مسرحيته “الصخرة” التي كادت تمر مرور الكرام لولا أن تلتها في العام التالي مسرحية إليوت الكبرى “مقتلة في الكاتدرائية” التي لا تبدو على أية علاقة بتجربة “سويني يحتضر”، إذ تتناول الصراع بين توماس بيكيت والملك هنري الثاني لأسباب دينة… ولقد تتابعت بعد تلك المسرحية “الدينية” الكبرى أعمال إليوت المسرحية ومن علاماتها بالطبع “اجتماع عائلي” (1939) و”حفل الكوكتيل” (1949) و”رجل الدولة العجوز” (1958)، وغيرها.

المزيد عن: تي. أس. إليوتالمسرح الشعريإزرا باوندجيمس جويسصموئيل بيكيت

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili