السبت, فبراير 22, 2025
السبت, فبراير 22, 2025
Home » سهرة رعب إنجليزية تتجسد في فيلم سعودي

سهرة رعب إنجليزية تتجسد في فيلم سعودي

by admin

 

يوم اخترعت ماري شيلي روايتها إثر سجالات فلسفية وأدبية مع اللورد بايرون

اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب

لعل واحداً من الأفلام السينمائية “العربية” التي أحاطها الظلم أكثر مما فعل بالنسبة إلى أية أفلام أخرى، هو الفيلم “الإنجليزي” الذي حققته السينمائية السعودية هيفاء المنصور قبل نحو عقد من الأعوام، مقتبس بصورة مباشرة من مرحلة أساسية من حياة الكاتبة الإنجليزية ماري شيلي (1797 – 1851) المعروفة بروايتها “فرانكنشتاين” التي أصدرتها عام 1817 وكانت حين بدأت كتابتها في الـ17 من العمر.

وعلى رغم أن الفيلم الذي حققته هيفاء المنصور أنتج وعرض عام 2017 تقريباً وكنوع من الاستذكار للمئوية الثانية لمولد تلك الرواية، لم يحقق النجاح الكبير الذي كان مأمولاً له والذي يمكن للمرء حتى اليوم إذ يشاهد الفيلم يعرض ويعاد عرضه على شاشات التلفزيون، أن يدهش لأنه لم يتحقق. ففي النهاية يمكن اعتبار الفيلم واحداً من أفضل أفلام السير الأدبية التي حققت خلال الأعوام الأخيرة، وربما أيضاً واحداً من أقوى وأجمل الأفلام التي حققها مبدعون عرب على الساحة الدولية.

ولنقل في هذا السياق، إن التلفزة في استعادتها عروض هذا الفيلم قدمت له شيئاً من تعويض يستحقه. بل ربما ليس له وحده، بل لشخصيته المحورية، الكاتبة ماري شيلي نفسها التي يلفتنا الفيلم ولو مواربة، إلى أنها لم تكتب روايتها أصلاً إلا كنوع من التحدي محوره قدرة المرأة على أن تكون كالرجل مبدعة كل الإبداع وتحت كل ظرف من الظروف.

نسوية من دون التباس

من هنا حتى نَعُد فيلم “ماري شيلي” من إخراج هيفاء المنصور فيلماً نسوياً، خطوة لا بد من قطعها، ولو أيضاً على ضوء سينما هذه الفنانة السعودية المميزة التي جعلت دائماً من مكانة المرأة وحضورها في مجتمعها كما غيره، هماً أساسياً، من همومها وحتى من قبل فيلمها المميز “وجدة” الذي كان أول فيلم سعودي طويل يصور في البلاد على أية حال.

والسؤال البديهي الذي يطرح نفسه هنا يتعلق باختيار “ماري شيلي” موضوعاً لفيلم طويل ثان أتى بعد “وجدة”، تخوض المخرجة عبره سينماها المميزة والرائدة. والحقيقة أن الوصول إلى جواب عن هذا السؤال يحتاج إلى مشاهدة الفيلم والتمعن في أبعاده النسوية التي لا شك أنها كانت هي ما حرك فيلم المنصور وجهودها.

وفي انتظار ذلك، لا بد من وقفة هنا عند الحكاية التي يرويها الفيلم، وهي بالطبع حكاية تلك الفتاة التي تحدرت من أبوين كاتبين وفنانين وكانت لا تزال في سن المراهقة حين تزوجت بأشهر شاعر في زمانه برسي شيلي، المعروف بعلاقته بزميله الكاتب والشاعر والمغامر لورد بايرون، حيث شكل الثلاثة رفقة طيبة تسودها لقاءات ونقاشات وأمسيات يدور معظمها حول قضايا المجتمع وقضايا الأدب.

الكاتبة الإنجليزية ماري شيلي (1797 – 1851) (غيتي)

 

والحقيقة أن كل شيء كان سيبدو وكأنه جزء من أفضل العوالم الممكنة، لولا ذلك الشعور الذي راح يطغى لدى ماري بأنها غالباً ما تُنحى جانباً خلال النقاشات، لكونها… امرأة. ومن هنا تبدأ حكايتها الحقيقية وبالتأكيد حكاية تلك الرواية التي انكبت على كتابتها والثلاثة في جنيف، بعد أمسية ساد بينهم خلالها نقاش فلسفي – أدبي ستجد نفسها خلاله أمام تحد من نوع جديد عليها وقد أدركت فجأة أنه بات عليها انطلاقاً من تلك اللحظة الحاسمة في حياتها، إما أن تستجيب للتحدي أو أن تسكت… إلى الأبد. لكنها لم تكن من النوع الذي يسكت. وهذا في الأقل، ما كانت هيفاء المنصور مصرة على قوله منذ بداية فيلمها الشيق.

ليلة خريفية في جنيف

كانت السهرة الأدبية الصاخبة تلك، في جنيف السويسرية التي كان الثلاثة يزورونها وفي رفقة صديق لهم هو الدكتور بوليدوري الذي لا شك أنه مثل الجانب العلمي من مسار النقاش فيما مثلت ماري جانباً فلسفياً ورثته من والدها المفكر المعروف الدكتور ويليام غودوين، فيما دافع الشاعران الصديقان عن وجهة نظر أدبية إبداعية.

وكان في خلفية النقاش اطلاعهم جميعاً على أمهات أدب الرعب والأشباح الألماني في ترجماتها الفرنسية التي كانت حاضرة بقوة آنذاك. ولقد كانت نتيجة النقاش أن قام بين الأربعة تحد فحواه أن يحاول كل منهم أن يكتب قصة تتعلق بالأشباح. وسرعان ما تبين أن ماري هي الوحيدة التي استجابت حقاً للتحدي. وكانت استجابتها عبر كتابتها قصة طويلة ستضع لها عنواناً طموحاً هو “فرانكنشتاين، أو بروموثيوس المعاصر”.

والحقيقة أن ماري حين اشتهرت روايتها وارتبط بها اسمها وحياتها إلى الأبد، لم تتوان عن أن تشير دائماً إلى أن الفضل الكبير في كتابتها ذلك النص إنما يعود من ناحية إلى رغبتها في محاكاة أدب الرعب والحكايات الغرائبية الذي كان منتشراً منذ عقود حينذاك، ومن ناحية ثانية إلى متابعتها بدقة وانتباه لتلك المناقشات العميقة التي كانت تصغي إليها تجري بين صديقيها الأقرب، اللورد بايرون من جهة وزوجها الحبيب الشاعر شيلي من جهة أخرى. غير أن الباقي جاء من عندها كاشفاً عن موهبة كانت تحاول دائماً السكوت عنها، أي من بنات أفكارها المستندة إلى قدرة أدبية كانت تطويها في داخلها مضحية بها على مذبح الزواج والحياة العائلية وكانت ستنفجر لو لم تعبر عنها بفضل تلك السهرة كما بفضل تلك المناقشات.

طبيب ووحش وإنسان

تدور الحكاية إذاً من حول فرانكنشتاين الذي أعار اسمه للرواية إلى درجة أن كثراً من الذين لم يقرأوها يعتقدون أنه هو الوحش المعني. لكنه ليس الوحش، وفي ظاهر الأمور في الأقل كما سنرى بعد سطور على أية حال، بل هو طبيب وعالم خلق الوحش من صلب أفكاره وبالاستناد إلى معرفته جاعلاً من خليقته وحشاً مرعباً، لكنه في حقيقة أمره، إنسان مفعم بالإنسانية في عمق أعماقه، بل إنسان يمكن أن يحمل اسم آدم أو قايين أو اسم الشيطان نفسه.

ففي نهاية الأمر واضح أن الكاتبة إنما أرادت أن تجمع كل تلك الشخصيات في شخصية واحدة تختصر بحثاً واحداً وتساؤلاً مؤلماً واحداً يتحلق من حول الشرط الإنساني… من حول الإنسان نفسه حين يخوض تمرداً لا يعد بشيء وليس له أي غد واضح. فتكون النتيجة أن يقتصر أذاه على خالقه وحسب.

ولعل اللافت هنا هو أن الكاتبة التي جعلت اسم الطبيب العالم، فرانكنشتاين، يدور على كل شفة ولسان، فضلت ألا تعطي للوحش الذي خلقه أي اسم. ومن هنا انتهى الأمر بالقراء إلى إعطاء المخلوق اسم خالقه. صحيح أن ماري شيلي لم تكن تقصد ذلك، لكنها بالتأكيد لم تكن مستاءة منه وفي بعد فلسفي لا شك فيه. وبخاصة أن الوحش، ومن منظور الكاتبة نفسها، حين ارتكب جرائمه التي كان معظمها بدافع الانتقام، أو الانتقام المفترض، للدكتور ممن أساءوا إليه، كان كملاك انتقام ينفذ ما يخيل إليه أن الدكتور يريد منه أن يفعله!

وهنا أفلا يمكننا أن نختتم هذا الجانب بالتساؤل عما إذا لم تكن محاولة الوحش في النهاية، أن يقتل الدكتور، نوعاً من محاولة “انتحار” على النمط الذي يقوم به مرتكب مجموعة من الجرائم حين ينجز مخططه ولا يعود أمامه إلا وضع حد لذلك كله؟ من المؤكد أنهم ليسوا كثراً أولئك الذين يوافقون على هذه الفرضية، ولكن من المؤكد في المقابل أنها تكمن في خلفية فكرة ماري شيلي حول روايتها لكنه لم تجاهر بها… وربما لأن الزمن كان أبكر من أن يسمح بذلك.

المزيد عن: السعوديةجنيفكتبماري شيليهيفاء المنصورسينمارعبأفلام

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili