ثقافة و فنونعربي سلوى بكر: النسوية لا تعني إلغاء الرجل بل مساجلته by admin 26 يونيو، 2022 written by admin 26 يونيو، 2022 15 تعتبر التاريخ أحد أهم مصادر إلهامها وتحاور الرقيب الذي في داخلها اندبندنت عربية \ محمد السيد إسماعيل لا شك في أن غواية الأدب– أو نداهته بتعبير يوسف إدريس– هي التي جعلت الكاتبة سلوى بكر تتجه إلى دراسة النقد المسرحي على نحو أكاديمي بعد تخرجها في كلية التجارة، مما وسم إنتاجها الإبداعي بالتنوع والعمق، فأصدرت مسرحية “حلم السنين”، والعديد من المجموعات القصصية مثل “حكاية بسيطة”، و”زينات في جنازة الرئيس”، و”عجين الفلاحة”، و”وصف البلبل”، و”إيقاعات متعاكسة”، و”نونة الشعنونة”، و”شعور الأسلاف”، و”من خبر الهناء والشفاء”، و”وردة أصبهان”، و”مسرح زوبة”، لكن شهرتها كروائية كانت الأكثر حضوراً، بفضل عودتها إلى التاريخ البعيد والقريب انطلاقاً من هموم الواقع. ومن رواياتها: “البشموري”، و”كوكو سودان كباشي”، و”أدمانتتيوس الألماسي”، و”الصفصاف والآس”، و”شوق المستهام”، و”فيلة سوداء بأحذية بيضاء”. وحصلت سلوى بكر على جائزة الدولة التقديرية من المجلس الأعلى المصري للثقافة عن مجمل إنتاجها الأدبي. وفي حوار أجريته معها لـ”اندبندنت عربية”، سألتها: لماذا لم تكرري تجربة الكتابة للمسرح بعد مسرحية “حلم السنين”؟ فقالت، “هذه المسرحية ليست هي الوحيدة التي كتبتها كما هو شائع، فقد قمت بمسرحة المشهد الأخير من رواية نجيب محفوظ ’بداية ونهاية’ حين كنت أدرس للطلبة في أميركا، كما أن لدي مسرحيات لم تنشر بعد. وعموماً أنا كاتبة هاوية وأترك التجربة تبحث عن القالب الذي يناسبها”. قلت: “كيف من وجهة نظرك أثرت الدراما في سردك الروائي والقصصي”؟ قالت، “دراستي للمسرح أفادتني تحديداً على مستوى اللغة المستخدمة، لأنها نبهتني إلى أنها يجب أن تكون مناسبة للشخصية التي أقوم برسمها. فاللغة ليست حلية، بل هي من أهم مقومات الشخصية طبقاً لمستواها الاجتماعي والتعليمي”. روايتها الجديدة (دار دوّن) سألتها: “في رواية “كوكو سودان كباشي”، تلتقطين حادثة مهمة هي الحرب الأهلية المكسيكية التي شاركت فيها كتيبة من الجيش المصري في الفترة من 1863 إلى 1867، فلماذا العودة إلى هذه الحادثة تحديداً؟”. قالت، “كتبت هذه الرواية لأنني عندما قرأت كتاب “بطولة الأورطة المصرية في المكسيك” للأمير عمر طوسون والصادر عام 1933، اكتشفت أن تلك الكتيبة ضمت مصريين وسودانيين، ومن هنا بدأت تتشكل داخلي جملة من الأسئلة عن طبيعة هذه الحرب، وربما كان ذلك هو الباعث على كتابة هذا النص”. التناص مع النسوية قلت: “يرى البعض أن المعلومات التاريخية قد أثقلت تدفق السرد في رواية “البشموري”، فهل يرجع ذلك إلى أنك تحملين دائماً هماً عاماً وتودين توصيل رسالة ما؟”. فردت: “يجب أن نعترف أن لدينا قحطاً معرفياً عاماً، وقحطاً يتعلق بالمعرفة التاريخية بوجه خاص. و”البشموري” رواية تتناول كيفية تشكل الهوية المصرية، فكان تحميلها بهذا القدر من الجوانب المعرفية في مجالات شتى، مسألة مركزية في النص. فمثلاً عندما يتناول النص فقرة تتعلق بأسماء الطيور والأسماك، فالمستهدف هو تبيان أن هذه الأسماء قد يكون أصلها فارسياً أو سريانياً أو يونانياً، أو مصرياً قديماً. فهذه المعرفة مهمة وليست مجانية، ولا تثقل النص إنما توجه المتلقي إلى كيفية تشكل بعض ملامح الشخصية المصرية”. رواية “البشموري” (نيل وفرات) سألتها: “أنت مهمومة بمن تسمينها “المرأة المعشوأة” – نسبة إلى العشوائيات- لكنك لست محسوبة على كاتبات الأدب النسوي لأنك تدركين أن القهر واقع على الرجل والمرأة معاً، فلماذا كان ابتعادك عن النسوية وتناصك معها في الوقت نفسه؟”. قالت، “النسوية بمصطلحاتها الشائعة جاءت في سياق تاريخي مغاير عن سياقها التاريخي في مصر والمنطقة العربية. وعندما تبنتها مجموعة من النسويات العربيات أصبن بدرجة ما، وتمثل ذلك في دفع جزئيات مجتمعية تتعلق بالمرأة. وبعض الدول العربية وقعت على اتفاقية سيداو المتعلقة بالمرأة. ولكني أرى أن مشكلة المرأة لا يمكن أن توضع على طاولة البحث بمعزل عن الرجل ودوره الفاعل وأن مشكلة المرأة لا يمكن حلها إلا على أرضية حقوق المواطنة والحقوق الدستورية، بكل ما ينبثق عنها من قوانين تحدد الدور المجتمعي للنساء وإعادة النظر في المنظومة التعليمية السائدة والمروجة ثقافياً لجملة من القيم الماضوية العاملة ضد المرأة. وبهذا التصور تأتي كتاباتي عن النساء”. التاريخ والزمن الراهن قلت: “ذكرت في تصريح صحافي أن الكاتب لا يمتلك حريته كاملة لأنه لم يتخلص تماماً من الرقيب الداخلي، فكيف تتعاملين مع هذا الرقيب؟”. أجابت بإيجاز: “أحاور هذا الرقيب وأسعى لتفهمه وأبحث عن طرائق تعبيرية مناسبة لأنني لا أبتغي قطيعة مع قارئي، فلا يمكن أن يكون ذلك هدفاً لأي كاتب”. سألتها: في رواية “أدمانتيوس الألماسي” تقدمين رؤية متسامحة بين الأديان وإدانة للتشدد والتعصب من خلال شخصية منتمية لجماعة “إخوان الصفا”، تحكي قصة منسوبة ليوحنا النحوي في زمن اضطهاد الرومان لأتباع الديانة المسيحية، فهل تبحثين في التاريخ عما يدعم مواقفك الراهنة؟”. أجابت: “الأزمة الرئيسة في هذه الرواية تتجسد في الصراع بين الدين والعلم في القرون المسيحية الأولى، وكيف أن المؤسسة الكنسية جرمت العلم والفلسفة ونحتت لأول مرة مفهوم الوثنية، وكيف أن هذه العلوم والفلسفة القديمة حاولت الصمود والبقاء من خلال الفكر الغنوصي الذي تسلل إلى المسيحية عبر أورجانوس تلميذ أفلوطين. لهذا فإن الرواية تؤكد أن الفكر لا يفنى ولا يستحدث من عدم مثله، مثل المادة وأن جماعة “إخوان الصفا” هم استمرار– بشكل أو آخر– للفلسفة اليونانية القديمة وتجلياتها في فكر الفرق الإسلامية المختلفة”. لعنة القطيعة سألتها: روايتك “شوق المستهام” تدور حول واقعة زيارة كاتب مجهول لمعبد امنحوتب في مدينة منف الفرعونية واطلاعه على بردية طبية ومن خلال كل ذلك يصور السرد أسباب القطيعة مع ماضي مصر الحضاري. وبعيداً من الرواية كيف تفسرين لعنة هذه القطيعة التي تصيب مصر دائماً حيث تمحو كل مرحلة ما سبقها وتتهمها بالوثنية؟”. أجابت: “قدر مصر التاريخي أن تحولاتها دائماً تأتي من علاقتها بالخارج الغازي، ولكن أهم قطيعة يجب أن نشير إليها هي القطيعة التي أحدثها الاستعمار اليوناني القديم الذي أزاح اللغة المصرية القديمة واستبدل بها اللغة اليونانية كما استبدل بهويتها القديمة هوية جديدة عليها، لكن الأمر يختلف مع اللغة العربية ودخول العرب مصر، لأن اللغة العربية أحد انبثاقات الآرامية التي تكونت في شبه جزيرة سيناء. ولهذا يمكن ملاحظة أن اللغة العربية شبيهة في صوتياتها مع اللغة المصرية القديمة وليست غريبة عليها. فالثابت علمياً أن العربية أحد فروع الآرامية التي تشكلت في مصر”. التحولات القيمية قلت: “في روايتك الجديدة “فيلة سوداء بأحذية بيضاء”، ترجعين إلى الماضي القريب. أعني مرحلة السبعينيات بتحولاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فكيف نرصد تأثير هذه المرحلة على الأدب؟”. أجابت: “تعد هذه الفترة من أهم الفترات التي احتلت مساحة كبيرة في الأدب الذي رفض كل ما ترتب عليها اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، كما نجد في أعمال صنع الله إبراهيم ورضوى عاشور وإبراهيم عبد المجيد وغيرهم، لكن الجديد في روايتي يتمثل في أنها ترصد التحولات القيمية على وجه التحديد من خلال رسم شخصية كانت تتبنى شعارات اليسار من جنوح نحو الحرية والعدالة والمواطنة، والسعي إلى مستقبل أكثر إشراقاً، لكنها تفاجأ بسقوط كل تلك الشعارات في مرحلة السبعينيات. عفت زين– بطلة الرواية– شابة تشبه ملايين الشابات وقد آمنت بكل هذه الأفكار وراهنت عليها وظنت أن انعتاقها سيتم تحت مظلتها. ومع ارتباطها بحسام تكتشف تحوله إلى الذهنية الماضوية التي ترى في النساء مجرد فيلة سوداء بأحذية بيضاء”. سألتها: “تصريحاتك الأخيرة حول شيوع المظاهر الشكلية للدين وضرورة تفسير الآيات القرآنية المقررة على التلاميذ بدلاً من حفظها من دون فهم، والتي أقامت الدنيا ولم تقعدها، قال بها كثير من المجددين، فكيف تفسرين هذه الردة الحضارية؟”. أجابت: “حديثي كان عن التعليم عموماً وعن مشكلاته في مصر وتدهور مستواه وتدني لغة الحوار، وغياب الوعي النقدي وغياب تفهم الحدود بين الفرد والآخر. كان هدفي هو تخليص التعليم والرؤية الدينية من كل هذا والاقتراب من جوهر القيم المعاصرة”. المزيد عن: روائية مصرية\التاريخ\النسوية\المجتمعا\لطبقية\البعد السياسي\السرد 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post جريمة غامضة… العثور على 22 جثة داخل حانة بجنوب أفريقيا next post دعوات تحديد النسل تثير سخرية العراقيين You may also like براعة باخ في كونشرتوات براندنبورغ وأثرها الدائم 19 نوفمبر، 2024 في روايته الجديدة… أوبير حداد يصوّر الحرب بعيني... 19 نوفمبر، 2024 16 فيلم رعب تسببت بصدمة نفسية لممثليها 19 نوفمبر، 2024 العداوة والعدو كما فهمهما الفلاسفة على مر العصور 19 نوفمبر، 2024 قصة واحدة من أكبر الأكاذيب في تاريخ حكايات... 19 نوفمبر، 2024 أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024