الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » سلطة في عالم افتراضي جعلت لبنان “متفجرة” كبيرة

سلطة في عالم افتراضي جعلت لبنان “متفجرة” كبيرة

by admin

الانفجار الرهيب الذي أحرق بيروت ليس سوى الصوت المدوي لموت الضمير

اندبندنت عربية / رفيق خوري كاتب مقالات رأي

لا حدود لانعدام المسؤولية لدى المسؤولين المهووسين بغطرسة السلطة وبطرها وطقوسها. وليس الانفجار الرهيب الذي أحرق بيروت سوى الصوت المدوّي لموت الضمير والقيم عندهم وانهيار المؤسسات والدستور والقانون. هزة أرضية بقوة 4.5 على مقياس ريختر من صنعهم لا من صنع الطبيعة. كانوا يعرفون أن في العنبر 12 في مرفأ بيروت 2750 طناً من المواد الشديدة الانفجار، وأمامهم تقارير أمنية تحذّر من خطر كارثة، لكنهم كانوا مشغولين بالمحاصصة في الباقي من لبنان. وكنّا نعرف أن الذين تركوا أمن الوطن لسواهم، وشاركوا أو تواطأوا أو سكتوا على خيانة الأمانة والسطو على أموال اللبنانيين والإثراء على حساب إفقارهم ولقمة عيشهم، لا يمكن أن يؤتَمَنوا على حياة الناس والعمران. لكننا ذهبنا بالعصبيات خلفهم وانتخبناهم، وحين أوصلونا إلى هاوية أزمات نقدية ومالية واقتصادية واجتماعية وسياسية ووطنية واصطدمنا بالواقع، حاولنا التغيير، فرأينا أنفسنا عاجزين نصرخ في برّية.

عشية إنزال النورماندي الذي سرّع في هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، كتب القائد العام الجنرال أيزنهاور مذكرة قال فيها “إذا حدث فشل أو خطأ، فإن المسؤولية تقع عليّ وحدي”. وقبيل حرب “عاصفة الصحراء” التي أنهت غزو صدام حسين للكويت، كتب الرئيس جورج بوش الأب في يومياته: “إذا فشلنا، فإن اللوم عليّ والكونغرس قد يباشر إجراءات العزل ضدي”. أما بعد تفجير بيروت الذي يوازي قوة تفجير نووي ويعيد التذكير بتفجير هيروشيما، فإن لبنان كلّه اهتزّ والعالم تعاطف معه، من دون أن تهتزّ كرسي تحت أي مسؤول أو أن يقول أي منهم إنه يتحمّل المسؤولية. كل ما سمعناه من تماسيح بلا دموع هو كلمات باردة بائتة، وحديث عن فتح تحقيق ومحاسبة.

أي تحقيق وأي محاسبة؟ الجانب الظاهر والمعلن مِمَّا قاد إلى الكارثة يوحي أن التحقيق محكوم بالاقتصار على البحث في “مشكلة بيروقراطية”، بالتالي التفتيش بين المهملين عَمَّن ليس وراءه مسؤول كبير أو نافذ أو مرجعية وجعله كبش فداء. والجانب الغامض في الانفجار والمتعلّق بالوضع غير الطبيعي في إدارة جزء من المرفأ وبالأسئلة المطروحة حول حاجة جهة ما إلى بعض المواد الشديدة الانفجار، فإنه مرشح لأن يبقى غامضاً، وتتم لفلفته كالعادة مع أنه يصبح معروفاً باليقين بعد الشك.

ولا مجال للخطأ في قراءة التعاطف العربي والدولي الشامل والاستعداد لتقديم المساعدات، فهو تعاطف مع لبنان الذي ليس معزولاً، لا مع السلطة التي قادت نفسها بنفسها إلى عزلة عربية ودولية بمزيج من العناد والغباء والارتهان لمحور إقليمي. ولا شيء يوحي أن هناك نوعاً من المراجعة الجدية للمواقف التي دمّرت علاقات لبنان مع الأشقاء والأصدقاء، وجعلته في غربة عن نفسه. فالسلطة هي “أم الكوارث”. السلطة التي في الواجهة، بصرف النظر عن النيات الحسنة لدى البعض. والسلطة الفعلية التي وراءها. وما دمنا نسمع يومياً من أركان السلطة شعار التوجّه نحو الصين، فلا أقل من أن نتعلم درساً من الزعيم الصيني المهم دينغ شياو بنغ، القائل “إذا كان النظام جيداً، فإن الرجال السيئين يُضطرون للقيام بعمل جيد، وإذا كان النظام سيئاً، فإن الرجال الجيدين يُضطرون للقيام بعمل سيّء”.

ونحن في نظام سيّء جعل لبنان كله “متفجرة” كبيرة. نظام يعيد باستمرار إنتاج تركيبة حاكمة من المهرّجين والخبثاء والدهاة والجائعين إلى المال والسلطة. تركيبة لا تتغيّر، ولو تبدّلت الأسماء، مهما يكن قانون الانتخاب.

من الطبيعي أن يكون السؤال لدى كثيرين هو: هل تستطيع المافيا السياسية والمالية والميليشيوية المتحكّمة بنا أن تصمد وتعود إلى الشغل أو اللاشغل كالمعتاد بعد هذه الكارثة الرهيبة؟ والجواب المخيف هو أن الكارثة وقعت في العالم الواقعي على أناس يعيشون في الواقع، لكن قادة المافيا يعيشون في العالم الافتراضي ويتحدثون عنها كأنها حدثت في بلد آخر.

لكن الدنيا ليست مغلقة. وفي قمة الحزن والغضب، نتذكّر قصيدة من شيموس هايني، الحائز جائزة نوبل للآداب:

“لا تأمل على هذا الجانب من القبر

ولكن ذات يوم في الحياة

يمكن أن ترتفع موجة العدل

ويتناغم التاريخ والأمل”.

المزيد عن: لبنان/مرفأ بيروت/الميليشيات/انفجار بيروت

 

 

You may also like

1 comment

us marshals badges 13 أغسطس، 2024 - 4:14 م

This post really resonated with me. Keep up the good work.

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00