كلفة إطلاق تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني تقل بعشرات الأضعاف عن التطبيقات الأميركية (أ ف ب) الذكاء الاصطناعي سباق الذكاء الاصطناعي ما بين بكين وواشنطن مفيد للتكنولوجيا by admin 2 فبراير، 2025 written by admin 2 فبراير، 2025 24 الذعر الغربي من تقدم الصين يرجع إلى افتراضات خاطئة و”حرق الأموال” في الشركات الأميركية اندبندنت عربية / أحمد مصطفى صحافي متخصص في الشؤون الدولية لم يكن الذعر الذي ظهر في عناوين وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة بعد “اكتساح” تطبيق ذكاء اصطناعي صيني سوق التكنولوجيا العالمية نتيجة الخسائر التي منيت بها شركات التكنولوجيا الأميركية في السوق فحسب، إنما لأنه كما وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن حق بأنه “جرس إنذار” لتلك الشركات في الغرب. الواضح من رد الفعل، سواء من تصريحات كبار مسؤولي شركات التكنولوجيا أو قيادات أسواق المال والأعمال في أميركا والغرب أن الجميع “فوجئوا” بالتطبيق الصيني الجديد ومدى تطوره وسرعة “تحميل” المستهلكين له من متاجر التطبيقات، وأيضاً تقدمه وتطوره التقني على رغم كل القيود الأميركية المشددة على نقل التكنولوجيا إلى بكين والحصار الاقتصادي الصارم عليها خلال فترة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن والحالي دونالد ترمب. وفور إطلاق شركة “ديب سيك” الصينية الناشئة تطبيقها للذكاء الاصطناعي في الـ20 من يناير (كانون الثاني) الماضي أصبح بسرعة صاروخية التطبيق رقم واحد على متجر “أبل ستور” للتطبيقات، متجاوزاً التطبيقات الأميركية الأقدم مثل “تشات جي بي تي” و”غوغل” و”غيميني” وغيرها، ومن ثم خسرت شركات التكنولوجيا الأميركية ما يقارب تريليون دولار من قيمتها السوقية، كان نصيب الخسارة الكبرى لشركة “إن فيديا” للرقائق الإلكترونية التي تكاد تستحوذ على سوق الرقائق المتقدمة المستخدمة في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي التي تبخر أكثر من نصف تريليون دولار (500 مليار دولار) من قيمتها السوقية، بالطبع خسرت “أوبن أي آي” صاحبة تطبيق “تشات جي بي تي” للذكاء الاصطناعي أيضاً. التقدم الصيني وأُسست الشركة التي أطلقت التطبيق الصيني قبل نحو عامين فحسب، ومقرها في هانغتشو عاصمة مقاطعة جيجيانغ شرق الصين، وتشير بيانات محلية في الصحافة الاقتصادية الصينية إلى أن ليانغ وينفينغ، الشريك المؤسس لصندوق التحوط “هاي فلاير” يملك حصة أساسية بها. وذكر الصندوق المؤسس للشركة الجديدة عبر حسابه الرسمي على موقع “وي تشات” الصيني في مارس (آذار) 2023، إنه “يبدأ من جديد” وسيكثف تخصيص الموارد لتشكيل “مجموعة بحثية جديدة ومستقلة لاستكشاف جوهر الذكاء العام الاصطناعي”، وبعد أشهر من هذا التصريح أُسست شركة “ديب سيك” قرب نهاية العام. وطبقاً لما ذكره موقع “بانديلي” الإخباري المتخصص في التكنولوجيا الصينية ومقره بكين، فإن “ديب سيك” هو أول تطبيق صيني يصل إلى قمة التصنيف بالنسبة إلى النسختين الأميركية والصينية من متجر تطبيقات “آيفون” الإثنين الماضي، وكان رد فعل سام ألتمان مؤسس شركة “أوبن أي آي” التي أطلقت تطبيق “تشات جي بي تي” وكتب على حسابه بمنصة “إكس” (تويتر سابقاً) معبراً عن دهشته الهائلة من التطبيق الصيني، قائلاً “نموذج التطبيق الصيني مذهل، خصوصاً في ما يقدمونه مقابل السعر”، مستدركاً “لكننا متحمسون بصورة أساس لمواصلة تنفيذ خريطة الطريق الخاصة بنا في شأن البحث، ونعتقد أن زيادة القدرة الحاسوبية باتت أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى حتى ننجح في مهمتنا”. ومع أن بعض المنزعجين من الإنجاز الصيني في “وادي السيليكون” (مقر شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى بولاية كاليفورنيا) اتهموا الصينيين بتدريب تطبيقهم الجديد على نماذج المعلومات التي طورتها شركات أميركية، إلا أن الحقيقة طبقاً لما ذكره متخصصون في هذا المجال ليست هكذا تماماً، فالتطبيق “ديب سيك” صيني تماماً يعتمد على “المصادر المفتوحة”. الكلفة وحرق الأموال المثير فعلاً أن كلفة إطلاق تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني تقل بعشرات الأضعاف عن التطبيقات الأميركية، وبحسب ما ذكرته الشركة الصينية على موقع المحادثات الصيني “وي تشات” فالواقع أنه “تقل كلفة نموذج التطبيق بنحو 20 إلى 50 مرة عن النموذج أوبن أي آي”. يأتي ذلك في وقت تسعى فيه شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى إلى توفير التمويل بمليارات الدولارات للاستمرار في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، وهذا فارق واضح ما بين شركات التكنولوجيا الناشئة في الصين وتلك في أميركا والغرب، فربما لا يتوفر للشركات الصينية الناشئة حجم التمويل الذي توفه الصناديق المتعددة في الغرب وبعض دول العالم الثرية الأخرى للشركات الأميركية. لكن الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في أميركا والغرب معروفة بما يسمى “حرق الأموال” أي إنفاق قدر هائل من التمويل على مشروعاتها، قبل أن تصبح شركات تدر عائداً وأرباحاً وفي كثير من الأحيان تفشل تلك الشركات قبل أن توفر عائداً لمن استثمروا فيها، لذا في حال الشركات مثل “أوبن أي آي” يوفر المستثمرون من الصناديق مزيداً من التمويل للشركات كي لا تنهار ويخسروا كل استثماراتهم، وهذا ما يسمى “حرق الأموال”. يختلف الوضع تماماً في الشركات الناشئة في الصين، ليس فحسب لأنها تتكون وتعمل في اقتصاد مركزي تهيمن عليه الدولة وإنما لأن منطق العائدات الكبيرة والربحية المبالغ فيها يختلف، فبتوقعات هامش ربح قليل مع توسع هائل في الانتشار وزيادة الطلب على منتجها التكنولوجي يمكن أن تستمر وتفوق نظيراتها الأميركية والغربية، وهذا المنطق مستمد من تجربة الصين الصناعية منذ بدايتها في ثمانينيات القرن الماضي. لذا يقول مدير الأبحاث في مختبر الذكاء الاصطناعي بمعهد “ماكس بلانك” في ألمانيا ماريو كرين، إنني أدفع حتى 300 يورو (311 دولاراً) لكي أشغل بعض الإصدارات الاحترافية من النماذج الأميركية لإجراء مقارنات، في حين لا يكلفني فعل الأمر نفسه مع “ديب سيك” سوى 10 يوروهات (10.5 دولار) فحسب. وأوضح تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” سبب هذا السعر المنخفض للتطبيق الصيني مقارنة مع النماذج الأميركية، إذ تقول “ديب سيك” إن تدريب أو تعليم الذكاء الاصطناعي من خلال قواعد البيانات أحدث نماذج اللغة الخاصة بها يكلف 5.6 مليون دولار فحسب، مقابل مئات مليارات الدولارات بالنسبة إلى النماذج الأكثر شعبية في “وادي السيليكون”. تصورات أميركية خاطئة المفاجأة الحقيقية للشركات الأميركية كانت أن كل جهود حصار الصين وفرض القيود عليها لم تفلح في كبح جماح تطورها التكنولوجي، أما مسألة أن الصين تعتمد على “التقليد وسرقة أسرار التكنولوجيا” الأميركية والغربية فلم تعد منطقية. فمؤسس “ديب سيك” المستثمر ليانغ وينفينغ لم يدرس خارج الصين إطلاقاً، وأنه وظف في شركته شباباً من خريجي أهم الجامعات الصينية ويدفع لهم رواتب جيدة بالمقاييس الصينية، كما ذكرت صحيفة “فايننشيال تايمز”. لذا تنتفي فكرة أن الصين تعتمد على طلابها الذين يدرسون في الجامعات الأميركية والغربية لينقلوا بعض أسرار التقدم التكنولوجي الغربي إليها حين يعودون إلى وطنهم، فلم توظف “ديب سيك” أي طلاب درسوا في الخارج أو “خبراء أجانب” كما كانت تفعل بعض شركات التكنولوجيا الصينية سابقاً. ثم هناك أمر أهم وهو التغير في سلوك القيادة الصينية تجاه شركات التكنولوجيا، فحسب سياسة الرئيس الصيني تشي جينبينغ السابقة لضبط الاقتصاد كانت هناك حملة على شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “علي بابا” وغيرها لتضخمها الهائل والسريع في محاولة لضبط سيطرة الحكومة المركزية خصوصاً على الجناح المالي للشركة للمدفوعات الإلكترونية. لكن منذ نحو عامين بدأت القيادة الصينية تدرك أن التقييد الحكومي والضغط البيروقراطي يحدان من الإبداع والابتكار، لذا تراجعت نسبياً عن تلك السياسات لمصلحة تشجيع انطلاق الابتكار التكنولوجي في محاولة لمنافسة الغرب بل وربما تحقيق ريادة. وكتب واننغ صن ومارينا يوي جانغ من جامعة “سيدني” للتكنولوجيا عن الجيل الصاعد من المبتكرين الصينيين في مقال لهما، “ينتمي هؤلاء المطورون إلى جيل من الصينيين الوطنيين الذين يعتمدون الطموح الشخصي إلى جانب الالتزام الأوسع تعزيز مكانة الصين كرائدة للتطور التكنولوجي العالمي”. يشرح الكاتبان كيف أن سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة لحصار الصين تكنولوجياً لم تفلح، لأنه حصار مبني على تصور أن الصين “مجرد مقلد”، بينما الواقع أن الابتكار والإبداع الصيني أصبح “صينياً تماماً”، لذا فإن عقوبات إدارة بايدن بمنع تصدير الرقائق الإلكترونية المتقدمة للصين وحتى الضغط على دول مثل هولندا لمنع تصدير معدات إنتاج تلك الرقائق لبكين لم توقف تطوير الصين رقائق إلكترونية محلية، وحتى إن لم تكن متطورة جداً كتلك التي تنتجها “إن فيديا” إلا أن العامل البشري في جعل الرقائق المحلية الصنع بالقوة ذاتها أفاد الصينيين. ويرى معظم المحللين أن هذا “الهجوم التكنولوجي المتقدم الصيني الأخير” سيدفع بشركات التكنولوجيا الأميركية إلى مزيد من تطوير منتجاتها، وإن احتاجت إلى استثمارات هائلة. المزيد عن: التطبيق الصينيأسهم الذكاء الاصطناعيالصينتشات جب بي تي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post كيف تؤثر رسوم “ترمب” الجمركية في الاقتصاد الأميركي؟ next post العثور على رجل دين أرمني لبناني مقتولا في منزله شمال بيروت You may also like ذي إكونوميست: “الذكاء الاصطناعي” الصيني يوقع ترمب في... 31 يناير، 2025 “ديب سيك” يسقط هيمنة وأساطير راجت خلال الأعوام... 30 يناير، 2025 التطبيق الصيني يثير الدهشة في أميركا وترمب يراه... 29 يناير، 2025 ما «ديب سيك» الصينية؟ وماذا يعني ظهورها في... 29 يناير، 2025 «ديب سيك» أم «تشات جي بي تي»… أيهما... 29 يناير، 2025 برنامج جديد لأوبن إيه آي يعتمد الذكاء الاصطناعي..وهذه... 25 يناير، 2025 تقرير يكشف مساعدة غوغل للجيش الإسرائيلي في غزة... 23 يناير، 2025 ترمب يعلن استثمار 500 مليار دولار في الذكاء... 22 يناير، 2025 لوائح أميركية للسيطرة على تدفقات رقائق الذكاء الاصطناعي... 14 يناير، 2025 هل يصبح التأريخ أكثر حيادية حين يسطره الذكاء... 14 يناير، 2025