الإثنين, مارس 3, 2025
الإثنين, مارس 3, 2025
Home » ساره برنار… سيرة مدهشة للسفر والرسم والكتابة والتلاعب بالرجال

ساره برنار… سيرة مدهشة للسفر والرسم والكتابة والتلاعب بالرجال

by admin

 

سيدة المسرح الفرنسي انتظرت قرابة قرنين قبل أن يعرف العالم من أبوها

اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب

كان يؤثر عن سيدة المسرح الفرنسي الكبيرة ساره برنار أنها إذا كان هناك شيء تكرهه أكثر من أي أمر آخر، فهو الانتظار. كانت لا تحب أن تنتظر أحداً أو شيئاً، وكانت حين تسأل عن سر تلك الكراهية تجيب مبتسمة، “اسألوا أمي!”. لكن أمها لم تعثر على جواب عن مثل ذلك السؤال حين يطرح عليها.

ومن هنا كان على تلك الأم أن “تنتظر” بدورها أعواماً عديدة كي “تعرف” وعبر يوميات نشرت لابنتها تلك، أن كراهية هذه الأخيرة للانتظار نبعت من كون الأم في سن طفولة بناتها الأربع تفضل واحدة منهن على الأخريات، وتحديداً على تلك التي ستحمل لاحقاً اسم سارة بعدما كانت تسمى روزين. فكانت تبدأ بالابنة المفضلة جاعلة “سارة” تنتظر دورها في أسفل القائمة، بالنسبة إلى كل شيء خصوصاً الحصول على لقمة العيش.

وتكمن الغرابة الكبرى في حياة ساره برنار في كونها “انتظرت” 178 عاماً بعد ولادتها و99 عاماً بعد موتها قبل أن يعرف العالم أن لها أباً من أبناء مقاطعة النورماندي مر في حياة أمها خلال فترة قصيرة من الزمن فأنجبت منه أربع بنات قبل أن يختفي في غياهب السجون ودائماً بتهم تتعلق بالنصب والاحتيال وأحياناً بجريمة التخلي عن عائلته. والحقيقة أن جملة الحقائق عن ذلك الأب الذي لا يحمل حتى اسم برنار، لم تعرف إلا عام 2002 ولمناسبة الاستعدادات الفرنسية الكبرى للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لتلك الفنانة الاستثنائية التي ظلت حية في ذاكرة الفرنسيين وحياتهم اليومية منذ رحيلها عام 1923 عما يقارب الـ90 عاماً.

سيرة مدهشة

لكن لئن كانت تلك الطفلة البائسة قد كرهت الانتظار فإنه لم يكن هو ما حركها لتسبق زمانها وعمرها طوال العقود التي تلت أعوام طفولتها. ما حركها كان الفقر وعدد من عشاق أمها التي كانت تتنقل بين سراة القوم وربما فقط لإعالة بناتها. وكذلك كان ما حركها منذ البداية شغف بفن المسرح غمرها منذ كانت في الـ12 واصطحبها دوق من أصدقاء الأم إلى عرض مسرحي أذهلها وجعلها تقرر أن المسرح سيكون بيتها ومصيرها إلى أبد الآبدين.

ساره برنار في الصورة الشهيرة التي التقطها نادار وهي بعد شرخ في شبابها (ويكيميديا)

 

بالفعل تنفذ ساره ذلك القرار لكنها ستتجاوزه إلى حد مدهش إذ إنها ستعرف لاحقاً ككاتبة وممثلة ومخرجة ورسامة ونحاتة وإدارية وجوالة بين القارات والمدن، وقدوة لنساء كثيرات في العالم، وكل هذا وطول قامتها لم يتجاوز أبداً متراً ونصف المتر إلا بسنتيمترات قليلة، بينما كان وزنها بالكاد يجعل مشيتها مستقيمة لفرط نحافتها. فكيف قيض لتلك التي إذ وجدت نفسها يهودية بانتمائها إلى أم كانت كذلك، قررت أن تتعمد مسيحية كاثوليكية في صباها لمجرد ألا تسير عكس التيار السائد في فرنسا المناهضة للسامية خلال الثلث الأخير من القرن الـ19؟ وكيف قيض لها أن تحظى بكل تلك الثقافة التي حظيت بها، وتلك الشهرة التي حققتها حتى لاحقاً في هوليوود حيث ستكون أول فرنسية يطبع اسمها على واحدة من تلك النجوم التي تزين قاعة المجد في عاصمة السينما والفن في أميركا؟ بل كيف قيض لها حتى أن تحقق تلك المكانة الكبرى لدينا في العالم العربي وتحديداً في مصر التي كانت زيارتها لها أكثر صخباً من زيارة الإمبراطورة أوجيني، وراح اسمها يطلق على فنانات ذلك الزمن الذهبي وخصوصاً منهن روزاليوسف التي حملت لقب “سارة برنار الشرق”.

يصعب في الحقيقة الوصول إلى إجابة قاطعة على كل هذه الأسئلة. وكذلك يصعب تفهم الافتتان الذي استشعره تجاه ساره، كبار القوم لا سيما في الحياة الفنية الفرنسية والأوروبية من تشيكوف الروسي إلى جان كوكتو الفرنسي مروراً بفيكتور هوغو الذي لقبها بـ”ذات الصوت الذهبي” تاركاً لكوكتو أن يسميها “الوحش المقدس”.

دروس في المبارزة

منذ رحيل ساره برنار صدرت عنها مئات الكتب في عدد كبير من اللغات، وتفننت فنانات العالم في محاولة اتباع دربها وعرضت عنها الشاشات الكبيرة والصغيرة لاحقاً عشرات الأفلام، في زخم وصل إلى مستويات لا تصدق قبل أعوام قليلة لمناسبة ذكرى السيدة، بل إن إدارة البريد في فرنسا أصدرت عنها ثلاثة طوابع بريدية، فيما أطلقت وكالات الفضاء اسمها على حفرة بركانية ضخمة اكتشفت في كوكب الزهرة، بعدما كان الفرنسيون أطلقوا اسمها على عشرات الشوارع والأزقة في عدة محافظات وخصوصاً باريسية، فهي ولدت في باريس التي ستموت فيها كما تقول الحكاية.

ومع ذلك كله، ظل ثمة مناطق ظل في حياتها لم يتمكن حتى سيغموند فرويد الذي كان في سنوات شبابه التي أمضى بعضها في باريس، من كشف كل خلفياتها النفسية. ومنها مثلاً شغفها بلعب دور الذكور في عدد من مسرحياتها، إلى درجة أن كثراً يعدون لعبها دور “هاملت” في تقديم فرنسي لمسرحية شكسبير الكبرى، واحداً من أعظم الأداءات بالنسبة إلى هذا الدور في فرنسا.

والغريب في هذا المضمار أن روزين (وقبل أعوام من أن تصبح سارة وتخوض الفن المسرحي) حرصت على أن تتلقى دروساً مكثفة في المبارزة بالسيف. وحين سئلت عن سر ذلك “الشغف الذكوري” قالت مبتسمة إنها تتطلع يوماً إلى أن تصبح فارساً مغواراً وتدافع عن نفسها ضد المعتدين عليها.

والحقيقة أنها ستفعل ذلك حقاً، ولكن على خشبة المسرح دائماً… ومع ذلك لا بد لنا هنا من الإشارة إلى أن ساره برنار التي لم تكن تحب الانتظار وتحاول دائماً أن تسبق زمانها، كانت مع مطلع القرن الـ20 واحدة من أولى الفنانات الفرنسيات اللاتي “اكتشفن” فن السينما وإمكاناته الفنية، وحتى “المسرحية” الهائلة. ومن هنا كانت من أولى سيدات المسرح اللاتي خضن الفن السابع في أشرطة لا ريب أنها كانت هي وراء إنتاجها.

السينما امتداد للمسرح

ومهما يكن من أمر فيمكننا أن نلاحظ أن السينما التي خاضتها ساره برنار إنما كانت امتداداً للمسرح الذي كان يشكل على أية حال، ميدان إبداعها الحقيقي. والملاحظ أن ثمة فيلماً حققه كليمان موريس عام 1900 بعنوان “مبارزة هاملت”، ومن بعده بأعوام عديدة، حقق كالاميت وبارجي فيلم “توسكا” (1909)، ثم كان دور “غادة الكاميليا” في عام 1912، وهو العام الذي شهد إنتاج فيلمين آخرين من تمثيل ساره برنار “الملكة إليزابيث”، وآخر عن حياة سارة برنار نفسها يقال إنها أخرجته في تجربة إخراجية أولى لها، وصورته في الشاليه الذي كانت تملكه في جزيرة “بيل إيل”، وذلك في تجربة سيخوض ساشا غيتري فيلماً مماثلاً لها بعد ثلاثة أعوام حين يصور السيدة في شريط عنونه “هؤلاء الذين من عندنا”.

وبين الفيلمين ستقوم ساره بدور البطولة في شريط يؤفلم مسرحية “آدريان ليكوفرور”… ولن يكون ذلك كل شيء إذ إن الأميركيين في شخص ديفيد هارتفورد سيجربون حظهم مع باريس وسارة برنار عام 1919 من خلال فيلم “حدث في باريس” وذلك قبل أعوام قليلة من رحيل السيدة عام 1923 وهي التي كان لديها من الوقت قبل ذلك الرحيل ما يكفي فقط لتصوير فيلم أخير هو “العرافة” الذي لن ينجز ويعرض إلا بعد موت سارة برنار بعامين، فكان من أنجح أفلامها لأنه استفاد من الدعاية التي أحاطت بذلك الرحيل. وهي دعاية ركزت على الدور الكبير الذي لعبته تلك الفنانة الاستثنائية في الحياة الفنية الفرنسية والعالمية. وذلك قبل عقود طويلة من تحولها إلى موضوع لكتب ومقالات تركز على حياتها، سلباً وبصورة إيجابية، مصحوبة دائماً بتلك الصور الفوتوغرافية المبكرة، التي أبدعها المصور نادار الذي كان من أعظم مصوري النجوم، مؤسساً بصوره لأساطير أولئك النجوم على أية حال، الصور التي خلدت ساره برنار في شكلها الخارجي وروحها الداخلية، لكنها عجزت عن قول كل ما يمكن قوله عنها وعن تلك الدوافع التي جعلتها تركض دائماً في سباق مع الزمن.

المزيد عن: فرنساأوروبامصرالمسرحالرسمسارة برنار

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili