السبت, مايو 31, 2025
السبت, مايو 31, 2025
Home » زاهي حواس… الكاهن يسقط في “بودكاست”

زاهي حواس… الكاهن يسقط في “بودكاست”

by admin

 

 

متخصصون يتحدثون عن احتكاره المشهد الأثري المصري على مدى عقود ويفندون أسباب ارتباكه وعصبيته أمام محاوره الأميركي ومناصروه يتحدثون عن “أجندة”

اندبندنت عربية / حميدة أبو هميلة كاتبة

يفضّل البعض في ما يتعلق بنظرية بناء الأهرامات المصرية على وجه التحديد وضع العلوم والوثائق والدلائل جانباً، والتشبث بنظريات توصف بـ”الخرافية”، إذ لا يصدقون أن بناءً هائلاً وشاسعاً وعبقرياً وصامداً منذ آلاف السنين يمكن أن يكون قد أبدعه بشر، وهو ما صالت وجالت بشأنه دراسات غربية قبل أن تكون مصرية.

لكن المفاجأة أيضاً أن لدى عموم المصريين قلة وعي أثري ملحوظة، تجعل كثيراً منهم يرتبكون ولا يملكون أدلة شافية للرد على المشككين في الحضارة المصرية القديمة، وهنا يأتي دور المتخصصين وكبار علماء المصريات وأصحاب المناصب والاكتشافات على الأرض والمحاضرات هنا وهناك. لكن حينما يُجانب هؤلاء أيضاً التوفيق يأتي دور الإنترنت والسوشيال ميديا لوضع هذا الحدث غير العادي تحت بؤرة الضوء.

ببساطة، قوبل لقاء الدكتور المصري زاهي حواس في بودكاست مع المذيع الأميركي جو روغان بموجة من الانتقادات، إذ شعروا بما يشبه الخذلان من أداء العالم الأثري في الحلقة التي امتدت ساعتين من الزمن، ليس لأن روغان وصفها بـ”الأسوأ” في مسيرة برنامجه الذي استضاف 1800 شخصية خلال 16 عاماً، معتبراً أن العالم المخضرم شخص “ضيق الأفق يتولى حراسة أهم حضارة بالكوكب”، لكن لأنه كما بدا لهم “لم يوفّق في تفنيد ادعاءات المحاور بطريقة تصلح للجمهور المتحمس والمنتظر”.

كاريكاتير ساخر مولد بالذكاء الاصطناعي يجسّد مبالغة زاهي حواس في تصريحاته، وأبرزها قوله إنه كتب 250 ألف مقالة!​​​​​​​

 

المذيع الأميركي ليس سراً أنه معروف باعتناقه أفكاراً لا تمت للعلوم الثابتة بصلة حول بناء الأهرامات، ما رآه البعض فرصة “أضاعها حواس” في مواجهة الرجل الذي يشكك في “مصرية” هذا الأثر الشاهق، إذ وجدوا أن العالم الأكثر طلباً والأكثر ظهوراً والأعلى أجراً في مجاله الدكتور زاهي حواس “مشغول بتدخين سيجاره الضخم، ومتحدثاً عن كتابه، وذاته”.

هل سقط حواس في الفخ؟

اللقاء وما جرى فيه، ثم توابعه، يطرح تساؤلات بشأن حواس من ناحية والمشهد الأثري المصري من زاوية أخرى، فهل يمكن اعتباره مجرد لقاء عابر غير موفق وانتهى أمره أم فرصة للتذكير بأن طريقة حواس في إدارة مناقشات من هذا النوع لم تعد تصلح في عصر التشكيك فيه على أشده؟ إضافة إلى أن نجاح حواس في التسويق والترويج ربما كانت له جوانب سلبية إذ لم تسمح لعلماء مصريات رفيعي المستوى من الذين تزخر بهم البلاد أن ينالوا الزخم نفسه الذي حظى به حواس.

ويعد زاهي حواس، من أغلى المحاضرين عالمياً، إذ تحتشد الجموع في أنحاء الكرة الأرضية للاستماع إليه، إضافة إلى وجوده ضيفاً دائماً على كبرى وسائل الإعلام الدولية، والعربية بطبيعة الحال، ما منحه تصدُّر مشهد الحديث عن الحضارة المصرية القديمة منفرداً، وهو ما اعتبره البعض احتكاراً منع الضوء عن مواهب كثيرة أخرى تضاهيه علماً.

من جهته، يفنّد الكاتب المتخصص في علم المصريات بسام الشماع، جدل مقابلة حواس وروغان، إذ يرى “ربما فقر اللغة الإنجليزية لدى الدكتور زاهي لم يشفع له في أن يدلل بقوة على صحة موقفه، كما أنه ربما يمتلك كاريزما، لكنها استخدمت بشكل غير سليم، جعلته يفقد مصداقيته في هذا اللقاء”، مضيفاً “كان يمكنه، طالما وجد أن هناك فخاً أو حواراً موجهاً بشكل غير نزيه، أن يقول ما لديه بشكل موثق ومحدد ويترك الحلقة ويمضي، لكنه لم يفعل هذا”.

وتابع الشماع، “بدلاً من تكرار كلمة (كتابي) وكأنه المرجع الوحيد، كان يمكن لحواس أن يتحدث عن التجارب والأدلة والبرديات التي أثبتت خطأ هذه الأفكار. روغان معروف أنه متمرس في استفزاز الضيوف، ولهذا كان يجب أن يذهب إليه زاهي متسلحاً باللغة والإجابات الحاضرة والإلقاء بها بشكل مرتب بدلاً من أن تغرق أدلته المهمة وسط الهمهمات الغاضبة”.

قال حواس إن محاوره الأميركي لديه أجندة موجهة (أ ف ب)​​​​​​​

 

كما طالب الشماع، الذي لديه مؤلفات عدة بلغات متعددة حول الآثار المصرية، وقدم محاضرات في دول عدة في المجال ذاته، الدكتور حواس بأنه “ينبغي أن يراجع نفسه”. موضحاً “الطريقة التي خرجت بها حلقة شارك فيها مستر بيست، نجم الإنترنت الشهير، في فبراير (شباط) الماضي في الأهرامات، تحمل كثيراً من علامات الاستفهام، فحتى لو كان عائدها ضخماً ومشاهدوها بالمليارات، فالصورة التي جرى بها التعامل مع الأثر تنافي أي قانون من قوانين الآثار، سواء في ما يتعلق بالخطاب الذي جرى دفنه، والتميمة، والسير في سرداب، مما يشكل خطراً كبيراً”. كذلك لافت أيضاً أن حواس “ظهر خلال كشف أثري في نفس الفترة وكان يتعامل بطريقة غير مراعية، لدرجة أن طبقة من التمثال كُسرت بين يديه”، متسائلاً “كيف يحدث هذا مع شخص يقدم نفسه على أنه حفار ومنقب علم أجيالاً على مدى نصف قرن؟”.

وبالعودة إلى الواقعة التي استشهد بها الشماع التي جرت في فبراير (شباط) الماضي، فقد قُدِّم بشأنها طلبا إحاطة في البرلمان المصري، ووصفها بعض النواب بـ”الجريمة”، فيما دافع حواس عن نفسه بشراسة، منوهاً إلى أن الفيديو فُهِم خطأ، وأن ما جرى تداوله إشاعات من “حزب أعداء النجاح”، وأن الطبقة المشار إليها رُممت سريعاً.

كما أن حواس ردّ على آراء بعض المتخصصين بأنه كان ينبغي التعامل بحذر وترك التمثال حتى يحدث توازن في هواء المقبرة كي لا يفسد بهذا الشكل، معتبراً أن هؤلاء “لا يفهمون، وأنهم هم من دمّروا الآثار، وأن هذا كلام غير علمي”، كذلك أوضح أنه حصل على تصريح من الجهات المعنية مقابل دفع رسوم لتصوير هذا الفيديو لاستخدامه في محاضراته التي يقدمها خارج البلاد.

ويشدد المؤرخ بسّام الشماع، على أنه “ليس من الصحيح ولا المنضبط أن تمر الأخطاء هكذا”. معرباً عن أسفه “أن يتصدر شخص واحد مشهد الحديث عن الحضارة المصرية القديمة لمدة عشرات السنوات، يليق بزاهي حواس أن يكون وزيراً للسياحة، لأن خبراته سوف تمكنه من إدارة هذا الملف بتفوق، وأن يترك مساحة لعلماء آخرين مثل الدكتور عيسى زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار بالمتحف المصري الكبير، وغيره كثر، بأن يأخذوا جزءاً من حقهم، لأن بعضهم من الأساس مقصرون في الظهور”.

حواس واحتكار المشهد: هل تعاني مصر ندرة باحثين؟

تصدّر الدكتور حواس للمشهد الأثري والإعلامي المصري يطرح تساؤلات حول: هل تعاني مصر ندرة باحثين في علم المصريات؟ وإذا كانت الإجابة لا، فمن يمنع هؤلاء من اقتحام عالم الميديا؟ ولماذا لم يقدموا أوراق اعتمادهم؟

تشير الدكتورة مونيكا حنا، عالمة الآثار البارزة، التي تعد من أبرز المتخصصين في المصريات، إلى أن هناك “حالة غير صحية في هذا المجال”، مضيفة، في حديث مقتضب إلى “اندبندنت عربية”، حول تلك الأسئلة بأن “هناك احتكاراً وشبكة مصالح تشوّه أي محاولات أخرى، ليتصدر المشهد وجوه بذاتها”.

وقبل أيام قليلة، كتبت مونيكا حنا، التي لقبتها اليونسكو بـ “سيدة الآثار” لمساهمتها في إنقاذ قطع أثرية مصرية من نهب العصابات، تغريدة غامضة، قالت فيها “دايماً لما بدي (أمنح) طلابي تكليف بحثي للكتابة لازم (لا بد) أناقشهم فيه باستفاضة”. مضيفة “بسهولة جداً أعرف مين فعلاً كتب بحثه ومين حد تاني (شخص آخر) كتبهوله، اللي كاتب بحثه فعلاً بيعرف يرد ويبقى عنده حجج قوية للرد على الأسئلة المركبة، أما طبعاً اللي بيبقي مش كاتب بحثه (لم يكتبه) بيرد ما هو كله في البحث ومش بيعرف (لا يجيد) يرد على السؤال، وعادةً باسقطه”. واختتمت مونيكا تغريدتها “وأنا هنا مش (لا) بتكلم عن طلابي”. رافضة تسمية من تقصد.

على الوجه المقابل يعلق خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، على مقابلة حواس وروغان، إذ وصف الأخير بأنه “متجن ويحمل أجندة خاصة”، مذكراً بالمنظمات الممولة التي تهاجم الحضارة المصرية، بخاصة الأهرامات، والزعم غير العلمي بمشاركة أقوام أخرى عاشت في مصر مثل بني إسرائيل في بناء الحضارة المصرية. مؤكداً أن ثبت علمياً اكتشاف مساكن العمال بالأهرامات، وبردية وادي الجرف التي تشير إلى تفاصيل كاملة عن طريقة بناء الهرم الأكبر وأسماء عمال البناء.

وبسؤال ريحان حول كيف احتكر الدكتور حواس المشهد الأثري؟ كما قال البعض أجاب، “حواس لا يحتكر العلم، بل هو عالم له اسمه وتاريخه العلمي ومؤلفاته وعمله الميداني، لذلك الإعلام يلجأ إليه في كل موقف”، مشيراً إلى أن عدم الاستعانة بغيره هو “عيب على الإعلام وليس على شخص زاهي”.

يتصدر زاهي حواس مشهد الحديث عن الحضارة المصرية القديمة منفرداً (أ ف ب)

 

ويضيف ريحان، “يجب على الإعلام أن يعرف أن هناك آلافاً من علماء المصريات داخل مصر لديهم خبرة كبيرة في تخصصاتهم، ولديهم رؤى متنوعة يمكن اللجوء إليهم للإدلاء برأيهم في أي قضية عارضة للآثار داخلية أو هجوم خارجي على الحضارة المصرية، حتى لا يظهر في الصورة أن هناك آثارياً أوحد، وهذا مرفوض بالطبع”.

وفي شأن الغياب الإعلامي للمتخصصين الأثريين، وما إذا كان الإعلام السبب، يرى بسّام الشماع أن إحجام الكثيرين عن محاولة تصدر المشهد والحديث حول حضارة البلاد القديمة، “يعود إلى عدة أسباب لمسها هو من واقع خبرته العملية، ومنها هناك من يخاف من الظهور بالفعل خوفاً من الدعاية السلبية التي ستطاول آراءه إذا عارضت وجهات نظر بعض الأشخاص الأكثر شهرة في هذا الأمر، وهناك أيضاً من لديهم حجة، لكن ليست لديهم لغة إنجليزية جيدة أو مؤهلات للحديث في الميديا العالمية، إضافة إلى آخرين مسالمين ويخشون أن يصبحوا مثل زملائهم الذين فقدوا مناصبهم خلال مواجهات سابقة”.

يذكر أن فكرة الأجندة الموجهة التي قالها الدكتور ريحان في تعليقه هي نفس ما رد به زاهي حواس على الجدل الذي أثارته الحلقة، إذ قال في تصريحات تلفزيونية عن بُعد نظراً إلى قيامه بجولة محاضرات علمية حول الآثار المصرية بعديد من الولايات المتحدة الأميركية، “نجحت بدليل اعتبار روغان لقائي به هو الأسوأ في مسيرته، هو تمسّك بأجندته المسبقة التي تؤمن بنظريات غريبة، من أن السحرة هم من شيدوا هذا المجد، وأن هناك أعمدة تحت الأهرامات”. معتقداً أنه وُفِّق في مهمته ودافع بكل قوة عن حضارة مصر، ومؤكداً أنه “لم يكن ضعيفاً، لكن روغان مش عايز (لم يرد) يفهم”.

اللافت أن حواس بدا متحكماً من أدواته حينما كان يوجّه حديثه إلى الداخل المصري في المداخلات التي قام بها، لكنه أيضاً قال تصريحات أثارت علامات استفهام، وهو أنه كتب 250 ألف مقالة، وهو رقم بحاجة إلى توضيح المقصد منه، بخاصة أن الإنسان يحتاج إلى سبعة قرون كي يكتب هذا العدد من المقالات.

ويعد حواس واحداً من أبرز متخصصي مجاله عالمياً، وقد درس أولاً الآثار اليونانية والرومانية، لكنه حصل على الدكتوراه في علم المصريات، وهو نجم تلفزيوني عالمي في ما يتعلق بوثائقيات الحضارة المصرية، إضافة إلى مشاركته في حملات إعادة آلاف القطع الأثرية المنهوبة للبلاد، وكذلك لديه نحو 60 كتاباً بـ13 لغة، كما نجح في أن يصنع ما يمكن تسميته بالماركة الشخصية في هذا المجال.

لكن كل هذا الرصيد وهذه الثقة، جعلته يعلن غضبه من انتقادات المصريين له، لعدم رضاهم عن ظهوره الأخير، بخاصة أن منهم من قالوا إن كل هذا العلم لم يكن له حضور كما ينبغي في اللقاء، بل حلّ بدله العصبية والتشتت، والمعلومات المهمة تاهت في سياق من التوتر.

لغة الجسد تنطق بالحقيقة

أما أستاذة علم الاجتماع القانوني الدكتورة ثريا عبد الجواد، فقالت إن السبب في تصدر حواس المشهد وكأنه الأوحد في مجاله، سببه أن المناخ العام “لا يسمح للمتخصصين الأكفاء وقادة الرأي الحقيقيين بالظهور وأخذ فرصتهم”. مشددة على أن هناك من هم أكثر حنكة وقدرة، ومع ذلك يجري تقييدهم وفرض آخرين”.

وأبدت عبد الجواد اندهاشها من احتفاء حواس ومريديه في البداية باللقاء، ثم بعد أن انكشفت الحقيقة خرجوا ليدافعوا بعصبية متحدثين عن “أجندة مشبوهة، وكأن هناك فخاً أو مؤامرة نصبت للعالم الشهير”، متابعة: “لم نعد نعيش في عصر إعلامي مغلق، ولهذا شاهد الجميع حقيقة ما حدث، وأن الحلقة لم تكن تدعو للفخر”.

قوبل لقاء زاهي حواس في بودكاست مع المذيع الأميركي جو روغان بموجة من الانتقادات (وسائل التواصل)​​​​​​​

 

وأشارت الأستاذة الجامعية في علم الاجتماع القانوني أن طريقة الدكتور حواس في الحديث، وأسلوب تدخينه للسيجار، “أوضحت ارتباكه، وعدم توقعه لأسلوب المحاور، الذي لا يبالي بما يسميه البعض مسلمات”.

وتابعت، “أراد حواس من خلال تصرفه أن يظهر كشخص متعالٍ ومتباهٍ ولا يأبه، ويعتبر نفسه أفضل من محدثه، فانقلب الأمر عليه، واتضحت هشاشة الشخصية، فاعتمد على ما يسمى في العامية المصرية (الفهلوة) لمحاولة الخروج من المأزق”.

وتواصلت “اندبندنت عربية” مع العالم المصري الدكتور زاهي حواس للتعليق، لكنه لم يستجب حتى كتابة هذا التقرير.

المزيد عن: مصرالحضارة المصرية القديمةحضارة مصرزاهي حواسالأهراماتبناة الأهراماتجو روغان

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili