بأقلامهم رضوان السيد يكتب عن: روي متحدة والعلاقات العربية ــ الإيرانية by admin 24 أغسطس، 2024 written by admin 24 أغسطس، 2024 122 بعد نهاية الحرب العراقية – الإيرانية عام 1988، تصاعدت آمال روي متحدة في عودةٍ تدريجية للعلاقات السلمية العربية – الإيرانية، بسبب سوء سياسات الولايات المتحدة في المنطقة، وليس بسبب إسرائيل فقط، بل ولفترة الهيمنة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. وقد وصل اعتقاده إلى حالة اليقين في عهد الرئيس محمد خاتمي. الشرق الاوسط / رضوان السيد كاتب وأكاديميّ وسياسي لبناني وأستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية تُوفي صديقي روي متحدة أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة «هارفرد» قبل أسبوعين، فانطوى بذلك نقاشٌ دار بيننا على مدى أربعين عاماً ليس في الأكاديميا والتاريخ والدراسات المشتركة وحسب؛ بل بالدرجة الأولى في العلاقات الإيرانية – العربية قديماً وحديثاً، والهوية الوطنية والقومية، وعِلَل ومقاصد التشابك والاشتباك بين الأمتين أو الثقافتين. وروي من أصل إيراني، لأبٍ بهائي وأم نيويوركية من أصل يهودي. وشأن الأميركيين في التعدد كان متحدة تعددياً ليس في الدين والإثنية، بل وفي الميل الهوياتي واللغوي والعمق الإنساني. بدأ دراساته العلمية بخلاف إرادة والده في الدراسات الإسلامية بين «هارفرد» و«كمبردج» و«برنستون»، ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً صار أستاذاً للتاريخ الإسلامي بجامعة «هارفرد». كانت أعماله الأولى عن البويهيين، في القرنين الرابع والخامس للهجرة، حين تمايز الاثني عشرية فقهاً وسياسةً عن الإسماعيلية وعن السنة. لكنه اشتهر شهرةً واسعةً بعد صدور عمله عام 1986 عن نهوض رجال الدين الإيرانيين ووصولهم للسلطة بإيران عام 1979 في الثورة المعروفة، وعنوان الكتاب: «بُردة النبي، الدين والسياسة في إيران». ما بدأت علاقتنا بترجمتي للكتاب إلى العربية (2004) بل بالنقاش منذ عام 1985 عن عِلَل سوء العلاقة بين الإيرانيين والعرب خلال استقطابات الحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988). وكما في مقدمته للترجمة العربية لكتابه ما كان متحدة مقتنعاً بالأسباب القومية أو إشكاليات الجوار للاشتباك الشهير. في نظر متحدة، قومية الشاه ما كانت خطِرة على الجوار حقاً. بيد أنّ خطأه كان اصطدامه برجال الدين من دون داعٍ بعد وفاة الفقيه حسين بروجردي عام 1961. أما النهوض الديني الإيراني فلا يختلف كثيراً عن النهوض الديني في العالم السني، والفرق أنه في إيران كانت المؤسسة هي التي تحرّكت؛ في حين أضعفت الحداثة والعسكريون المؤسسة السنية في العالم العربي وباكستان وإندونيسيا، فحصل النهوض الديني من جانب الحركات الدينية المعارِضة للمؤسسة وللسلطات القومية. وكنت أُسمّي الظاهرة: «إحيائية» Revivalist، تشبيهاً بالاحتجاجيات البروتستانتية، لكنّ روي متحدة كان يرى أن «التقليد» رغم الهجمات عليه من جهات عدة كان لا يزال قوياً وبخاصةٍ في النهوض الديني الإيراني. وكان اعتقاده أنّ النزعة التوسعية ذات البعد التبشيري في الثورة الدينية ستتجه نحو آسيا الوسطى والقوقاز وأفغانستان وباكستان وفيها جميعاً أقليات شيعية قوية. إنما في عهد الخميني كان هناك اتجاه لادعاء الزعامة الدينية العامة في العالم الإسلامي، وشجّعت الحرب العراقية هذا الاندفاع باتجاه العراق الشيعي الأكثرية، ليكون سهماً منطلقاً باتجاه العالم العربي. وعندما لاحظت أنّ الانشقاقات في الإسلام السني لم تلتقِ مع إيران الثورية، جادل في أن اللقاء سيحصل آجِلاً، وبخاصة أنّ إيران رغم الحرب ترفع الراية الفلسطينية لدواعٍ دينية. وقد نبهني مراراً إلى ما ذكره في «بردة النبي» عن عواطف رجال الدين الشبان في الخمسينات والستينات تجاه ثورة الجزائر والثورة الفلسطينية. وأنّ تلامذة الخميني بتوجيهٍ منه كانوا يترجمون أدبيات «الإخوان» إلى الفارسية في الستينات، رغم أن جمال عبد الناصر عدو «الإخوان» كان يدعم ثوران رجال الدين ضد الشاه. بعد نهاية الحرب العراقية – الإيرانية عام 1988، تصاعدت آمال روي متحدة في عودةٍ تدريجية للعلاقات السلمية العربية – الإيرانية، بسبب سوء سياسات الولايات المتحدة في المنطقة، وليس بسبب إسرائيل فقط، بل ولفترة الهيمنة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. وقد وصل اعتقاده إلى حالة اليقين في عهد الرئيس محمد خاتمي. ورغم جمود علاقاته بإيران الثورية، فقد بذل جهداً مع الأساتذة الإيرانيين في الولايات المتحدة، كي لا تدعم إيران الغزو الأميركي للعراق. وعبّر عن الأمل نفسه في الندوة التي أقامها «المجلس الأعلى للثقافة بمصر» احتفاءً بصدور ترجمتي لكتابه: «بردة النبي» عام 2004. ليلتها قال له الدكتور جابر عصفور الأمين العام لـ«المجلس الأعلى للثقافة»: لكنّ ذلك حصل، والمعارضون العراقيون القادمون من إيران وسوريا وبريطانيا وأميركا يحكمون في العراق الآن، وإيران من ورائهم مع الأميركيين الغزاة، عندها قال روي على ما أذكر: لسوء الحظ والتقدير يبدو أنهم بذلك ينتقمون لحرب صدّام عليهم في الثمانينات! وما تضاءل أمله رغم كل ما حصل خلال عقدٍ ونصف العقد، ولذلك لامني على ما ورد في كتابي: «العرب والإيرانيون وعلاقات الزمن الحاضر» (2014، 2017) بوصفها وقائع عارضة لا يصح عدّها ظواهر باقية. وعندما التقى السعوديون والإيرانيون في الصين واتفقوا على استعادة العلاقات الدبلوماسية كتب إليّ روي من على فراش المرض والشيخوخة: ألم أقل لك منذ عام 2004 إنه لن يبقى إلاّ الصحيح، فكيف يتآلف الأتراك والإيرانيون ولا يتآلف الإيرانيون والعرب؟! 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عبد الرحمن الراشد يكتب عن: بريطانيا بين العنصريين والمتطرفين next post أسرى «حماس» يستعدون للحرية ويوزعون بينهم مهام القتال المقبلة You may also like دلال البزري تكتب عن: العرب في قمّة تهيمن... 6 مارس، 2025 غسان شربل يكتب عن: ليلة القيصر 3 مارس، 2025 حازم صاغية يكتب عن:السؤال الذي يتحاشى الكثيرون طرحه! 3 مارس، 2025 وليد الحسيني يكتب عن: أمة التغيير..”ما فيش فايدة” 3 مارس، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل يسير ترمب... 2 مارس، 2025 سكوت أتران – أنخيل غوميز: ما تطلعات أهل... 28 فبراير، 2025 رضوان السيد يكتب عن: «مقاومة»… لكنها لا تقاوم 28 فبراير، 2025 جو معكرون يكتب عن: إضطراب المكوّن الشيعي في... 27 فبراير، 2025 كاميليا انتخابي فرد تكتب عن: التقارب الروسي –... 27 فبراير، 2025 دلال البزري تكتب عن: حزب الله… نصر الله 27 فبراير، 2025