الثلاثاء, ديسمبر 3, 2024
الثلاثاء, ديسمبر 3, 2024
Home » رضوان السيد: تونس ولبنان… ماذا بعد الثورات والانتخابات؟!

رضوان السيد: تونس ولبنان… ماذا بعد الثورات والانتخابات؟!

by admin

إنّ ما حصل بتونس، ولبنان، من حيث فشل التجربة البرلمانية وفشل استراتيجيات الانتخابات، جرى مثله في ليبيا والعراق. فهل يعود ذلك إلى التدخلات الخارجية؟

الشرق الاوسط اللندنية \ رضوان السيد

كاتب وأكاديميّ وسياسي لبناني وأستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية

سيطر عليّ الخوف والهلع لما جرى بتونس وما يجري. وأجيالنا الجديدة في لبنان، وربما في البلدان العربية الأُخرى، لا تكاد تشعر بما يجري خارج مدى أبصارها القريبة، أما نحن الذين كنا واعين يوم هزيمة الدولة الوطنية العربية عام 1967، وخمدنا فلم نستيقظ إلا على صراخ الجمهور في تونس ومصر عام 2011؛ الشعب يريد إسقاط النظام! هذا الجيل المنقضي أو أولئك الشيوخ يشلّ الرعب العقل عندهم، ويسيطر عليهم عند أول مظاهرة أو أول ضربة كف، كما يقول اللبنانيون، وهيهات أن يعود إليهم رشدهم أو يعودوا هم إليه!
عندنا في لبنان ومن حيث الشكل اختلف رئيس الجمهورية مع رئيس أو رؤساء الحكومة، ووقف رئيس البرلمان مع رئيس الحكومة. بيد أنّ الرئيس في لبنان لم يستطع غير أمرٍ واحدٍ كبيرٍ في الحقيقة هو؛ منع تشكيل حكومة لإدارة البلاد وسط انهيار هائل! أما في تونس فاختلف الرئيس أيضاً مع رئيس الحكومة ومن ورائه رئيس البرلمان، فعمد رئيس الجمهورية إلى إقالة الحكومة ورئيسها، وإيقاف عمل البرلمان لشهر! وكما اختلف السياسيون والخبراء في لبنان في تشخيص «أزمة الحكم» وهل هي أزمة تفسير الدستور أم أنها تتعدى ذلك بكثير لتكون أزمة نظامٍ سياسي تابع لحزب مسلَّحٍ تابع بدوره لإيران، فكذلك اختلفوا في تونس على «الصلاحيات»؛ صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات البرلمان والحكومة، بدليل أنّ رئيس الجمهورية يرفض استكمال تشكل المجلس الدستوري الذي يخشى أن يتغلب عليه فيه رئيس البرلمان بالأعضاء الذين يعينهم البرلمان. سيقول كثيرون؛ إن حزب «النهضة» الإسلامي، حزب رئيس البرلمان، صوَّت بغالبيته لترئيس قيس سعيد من قبل. لكنّ هذا غير مستغرب، فقد كان سعد الحريري طوال 3 سنوات ونيف أقرب حلفاء عون وصهره، وصديقهم الأعز، ثم ما لبثوا أن تطاعنوا بالسكاكين والخناجر!

لقد ظللتُ أعتقد لأكثر من عام أن مشكلة تونس أسهل من مشكلة لبنان، رغم التساوي في التأزم الاقتصادي إلى حدود الانهيار، وأنّ وباء «كورونا» المتفاقم جامعٌ بين البلدين أيضاً. وما أزال أعتقد ذلك، لأنه ليس في تونس جيوش وميليشيات أجنبية. لقد بلغ من تفاقُم هذه الظاهرة في لبنان أن صار الحديث عن تحالف المافيا والميليشيا، المافيا هي الطبقة السياسية، والميليشيا هي الحزب المسلَّح التابع لإيران، الذي يهيمن على المرافق ويدير الطبقة السياسية في محاصصاتها وخلافاتها (!)

وهنا تدخل ليبيا على الخطّ، والتي تكاثرت فيها بدورها الجيوش والميليشيات من كل حدبٍ وصوب. والواقع أنّ هناك «مغريات» في كلٍ من ليبيا ولبنان، سواء بالانقسام أو بالتدخل الخارجي. وقد كان الإسلام السياسي والجهادي مطارَدَين في تونس وليبيا في العهدين السابقين، ثم دخل الإسلاميون على الخطّ بعد العام 2011 واستعانوا بالخارج الأمني والعسكري من قطر وتركيا و«الإخوان المسلمين» المتهاطلين من هنا وهناك.

ليست المشكلة هي؛ هل يحقُّ لرئيس الجمهورية اللبنانية أو التونسية دستورياً أن يقوم بهذا التصرف أو ذاك؟ بل بضرورته وسياقاته. في لبنان وتونس انهيار اقتصادي ومالي فظيع. وفي الواقع أنّ تونس محظوظة أكثر من لبنان في السنوات الأخيرة من حيث المساعدات الخارجية الدولية والعربية التي تدفقت عليها. لكن كما كان الفساد وسوء الإدارة مستشريين في لبنان، يبدو أنهما مستشريان بتونس، التي صنعت ثورة للخروج من نظام الفساد. وهكذا فكما لم يستفد الشعب اللبناني من ميزاته الخارجية والداخلية، فكذلك ما استفادت تونس من النظام الجديد في المجالات الاقتصادية والمالية والتنموية. يقال؛ إن الذي حصل فقط هو تضخم الجهاز الوظيفي، كما حصل في لبنان خلال أكثر من عقدين، لكنه تفاقم في عهد الجنرال عون.

ماذا استفاد الشعبان من ثورتيهما إذن، التونسيون عام 2011، واللبنانيون عام 2019؟ النخب السياسية تغيرت، وإن كان بالتدريج في تونس، وما تغيرت قيد أُنملة في لبنان. بيد أنّ السلوك السياسي في البلدين لم يتغير، والإصلاحات المطلوبة ما تحقق منها شيء. وكما أنه ليست في لبنان حكومة منذ 10 أشهر، ما عادت في تونس حكومة منذ حلَّها الرئيس، بل إن حكومة المشيشي بتونس ما كانت قادرة على العمل قبل حلّها وبقيت ناقصة وشبه مشلولة، والبلاد تغرق في البؤس، ويستمع التونسيون كل يوم إلى الشتائم المتبادلة بين المتصارعين، كما هو عليه الحال في لبنان منذ عامٍ ونصف عام!

إنّ أهمَّ ما جاءت به حركات التغيير في نظر الغربيين عام 2011؛ الانتخابات الحرة، وفي تونس بالذات! انتخابات البرلمان جرت 3 مرات، وانتخابات الرئاسة كذلك. وجاءت بنتيجتها برلمانات منقسمة، وإن تقدم الإسلاميون الصحويون بعض الشيء على سواهم من الأحزاب الجديدة والمتكاثرة. بيد أنّ سعْي كل الأحزاب (وبخاصة «النهضة» لضخامة حجمها) لبلوغ السلطة أو تقاسُمها، أشاع الاضطراب في العمل البرلماني والتشريعي، وفي العلاقات بين الأحزاب، كما دفع برئيس الجمهورية إلى دخول الساحة السياسية بنفسه بدلاً من أن يكون أو يظلَّ رئيساً وحَكَماً. وما جرى في تونس جرى في لبنان وأكثر، فالرئيس أراد الاستئثار بكل شيء، وعندما لم يستطع صار تكتيكه تعطيل كل شيء والحكومة بالذات، وإلى تحقير شديدٍ للبرلمان!

إنّ ما حصل بتونس، ولبنان، من حيث فشل التجربة البرلمانية وفشل استراتيجيات الانتخابات، جرى مثله في ليبيا والعراق. فهل يعود ذلك إلى التدخلات الخارجية؟ بالطبع لا. بل يعود للصراع السياسي على السلطة، دونما لجوءٍ لقواعد دستورية أو الالتزام بها. الضعيف لا يعترف بالقوي، والقوي المعتز بنتائج الانتخابات يرى نفسه حقيقاً بتولّي كل شيء. وتأتي النكهة الدينية والمذهبية لتُضفي على المشاعر إحساسات بالتفوق والأحقية سواء لدى «حزب الله» أو لدى «حزب النهضة» أو لدى «الإخوان» في ليبيا، و«الحشد الشعبي» في العراق! فهل نحن مفتقرون إلى «ثقافة الديمقراطية»، وبخاصة أنّ معظم النُخَب السائدة اليوم في تونس ولبنان وليبيا والعراق، متخرجة في الغرب أو في جامعاته في ديارنا؟! هل آن أوان العودة للحديث عن الاستثناء العربي تارة، والإسلامي تارة أُخرى؟!

إنّ تجارب الثورات والانتخابات ما أنتجت حتى الآن نمواً اقتصادياً؛ ولا حريات عامة أساسية، ولا دساتير يجري تطبيقها، فضلاً عن اضطراب السلام الاجتماعي، وظهور الانقسامات والراديكاليات في الدين! لقد عادت المقولة التي ذكرتُها في ندوة بـ«الأهرام» عام 2014: «من الخوف من الدولة إلى الخوف عليها»! والخوف على النظام العام، الذي يجلب الجيش من جديد إلى المجال السياسي، وهو الأمر الذي يراد تسميته استبداداً في نظر المراقبين الغربيين!

 

 

You may also like

18 comments

시흥오피 30 يوليو، 2021 - 11:59 ص

This is my first time visit at here and i am genuinely pleassant to read everthing at one
place.

Reply
카지노사이트쿠폰 30 يوليو، 2021 - 12:01 م

Great blog here! Also your web site loads up fast!
What web host are you using? Can I get your affiliate link to
your host? I wish my website loaded up as fast as
yours lol

Reply
thesis in an essay 13 نوفمبر، 2021 - 3:19 م

Sustain the excellent work and producing in the group! http://multiessay.com/

Reply
wild online casino 15 نوفمبر، 2021 - 11:32 ص

Wow because this is excellent work! Congrats and keep it up. https://casinogamesmachines.com/

Reply
dirty sex games for couples 18 نوفمبر، 2021 - 9:56 ص

Wow, lovely website. Thnx … https://sexygamess.com/

Reply
playing sex games online 18 نوفمبر، 2021 - 2:28 م

Thanks meant for giving this kind of very good content material. https://winsexgames.com/

Reply
playing sex games online 18 نوفمبر، 2021 - 2:28 م

Thanks meant for giving this kind of very good content
material. https://winsexgames.com/

Reply
keto gummy bears 19 نوفمبر، 2021 - 4:40 ص

Passion the website– very individual friendly and whole lots to see! https://ketogendiet.net/

Reply
milk on keto diet 19 نوفمبر، 2021 - 8:20 م

Many thanks really helpful. Will certainly share website with my friends. https://ketogenicdiets.net/

Reply
best bread for keto diet 20 نوفمبر، 2021 - 4:49 م

Thanks really useful. Will certainly share website with
my friends. https://ketogenicdietinfo.com/

Reply
best bread for keto diet 20 نوفمبر، 2021 - 4:49 م

Thanks really useful. Will certainly share website with my friends. https://ketogenicdietinfo.com/

Reply
information on keto diet 21 نوفمبر، 2021 - 12:10 ص

Wow cuz this is very great work! Congrats and keep it up. https://ketogendiets.com/

Reply
blackjack online real money 9 يناير، 2022 - 10:17 م

Wow, such a advantageous webpage. blackjack online real money

Reply
gay boys free dating websites 11 يناير، 2022 - 9:32 م

top gay dating sites dallas texas completely free gay dating sites gay
fat dating gay boys free dating websites

Reply
christian gay dating app for android 12 يناير، 2022 - 5:05 م

black gay dating siteschristian gay dating app for androidsteve cardenas dating gay gay dating sites defiance ohio gayprideusa.com

Reply
gay teen dating website 12 يناير، 2022 - 8:40 م

i have no gay friends cuz everyone sees me as a potential dating
partner what’s the best site for finding a gay dating site for
women gay dating search for free gay teen dating website

Reply
vdeos of live slots 21 يناير، 2022 - 5:43 م

free vegas slots las vegas games free slots 100% free slots games vdeos of live slots

Reply
jeep with 6 slots grille 22 يناير، 2022 - 5:21 ص

play great africa slots adult slots era slots capital jeep with 6 slots grille

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00