السبت, نوفمبر 16, 2024
السبت, نوفمبر 16, 2024
Home » رشا الأمين تكتب عن : مشروع شهيد 

رشا الأمين تكتب عن : مشروع شهيد 

by admin

 

درج ميديا رشا الأمين

لأحدهم صخرةٌ عُلّقَتْ بالنجم يسكنها، أما أنا فكان لي جار “شهيد” معلّق على المبنى المقابل لشرفتي في منزل عائلتي، جاري لا يفرح ولا يحزن، فقط ينظر إلي وعلى وجهه ابتسامة خجولة، كنت أحييه كل صباح: “السلام عليكم”، لا يجيب، ألحّ في التحية، لا من مجيب.

مرّت على لقائنا الأول أشهر، لست أدري في ثرى أي قرية أو دسكرة واروه، ولكن، في شتاء العام الحالي، علقوه ــ علقوا صورة له ــ على الواجهة الزجاجية اللصيقة بالمبنى المقابل لشرفتنا في الضاحية الجنوبية لبيروت…

وللمبنى المذكور قصة تُروى، ففي أول عهده زُين بلافتة يستدل منها بأنه يضم داراً للنشر اسمها “دار المعارف الإسلامية الثقافية”، لم يخالطني شك بأنها دار “إلهية” بمعنى ما، ولكن سرّني ذلك.

في العام 2013 خلع المبنى قناع الثقافة، وكشف عما أفترض أنه وجهه الحقيقي… بين ليلة وضحاها تحول المبنى إلى منشأة عسكرية، بشهادة ما أُحيط به من مكعبات إسمنتية ضخمة وكاميرات، ومن يتناوب على حراسته من شيب وشبان…اليوم أصبح مركزاً للجيوش الألكترونية التابعة لـ”حزب الله”.

لا تختلف الصورة عن صور باقي زملائه التي أخذت بالانتشار في حيّنا مع اندلاع الحرب مع إسرائيل على الحدود، كل ما في الأمر أنها، لقربها من شرفتنا، كانت تبدو لي أكبر من كل الصور الأخرى، وكل ما في الأمر أنها حاضرة ليل نهار… تماماً كالحرس المحيطين بالمبنى الذي تتدلى منه.

رائف في الصورة، يبدو في آخر العشرينيات، لا أعرف متى التقطت له هذه الصورة، أو لماذا اختيرت لتخليده دون سواها، فالجزمة البيضاء التي ينتعلها تبدو لي ضخمة جداً قياساً بالصورة نفسها، والسلاح الذي يحمله مصوب نحو الأرض، وليس صوب السماء، أو أي اتجاه آخر أكثر إيحاء ودلالة، أما قامته؛ في الصورة على الأقل، فمديدة تكاد تطاول قبة المسجد الأقصى خلفه، أما العلم الأصفر في أعلى يمين الصورة، فوق القبة وفوق الشهيد، فيبدو كستارة مسرح توشك على الانسدال عليهما وعلى المشهد برمته، في كل حين.

لم تكن التلة التي يرابط عليها مركزاً متقدماً، ولأنها كذلك، فلم يقتض شباب “الهيئة الصحية” بذل الكثير من الجهد لـسحب الجثة ــ جثته التي لم تشوه رصاصةُ القَنْصِ القاتلةُ سوى أعلى الصدر منها ــ وللعودة بها إلى نصابها من “الموت العادي”.

ثلاث سيناريوهات عن حياة رائف

الأرجح أنني أفكر برائف أكثر مما يفكر به الكثيرون من زملائه ومن إخوانه، فرائف، دون كل “الشهداء” الذين ألتقي بهم على الطرقات، كان جاري، وكان كتوماً ومثيراً للفضول، ومتى ما وصل الفضول إلى حائط مسدود لا يبقى إلا الخيال:

سيناريو 1: لسبب ما لم يكمل رائف دراسته بل التحق بسوق العمل باكراً، ومن ورشة غيار الزيت، إلى المسجد، إلى أول معسكر، إلى أسابيع الخدمة في الجنوب، إلى سوريا، إلى “الشهادة” دارت الحياة دورتها.

سيناريو 2: أكمل رائف دراسته المتوسطة والتحق بـ”معهد الآفاق” لدراسة المحاسبة، وخلال دراسته التحق بكشافة المهدي، ثم بدأ بارتياد المساجد والمشاركة في تنظيم المسيرات الحزبية، ثم تابع أول دورة عسكرية، وما إن أنهى دراسته في المعهد حتى عُرضت عليه وظيفة في مؤسسة “القرض الحسن”، وهكذا مرت عليه سنوات كانت خدمته فيها تقتصر على أسابيع معدودة يغيب فيها، من دون أن يعرف أحد أين هو، ذات يوم ودّع العائلة، ولم تمض أسابيع حتى تحققت نبوءة مارسيل خليفة فيه “وعاد مستشهداً”.

سيناريو 3: رغم أن رائف من سكان الضاحية، وأنه أنهى دراسته الثانوية في إحدى مدارسها، فلقد حرص أهله على الحيلولة بينه وبين تأثيرات المحيط، كان يحز في نفسه أنه “محروم” من متابعة أترابه، سواء ابن جارهم العامل في ورشة غيار الزيت، أو ابن جارهم الذي ترك المدرسة والتحق بـ”معهد الآفاق”.

لم يخذل رائف أهله، فترقى عاماً بعد عام من صف إلى صف إلى أن التحق بالجامعة، في الجامعة التقى بشاب ملتزم ذي لحية خفيفة، لم يعرف رائف بداية أن الشاب ذا اللحية الخفيفة ليس طالباً عادياً، إنما حزبي متفرغ برتبة طالب، ساعده الشاب ذو اللحية الخفيفة في كل ما احتاج إليه للتأقلم مع الجامعة وجوها، ولكن المساعدة لم تقتصر على ذلك فقط، فيوم أنس الشاب ذو اللحية الخفيفة أن رائف قد نضج، دعاه إلى مرافقته إلى جامع “سيد الأوصياء” في برج البراجنة، ومن هناك كانت البداية…وهناك كانت النهاية!

في شتاء 2024  بدأت الحرب على غزة، وكغيره من “الإخوان” فرح رائف فرحاً عظيماً، صحيح أن كفاءات رائف العسكرية خلال أسابيع التدريب القليلة التي تلقاها، لم تبهر أحداً من مدربيه، فبعد تلك الأسابيع بات رائف جزءاً من “التعبئة”، وكان فرحه بتلك “الانتصارات” مساوياً لشعوره بـ “الانتماء”، أكثر منه لحُسْن ظنه، هو نفسه، بقدراته العسكرية، ثم كان اليوم الذي دعي فيه رائف، بوصفه “احتياط” إلى اجتماع عاجل.

لم تكن التلة التي يرابط عليها مركزاً متقدماً، ولأنها كذلك، فلم يقتض شباب “الهيئة الصحية” بذل الكثير من الجهد لـسحب الجثة ــ جثته التي لم تشوه رصاصةُ القَنْصِ القاتلةُ سوى أعلى الصدر منها ــ وللعودة بها إلى نصابها من “الموت العادي”.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00