السبت, ديسمبر 28, 2024
السبت, ديسمبر 28, 2024
Home » ديانا مقلد تكتب عن: كي لا نشارك في الخديعة  

ديانا مقلد تكتب عن: كي لا نشارك في الخديعة  

by admin

 

 رغم كلّ شيء، وكلّ ما يحصل، لا تزال حرارة التشهير والتخوين حتّى اليوم تنافس حرارة السلاح، بل لم يتورع البعض عن الخروج والتشهير بأسماء بعينها، محذّرين إياهم بأنهم سيحاسبونهم حين تنطوي الحرب.

درج ميديا / ديانا مقلد – صحافية وكاتبة لبنانية

هناك من يقول ألا قيمة للنقاش ولا لرأينا في ظل ما يجري، ربما. لكن مع هذا، هو وقت النقاش الصريح، لا وقت الحذر والهرب منه. نعم ربما هي آراء لن تضع حداً للحرب لكنها بالحد الأدنى محاولة لعدم المشاركة في الخديعة التي تعاد صياغتها مجدداً على دم من قضوا وأرواحهم.

لبنان صار غزة…

الهاجس الذي لازمنا طوال عام من متابعة مجازر وجرائم إبادة ترتكبها إسرائيل بحق غزة وأهلها، بات اليوم هنا حولنا نراه ونعيشه ونتنفّسه بين أهلنا وأصدقائنا وأبناء بلدنا ومن على شُرف منازلنا.

كان جلياً أن إسرائيل كسرت في غزة كل الخطوط الحمر وألا رادع لها عن مجازرها ولا محاسبة، بل مزيد من المال والسلاح الأميركي. ومع ذلك كله، كنا في لبنان نُقاد إلى هذه الحرب غير المتكافئة باسم “الإسناد”، فلا مشيئة تعلو مشيئة الولي الفقيه الذي كرّس معادلة “وحدة الساحات” بوصفها مسؤولية الأطراف كـ”حزب الله” و”الحوثي”، أما الرأس في طهران فيقوم بردود محدودة مدروسة لا تفتح جبهات كاملة، فتلك يقع على عاتق الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين خوضها حتى آخر قطرة من دمهم وآخر حجر من بلادهم.

العالم متآمر متخاذل منحاز إلى إسرائيل، حقيقة نعرفها واختبرتها غزة بأبشع الأساليب، حقيقة ينبغي أن نبقي من إشهارها في وجه الغرب قادة وأعلاماً وصناع رأي. لكن المواجهة مع الغرب لا تنفي أن نقاشنا الداخلي لا يمكنه أن يُلجَم باسم مواجهة الخذلان الغربي.

اليوم وبعد طول إنكار، عاد بعض مسؤولينا في بيروت الى الحديث بخجل وتردد عن وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، وعن فصل مسار لبنان عن غزة. وإذ بالرد يأتي من طهران، فلم يتورع المرشد الأعلى علي خامنئي في خطبته الأخيرة، عن حثنا على المزيد من “المقاومة” فيما بلدنا يُباد ويُقتل قادة وعناصر حزبه الأقوى بأبشع الأساليب، وأتى وزير خارجيته ليبلّغ حكومتنا ورئيسها بألا فصل للساحات على رغم هذا الموت المعمم كله.

هل تذكرون تلازم  المسارات؟ نحن اليوم نشهد تلازماً موازياً اسمه تلازم الساحات.

الإسناد مسؤوليتنا، لكن حين نصبح نحن ضحيته فلا “إسناد” إيراني لنا، ولتكن مزيداً من الشعارات الدينية والوعود بعالم آخر أفضل من هذه الدنيا الفانية.

لبنان الآن بلا قيادة سياسية جدّية بعدما جهد “حزب الله” على مدى السنوات الماضية في تقويضها، فعرقل كل مسار يُنتج سلطة لا ترضى بسلاحه، وها هو اليوم ونحن كلنا معه ندفع الثمن الهائل.

تعبث همجية إسرائيل بمدننا وقرانا، فتهجّر الآلاف وتبيد عائلات وتدمر قرى ومدناً وتستهدف فرق الإسعاف، وفوق هذا تطيح بـ”حزب الله” رأساً وقادة وعناصر في شهية قتل لا ضابط لها.

كيف بتنا في أتون حرب إبادة إسرائيلية ضد “حزب الله” ولبنان؟ وأي قيادة سياسية يمكنها أن تحاول وقف انزلاقنا نحو الهاوية؟ هما سؤالان مرذولان بالنسبة الى المطبلين لفتح الجبهات ووحدة الساحات، ومن يُعلي السؤال هو عميل يستحق التخوين.

في أتون جهنم هذا، يخرج علينا من يؤنبنا بأن الوقت ليس ملائماً للحديث عن كيفية إقحامنا في الحرب وعن المصير الذي لا نعلمه، فنحن إما مع “المقاومة” التي يخوض مقاتلوها معارك ضارية على الحدود وإما نحن انهزاميون متآمرون.

والنقاش هذا ليس تهافتاً بقدر ما هو محاولة حماية ما تبقى من البلد، فنظرية “الردع” وشعار أن سلاح “حزب الله” يحمي لبنان لم يعد ممكناً الدفاع عنهما بل بالعكس تماماً، فقد ظهر جلياً أنه حتى لبنان المشرذم الضعيف يملك قدرة على حماية “حزب الله” وبيئته، أكثر مما يستطيع الحزب نفسه أن يدافع عن البلد وعن شيعته.

مواجهة هذا الواقع ليست انهزاماً ولا انحيازاً إلى إسرائيل، التي تُظهر شهية قتل وتدمير هائلة. السؤال هو محاولة للحدّ من الهزيمة ووقف عداد الضحايا والتفكير بمستقبل البلد وهويته بعد هذا الخراب كله.

لا معجزات تنتظرنا، ومواجهات الحدود بين مقاتلي “حزب الله” وقوات الاحتلال، مهما أظهر مقاتلو الحزب فيها بسالة وشجاعة، فلن تكفي وحدها لردّ إسرائيل في ظل هذا الاختلال الهائل في ميزان القوى وفي ظل الدعم اللامحدود بالسلاح من الولايات المتحدة.

سبق أن قال لنا قادة إيرانيون إنه بإمكان طهران أن تبيد إسرائيل بسبع دقائق ونصف الدقيقة، إذا ما تجرأت على المسّ بالمحور. وها قد مرّ عام كامل لم نسمع خلاله سوى بانتصارات موهومة على غرار ما كان يقول محمد سعيد الصحّاف وزير إعلام صدام حسين، حين كان يُلقي خطبه الرنانة عن الانتصارات وعن هزائم “العلوج” الأميركان.

ابتلينا بـ”صحّافيين” كثر على غرار الصحّاف العراقي يملأون فضاءاتنا بخطب النصر المؤزر. عشرات الآلاف يفرون من الموت ولا يعرفون إلى متى سيبقون في مناطق نزوحهم، ولا ما الذي حلّ ببيوتهم وما الذي سيحلّ بحيواتهم. وكأن المدنيين وخساراتهم ليسوا في صلب السياسة وهدفها، السياسة التي عليها أن تُجيب كيف ولماذا تشرّد آلاف من أبناء بلدنا.

تعطلت لغة السياسة وغلبت لغة العصبية والشماتة، وفي أحسن الأحوال الإنكار واجتراح البطولات الوهمية. وهنا تماماً معضلة النقاشات المبتورة بين من يفترض أنهم كانوا على الأقل شركاء في تظاهرات عام 2019 ورفعوا معاً شعار “كلن يعني كلن”.

اليوم تتواتر تعابير يطلقها ناشطون وأكاديميون وعاملون في قطاعات حقوقية وصحافية، عبارات قاطعة في أننا نشهد في لبنان لحظة الحقيقة، فنحن إما مع المقاومة في وجه التوحش الإسرائيلي وإما نحن متخاذلون تابعون لمحور الإبادة. صحيح أن حلبة السجال هذه ليس لها تأثير فعلي، فهي غالباً ما تتم بين دوائر أصدقاء ومعارف يتبادلون الملامة والنقاش الحاد عبر السوشيال ميديا، وحتى حين تكون الرؤوس حامية ويتم تبادل الشتائم والتخوين، لكنها تبقى عملياً سجالات ما دون الموقف العام الذي يمكن أن يترجم أداة ضغط…

لكنْ رغم كلّ شيء، وكلّ ما يحصل، لا تزال حرارة التشهير والتخوين حتّى اليوم تنافس حرارة السلاح، بل لم يتورع البعض عن الخروج والتشهير بأسماء بعينها، محذّرين إياهم بأنهم سيحاسبونهم حين تنطوي الحرب.

يتحاشى هؤلاء نقاش الكلفة البشرية التي لا يتم استحضارها سوى لإدانة التوحش الإسرائيلي، متجاهلين البحث في مسؤولية من يعلن الحرب من دون أن يأخذ بالحسبان وضع بيئته وحجم خسارتها ومدى الأذى الذي يمكن أن يتعرض له أبناءها على يد المعتدي الإسرائيلي.

هل الكرامة هي في إبقاء القتال مهما كان الثمن من حياة البشر وتشرّدهم وتدمير منازلهم وحرق أرضهم؟

الهزيمة أمر بشع وقاس وله كلفة على من يعلنه، لكن أي نصر هذا الذي نشهده اليوم في غزة أو في لبنان؟

هناك من يقول ألا قيمة للنقاش ولا لرأينا في ظل ما يجري، ربما.

لكن مع هذا، هو وقت النقاش الصريح، لا وقت الحذر والهرب منه. نعم ربما هي آراء لن تضع حداً للحرب لكنها بالحد الأدنى محاولة لعدم المشاركة في الخديعة التي تعاد صياغتها مجدداً على دم من قضوا وأرواحهم.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00