السبت, يونيو 7, 2025
السبت, يونيو 7, 2025
Home » دلال البزري تكتب عن: حلقة مفرغة يدور حولها لبنان

دلال البزري تكتب عن: حلقة مفرغة يدور حولها لبنان

by admin

 

الحوار قد يستغرق سنوات، وبات من أسهل التقاليد بالنسبة لحزب الله، فالوقت دائماً لصالحه

العربي الجديد / دلال البزري – كاتبة وباحثة لبنانية

اتُّفق رسمياً منذ أشهر على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. ستّون يوماً في البداية، قابلةً للتمديد، وانسحاب الإسرائيليين، وانسحاب قوات الحزب مع سلاحها إلى شمال نهر الليطاني، وامتناع إسرائيل عن إنشاء منطقة عازلة بينها وبين لبنان، ولجنة مراقبة برئاسة جنرال أميركي. وبعيد ذلك، انتُخب جوزاف عون رئيساً للجمهورية، وسمّى البرلمان نوّاف سلام رئيساً للحكومة، ودشّن الاثنان عهداً جديداً، وخطاباً واحداً: إلغاء ثلاثية “شعب وجيش ومقاومة”، وإعلان استعادة الدولة (باحتكارها السلاح) قرار الحرب والسلم.

مرّ نصف عام، والحصيلة متواضعة، اللجنة الدولية برئاسة أميركي، لم نرَ وجهه، ولم يتسنَ لنا التعرّف إليه، حتى استُبدِل به غيره. سحَبَ الجيش اللبناني سلاحاً لحزب الله، الذي بقي مصرّاً على الاحتفاظ به، ولا نعرف بالضبط حجمه ونوعيته. إسرائيل، خلال هذه المسمّاة بـ”الهدنة”، لم توقف غاراتها، قتلت عشرات من قيادات الحزب وعناصره. منعت أهالي القرى الحدودية من العودة إليها. بقيت نيرانها مصوّبةً نحو لبنان بأكمله. احتلّت جبل الشيخ وتمركزت في خمس نقاط في الجنوب اللبناني. أي أن العهد الجديد، ووقف النار، وسحب بعض أسلحة الحزب، لم تؤدِّ المهمّة، لم تُخرج لبنان من قمقم المراوحة. كلّ شيء على حاله، الجنوبيون منكوبون بخراب بيوتهم، تُمنع عنهم أموال إعادة إعمار قراهم وبيوتهم، لأن المموّلين يشترطون نزع الحزب سلاحه، ناهيك عن التدهور الحثيث لأشكال الحياة الأخرى. هكذا، لبنان يدور في حلقة مفرغة، والجميع يفقد صبره.

لا يبدو حزب الله مستعجلاً. رئيس كتلته النيابية محمد رعد يقول: “لا نشعر بأننا مقيّدون لا بالزمان ولا بالمكان ولا بالأساليب، ما دامت الأمور تتقدّم”، وشروطه لتسليم سلاحه واضحة؛ انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي احتلتها؛ وقف هجماتها ضدّ أعضاء في الحزب وضدّ أيّ بقعة في لبنان؛ تسليم ستّة من أعضاء الحزب تحبسهم إسرائيل بالإضافة إلى عمّار حمزة، البحار الذي اختطفه كوماندوس إسرائيلي خلال الحرب. والمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس من أوائل فاقدي صبرهم. تحضر الى بيروت، وترى أن سحب السلاح لم يتم. تتوتّر وتطلق التهديدات. ينفد صبرها أخيراً، فتستوحي من تجربة سورية “الناجحة” دروسا لتقول لنا: “على لبنان أن يحذو حذو الرئيس السوري أحمد الشرع ويتعلّم منه”. فيطير عقل بعضنا، وبشكل هستيري تقريباً، وتطلع الأصوات الغيورة: سورية ستنال كلّ الاستثمارات.. سورية ستنافسنا وتقتل اقتصادنا.. سورية ستعمّر ميناءً في اللاذقية.. سورية كذا.. سورية كيت… هذا التسخين لمهمة سحب سلاح الحزب، يدخل في صميم اتفاق “استراتيجي” بين رجلَي العهد الجديد جوزاف عون ونوّاف سلام. والاثنان (كما قلنا) متفقان على التخلّص من سلاح الحزب، ولكنّهما مختلفان في “الأسلوب”، أو التكتيك، وبوادر هذا الخلاف أطلّت عليهما عندما اشتبكا بخصوص تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.

ولكن المرّة هذه، لخلافهما حجم آخر، فالأول (عون) يطرّي عباراته مع الحزب، يريد أن يسحب هذا السلاح بالحُسنى من طريق “الحوار” مع أصحابه، وحول الاستراتيجية الدفاعية. والثاني (سلام) يكثر من تصريحاته ضدّ “تصدير الثورة الإيرانية”، ضدّ “ثنائية السلاح”، مع “الالتزام بالقرارات الدولية”، و”تلازم الإصلاح والسيادة”. أي إنه لم يخرج لا عن بيانه الوزاري، ولا عن خطاب القسَم للرئيس عون نفسه. لكنّه بدا قاسياً بالمقارنة مع جوزاف عون، فكانت موجة الحزب وذبابه وجمهوره والمتكلّمين عنه ضدّ سلام، دشنّها تلفزيون المنار التابع لحزب الله: “صوت سلام المنشغِل بإنهاء تصدير الثورة الإيرانية على أمل ألّا يقرّر هو تصدير ثورته ونجاحاتها في الحكم إلى العالم”. تبعه تحذير من نبيه برّي لسلام: “إذا رفع صوته، سنفعل مثله. أمّا إذا هدأ الوضع، فسنتبعه أيضاً”. ولا يريد محمد رعد التعليق، “حفاظاً على ما تبقّى من ودّ”… إلخ. هكذا شُحن المناخ بمزيد من المواد السامّة، ودخل اللبنانيون في عراك، يبدو كأنّه من الآثار الجانبية للمعضلة الوطنية العميقة، القائمة على مجموعة من الاستحالات.

بخصوص أسلوبَي الرجلَين، عون مع الحوار وسلام مع الحسم، ليتهما يصفان كيف ستكون “تطبيقات” الأسلوبَين. حول الأول (الحوار) لنا خبرة قديمة، فأشهر الحوارات كان ذاك الذي دار بين حزب الله والرئيس السابق ميشال سليمان (2012)، وثمرته “إعلان بعبدا”، الذي لم يلتزم الحزب ببنوده “كأنّه لم يكن”. وقد يستغرق الحوار سنوات أو عقوداً، وبات من أسهل التقاليد بالنسبة للحزب، فالوقت دائماً لصالحه، أو هكذا يؤمن. أمّا سلام، إذا أردنا تأويل حدّةَ موقفه في سياقه، فيمكن القول إنه يدعو إلى الحسم والقوة. ولكن كيف؟ القوة بأيّ معنى، بمزيد من القوة؟ وهل يملك الجيش سلاحاً يتفوّق على سلاح الحزب، أو على سلاح إسرائيل، لو اشتعلت مواجهته لواحد منهما؟ أم تكون حربا أهلية (كما يشاع) يختلط فيها الحابل بالنابل؟

ندور حول أنفسنا لأننا أمام معضلة حقيقية: إسرائيل تحتلّنا ونيرانها تصل إلى أعماقنا. إسرائيل تدعم بذلك حجّةَ الحزب في الحفاظ على سلاحه، الجيش لا يستطيع أن يتصدّى لا للحزب ولا لإسرائيل. إعادة الإعمار لن تتم من غير تسليم السلاح. لا الحوار ولا المواجهة يحلّان هذا السلاح. تبقى سورية، إذا استقرّت وظلّت على رأسٍ واحدٍ يحكمها، ولم تغمرها الجهادية، وإذا حافظت على إعجاب أميركا والسعودية، فإن هاتين الاثنَتين قد تريحان المنطقة بتكليف رئيسها لحلّ معضلتنا، بالقوة الناعمة والخشنة، ويكون مقرّ مندوبها محجّة السياسيين اللبنانيين الساعين إلى رضاه.. فيتكرّر التاريخ.

المزيد عن: حزب اللهوقف إطلاق النارجوزاف عون

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili