بأقلامهم دلال البزري تكتب عن: الإبادة مستمرّة وسط ترحيب بـ”خلاف” ترامب مع نتنياهو by admin 18 مايو، 2025 written by admin 18 مايو، 2025 13 غاب مشروع ريفييرا ترامب في غزّة من الإعلام والواجهة فسّر بعضهم هذا الغياب بكثرة نزوات ترامب، وصعوبات تنفيذها وأثمانها العربي الجديد / دلال البزري – كاتبة وباحثة لبنانية إبادة أهل غزّة مستمرّة، كل يوم يتعمّق الجحيم. وكذلك “جانبياً” مع الضفة الغربية، وأخيراً مع القدس الشرقية. منذ فبراير/ شباط 2025، جدّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الإبادة عندما أعلن مشروع ريفييرا غزّة. للتذكير، يقتلع هذا المشروع مليونَي غزّي نحو مصر والأردن، يرفع 50 مليون طنّ من الأنقاض (لن تفرّغ من الجثث)، ويعمّر فوقها مجمّعاً سياحيّاً، “ضخماً” و”جميلاً” تتسلّم أميركا إدارته، يزوره شعوب العالم كلّهم، إلا الغزّيين، أصحاب الأرض، الذين سيكونون بعيدين منها، ممنوعين من هذه الزيارة. بدت غزّة بلسان ترامب، وكأنّها إرثه البعيد، الغالي على قلبه، وأهل غزّة “مساكين… يستحقّون حياةً أفضلَ من هذه”. تبع هذا المشروع شريط فيديو منتج بالذكاء الاصطناعي؛ غزّة بعد اكتمال المشروع، اسمها “غزّة ترامب”، يتشمّس تحت سمائها هو ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يحيط بهما بنايات وشوارع ومقاهٍ فخمة، وتمثال من الذهب لرأس ترامب، يتدلّى من فوقه، وحوله رجال بلحية يرقصون وهم يرتدون البكّيني، وترامب يمازح راقصةً، والملياردير إيليون ماسك تنهال عليه أوراق المال. هذا الفيديو نشره بدايةً في “إكس” حساب إسرائيلي، وعاد ترامب ونشره في حسابه الخاص (تروث سوشال)، وروّجته ماكينة ترامب الإعلامية في أوسع وجه، وأحدث ضجّةً في أوساط المعجبين به، وفي أوساط الساخطين منه كذلك. غاب مشروع ريفييرا ترامب في غزّة من الإعلام والواجهة بعد شهر من طرحه. بعضهم فسّر هذا الغياب بكثرة نزوات ترامب، وفوضاها، وصعوبات تنفيذها وأثمانها. بدا ترامب وكأنّه تراجع عن مشروعه. ولكن يوم طرحه بوجود نتنياهو… هل نظرتَ إلى عيني نتنياهو؟ هل لاحظت السعادة والتماع عينيه وانقشاع ابتسامته النادرة؟ أمّا وزيره بتسلئيل سموتريتش، فشكر ترامب، وكتب في “إكس” إن “الأمور ستصبح أفضل”، وأعلن في الكنيست تحضيراتٍ جاريةً لإنشاء “سلطة هجرة واسعة للإشراف على تهجير أهل غزّة”، معتبراً أن الميزانية المخصّصة لهذا الغرض “أقلّ كلفةً من تكرار الحروب”. وتحمّس الإسرائيليون لـ”ريفييرا غزّة”، التي انطلقت، وذهبت الإبادة إلى حدودها القصوى. غزّة، لم يعد العالم يهتم لتكرار قتل أهلها اليومي، بسلاح وبغير سلاح، جوعاً عطشاً، قصفاً وتنقّلاً من خيمة إلى شادر؛ يُحضَّر لأهلها خطط اقتلاع “طوعية”. غزّة، لم تعد تستصرخ ضمير العالم، ويعلن نتنياهو أن قتل أهلها يستحقّ وضع الرهائن الإسرائيليين في القائمة الثانوية، “تضحيةً من أجل إسرائيل”. غزّة، ثمن هروب نتنياهو من سقوط حكومته من المحاكمة بتهمة الفساد، فتستمرّ حربه عليها. لم تتوقف الإبادة، ولا خرق الحصار، ولا أمِنت بلدات الضفة، ولا أحياء القدس الشرقية، ويومياً تضاف إلى لوائح الموت أسماء الذين لم يولدوا بعد ثمّ بعيداً قليلاً من غزّة، تنهال بركات “ريفييرا” على الضفة الغربية، أعطت نَفَساً للمستوطنين المدعومين من الحكومة بسلاح وزير أمنها القومي إيتمار بن غفير، وبتغطية مباشرة من الجيش الإسرائيلي، فاستكملوا خطواتهم الأولى بطرد أهل بلداتها وقراها ومخيّماتها من منازلهم، وتجريف هذه المنازل، وإغلاق باب الحياة على الباقين بالحواجز والقتل اليومي. الضفة الغربية تلي غزّة، من حيث الإفادة القصوى من “ريفييرا غزّة”. وهنا لا نتكلّم عن التفاصيل الجارية في القدس الشرقية؛ أخيراً، تشرّد من ستّ مدارس 800 تلميذ فلسطيني، وبغفلة من أمرنا، والكابوس مستمرّ، والإبادة مستمرّة ومعها الجمود الدبلوماسي، والابتزاز الإسرائيلي، والمشاريع الملتوية لإعادة فتح باب الإغاثة المُغلق منذ شهرَين ونصف الشهر، ومنها مشروع ترامب الذي يوازي “ريفييرا” انتهاكاً لحقوق أهل غزّة، ووسط المشروع العسكري الجديد باجتياح غزّة كلّها، واحتلالها، وحصر أهلها في بقعة تضيق شيئاً فشيئاً ليصبح الخروج منها خروجاً من الموت، وسط انتهاكات صارخة لكلّ حقّ في الحياة، وإدانات أخلاقية لها، تصدر غالباً من جمعيات حقوق إنسان وشخصيات وكبار موظّفي الأمم المتحدة. وسط هذا كلّه، وبصورة مفاجئة، تطلع علينا نغمة “خلاف” ترامب مع نتنياهو، تزرع الفرح والأمل، وتضجّ بها المواقع والإعلام. ما الذي حصل؟… أبداً، المفاوضات مع إيران تتّجه صوب التمديد، على الأقلّ لا ضربةَ عسكريةً قريباً لطهران، كما هدّد ترامب في أولى كلماته رافضاً السلاح النووي الإيراني، وضرورة أن تتخلّى إيران عنه بالسرعة التي يُحبّها، وإلا فـ”ضربة عسكرية”. ثمّ وقف إطلاق النار بين الصواريخ الأميركية والحوثيين، وترك إسرائيل وحدها تخوض حربها معهم، من دون سَنَد عسكري أميركي، على الأقلّ علني. وأخيراً وصول ترامب زائراً دول الخليج، السعودية وقطر والإمارات. فوق هذا، أكثر ما أزعج الإسرائيليين أن ترامب لن يمرّ عليها في أولى طلّاته إلى الخارج. اتصالات من هنا وهناك، سفراء الدولتَين، رسائل… ولا جواب. ترامب لن يتوقّف في إسرائيل خلال جولته الخليجية. هكذا غمرت الفرحة وطننا العربي، وكان الإعلام أول المحتفين، يستقي من الغضب الإسرائيلي برهاناً على نيات ترامب الطيّبة تجاهنا، حبّه لزعمائنا الأقوياء، كما يحبّ القوّة… إلخ. وغالبيتهم يقرأ مقالاً كتبه الصحافي الأميركي، توماس فريدمان، في “نيويورك تايمز”، أغاظ إسرائيل وأسعدنا، ونشرناه في نطاق واسع، وفرض نغمةً ترامبية إسرائيلية، تبدو جديدةً مع أنها تبطن التكرار. يرحّب فريدمان برؤية ترامب أخيراً لنتنياهو فيقول: “تصرّفات الحكومة الإسرائيلية تضرّ بالمصالح الأساسية للولايات المتحدة. نتنياهو ليس صديقنا… كان يفكّر أن يجعلك عبداً له… وأنا معجب بالطريقة التي أفهمته بها خلال مفاوضاتك المستقلّة مع حماس وإيران والحوثيين، بأن لا تأثير له عليك، وأنك لن تكون كبش محرقة له”. وعلى هذا المنوال يستعرض فريدمان الأعمال الإسرائيلية الضارّة بأميركا، ويدعو ترامب إلى “حماية الهندسة الدفاعية الأميركية التي بناها الرؤساء السابقون لأميركا” (العلاقة الأميركية الحماسوية تطوّرت في هذه الأثناء، وأفضت إلى تحرير رهينة إسرائيلي أميركي). ولكن، بعيداً من أن فريدمان صحافي يطمح دائماً إلى أن يكون “ناصح الرؤساء وموجّههم”، أعطى مقاله أخيراً نفحة تفاؤل، تكرّرت في منطقتنا، وبخصوص القضية الفلسطينية بالذات، وروّجت مناخاً في غاية الإيجابية تجاه ترامب وأيقظت آمالاً… بماذا بالضبط؟… ما رشح من هذه الأزمة الأميركية الإسرائيلية، ومن زيارة ترامب الخليج، أن ترامب سوف يسمّي الخليج الفارسي بـ”الخليج العربي”، واتفاقات اقتصادية واستثمارات بمئات المليارات من الدولارات، قيل إن ترامب يتمنّى أن تصبح تريليون دولار (ألف مليار دولار)، وبرنامج تسليح النووي السعودي، “نووي عسكري” في حال احتفظت إيران ببرنامجها النووي، وبرامج تسليح أخرى أكثر تقليدية. ووعد بأنه لن يضغط على هذه الدول للتطبيع مع إسرائيل، ولا المضي باتفاقية أبراهام التي تسبقهم إليها الإمارات والمغرب والبحرين. هل فاتنا شيء؟ وزير الخارجية السعودي، قال وأعاد إن بلاده ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية، وإنها لن تقيم علاقات مع إسرائيل إذا رفضت هذه الدولة. هل بات يكفي هذا التعهد؟ هل يعني الآن شيئاً للفلسطينيين الذين يتساقطون من الحياة بوتيرة روتينية؟ في هذه الأثناء، لم تتوقف الإبادة، ولا خرق الحصار، ولا أمِنت بلدات الضفة، ولا أحياء القدس الشرقية، ويومياً تضاف إلى لوائح الموت أسماء الذين لم يولدوا بعد. فليقترح أحدهم (قبل كلّ شيء) التوقّف عن استرخاص حياة الفلسطينيين وأمنهم وصحّتهم وتعليمهم وكرامتهم، قبل الشروع في عناوين باتت تحصيل حاصل. المزيد عن: بتسلئيل سموتريتشإيلون ماسكتوماس فريدمانحركة حماس 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حازم صاغية يكتب عن: عودة أخيرة إلى «أوسلو» You may also like حازم صاغية يكتب عن: عودة أخيرة إلى «أوسلو» 18 مايو، 2025 جيمس جيفري يكتب عن: التحرك الأميركي الحاسم بشأن... 15 مايو، 2025 حازم صاغية يكتب عن.. بالعودة إلى اتّفاقيّة أوسلو... 15 مايو، 2025 يوسف بزي يكتب عن: من سيفاوض حزب الله؟ 15 مايو، 2025 جهاد الزين يكتب عن: بعد هزائم المشاريع القومية... 13 مايو، 2025 بول سالم يكتب عن: تحديات إعمار الشرق الأوسط…... 13 مايو، 2025 غسان شربل يكتب عن: ترمب ومواعيد الرياض 12 مايو، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب… حقاً زيارة... 12 مايو، 2025 حازم صاغية يكتب عن: بالعودة إلى اتّفاقيّة أوسلو... 11 مايو، 2025 رضوان السيد يكتب عن: الميليشيات لا تحرر ولا... 9 مايو، 2025