الأربعاء, أكتوبر 9, 2024
الأربعاء, أكتوبر 9, 2024
Home » دخول اتفاقية عنتيبي حيز النفاذ يهدد حصة مصر المائية

دخول اتفاقية عنتيبي حيز النفاذ يهدد حصة مصر المائية

by admin

 

أزمة جديدة تزيد التوتر بين القاهرة وأديس أبابا وسط توقعات بتكتل دول المنبع ضد المصب

اندبندنت عربية / إبراهيم مصطفى صحافي مصري

أيام قليلة ربما تفصل مصر عن أزمة جديدة مرتقبة مع إثيوبيا وعدد من دول حوض النيل، إذ يدخل الاتفاق الإطاري للتعاون بين دول الحوض أو ما يعرف باتفاقية عنتيبي حيز النفاذ في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري وفق الموقع الرسمي لـ”مبادرة دول حوض”، وذلك بعد 14 عاماً من توقيع بعض الدول المطلة على أطول أنهار العالم على الاتفاقية التي تثير جدلاً منذ كانت مجرد فكرة قبل نحو عقدين من الزمان، بسبب مخاوف دولتي المصب مصر والسودان من عدم اعتراف الاتفاقية بالحصص المائية التاريخية لهما، التي تنص عليها عدة اتفاقيات أبرمت القرن الماضي، لكن دول المنبع وعلى رأسها إثيوبيا ترفض تلك المعاهدات وتصفها بالاستعمارية.

وبحسب بنود الاتفاقية فإنها تدخل حيز النفاذ بعد 60 يوماً من تصديق ثلثي دول حوض النيل على الاتفاقية، وكان آخر المصدقين دولة جنوب السودان في 14 أغسطس (آب) الماضي، فيما كانت إثيوبيا أول الموقعين في عام 2010 إلى جانب أوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا وانضمت لاحقاً بوروندي، وبعد ذلك بثلاثة أعوام صادقت حكومتا إثيوبيا ورواندا على الاتفاقية، ثم تنزانيا في 2015 وتبعتها أوغندا في 2019 وبوروندي في 2023، فيما لم تصادق حكومة كينيا حتى الآن.

ومن المنتظر بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ أن تنشأ مفوضية دول حوض النيل التي تعنى بتنظيم وإدارة السياسات الخاصة بإدارة المياه بين الدول الأعضاء، والتي من الممكن أن تحظى باعتراف من الجهات الدولية، مما يعطي أعمالها أبعاداً سياسية وقانونية.

ربع قرن من الخلاف

يرجع تاريخ الاتفاق إلى 25 عاماً مضت، إذ أطلقت الدول الـ10 المطلة على حوض النيل وهي مصر والسودان وإثيوبيا والكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندي وتنزانيا وكينيا وأوغندا وإريتريا، مبادرة تعاون برعاية من الأمم المتحدة والبنك الدولي، عام 2009 وذلك بهدف تنظيم التعاون وإدارة الموارد المائية لنهر النيل.

إلا أن الخلاف ظهر لاحقاً في شأن بنود الاتفاق الإطاري المنظم للكيان الجديد، حين سعت دول المنبع إلى إقامة مفوضية لتحل محل الكيانات السابقة المنظمة للتعاون بين دول حوض النيل، وكان الخلاف الأبرز حول المادة 14 التي تنص على أنه “تتفق دول حوض النيل بروح التعاون على عدم التأثير الكبير في الأمن المائي لأي دولة أخرى في حوض النيل”، لكن مصر والسودان طالبتا بتعديل المادة لتنص على “عدم التأثير بصورة كبيرة في الأمن المائي والاستخدامات الحالية وحقوق أي دولة أخرى في حوض النيل”، في إشارة إلى الحصص المائية الحالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة أعوام 1902 و1929 و1959، والتي تنص على حصول مصر على 55.5 مليار متر مكعب سنوياً من مياه النيل، و18.5 مليار متر مكعب سنوياً للسودان.

تخشى القاهرة من تأثر حصتها التاريخ من مياه النيل باتفاقية عنتيبي (أ ف ب)

وبعد 10 أعوام من الجدل بين دول المنبع والمصب وقعت إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا وكينيا على الاتفاقية التي عرفت باسم “عنتيبي” المدينة الأوغندية التي اجتمع بها وفود تلك الدول، من دون الأخذ في الاعتبار شواغل دولتي المصب. وكان موقف مصر والسودان موحداً برفض التوقيع وتجميد مشاركتهما في مبادرة حوض النيل. وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية المصرية، فإن اعتراض القاهرة على الاتفاقية يرجع إلى وجود ثلاثة بنود خلافية ترفضها مصر، وهي “بند الأمن المائي وعدم الاعتراف بالحصة التاريخية لها في مياه النيل المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب وفق اتفاقية 1959، وبند الإخطار المسبق رقم 12 بتنفيذ أي مشروعات على النيل، وبند التصويت على القرارات بالإجماع بدلاً من الغالبية”.

تفاقم الخلاف

الإعلان عن قرب دخول الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل جاء في أكبر محفل سياسي دولي، الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال كلمة إثيوبيا في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، إذ قال وزير خارجية إثيوبيا تاي أتسكي سيلاسي، إن ذلك في أعقاب تصديق إثيوبيا وتنزانيا ورواندا وأوغندا وبوروندي وجنوب السودان وإيداعها لدى الاتحاد الأفريقي، مشيراً إلى أن المعاهدة “ستمهد الطريق للتعاون المستدام والنمو المشترك في جميع أنحاء حوض النهر”. ودعا الدول الأخرى المتشاطئة على النيل إلى الانضمام إلى الإطار التعاوني و”أن تلعب دوراً بناء في ضمان الاستخدام العادل والمعقول لنهر النيل”.

ولم تبد مصر موقفاً رسمياً منذ تصديق جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي أو ما ذكره وزير الخارجية الإثيوبي في الأمم المتحدة، لكن اختصاصيين في حديثهم لـ”اندبندنت عربية” أكدوا أن إحياء ملف اتفاق عنتيبي بعد 14 عاماً من توقيعها لا يمكن فصله عن أسباب التوتر بين القاهرة وأديس أبابا خلال الأعوام الأخيرة على خلفية عدم التوصل إلى اتفاق قانوني في شأن سد النهضة الإثيوبي، فضلاً عن تأجج الموقف نتيجة دعم مصر الحكومة الصومالية في مواجهة الاتفاقية التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، والتي عدتها مقديشو اعتداء على سيادتها ووحدة أراضيها.

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية في الـ24 من سبتمبر الماضي رسمياً عن تسليم شحنة مساعدات عسكرية إلى مقديشو لدعم الجيش الصومالي، بعدما وصلت شحنة سابقة كشفت عنها وسائل إعلام بينما لم تعلق القاهرة عليها، وكانت تلك الشحنات أرسلت بعد اتفاق للتعاون العسكري بين البلدين. وتعتزم مصر المشاركة في قوات حفظ السلام الأفريقية في الصومال، بعدما رفضت حكومة مقديشو التمديد للقوات الإثيوبية. كذلك، كان لافتاً تكثيف التنسيق المصري مع إريتريا في الأسابيع الأخيرة، تزامناً مع تقارير عن توتر علاقات أديس أبابا وأسمرة، مما فسره مراقبون بأنه يأتي أيضاً في سياق التوتر المصري- الإثيوبي.

ضغط على مصر

وبحسب نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة فإن مصر والسودان لم يوقعاً على اتفاق عنتيبي، والقوانين الدولية تنص على وجوب موافقتهما على إطلاق مفوضية مياه النيل.

وأوضح أن اتفاقيتي عامي 1902 و1903 تختص بتقسيم الحدود والحصص المائية بين دول حوض النيل ولا يمكن تجاهلها أو عدم الاعتراف بها إلا بموافقة الأطراف المعنية، لافتاً إلى أن ملف “سد النهضة” يحكمه قوانين ومواثيق دولية يجب الالتزام بها بغض النظر عن مفوضية مياه النيل.

ويرى حليمة أن إعلان وزير الخارجية الإثيوبي عبر منصة الأمم المتحدة عن قرب إطلاق المفوضية يفتح مساراً آخر موازياً لمسار “سد النهضة” بهدف الضغط على مصر، مشيراً إلى محاولات أديس أبابا إجهاض أي محاولات ذات طابع قانوني أو سياسي يحقق مصالح مصر والسودان في ما يتعلق بمياه النيل. ولفت إلى أن مفاوضات مصر على مدار 13 عاماً في شأن “سد النهضة” وصلت إلى طريق مسدود، لذلك لجأت مصر إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن للمرة الثالثة للوصول إلى حل لتسوية النزاع.

وفي الأول من سبتمبر الماضي، وجه وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شأن المرحلة الخامسة من ملء “سد النهضة”، مؤكداً رفض بلاده القاطع “للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي”، وأن القاهرة “مستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه”.

سيناريوهات المواجهة

تعدد الباحثة في الشؤون الأفريقية إيمان شعراوي، سيناريوهات مواجهة مصر لإطلاق مفوضية مياه النيل، وعلى رأسها التحرك بالانضمام إليها ومحاولة حل أزمة المادة 14 المتعلقة بإعادة توزيع حصص المياه بالتفاوض داخلياً مع دول حوض النيل أو اللجوء إلى وساطة دولية لحل الأزمة.

وقالت شعراوي، إن إعادة توزيع حصص المياه أمر “غير مقبول” لمصر ويمكن للقاهرة في مقابل تحركات أديس أبابا ممارسة ضغوط على إثيوبيا من اتجاهات مختلفة بالتنسيق مع الصومال وإريتريا ومحاولة فرض “خناق استراتيجي” حول أديس أبابا.

وأوضحت أن أديس أبابا ستسعى بعد إطلاق مفوضية مياه النيل إلى الحصول على الموافقات الدولية على إعادة تقاسم الحصص المائية، في مساع لممارسة ضغوط على مصر وضمن جهودها للترويج بأن المفوضية “أمر شرعي” بموافقة غالبية دول حوض النيل، وأن الاتفاقات السابقة استعمارية وحان الوقت لاتفاقات جديدة تتوافق مع حاجات دول حوض النيل، وفق الرواية الإثيوبية.

سد النهضة الإثيوبية خلال مرحلة الإنشاءات (أ ف ب)

وترى أن حل الأزمة يكمن في وجود إرادة سياسية لدى إثيوبيا، لأنها صاحبة التأثير الأكبر على دول حوض النيل وأديس أبابا تعد الاتفاقية “ورقة ضغط” على مصر في ظل الوجود العسكري للأخيرة بالصومال. وقالت إنه يجب على القاهرة استغلال علاقاتها الخارجية القوية بتنزانيا وأوغندا وكينيا للحفاظ على الأمن المائي المصري.

وعدت أن إثيوبيا تستخدم ورقة المياه وسد النهضة لمواجهة أزماتها الداخلية بدعوة شعبها للتوحد في مواجهة “الأعداء”، خصوصاً في ظل تقدم قوات “فانو” الانفصالية نحو العاصمة، والسلام الهش مع جبهة تحرير تيغراي.

تكتل منتظر ضد القاهرة

من جانبه يرى المحلل السياسي الإثيوبي أنور إبراهيم أن اتفاقية عنتيبي هدفها حفظ حقوق جميع الدول، واعترف بوجود تخوفات من مصر والسودان في شأن الإضرار بمصالحهما المائية. وقال إبراهيم إنه بعد تفعيل الاتفاقية قد تفكر دول منابع النيل من الاستفادة من حصة من تدفقات النهر، ولكن هذا ليس الهدف الأساس من الاتفاقية وإنما التعاون في مجال المياه خلال الأعوام المقبلة. وأشار إلى أن الاتفاقية ظلت معلقة لأكثر من عقد من الزمان بسبب “ضغط بعض الدول”.

وأضاف أن تخوف مصر من نقص حصتها المائية يظهر من وقت لآخر حين تتم أي تحركات في شأن مياه النيل، وهو ما يعد مثار الخلاف الرئيس. وقال إن تلك الحصص اختصت مصر والسودان وتجاهلت الآخرين، وهو ما ظل حاجزاً في التعامل بين دول منابع النيل ودولتي المصب خلال المراحل السابقة، مشيراً إلى أن “القادم قد يكون أصعب” إذا اتفقت تلك الدول على أن يكون لها نصيب “عادل” بحسب تعبيره، بخاصة أن مصر ترى أن عدد سكانها كبير ولها حق في المطالبة بحصتها، وفي المقابل الدول الأخرى تتمسك بأن يكون لها نصيب مثل مصر والسودان.

وتوقع أن يؤدي تفعيل اتفاقية عنتيبي إلى حدوث خلاف متزايد، إذا اتفقت دول منابع النيل على تطبيق بنودها بصورة كبيرة. وأشار إلى أن الأوضاع الحالية في السودان قد يعرقل أي دور لها، إلا أن مصر قد تصعد الخلاف في محافل أخرى كما يحدث في ملف سد النهضة، وهنا قد يحدث تكتل ضد القاهرة “إذا تعنتت وتمسكت بالنصيب الكبير لها في مياه النيل”، وهو الخلاف الدائم منذ أعوام طويلة.

استحالة حجز المياه

لكن دخول اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ لا يعني بالضرورة الإضرار بصورة مباشرة بالأمن المائي المصري، وفق الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية السفير أحمد حجاج الذي قال إن أهداف الاتفاقية تشمل تعزيز التعاون بصورة أشمل بين دول حوض النيل، مشيراً إلى أن عديداً من الدول الموقعة ترتبط بعلاقات وثيقة مع مصر مثل جنوب السودان وأوغندا.

وفي شأن الوضع المائي لمصر بعد تفعيل الاتفاقية، قال أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات الأفريقية جامعة القاهرة عباس شراقي، إن دول المنبع لا يمكنها حجز المياه عن دول المصب في مصر والسودان، فبحكم الطبيعة لا تستطيع أي دول حجز كمية مياه الفيضانات، فهي لم تنشئ مشروعات للاستفادة منها، ولا تحتاج إلى المياه في الري نظراً لطبيعتها الجبلية، إذاً فالصعوبات الطبيعية هي الضامن الوحيد لمصر في حصتها المائية.

وأكد أن عدم توقيع مصر على اتفاقية “عنتيبي” عام 2010 قرار في صالحها، فغالبية البنود في صالح دول المنبع وليس دول المصب، عدا بند واحد ينص على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في حالة الخلاف بين الأطراف المختلفة، مشيراً إلى أن مصر رفضت التوقيع على الاتفاقية بسبب البند المتعلق بإعادة تقسيم حصص مياه دول حوض النيل.

يرى مراقبون استحالة حجز مياه نهر النيل عن مصر والسودان (أ ف ب)

وقال شراقي، إن بنود الاتفاقية وضعتها إثيوبيا ودول المنبع، ولا تلزم باقي دول حوض النيل، والاتفاقية تنص على حق الدول الموقعة في إقامة مشروعات بشروط ألا تضر بالدول الأخرى “الضرر مختلف فيه، وتحدده الدول مجتمعة”.

واستبعد استفادة إثيوبيا من إطلاق مفوضية حول النيل، لأن أديس أبابا أنشأت سد النهضة ولم يمنعها أحد، بالتالي لا يمكنها فعل المزيد لأن الضرر قد حدث بالفعل. وأشار إلى أن الاتفاقية ستسبب توتراً وانقساماً بين دول المنبع والمصب، موضحاً أن تقاسم المياه “مستحيل”، خصوصاً أن كميات المياه في دول المنبع أكثر من حاجاتها بكثير.

ويعد نهر النيل مصدر المياه شبه الوحيد لمصر التي تعاني عجزاً مائياً يصل إلى نحو 50 في المئة من حاجاتها، وفق الحكومة المصرية. ولمواجهة الشح المائي وضعت القاهرة خطة لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 باستثمارات تتجاوز 50 مليار دولار، ومن المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، بهدف تحسين نوعية المياه وتنمية موارد مائية جديدة، وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً، وتوفير البيئة الداعمة لقضايا المياه.

المزيد عن: مصرالسودانإثيوبياسد النهضةمفوضية مياه النيلاتفاق عنتيبيالأمم المتحدة

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00