الأربعاء, ديسمبر 25, 2024
الأربعاء, ديسمبر 25, 2024
Home » خفايا الموقف الروسي من الحرب في الشرق الأوسط

خفايا الموقف الروسي من الحرب في الشرق الأوسط

by admin

 

لبنان تاريخياً وتقليدياً هو مفتاح أبواب المنطقة وقد أثبت حرفياً قدرته على الانفجار وليس من المستغرب أن تتصادم هنا مصالح القوى المختلفة

اندبندنت عربية / سعيد طانيوس كاتب لبناني

حين سلم أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو رسالة من الرئيس فلاديمير بوتين إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأخرى إلى مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي في 18 سبتمبر (أيلول) الماضي، أسر له بصوت خافت “ننصحكم بالتروي، وعدم التورط في حرب تريدكم إسرائيل أن تواجهوا خلالها القوات الأميركية بهدف تحييدكم، لأن الصهيونية تعتبركم خطراً وجودياً عليها وعلى تل أبيب”.

هذه العبارة رددها أمين مجلس الأمن سيرغي شويغو على مسامع جميع المسؤولين الإيرانيين حينما وصل في الخامس من أغسطس (آب) الماضي إلى طهران، عقب ثلاثة أيام من اغتيال إسرائيل زعيم حركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، في زيارة مفاجئة لم يعلن عنها مسبقاً، إذ استقبله على الفور رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان، وبعد ذلك أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري.

وجاءت زيارتا شويغو الأخيرتان إلى إيران على خلفية تهديد الجمهورية الإسلامية، وجماعة “حزب الله” اللبنانية الموالية لإيران، بالرد على مقتل الزعيم السياسي لحركة “حماس” الفلسطينية إسماعيل هنية في طهران وقائد “حزب الله” فؤاد شكر في بيروت. بعدما توعدت طهران بالانتقام من إسرائيل “في الوقت المناسب وفي المكان المناسب وبالطريقة المناسبة”.

اغتيال نصرالله

وبعد اغتيال إسرائيل لأمين عام “حزب الله”، حسن نصرالله في 27 سبتمبر الماضي، أحست روسيا مجدداً أن الأمور المتدحرجة في الشرق الأوسط تكاد تتجاوزها وتفلت من يديها إلى غير رجعة، فأدانت بأشد العبارات جريمة الاغتيال ووصفتها بأنها عملية اغتيال سياسي.

وحملت وزارة الخارجية الروسية إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط. وأعلنت موقفاً مستنكراً بشدة لعملية اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله في بيروت. وقالت في بيان، “إننا ندين بشدة جريمة قتل سياسية أخرى ترتكبها إسرائيل. وهذا العمل العنيف محفوف بعواقب وخيمة أكبر على لبنان والشرق الأوسط بأكمله”.

وكما أشارت وزارة الخارجية الروسية، فإن تصرفات الجيش الإسرائيلي ستؤدي حتماً إلى موجة جديدة من العنف. ودعت إسرائيل إلى وقف عدوانها على لبنان.

وخلص البيان إلى أنه “في الوضع المتفجر الحالي، يجب على الأعضاء المسؤولين في المجتمع الدولي أن يفعلوا كل ما في وسعهم لمنع المنطقة من الانزلاق إلى مواجهة مسلحة واسعة النطاق”.

ومن نيويورك قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 28 سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن مقتل زعيم “حزب الله” اللبناني حسن نصرالله جريمة قتل سياسية. مضيفاً “إن أساليب الاغتيالات السياسية التي أصبحت ممارسة شبه روتينية، كما حدث مرة أخرى أمس في بيروت، مثيرة للقلق للغاية”.

ووفقاً له، فإن التطور المأسوي وغير المقبول للأحداث في الصراع العربي الإسرائيلي، في اليمن والبحر الأحمر وخليج عدن والسودان وغيرها من النقاط الساخنة في أفريقيا يعكس حقيقة لا تقبل الجدل، هي أن “الأمن يمكن أن يكون متساوياً للجميع وغير قابل للتجزئة بالنسبة إلى الدول أخرى، وإلا فإنه لن يكون موجوداً لأحد”.

وشدد لافروف على أن روسيا تحاول منذ أعوام إدخال هذه الحقيقة البسيطة إلى وعي واشنطن ولندن وبروكسل في سياق الأمن الأوروبي.

بوتين وبزشكيان

في نهاية يوليو (تموز) الماضي قال السكرتير الصحافي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف، إن الرئيس فلاديمير بوتين يستعد للقاء الأول مع بزشكيان. وأضاف “الجانب الإيراني لديه بالفعل دعوة مفتوحة لزيارة روسيا، ونأمل في أن يأتي الرئيس الجديد إلى قمة مجموعة (بريكس) التي ستعقد يومي 22 و24 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري في مدينة قازان الروسية. سنكون سعداء برؤيته، والرئيس بوتين يستعد للاتصال المرتقب”. نحن نتحدث عن قمة على هامش القمة.

وأكد السكرتير الصحافي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف، أن الرئيس فلاديمير بوتين يرحب بالرئيس بزشكيان، وبالاتصالات الرائعة مع القادة الإيرانيين، “سنرى ما سيحدث، والرئيس بوتين سيقدم عرضاً للاتصال”.

وبالتوازي، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) المنتهية ولايته ينس ستولتنبرغ، لصحيفة “التايمز” البريطانية، في وقت كان سيرغي شويغو ينهي جولته على بيونغ يانغ وطهران، إنه منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، أصبحت موسكو وبكين وطهران وبيونغ يانغ “متحدة أكثر فأكثر”.

من دون إذن الأميركيين كان من المستحيل اغتيال هنية وقادة “حماس” و”حزب الله” (أ ف ب)​​​​​​​

وفي حديثه عن دفعة الصواريخ الباليستية التي يزعم الغرب أن طهران نقلتها إلى موسكو، لفت المسؤول الأطلسي إلى أن روسيا لا تتسلمها “مجاناً”. وأضاف “نحن قلقون من أن روسيا قد تشارك التكنولوجيا التي ستساعد إيران في برامجها الصاروخية”. وأكد ستولتنبرغ أن روسيا تدفع ثمن ما تحصل عليه، وهذا يعزز قدرات إيران.

وإضافة إلى برامجها الصاروخية، يخشى الساسة ووكالات الاستخبارات الغربية من أن روسيا قد ترد من خلال تبادل التكنولوجيات السرية التي يمكن أن تجعل إيران أقرب إلى إمكانية تطوير أسلحة نووية. لكن يمكن النظر إلى التعاون المتنامي بين موسكو وطهران من زاوية مختلفة.

ويشير الخبراء إلى أنه إضافة إلى رغبة إيران الطويلة الأمد في الحصول على ناصية صناعة أسلحة نووية، هناك مهمة عسكرية أخرى لطهران تتمثل في تعزيز طيرانها ونظام الدفاع الجوي غير الكامل، خصوصاً في سياق التوتر المتزايد في الشرق الأوسط، لا سيما في الحرب التي تشنها إسرائيل ضد لبنان، وخصوصاً “حزب الله” المرتبط عضوياً بطهران.

وفي نهاية العام الماضي، أعلنت إيران رسمياً أنها توافقت مع روسيا على صفقة شراء طائرات هليكوبتر هجومية روسية من طراز “مي-28” ومقاتلات “سو-35” وطائرات تدريب قتالية من طراز “ياك -130”.

إشارات توريط إيران

ووصفت وسائل إعلام روسية عملية اغتيال نصرالله بالوحشية، وقالت “ألقت إسرائيل 83 طناً من القنابل الجوية لقتل زعيم (حزب الله) أسقطتها على بيروت عاصمة لبنان. هذه هي واحدة من أقدم المدن في العالم. أقدم بكثير من كييف. بيروت موجودة منذ القرن الـ15 قبل الميلاد. وهي مدرجة في القائمة الرسمية لمدن العالم إلى جانب موسكو وسانت بطرسبورغ ولندن ونيويورك وغيرها».

تسمى يروت بباريس الشرق الأوسط، ويعيش فيها مليونا شخص. لكن كل هذا لم يمنع إسرائيل من قصفها الوحشي، الذي لم يقتل أعضاء “حزب الله” فحسب بل عديداً من المدنيين، بما في ذلك الأطفال.

يمكن أن يكون لديك أي موقف تجاه طريقة الحرب هذه، لكن لا يمكنك إلا أن تدرك مدى فعاليتها. وبفضل الهجوم الضخم بأجهزة الاستدعاء والهجمات على مراكز صنع القرار، تمكنت إسرائيل حرفياً من قطع رأس “حزب الله” وتعطيل جزء كبير من قوته البشرية. لقد تم النصر في الحرب حتى قبل أن تبدأ، إذ تم إنقاذ حياة عديد من الجنود الإسرائيليين واليهود المدنيين، ولم تهتم تل أبيب برأي المجتمع الدولي. لا يتم الحكم على الفائزين.

هذا ما يبدو عليه شعار “نحن لا نتخلى عن أنفسنا”، بالمتفجرات وليس على الملصقات، وسياسة “إنقاذ الشعب” اليهودي التي تحاول جر إيران إلى حرب عالمية لا تريدها ولا تخطط لها.

الأسئلة اللعينة

كان الهجوم باستخدام المتفجرات المدسوسة بأجهزة النداء وأجهزة الاتصال اللاسلكي أحدث عملية تتوج جهود إسرائيل لتوريط إيران في الحرب وجرها إلى دوامة التصعيد في الشرق الأوسط. ففي الأول من أبريل (نيسان) الماضي، شنت القوات الجوية الإسرائيلية غارة جوية على القنصلية الإيرانية لدى سوريا، مما أسفر عن مقتل جنرالين في “الحرس الثوري” الإسلامي وخمسة ضباط كانوا يرافقونهم. وفي 30 يوليو (تموز) الماضي، نفذ ضربة مفاجئة على أهداف لـ”حزب الله” في بيروت، أسفرت عن تصفية أحد أبرز قادة الجماعة فؤاد شكر. وفي اليوم التالي اغتالت إسرائيل زعيم حركة “حماس” إسماعيل هنية بعد قصف مقر إقامته في طهران. وعلى هذه الخلفية هناك تقارير منتظمة عن ضربات للجيش الإسرائيلي في لبنان وسوريا واليمن.

خبراء في شؤون المنطقة متفقون على أن تل أبيب تثير الصراع وتنوي جر دول عدة في المنطقة إليه في وقت واحد. وبعد تفجير العبوات الناسفة في أجهزة النداء، وعدت إسرائيل مباشرة بتحويل اهتمامها إلى لبنان وإطلاق عملية واسعة النطاق ضد “حزب الله”. كل هذا يشير إلى أن عملية تفجير أجهزة النداء والاتصال اللاسلكي كانت مجرد مرحلة من مراحل استعداد تل أبيب للصراع مع لبنان.

وباتباع منطقها الخاص في ما يتعلق بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الغربية، فإن التعاون العسكري التقني الوثيق والمتصاعد بين روسيا وإيران يمكن أن يجعل موسكو مشاركاً في صراع الشرق الأوسط. على رغم أن موسكو سعت حتى وقت قريب إلى إظهار مسافة متساوية من جميع القوى في هذه المنطقة.

ففي حين أن القيادة الروسية حذرة من الدعم العلني للقوات الموالية لإيران ضد إسرائيل والولايات المتحدة، هناك كثير من الخطوات الوسيطة بين المراقبة المحايدة والمشاركة واسعة النطاق، كما كتب المستشرق نيكيتا سماغين على الموقع الإلكتروني لمؤسسة “كارنيغي” للسلام الدولي المعترف بها في روسيا على أنها “عميل أجنبي” ومنظمة غير مرغوب فيها.

لكن في سبتمبر الجاري، أشار المستشرق رسلان سليمانوف، نقلاً عن منشورات إعلامية ومصادره المقربة من الحوثيين، إلى أن مستشارين من مديرية الاستخبارات الرئيسة في روسيا يعملون الآن في صنعاء تحت ستار موظفي منظمات إنسانية. وذكرت وسائل إعلام أميركية أن “الكرملين” كان يدرس إمكانية إمداد الحوثيين بأسلحة متطورة ودفاعات جوية فعالة، لكنه اضطر حتى الآن للتخلي عن هذه الفكرة موقتاً مراعاة لموقف السعودية.

عين روسيا على لبنان

يوم انفجارات أجهزة النداء الخاصة بأعضاء “حزب الله” في لبنان، تأكدت الاستخبارات العسكرية الروسية من أن الحرب الإسرائيلية الشاملة والمفتوحة التي توقعتها منذ نحو عام على بلاد الأرز قد بدأت بالفعل. وأعربت لـ”الكرملين” عن أنها يمكن أن تؤدي إلى كارثة في الشرق الأوسط. وأوصت بالقيام بكل ما هو ممكن لتجنب جولة جديدة من التصعيد في المنطقة، لأن أي حرب فيها في هذا التوقيت بالذات لا يمكن إلا أن تشكل ضرراً وتهديداً لمصالح روسيا المنشغلة بالحرب في أوكرانيا، وبطرد القوات الهجينة التي توغلت في مقاطعة كورسك الحدودية.

وتقدر الاستخبارات العسكرية الروسية أن إمكانات “حزب الله” أعلى بكثير من إمكانات الجماعات الأخرى الموجودة في سوريا والعراق. وأن تصعيد إسرائيل ضد لبنان هدفه جر منطقة الشرق الأوسط برمتها إلى الحرب، وتوريط إيران في مواجهة مباشرة مع القوات الأميركية المتمركزة في المنطقة، وتلك التي تم حشدها لتأمين الدفاع عن إسرائيل.

واعتبرت الاستخبارات العسكرية الروسية أن الحرب الإسرائيلية ضد لبنان تشكل تصعيداً خطراً وكبيراً للصراع ومدخلاً لحرب طويلة. وأن ما فعلته إسرائيل في لبنان، خلال الهجوم باستخدام أجهزة النداء، هو انتهاك للقواعد الدولية في شأن استخدام المعدات المدنية. وقد وافقت إسرائيل على هذا التصعيد، مدركة أنه من المحتمل أن تكون هناك عملية برية في المستقبل ضد الأراضي اللبنانية.

وقالت، إن رد “حزب الله” ممكن، فالإمكانات العسكرية لهذه المنظمة عظيمة: لديهم عدد أكبر من المقاتلين مقارنة بعدد مسلحي “حماس” في قطاع غزة. وهذا يعني أن التصعيد سيستمر، ربما لأشهر عدة. وربما سيعاني لبنان كله بسبب ذلك.

ويعتقد عدد من الخبراء العسكريين الروس أن إسرائيل تريد إنشاء منطقة عازلة، وكانت هناك تجربة مماثلة في الثمانينيات والتسعينيات في لبنان. وأخطار إقامة مثل هذه المنطقة العازلة تتمثل بفتح الباب مجدداً أمام حرب عصابات استنزافية شرسة ودموية لسنوات طويلة.

وفي هذه المرحلة، ربما يكون التصعيد هو المرحلة الأولى، إما لإنشاء إسرائيل منطقة عازلة أو لاحتلال أراض لبنانية تعتبر سيطرة جيشها عليها ضرورية لحماية ما تسميه “أمن الجليل”. والآن يمكننا أن نلاحظ كيف سيرد “حزب الله” على هذا الاستفزاز من جانب إسرائيل، وعلى وجه التحديد، على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعتاش سياسياً من الحرب مع لبنان، بعدما اعتاش لمدة عام كامل من الحرب على قطاع غزة. أي إن هذا بالفعل إعلان حرب على لبنان واللبنانيين وبالطبع على جماعة “حزب الله”.

الإيحاءات الأميركية لإسرائيل

من الواضح أنه من دون إذن الأميركيين، كان من المستحيل تنفيذ عملية تفجير أجهزة الاستدعاء، واغتيال هنية ورهط من القادة الميدانيين التابعين لـ”حماس” و”حزب الله” وشن حرب دموية مفتوحة ضد لبنان، وقتل نصرالله الذي فرح وشمت به الرئيس الأميركي جو بايدن، قائلاً في بيان إن “مقتله في الغارة الجوية الإسرائيلية هو إجراء لتحقيق العدالة لضحاياه العديدين، بما في ذلك الآلاف من الأميركيين والإسرائيليين والمدنيين”. فالدول تلجأ لتصعيد الصراع في الشرق الأوسط خدمة لأهداف تسعى لتحقيقها، حتى لو تظاهرت علناً بأن لا ناقة ولا جمل لها في الاعتداءات الإسرائيلية التي تحصل بأسلحتها الفتاكة، وبمباركتها وبضوء أخضر مفتوح دوماً من قبلها.

فالولايات المتحدة حليف مهم لإسرائيل في المنطقة، وعلى رغم أن كامالا هاريس ودونالد ترمب يتخذان مواقف مختلفة في ما يتعلق بالأمور الجيوسياسية والسياسة الداخلية للولايات المتحدة، إلا أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بالمطلق في كل ما تقوم به تحت ذريعة “حقها في الدفاع نفسها”، وهذا لا يمكن تغييره بأي صورة من الصور، بل هو حقيقة بالفعل. وستواصل كامالا هاريس سياسة إدارة جو بايدن التي تتمثل مهمتها الأساسية في العمل على مشروع الشرق الأوسط الجديد.

سعت موسكو حتى وقت قريب إلى إظهار مسافة متساوية من جميع القوى في هذه المنطقة (أ ف ب)

هذه هي التغيرات العالمية التي ستحدث في سوريا والعراق ولبنان. وهي موجهة ضد مصالح إيران ومشاريعها الوكيلة، وضد “محور المقاومة” الذي يواجه الولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط.

وتعد الاستخبارات الروسية أن إسرائيل حصلت بالطبع على موافقة ومساعدة الولايات المتحدة الاستخباراتية التي تساعد إسرائيل في عملياتها للقضاء على قادة “محور المقاومة” و”حزب الله” والميليشيات العراقية في سوريا والعراق ولبنان. وهذا يعني شيئاً واحداً فقط: إسرائيل أعلنت الحرب على “محور المقاومة”، والولايات المتحدة جزء من هذه العملية خدمة لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي تسعى إليه الدولة العميقة في أميركا.

وفي السيناريو الذي ترسمه الاستخبارات الروسية، تعد أن المرحلة التمهيدية الأولى لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” ارتبطت بتطبيع العلاقات بين دول الخليج العربية وإسرائيل وتوقيع “معاهدات إبراهيم”.

أما المرحلة الثانية فهي عملية واسعة النطاق في سوريا والعراق ولبنان، التي يمكن أن تستمر أشهراً، وربما سنوات، من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة لصالح المصالح الأميركية والإسرائيلية.

أما المرحلة الثالثة، فهي العمل على ضمان إبرام إسرائيل اتفاقيات تطبيع مع الدول العربية الأخرى التي لم توقع معها لغاية اليوم اتفاقات صلح وتطبيع.

المرحلة الرابعة هي التقارب مع السعودية، في ظل اعتراف إسرائيل بشبه دويلة فلسطينية منزوعة السيادة والسلاح والاستقلال، بهدف حل مشكلة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني على حساب القضية الفلسطينية وحق العودة، ولن يؤثر ذلك على استقرار المنطقة وبعض الاتفاقات الاقتصادية أو التجارية.

جر إيران إلى الحرب

روجت الدعاية الإسرائيلية والأميركية وتابعيها في الشرق الأوسط طويلاً لمقولة إن “حزب الله” هو الذراع الإيرانية الطولى والأولى في المنطقة. بالطبع نعم. لو لم يكن الحزب يشكل تهديداً لإسرائيل لما قام الكيان الإسرائيلي بهذه الإجراءات: اغتيال نصرالله وتفجير أجهزة النداء، مما أدى إلى إصابة مدنيين لبنانيين، والقصف الهمجي والعشوائي والجماعي للمناطق التي يسيطر عليها الحزب، واغتيال قادة جناحه العسكري. وهذا يعني شيئاً واحداً: أن إسرائيل تسير نحو تصعيد هائل، وهي تدرك عواقب عدم الاستقرار في المنطقة لبعض الوقت، وبالطبع، فهي تحصل على كل الدعم الذي تستطيعه من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وبقية الدول الأطلسية، لأنه من المؤسف أنه لا يوجد في العالم العربي حالياً موقف مشترك في شأن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

إحدى أبرز قيادات “محور المقاومة” هي إيران، و”حزب الله” مرتبط بها ويعمل معها بصورة وثيقة. وتعتقد إسرائيل أن “قتل الأفعى” يجب أن يبدأ بسحق الرأس، لكن طهران تجنبت حتى الآن أن تلعب وفقاً للقواعد والخدع التي يفرضها عليها الأميركيون وإسرائيل، وترفع مقولة “الصبر الاستراتيجي”.

لكن على رغم كل الحنكة الإيرانية في التهرب من الانجرار لحرب خاسرة سلفاً، تستخدم الولايات المتحدة وإسرائيل أقصى وأعتى وسائل الضغط على إيران من أجل زعزعة استقرار الوضع الاقتصادي والسياسي في هذا البلد. وقد رأينا ذلك في الماضي عندما نشرت وسائل الإعلام الغربية دعاية ضد إيران وقيادتها السياسية. نرى الآن وسائل الإعلام الغربية تستخدم أدوات مختلفة لزعزعة استقرار الوضع في العراق وسوريا ولبنان. وهذا يحدث حتى تتمكن إسرائيل من كسب نقاط سياسية في المنطقة وأخذ الوضع بيدها. وهذه هي المهمة الرئيسة لإسرائيل في هذه المرحلة. وطبعاً كل هذا في إطار سياسة الولايات المتحدة، لأنها الضامن الرئيس لإسرائيل في الشرق الأوسط.

وترتبط مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة بمصالح إسرائيل في المنطقة. وحتى لو لم تكن دولة مثل إسرائيل موجودة، كما قال الرئيس الأميركي جو بايدن في إحدى مقابلاته، فلا بد من إنشائها من أجل السيطرة على هذه المنطقة برمتها.

الأرض المحروقة

الذخائر العنقودية والفوسفور الأبيض والتفجيرات. لا توجد قواعد. والغرض الوحيد من هذه الحرب الإسرائيلية على الدول التي تناهضها هو ضمان عدم تمكن المدنيين من العيش على هذه الأرض. وكل هذا موثق بالتفصيل في تقارير منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك تقرير “هيومن رايتس ووتش” بعنوان “لماذا ماتوا: الضحايا المدنيون في لبنان خلال حرب 2006”.

الهجوم القوي على لبنان الذي نشهده اليوم يثير السؤال: ربما تستعد إسرائيل فعلاً لحرب أخرى مع لبنان تمهيداً لاجتياح أراضيه؟ ففي نهاية المطاف، إذا حكمنا من خلال الوضع في غزة، فإن الإسرائيليين هناك قد اقتربوا تماماً من هدفهم المنشود، وهو التدمير الكامل للجيب الفلسطيني. وتحولت كل المدن والبلدات والمخيمات وحتى خيام النازحين إلى خراب، ولم تسلم حتى مدينة رفح التي يسكنها حالياً أكثر من 1.3 مليون مدني. وفي هذا الصدد، يدعي الحلفاء أنهم يمارسون ضغوطاً على إسرائيل حتى لا تذهب أبعد من ذلك، لأن سفك الدماء في كل مكان قد يفجر صراعاً شاملاً في المنطقة قد يأخذ بعداً جديداً تماماً.

وبوسعنا أن نتوقع أن تشن إسرائيل هجوماً على لبنان على أي حال، إذ ثبت بالفعل أن الخسائر في صفوف المدنيين لا تعني شيئاً على الإطلاق بالنسبة إلى الإسرائيليين. علاوة على ذلك فهم يحتاجون إلى هؤلاء الضحايا لتحقيق هدفهم القاسي المتمثل في التطهير العرقي لكل من يقف في وجههم. وقد تتعرض بيروت لضربة وحشية خصوصاً في ضوء التصعيد المحتمل للصراع مع لبنان.

فإذا كانت إسرائيل على بعد خطوة واحدة من تدمير غزة، فستحاول هذه المرة التعامل مع أعدائها الآخرين. وبعد “حماس” يأتي “حزب الله” في المركز الثاني بالطبع. ويزعم المراقبون الإسرائيليون وأعضاء الائتلاف اليميني الحاكم أن جنوب لبنان يشكل التهديد نفسه الذي لا يمكن السيطرة عليه بالنسبة إلى إسرائيل مثل قطاع غزة، الذي هاجمت “حماس” إسرائيل منه في السابع من أكتوبر 2023.

لكن جنوب لبنان أمر مختلف تماماً. وعلى عكس قطاع غزة، فإن هذه المنطقة لا تخضع لحصار إسرائيلي كامل. لذلك لا يمكن للمرء أن يتوقع أن يكون التوغل الإسرائيلي في جنوب لبنان نزهة أو أقل كلفة من التوغل في غزة. بالطبع رد فعل إسرائيل في الوقت الحالي حاد للغاية على كل شيء، ولن يتفاجأ أحد إذا قررت خوض الحرب مع جميع “الأعداء المتبقين”. وبطبيعة الحال سيؤدي هذا في حد ذاته إلى حرب أكبر بكثير من تلك التي نراها الآن، لأنه سيعني أن إسرائيل ستضطر في نهاية المطاف إلى تصفية حساباتها مع إيران. وتأمل إسرائيل، إذا وصل الأمر إلى ذلك، ألا تترك وشأنها، أي أن تتولى حليفتها الولايات المتحدة معظم “العمل”. ومع ذلك، لا يمكن توقع مثل هذه المشاركة من إدارة جو بايدن. لذلك، سيتعين علينا أن ننتظر حتى نهاية العام ونهتف لدونالد ترمب، لأنه إذا فاز فإن الولايات المتحدة ستستمع بعناية أكبر لرغبات إسرائيل.

حملت الخارجية الروسية إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط (أ ف ب)

الضربات الإسرائيلية ضد لبنان أصبحت عشوائية للغاية خلال الأسبوعين الماضيين، وعديد من المدنيين أصبحوا الآن من بين الضحايا. أي إن إسرائيل لا تقصف فقط مواقع مقاتلي “حزب الله”. إنهم يدفعون جميع المدنيين إلى مغادرة المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني.

نعم، نحن نتحدث عن إسرائيل الدولة التي يقتل جيشها بلا رحمة المدنيين الفلسطينيين، وهي غير مبالية بحقيقة أنها تقتل أكثر من 100 مدني، معظمهم من النساء والأطفال، في قطاع غزة كل يوم تقريباً. ولذلك ليس من المستغرب أن تكون طريقة عملهم مماثلة في جنوب لبنان، على رغم أن شدة هذه الهجمات أصبحت مماثلة لهجماتهم الدموية على غزة.

ويقول محللون، إن إسرائيل تحاول منذ فترة طويلة جعل جنوب لبنان بأكمله غير صالح للسكنى بالنسبة إلى المدنيين. الهدف هو إنشاء منطقة عازلة تحمي من تهديد “حزب الله” اللبناني، القريب جداً من العدو الرئيس لإسرائيل، إيران.

وتفيد منظمات حقوق الإنسان، بما فيها “هيومن رايتس ووتش”، أن الضحايا المدنيين قد تزايدوا نتيجة للغارات الإسرائيلية في لبنان. وفر أكثر من 87 ألف شخص من منازلهم في جنوب لبنان عقب تصاعد الصراع. وبقي كبار السن في الغالب. وقد غادر الباقون ويقيمون الآن في 18 مركزاً للنازحين داخلياً أو يقيمون مع الأصدقاء والمعارف.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستستمر إسرائيل في التصرف كما هي الآن، أم إنها تنوي تكثيف الضربات من أجل تطهير جنوب لبنان من المدنيين بصورة كاملة؟ وكما كتبت مراراً وتكراراً، فهذه خطة إسرائيلية طويلة الأمد. وترعاها أميركا التي تعطي اللبنانيين والفلسطينيين من طرف اللسان حلاوة منذ عقود.

الشماتة الأميركية

الجغرافيا السياسية العالمية لا تتسامح مع الفراغ. فتصريحات ترمب وهاريس في حملاتهما الانتخابية تؤدي إلى تفعيل جميع الدول التي لها في الأقل بعض المصالح بهذه المنطقة المتفجرة. حسناً، إن مفتاح أبواب الشرق الأوسط كان تاريخياً وتقليدياً هو لبنان، الذي أثبت حرفياً قدرته على الانفجار. وليس من المستغرب أن تتصادم هنا مصالح القوى المختلفة. ولا تستطيع طهران أن تقف بالطبع موقف المتفرج.

ولإسرائيل وجهات نظرها الخاصة في شأن لبنان الذي تعده أخطر بلد مجاور لحدودها بسبب مقاومة “حزب الله”، بعدما تم تحييد معظم الجيوش العربية إما بإنهاكها أو بالتطبيع مع دولها. المهمة الرئيسة لتل أبيب هي التخلص من هذه المنظمة العسكرية التي تعمل إيران من خلالها.

لذا يتبين أن الإسرائيليين في حاجة إلى إبقاء إصبعهم على نبض كل ما يحدث في بيروت وضواحيها، حتى الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وعلى طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، وإلى الأراضي المتنازع عليها في هضبة الجولان السورية وفلسطين عموماً. ويعتقدون في تل أبيب أن هناك يكمن سر النصر النهائي وغير المشروط على العدو الرئيس الهائل طهران.

ليس من حقنا أن نحكم على مدى صحة تقييم إسرائيل للوضع الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط. والآن يقومون بحل مشكلة تكتيكية أكثر، ويحاولون بأي ثمن منع إيران من الاقتراب منهم. إنهم يقاتلون بصورة علنية تقريباً على الأراضي السورية، وغالباً ما يشنون هجمات صاروخية على مواقع توجد فيها، وفقاً لبياناتهم، مستودعات عسكرية ومواقع لـ”حزب الله”، التي يتم تسليحها وتزويدها بالإمدادات من طهران.

وبالمثل، فإن الأراضي المتنازع عليها المتاخمة لفلسطين والحدود اللبنانية تخضع لرقابة مشددة. حسناً، من الواضح أنه في الوضع الحالي، إذ تأرجحت السلطة في لبنان علناً نتيجة لأزمة مالية حادة ومأساة رهيبة (انفجار في مرفأ بيروت) لا تستطيع إسرائيل أن تتصرف من موقع مراقب خارجي. بعد كل شيء قد لا يمنح القدر فرصة أخرى من هذا القبيل.

والشيء الآخر هو أن الإسرائيليين المنجرفين بتكتيكات محاربة إيران يخاطرون بفقدان هذه الاستراتيجية. وبتعبير أدق فإنهم يأملون أن يتولى “الأخ الأكبر”، الولايات المتحدة، استراتيجية محاربة طهران. على رغم أن السؤال الكبير هو إلى أي مدى سيلعب الأميركيون على مسرح الأمم المتحدة. ففي نهاية المطاف تستعد روسيا والصين لمعارضة استمرار حظر الأسلحة المفروض على إيران في آن واحد.

وسيكون الوضع هو نفسه تماماً في ظل “الاتفاق النووي” الإيراني، إذ لا يكون الموقعون الأوروبيون حريصين بأي حال من الأحوال على دعم حليفهم وراعيهم الخارجي. وفي الواقع تنازلت تل أبيب لواشنطن في استراتيجيتها العالمية لمحاربة إيران. هي نفسها قررت تناول التكتيكات. في الواقع محاولة تقويض مكانة “حزب الله” في لبنان.

وعلى رأس الجسر اللبناني لا تعارض إسرائيل إيران فحسب، بل تركيا أيضاً. ويأخذ الإسرائيليون هذه القضية على محمل الجد. شخصيات إسرائيلية سياسية تطلق تصريحات غير مسبوقة. على سبيل المثال، قالوا قبل اغتيال نصرالله “زعيم (حزب الله) هو عدونا الأكبر على الجبهة الشمالية، وهي أكبر مشكلة يشكلها على لبنان وعلينا”.

موسكو تراقب بقلق

السكرتير الصحافي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف، قال قبل اغتيال نصرالله، إن موسكو تشعر بالقلق إزاء تصاعد التوترات بين إسرائيل و”حزب الله”، لكنها لا ترى حتى الآن آفاقاً لحل الصراع.

في 17 و18 سبتمبر الماضي، انفجرت مئات من أجهزة النداء وأجهزة الاتصال اللاسلكية وغيرها من الأجهزة المحمولة التابعة لأعضاء “حزب الله” في أجزاء مختلفة من لبنان. توفي العشرات من الأشخاص، وأصيب أكثر من 4 آلاف شخص بجروح مختلفة، حتى إن بعضهم فقدوا بصرهم. بعد ذلك بدأ الجيش الإسرائيلي قصفاً مكثفاً للبنية التحتية لـ”حزب الله” ومستودعاته ومنشآت أخرى. وأدت غارة جوية على مشارف بيروت في 20 سبتمبر الماضي إلى مقتل قائد وحدة النخبة التابعة للجماعة “الرضوان”، بما في ذلك قائدها إبراهيم عقيل. وفي 24 سبتمبر قتل قائد الصواريخ في الحزب إبراهيم محمد قبيسي في المنطقة نفسها.

وفي 23 سبتمبر، أعلنت إسرائيل بدء عملية “سهام الشمال” العسكرية ضد لبنان، قبل أن تقدم على اغتيال نصرالله مساء 27 سبتمبر. أصبح هذا اليوم أكثر أيام التفجير دموية: بحسب السلطات اللبنانية قتل نحو 500 شخص وجرح أكثر من 1600. وادعى الجيش الإسرائيلي أن العدد الكبير من الضحايا كان بسبب انفجارات ثانوية للذخيرة المخزنة في المباني التي تم قصفها، ودعا سكان جميع القرى اللبنانية إلى مغادرة منازلهم إذا كانوا قرب أو في المبنى نفسه الذي توجد به مستودعات لـ”حزب الله”.

وعبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حتى قبل اغتيال نصرالله عن قلق بلاده من الحرب الإسرائيلية ضد لبنان، قائلاً “نعارض أي تصعيد. ولكن، لسوء الحظ، هناك من يريد تسخين الأمر إلى أقصى الحدود، وعلى وجه الخصوص، إثارة تدخل القوات المسلحة للولايات المتحدة في المنطقة. وهذا واضح تماماً. تذكروا مقتل هنية في عاصمة الجمهورية الإيرانية خلال مراسم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب. لا أستطيع أن أتخيل قدراً أكبر من السخرية. إنني أقدر بشدة أن جمهورية إيران لم “تنفلت من عقالها”، كما يقولون، ولم تنزلق إلى رد عسكري واسع النطاق. وكان الأمل الإسرائيلي هو أن تقوم إيران بشيء يجبر الولايات المتحدة على التدخل بقواتها المسلحة”.

وتابع “ربما من المنطق نفسه الذي يحدث في لبنان الآن. أعتقد أن (حزب الله) يتصرف بضبط النفس مقارنة بالإمكانات التي يملكها. إنهم يريدون استفزازه للغرض نفسه، وهو جعل تدخل الولايات المتحدة في الحرب أمراً لا مفر منه. ويبدو لي أن إدارة بايدن تدرك هذا الخطر. بالطبع نريد ألا تحدث حرب كبيرة”.

لكن الأهم في هذه المرحلة هو أن يكون هناك وقف كامل لإطلاق النار في قطاع غزة وفي الأراضي الفلسطينية بصورة عامة. حل عاجل للقضايا الإنسانية، واستئناف المساعدة بالحجم المطلوب. وبالطبع، كخطوة ثالثة ضرورية، يجب البدء بمحادثة جادة حول إنشاء دولة فلسطينية. ومن دون ذلك فإن تكرار “تفشي” أعمال العنف في الشرق الأوسط لن يتوقف.

تحرك روسي خلف الكواليس

قال أمل أبوزيد مستشار الرئيس اللبناني السابق ميشال عون (2016-2022)، إنه على اتصال دائم مع نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، وإنه طلب من روسيا المساعدة في وقف تصعيد الصراع مع إسرائيل. ووفقاً له فإن موسكو لا تتصرف “بصورة علنية”.

وكشف أبوزيد، وهو أيضاً رئيس لجنة العلاقات مع روسيا في حزب التيار الوطني الحر، أنه ناشد مراراً وتكراراً خلال الشهر الماضي نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف تدخل بلاده لوقف التصعيد بين إسرائيل و”حزب الله”.

وأضاف، “نتطلع إلى الدعم من روسيا لأن روسيا يمكنها بالتأكيد أن تلعب دوراً مهماً. ولها علاقات معينة مع إيران و”حزب الله”. وأوضح أنهم لا يزالون قادرين على التحدث مع الإسرائيليين. لكن في الوقت نفسه، إذا رأى الغرب أن روسيا تحاول القيام بشيء حيال هذا الوضع، فلن يكونوا سعداء للغاية لأنهم يريدون إبقاء روسيا خارج الأمر، هذا هو الواقع. ولهذا السبب لا تتصرف روسيا بصورة علنية، بل خلف الكواليس”.

وقال أبوزيد، إن المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين زار بيروت مرات عدة، وهو على اتصال دائم مع رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب اللبناني “على أمل إبقاء الوضع تحت السيطرة. لكن كما نرى لا يمكن السيطرة على أي شيء بنسبة 100 في المئة”.

وبحسب السياسي اللبناني، فإن الدول الأوروبية تبذل أيضاً جهوداً دبلوماسية لكنها غير قادرة على وضع حد لتغول نتنياهو وهوسه بالحرب. ففي 24 سبتمبر الماضي زار المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان لبنان، ومن المقرر أيضاً أن يزوره دبلوماسي أوروبي آخر في اليوم التالي. كما أجرى رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية اللبناني اللذان توجها إلى نيويورك للمشاركة في دورة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مفاوضات مع القيادة الأميركية لكن من دون جدوى.

تمكنت إسرائيل حرفياً من قطع رأس “حزب الله” وتعطيل جزء كبير من قوته البشرية (أ ف ب)

وفي معرض حديثه عن حل دبلوماسي محتمل للصراع بين إسرائيل و”حزب الله”، أكد أبوزيد أنه من المهم التوصل إلى اتفاق مفيد للجانبين وليس فقط للجانب الإسرائيلي. وقال، “ليس لدينا إيمان قوي بالنهج الأميركي لأن الديمقراطيين والجمهوريين يركزون الآن على الانتخابات الرئاسية التي يستغلها (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو”.

وتشير صحيفة “بوليتيكو” إلى أن الجانبين صرحا علناً مراراً وتكراراً أنهما لا يريدان أن تتصاعد المواجهة إلى حرب، لكن مسؤولين كباراً في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن يعتقدون أن اغتيال نصرالله وضرب لبنان بهذه الوحشية سيفجر المنطقة، على رغم الجهود المبذولة لمنعه. وفي الوقت نفسه تشير “بوليتيكو” إلى أن أجهزة الاستخبارات في بعض الدول الأوروبية تعتقد أن حرباً واسعة النطاق بين إسرائيل و”حزب الله” يمكن أن تندلع في غضون أيام قليلة.

في أواخر الأسبوع الماضي أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي أول مقابلة له مع وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ بدء الحرب في قطاع غزة. وفي حديثه للقناة “14” بالتلفزيون المحلي، قال إن “نهاية المرحلة المكثفة من القتال في قطاع غزة” متوقعة بصورة عامة “قريباً جداً”، لكن الجيش الإسرائيلي “سيواصل العمليات والضربات” في القطاع الفلسطيني “من كل مكان”. وسيسعى إلى تدمير “حماس”. في الوقت نفسه، بحسب رئيس الوزراء، “بعد الانتهاء من المرحلة المكثفة في قطاع غزة، ستتاح لإسرائيل الفرصة لنقل جزء من قواتها إلى الحدود مع لبنان”.

خطر التصعيد وعواقبه

وسبق أن حذر عدد من الدول مواطنيها من الأخطار المرتبطة بالسفر إلى لبنان. وفي 27 يونيو (حزيران) الماضي، قال السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف، إن السفارة الروسية في بيروت أوصت الروس بالامتناع عن السفر إلى لبنان حتى يهدأ الوضع على الحدود مع إسرائيل. في 28 يونيو الماضي أفاد تلفزيون “أن بي سي” نقلاً عن مصادر، أن “البنتاغون” يعيد نشر القوات، إذا لزم الأمر، لإجلاء المواطنين الأميركيين من لبنان بسبب التصعيد المحتمل للأعمال العدائية.

وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في المنتدى العلمي الدولي العاشر “قراءات بريماكوف” في 26 يونيو إلى أن “هناك الآن خطر انتشار العنف إلى لبنان”، وأعرب عن أمله في أن “يقوم المجتمع الدولي، بما في ذلك، بالطبع، القوى الرئيسة في إسرائيل بتدارك ذلك، لأن الحلفاء يدركون مدى التدمير المطلق لهذا النوع من النهج”.

على رغم أن الضربات يتم تبادلها حالياً بين إسرائيل والجماعة اللبنانية بشكل غير متناسب وغير متكافئ، فإنه سيعتمد على إيران. وما دامت طهران استسلمت للاستفزازات واستخدمت القوة رداً على اغتيال نصرالله والهجمات على بيروت وقادة “حزب الله”، فمن الممكن حدوث مواجهة واسعة النطاق في المنطقة، الأمر الذي سيصب في مصلحة إسرائيل.

التصعيد في الوقت الحالي بهذا المستوى في الشرق الأوسط ليس في صالح الولايات المتحدة أيضاً، لأن المشاركة النشطة في عديد من الصراعات الكبرى ستؤدي إلى تعقيد الوضع الاقتصادي في البلاد. إضافة إلى ذلك، فإن السباق الانتخابي يجري حالياً على قدم وساق في الولايات المتحدة، إذ يتعين على الإدارة الديمقراطية أن تظهر مرونة في مواجهة الناخبين، ولكن إسرائيل لا تنظر إلا لمصالحها ولفرصتها التاريخية في تحجيم الخطر الإيراني الوجودي ضدها.

وتغول الدولة العبرية هذا أيضاً عامل يبقي أيدي الولايات المتحدة مقيدة ويمنح إسرائيل حرية التصرف نسبياً. وإذا بدأت إدارة الرئيس جو بايدن في اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من الصراع، فيمكن للحزب الجمهوري المنافس أن يسجل نقاطاً من خلال تبني موقف مؤيد لإسرائيل. ومن المفترض أن يحاول نتنياهو استغلال هذه النافذة لمواصلة سياساته المؤيدة للحرب وتحقيق أهدافه.

المزيد عن: روسيا فلاديمير بوتينإيرانإسرائيلحزب اللهحسن نصراللهجنوب لبنانحركة حماسالناتو

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00