الرئيس السابق ومؤسس الحزب الاشتراكي اليمني عبدالفتاح إسماعيل (مواقع التواصل) عرب وعالم حين دخل أدونيس قصر الرئاسة اليمني… خرج عبدالفتاح إلى المنفى by admin 7 مايو، 2025 written by admin 7 مايو، 2025 15 خلال ربيع عدن السياسي عام 1980 دفع رئيس الدولة ثمن أفكاره وحواراته فغادر السلطة تحت وطأة رفاقه اندبندنت عربية / جمال شنيتر صحافي ومراسل تلفزيوني خلال 23 عاماً، منذ نيل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية استقلالها عام 1967 وحتى إعلان الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية في 1990، شهدت مدينة عدن تقلبات سياسية حادة، وسط نظام يساري دخل في دوامة من الصراعات الداخلية. تنازعت الفصائل الثورية والقيادات الحزبية زمام السلطة، وسط تحديات أيديولوجية وتحالفات متبدلة، مما جعل المشهد السياسي آنذاك متقلباً وغير مستقر. ولم يسلم قادة الحزب الحاكم من هذه الاضطرابات، إذ تنوعت مصائرهم بين الإعدام والسجن والنفي، مما جعلهم في كثير من الأحيان ضحايا لصراعات النفوذ والتوجهات الفكرية. وفي أبريل (نيسان) من أوائل الثمانينيات، أي قبل نحو أربعة عقود، عاشت عدن واحدة من الأزمات السياسية العميقة التي يعتبرها مراقبون من المحطات التي مهدت للحرب الدامية في يناير (كانون الثاني) عام 1986. الرئيس وأدونيس يكشف المستشار والباحث السياسي لطفي نعمان عن أحد الأسباب التي أسهمت في استقالة الرئيس السابق ومؤسس الحزب الاشتراكي اليمني عبدالفتاح إسماعيل، مشيراً إلى زيارة الشاعر والمفكر أدونيس إلى عدن، حيث أجرى حواراً مطولاً مع إسماعيل لمصلحة صحيفة لبنانية. ويقول نعمان في حديثه إلى “اندبندنت عربية” “أمضى إسماعيل وأدونيس ساعات طويلة في حوارات متعددة تناولت قضايا الحكم والقوانين والعلاقة بالاتحاد السوفياتي، إلى جانب الثورة الإيرانية، وكان الأول يصف موسكو بأنها ‘الصديق وقت الضيق'”. ويضيف بسخرية أن “تلك الساعات التي قضاها إسماعيل مع أدونيس استُخدمت ذريعة من بعض الرفاق (قيادات الحزب) الذين أبدوا حرصاً شديداً على قيمة الوقت، وإن كان حرصهم على قيمة الإنسان وحقوقه في جنوب اليمن وشماله محل تساؤل!”. ويتابع أن “من بين الأسباب الأخرى التي دفعت نحو استقالة إسماعيل، ما اعتُبر قصوراً في امتلاكه صفات القائد التنفيذي للدولة، على رغم تميزه كمنظّر فكري وسياسي للحزب. فقد عرف عنه ميله للعزلة واهتمامه بالقراءة والكتابة، حتى أثناء توليه أعلى المناصب، مما لم يكُن محل قبول لدى عدد من رفاقه في قيادة الحزب والدولة”. جذور الأزمة وتعود جذور أزمة أبريل في عدن لتداعيات أحداث أغسطس (آب) عام 1979، حين توقفت الحرب القصيرة بين شطري اليمن، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوباً) والجمهورية العربية اليمنية (شمالاً) بوساطة عربية وتحت ضغوط دولية، وسط توجس سوفياتي من نيات فصائل الجنوب الساعية إلى إسقاط النظام في الشمال. ولم يكن عبدالفتاح إسماعيل، الأمين العام للحزب الاشتراكي ورئيس الدولة آنذاك، يتبنى هذا الخيار التصعيدي بصورة كاملة، إذ اعتبرته دوائر سوفياتية “تحركاً متهوراً”، لا يخدم الاستقرار الإقليمي ولا مصالح موسكو في المنطقة. وتفاقم التوتر الداخلي مع احتدام الخلاف بين وزير الدفاع حينها علي عنتر ووزير أمن الدولة محسن الشرجبي، المحسوب على جناح إسماعيل، حول تبعية “دائرة الاستطلاع السياسي” في القوات المسلحة، هل يجب أن تتبع وزارة الدفاع أم جهاز أمن الدولة؟ الرؤساء الثلاثة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (مواقع التواصل) وانتهى النزاع بإبعاد الشرجبي من منصبه وتعيينه سفيراً لدى جمهورية المجر، إلا أن ذلك لم يُرضِ وزير الدفاع، بل زاد من حدة الأزمة. وسرعان ما تصاعد الضغط على إسماعيل لإجباره على التنحي، فاستُدعي السفير السوفياتي في عدن فيليكس فيدوتوف بهدف إقناعه بالرحيل تحت ذريعة “العجز عن أداء المهمات”، مع التهديد بأن “التصفية” ستكون البديل في حال الرفض. في خضم الأزمة دخل وسطاء مقربون من الطرفين على خط التهدئة، سعياً إلى إقناع عبدالفتاح إسماعيل بتقديم استقالته، مما استجاب له من دون تردد، إذ بادر بصياغتها بنفسه. وعلى رغم تحفظ السفير السوفياتي، بحسب ما تردد حينها، وافقت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي على الاستقالة، وقررت تكريمه بمنحه وسام الثورة وتعيينه في موقع فخري هو “رئيس الحزب”، وهو منصب لم يكُن منصوصاً عليه ضمن اللوائح التنظيمية. في المقابل عيّن علي ناصر محمد أميناً عاماً للجنة المركزية ورئيساً لهيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، مع احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء. الخطة الخمسية ويشير الكاتب علي الصراف إلى أنه منذ عقد المؤتمر التأسيسي للحزب الاشتراكي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1978 الذي أعلن خلاله انتخاب عبدالفتاح إسماعيل أميناً عاماً، بدأت بوادر صراع داخلي بين القيادات الحزبية، حمل أبعاداً سياسية وأيديولوجية واقتصادية واجتماعية. ويؤكد أن إسماعيل واجه انتقادات شديدة منذ اليوم الأول، مما دفعه إلى تقديم استقالته أربع مرات قبل أن تقبل أخيراً في أبريل عام 1980. ويوضح الصراف في كتابه عن اليمن الجنوبي أن تلك المرحلة تميزت بخلافات داخل القيادة الجديدة، بخاصة بعد انتهاء أعمال المؤتمر الأول للحزب وبدء تنفيذ الخطة الخمسية الثانية، فبرزت رؤى متباينة تجاه المسار الاقتصادي، إذ رأى فريق يتقدمه إسماعيل ومؤيدوه أن تحقيق الاشتراكية ممكن عبر خطط خمسية مدعومة بنظام تأمينات، معتبرين ذلك امتداداً لنهج الرئيس السابق سالم ربيّع علي الذي اغتيل في يونيو (حزيران) عام 1978. وهذا التيار شدد على أهمية الاعتماد على الدول الاشتراكية، مدافعاً عن مواقفه بالإشارة إلى أن الإخفاقات الاقتصادية لا ترتبط بالخيارات الاشتراكية، بل بسوء إدارة الدولة. في المقابل تبنى تيار آخر يتقدمه وزير الخارجية محمد صالح مطيع رؤية مختلفة، اعتبر فيها أن التحديات الاقتصادية ناتجة من عزلة البلاد عن محيطها الإقليمي، داعياً إلى الانفتاح على دول المنطقة وتخفيف حدة الخطاب السياسي والفكري الراديكالي والتوجه نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية معها، مما واجه انتقادات حادة من عبدالفتاح إسماعيل وأنصاره الذين اعتبروه انحرافاً عن المبادئ الثورية. صراع اللجنة المركزية ويشير الكاتب علي الصراف إلى أن دورة استثنائية للجنة المركزية للحزب الاشتراكي عقدت في مطلع أبريل من عام 1980، كان يفترض أن تخصص لمناقشة الخلافات الاقتصادية، لكنها تحولت إلى ساحة لتفجر النزاعات السياسية والتنظيمية داخل الحزب. وفي خضم هذه الأجواء المتوترة، غادر عبدالفتاح إسماعيل إلى ليبيا لحضور مؤتمر القمة العربية في طرابلس، بينما تخلف وزير الخارجية محمد صالح مطيع عن اللحاق به في اللحظة الأخيرة، مما أثار شكوكاً حول وجود مؤامرة محتملة لاستهداف إسماعيل. تنازعت الفصائل الثورية والقيادات الحزبية زمام السلطة، وسط تحديات أيديولوجية وتحالفات متبدلة (مواقع التواصل) وتفاقمت هذه الشكوك بعدما أفادت تقارير إذاعية بأن الطائرة التي تقل رئيس اليمن الديمقراطي واجهت عطلاً في عجلاتها قبيل الهبوط، قبل أن تفتح العجلات في اللحظة الأخيرة وتهبط بسلام. ولم تكُن الحادثة التي وقعت خلال رحلة عبدالفتاح إسماعيل إلى مؤتمر القمة في طرابلس هي الوحيدة التي أثارت الشكوك، إذ تشير روايات إلى أن بعض أعضاء اللجنة المركزية خططوا لاعتقاله فور عودته لعدن ونقله إلى سجن المنصورة بهدف تصفيته سياسياً وربما جسدياً. لكن تحرك عدد من أعضاء اللجنة، وعلى رأسهم نائبه علي ناصر محمد وعلي باذيب، أحبط هذا السيناريو، إذ سارعوا إلى استقباله عند بوابة المطار ووفروا الحماية له. وخلال توجههم إلى قصر الرئاسة عبر طريق جبلي ضيق، اعترضت شاحنة مجهولة مسار الموكب عند أحد المنعطفات، في واقعة اعتبرها كثيرون محاولة اغتيال ثانية. وحدة الحزب فوق الخلافات أبلغ نائب الرئيس علي ناصر محمد الأمين العام عبدالفتاح إسماعيل بعد عودته من مؤتمر القمة، بموقف غالبية أعضاء اللجنة المركزية المطالب بإزاحته من قيادة الحزب والدولة. وبعد مشاورات مع عدد من القيادات، اقتنع إسماعيل بضرورة التنحي. وفي ختام الأزمة أدركت الأطراف أن استمرار الخلافات يهدد وحدة الحزب ومستقبله، باعتباره التجربة الماركسية الحاكمة الوحيدة في العالم العربي، فتوافقوا على مبدأ وحدة الحزب وتقرر انتقال إسماعيل إلى ألمانيا الديمقراطية ومنها إلى الاتحاد السوفياتي، حيث أمضى خمسة أعوام في المنفى. استقالة ورسالة وداع وضمن رسالة استقالته القصيرة إلى اللجنة المركزية، حيّا إسماعيل الثورة، وأكد أن قراره نابع من اعتبارات صحية وسياسية، مشدداً على أن الأشخاص قد يرحلون لكن المبادئ باقية، وأن ثقته بالحزب والثورة لم تتزعزع وأن الانتصار سيظل في متناول الحزب. وبعد ستة أشهر من تنحيه وتولي علي ناصر محمد السلطة، عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب في أكتوبر من العام نفسه بحضور أكثر من 440 مندوباً، في سابقة تعكس حجم الجهود المبذولة لإنجاحه. وعلى رغم قرب عهد إزاحة إسماعيل، لم تسجل في وثائق المؤتمر أية تغييرات فكرية أو سياسية جوهرية مقارنة بما أُقر خلال المؤتمر التأسيسي عام 1978، مما أظهر حرص القيادة الجديدة على تجنب تصعيد الخلافات في تلك المرحلة الحساسة. وشهدت عدن فترة من الهدوء النسبي عقب مغادرة عبدالفتاح إسماعيل وتولي علي ناصر محمد القيادة، تزامناً مع عقد المؤتمر التأسيسي للحزب. لكن تلك المرحلة لم تكُن سوى هدنة موقتة بين أقطاب الصف الأول، مثل ناصر وعنتر وصالح مصلح وعلي البيض وسالم صالح وغيرهم، فبدأت الخلافات تتراكم في الخفاء، ممهدة لانفجار جديد. وسرعان ما تحولت “استراحة المحاربين” إلى مقدمة لأكثر فصول العنف دموية في تاريخ اليمن الجنوبي، عندما اندلعت أحداث يناير عام 1986 التي أودت بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، وأطاحت بعلي ناصر محمد الذي لجأ إلى صنعاء، كما قُتل خلالها عدد من أبرز قيادات الحزب التاريخيين. المزيد عن: الحزب الاشتراكي اليمنياليمنعدنصنعاءاالاتحاد السوفياتي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post بيرليوز يستلهم صائغا نهضويا في أوبرا مشاكسة next post رحلة مع روبرت ماكفارلين عبر الأنهار You may also like جيمس جيفري: ترمب يصغي لأصدقائه العرب وعليهم إقناعه... 8 مايو، 2025 باريس: الجزائر أصدرت مذكرتي توقيف دوليتين بحق الكاتب... 8 مايو، 2025 قاض أميركي: الترحيل السريع لمهاجرين إلى ليبيا يخالف... 8 مايو، 2025 “خور عبدالله” ومعضلة ترسيم الحدود بين الكويت والعراق 8 مايو، 2025 القصة الكاملة للاتفاق بين ترمب والحوثيين: مفاجئ وغامض 8 مايو، 2025 بعد 17 عاماً من «أحداث 7 مايو»… سلاح... 8 مايو، 2025 مصادر: الإمارات تتوسط في محادثات سرية بين إسرائيل... 8 مايو، 2025 سموتريتش يقول إن غزة ستُدمّر ”بالكامل“ و”تركيز” سكانها... 8 مايو، 2025 مصادر: أمريكا وإسرائيل تناقشان إمكان تشكيل إدارة بقيادة... 8 مايو، 2025 السيسي يؤكد حرص مصر على عدم تهجير الفلسطينيين... 8 مايو، 2025