الإثنين, نوفمبر 18, 2024
الإثنين, نوفمبر 18, 2024
Home » حكايات ونصوص عن نهاية البشرية

حكايات ونصوص عن نهاية البشرية

by admin

الهولندية مينيكه شيبر تجمع 30 حكاية ونصا من أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا الهندية وأوقيانوسيا، من الكتب المقدسة ومن حكايات الشعوب وتقدم لها بقراءة تحليلية عميقة.

ميدل ايست اونلاين / محمد الحمامصي

لو كان للبشرية بداية، فهل ستصير إلى نهاية كذلك؟ لقد أدى هذا السؤال المُعذِّب إلى عدد من النبوءات عبر مجرى التاريخ. لم تأتِ النهاية بعد، لكن خوفنا منها يبدو وكأنه لا خلاص منه. ولقد أوحى هذا الخوف للناس في كل أنحاء العالم بأن يبتدعوا قصصا أسطورية عن الهشاشة البالغة للحياة على وجه الأرض منذ البدء. وفي هذا الكتاب “ومن بعدنا الطوفان.. حكايات نهاية البشرية” تجمع البروفيسورة والروائية الهولندية مينيكه شيبر 30 حكاية ونصا من أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا الهندية وأوقيانوسيا، من الكتب المقدسة ومن حكايات الشعوب وتقدم لها بقراءة تحليلية عميقة.

الكتاب الصادر عن دار صفصافة بترجمة عبدالرحيم يوسف، قسمان الأول تُذكرنا القصص فيه كيف انمحت البشرية تماما منذ زمن بعيد، وبعد ذلك بدأت الحياة من جديد. والثاني تعلن القصص أن هذه الدراما ستحدث. وبعضها تمزج بين الاثنتين، واصفة الأولى بمفردات دراماتيكية ومحذرة من دراما جديدة ستحدث إذا كانت البشرية لن تسلك على أي نحو أفضل. وبين القسمين هناك فاصل من قصة واحدة استثنائية تفسر كيف نجحت الآلهة في الحيلولة دون ظلام كوني كارثي لم تكن الآلهة ولا البشرية كلتاهما ستنجوان منه.

تقول مينيكه شيبر إن أتباع حركة 2012 آمنوا ولهم أفلام كثيرة على اليوتيوب “أن الفيضانات والزلازل والأعاصير والانفجارات البركانية كانت ستدمر الأرض يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 2012 وبحثا عن النجاة من الكارثة العالمية القادمة، فإن حوالي 5000 من أثرياء العالم الغربي كانوا يخططون لبناء قبو في أعالي الجبال في مكان ما بأفريقيا. ونُصح جميع الناس الآخرين بإنهاء حيواتهم قبل ذلك التاريخ عن طريق ابتلاع الحبوب أو إغراق أنفسهم؛ لأن الأمر سيكون رهيبا”.

  • لم يشهد أحد أبدا بداية ونهاية العالم، لكن الناس يعرفون أنهم وُلدوا وأنهم حتما سيموتون. وفي الأساطير يُسقطون موقفهم الفردي على الكون

وتتساءل تُرى أين سمعنا بهذا من قبل؟ وتضيف “يجب ألا نحزن. ستسقط مريضا. نحن ومن بعدنا الطوفان. هذا هو ما قالته مدام دي بومبادور بطريقة مرحة للويس الخامس عشر عام 1757، عندما شعر الملك بقلق فظيع نحو المستقبل بعد إحدى الهزائم التي مُنيت بها جيوشه خلال حرب السنوات السبع 1756-1763، لا تخبرنا القصة إذا ما كان الملك قد شعر بالتحسن بعد كلمات مدام دي بومبادور، حتى الآن لم يأتِ الطوفان الذي أشارت إليه، لكن كلماتها مازالت ذائعة كقول سائر، وهي تردد صدى روايات أسطورية قديمة عن اعتقاد الناس في نهاية مهلكة للبشرية.

الكوارث الكونية 
وتضيف شيبر أن “كوارث كونية عديدة حدثت في التاريخ الطويل للكوكب الذي نعيش عليه، ونحن نعرف أن مثل هذه الحوادث المرعبة يمكنها أن تحدث مرة أخرى. لا تحدث مثل هذه الكوارث إلا على نحو متفرق وعلى فترات كبيرة، لكنها في أسوأ الحالات قد تمحو الوجود الإنساني بشكل تام. وفي القصص التي تدور عن محنة العالم تفعل ذلك أو تكاد. ربما يميل الناس إلى التعامل مع القصص حرفيًا. وقد بدأ بضعة جيولوجيين في دراسة الطوفان في تراث الناس الخاص بحكي القصص على أساس من الرؤى العلمية الجديدة. وحاولوا أن يكتشفوا إذا ما كانت قصص الدمار تلك قد تعود إلى نفس الطوفان الكارثي الهائل، حادثة تراجيدية بسبب صدمة أرضية قاتلة داخل ذاكرة البشرية الحية. وقد وجدوا أوجه شبه قوية بين ملاحظات جيولوجية واقعية للكوارث العالمية وبين النكبات المشار إليها في القصص التراثية عبر العالم. هل يمكن القول إن هذه القصص كانت تشير إلى حادثة كارثية واحدة كبيرة، حادثة ضربت سكان الأرض في أجزاء مختلفة من العالم، وفي الوقت نفسه تقريبا؟”.

وتوضح أن الوعي بأجسام كونية تضرب الأرض قد غيَّر رؤانا لتطور الحياة على كوكبنا. لقد تم العثور على أكثر من مائة وخمسين حفرة من أثر النيازك على الأرض، كما تم اكتشاف مثل هذه الحفر على كواكب أخرى. وتدريجيا بدأ العلماء يفهمون التأثير الهائل للضربات أو الصدمات النيزكية على الأحياء الأرضية من نبات وحيوان. فمنذ أكثر من 66 مليون عام ضرب الأرض كويكب عرضه أكثر من 10 كيلومترات، لكن في عام 1980 فقط حدث وأن فريقا من الباحثين وصفوا بدقة كيف أن أجساما كونية مثل الشهب والنيازك، أو حتى الكويكبات الأكبر، تعبر مدار الأرض، وتضربها بالصدفة. عندئذ بدأ علماء الأرض والفلك يقتفون بحماس أثر الحقائق الخاصة بانقراض الزواحف العملاقة في العصر الطباشيري، الذي جرى قبل وقت طويل من وجود البشرية.

شهادات الناجين من صدمة كونية

التنين الصيني
وتابعت شيبر في قراءتها التحليلية “منذ حوالي 9500 عام أتى مُذنَّب ضخم طائرا واصطدم بالأرض، متسببا في حدوث زلازل وأمواج تسونامي وانفجارات بركانية وأعاصير من الهواء الساخن والغاز السام والنشاط الإشعاعي والأمطار الحمضية والحرائق العالمية والشموس المعتمة والنجوم الساقطة والفيضانات والشتاءات المتجمدة والعواصف الثلجية في أماكن عديدة؛ ونتجت عنه وفيات جماعية للناس. جرى التعبير عن هذه الحوادث في قوالب من المجاز وأصبحت جزءا من التقاليد الشفاهية المحلية.
وتلفت إلى أنه من وجهة نظر جيولوجية، انقسمت رأس هذا المُذنَّب إلى سبعة أو تسعة أجزاء قبل أن تضرب الأرض. ولا بد أن أجزاءه العديدة تلك قد بدت مثل جبال هائلة محترقة، وُصفت في بعض القصص على أنها شموس مميتة. في ارتباطه بذيله الطويل، أصبح ذلك النيزك في شرقي وجنوب شرق آسيا تنينا سماويا أو ثعبانا ذا رؤوس عديدة، يتلوى أو ينزلق في السماء. مثلا تتحول رأس المُذنَّب النارية إلى صورة التنين الصيني الذي مازال شائعا جدا بلؤلؤته أو كرته النارية التي تسقط في البحر، وتتسبب في ارتفاع مفاجئ للماء. هل يرجع ذلك التنين إلى أثر ذاك المُذنَّب في بحر الصين الجنوبي؟

في أسطورة من جزيرة فيجي بالمحيط الهادي، هناك إله مُهَان، على شكل ثعبان هائل منتقم.  ولدى السكان الأصليين في أستراليا كذلك رمز ثعباني في تراثهم، كما تتم الإشارة أيضا إلى الرؤوس السبع في تقاليد حكي القصص البابلية. هناك حرائق تدمر العالم في النصوص الفيدية الهندية القديمة، وهناك دمار تسببه المياه والنيران في القصص الأميركية الهندية.

ملحمة جلجامش
وتواصل شيبر أن ملحمة جلجامش تذكر أيضا كلا من النار والطوفان المدمرين “أضاء الأنوناكي (آلهة العالم السفلي) بمشاعلهم الأرض بومضات حارقة. وغطى سكون إله العواصف السماء، وانقلب كل النور إلى ظلام. واشتعل غضب العاصفة الثائرة كثور، محطمة في طريقها الأشياء إلى قطع صغيرة، حتى غطى الطوفان على الناس، مدمرا كمعركة”.  وبعد ذلك بزمن طويل، أشار القرآن إلى الطوفان كفرن يغلي وينتظر أمر الله: “حَتَّى إذا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ” (هود، الآية 40).

وتتساءل “هل تعود هذه القصص القديمة إلى شهادات الناجين من صدمة كونية؟ هل احتفظ الناس فعلا بمثل هذا الحدث المهول حيًا في ذاكرتهم؟ بالطبع لا يمكن إثبات أي شيء من هذا القبيل. نحن فقط نعرف أن أناسا كثيرين يعيشون في أجزاء مختلفة من العالم لديهم قصص تصف حوادث دراماتيكية مشابهة. تأتينا أقدم الروايات المكتوبة من الشرق الأدنى ويبدو أن تاريخها يرجع إلى 2000 قبل الميلاد، ويمكننا افتراض أنها كانت منتشرة في التقاليد الشفاهية لفترة أطول بكثير حيث يوجد مزيج من الزلازل والحرائق العالمية والطوفان العالمي والظلام والجليد العالمي ـ وهي الآثار المطابقة كثيرا لصدمات النيازك، في عدد ليس بقليل من القصص. من المستحيل بالطبع المساواة بين البحث عن الحقائق وحكي القصص، لكن الجيولوجيين الذين مزجوا بين الحقائق الجيولوجية المحلية؛ مثل وجود الحفر والصخور الزجاجية، وبين التقاليد المختلفة لحكي القصص؛ وجدوا أن أوجه التشابه أكثر إدهاشا لهم من أن يتجاهلوها. علاوة على ذلك فقد حفظ أنبياء ومتنبئون مهمون الطوفان وغيره من أنواع الدراما الجمعية حية في رواياتهم عن نهاية العالم القادمة، من أول الأنبياء العبرانيين حتى نوستراداموس ومن أتى بعده”.

النبوءات الدينية
وتشير شيبر إلى أن “إحدى النبوءات القوية التي تعلن النهاية موجودة في الكتاب المقدس. في سفر نهاية العالم أو سفر رؤيا يوحنا، وهو آخر أسفار الكتاب المقدس، تجري الإشارة إلى نجوم ساقطة وزلازل ومياه ونيران في إصحاحات عديدة، مثل “فتح الأختام السبعة”، “مشهد البوق”، و”رؤيا الجامات السبعة”. مال الجيولوجيون المندهشون من هذه التوصيفات إلى ربط هذه التفاصيل المختلفة بتأثير صدمة كويكب. في نهاية العالم تتلاشى السماء “كدَرْجٍ ملتف”، وتتزحزح الجبال والجزر من موضعها وتتغير الأرض بما عليها تماما. الغبار والحصى يُسوِّدان الشمس ويُلوِّنان القمر. الناس مرعوبون جدا حتى أنهم يختبئون في المغارات والكهوف، في هذه القصة وفي قصص أخرى كثيرة أيضا. وفي إصحاحات أخرى من سفر الرؤيا هناك برد ونار مخلوطان بدم وأُلقيا على الأرض فاحترق ثلث الأرض وثلث الأشجار وكل عشب أخضر. يصير ثلث البحر دمًا وتموت ثلث الخلائق التي في البحر. ويسقط كوكب عظيم من السماء، متقد كمصباح، قبل أن يضرب ثلث الأنهار وينابيع المياه. اسم الكوكب الأفسنتين (المرارة) وله تأثير مُلوِّث؛ إذ يجعل ثلث المياه مُرًّا ويموت لهذا كثير من الناس. وتفقد الشمس والقمر جزءا من قدرتهما على الإضاءة. في الإصحاح التاسع يسقط كوكب من السماء على الأرض، ويعطي مفتاح بئر الهاوية. وبمجرد انفتاح بئر الهاوية، يبدأ الدخان في الصعود كأنه دخان أتون عظيم، فيظلم الجو.

ثلاث صدمات
وتقول شيبر “ليس هذا إلا عدد قليل من الحوادث الفظيعة الموصوفة في هذا السفر.  ويبدو أن تلك الجوانب العديدة الموصوفة يمكن تفسيرها جيولوجيا على أنها أثر صدمة كويكب. يدخل القديس يوحنا في وصف نفس الحادث ثلاث مرات، مصورا ثلاث صدمات جزئية تأتي إحداها في أثر الأخرى. لماذا ثلاثة؟ كما نعرف الآن، فإن الصدمة العنيفة التي حدثت منذ حوالي 9500 عام تكونت من سبع صدمات منفصلة على الأرض تبعتها فيضانات. وفقا للنتائج الجيولوجية، فإن الشهادات الشرق أوسطية في قصص الطوفان كان يمكنها منطقيا فقط أن تتحدث عن ثلاث صدمات، لأن الصدمات الأخرى حدثت على مسافة بعيدة لدرجة أنه لم يكن من الممكن رؤيتها من هناك. من وجهة نظر جيولوجية يقدم سفر نهاية العالم صورة دقيقة بشكل ملحوظ للظاهرة التي يبدو أنه يشير إليها.

وترى شيبر أن هناك ثقافات لم تكن أبدا على اتصال ببعضها البعض لكنها تحكي قصصا تعبر بشكل مدهش عن مخاوف وهواجس إنسانية متشابهة. تحكي الأساطير كيف جاء أول الناس إلى الوجود على هذه الأرض. تشرح لماذا جاء الموت إلى العالم ومنذ ذلك الحين وهو يحصدنا جميعا واحدا بعد واحد. وتقدم الهلاك التام للبشرية في نهاية مشهودة واحدة مشتركة؛ مثل نار عالمية توقد أرضنا لهيبا كما في قصة من الهند، أو سماء تسقط بشكل تراجيدي كما في قصة من شعب هيريرو الأفريقي أو أسطورة من شعب الهان في الصين. في قصة من قصص المايا، بعد الخلق بقليل؛ سقطت السماء على الأرض وفي أعقابها نزلت المياه.  على مستوى العالم يحقق الطوفان أعلى النتائج متقدما عما قبله بكثير كأكثر سيناريو محتمل لفناء البشرية.

وتخلص في تحليلها إلى أن القصص الدائرة عن نهاية البشرية تستكشف السؤال الخاص بـ “إلى أي حد نحن قادرون على التعامل مع الموت، على مستوى جزئي وكذلك على مستوى كلي، مع وجود تشابهات مذهلة بين الاثنين؟ في الأساطير غالبا ما يُخلق أول البشر أو يولدون بنفس الطريقة التي ينشأ بها الكوكب. في بعض القصص تفقس الأرض من بيضة وكذلك أول البشر؛ أو يُشكّل الخالق الأرض من الطين وأول الناس كذلك. الكوكب المُجهَد، والبشرية الفانية، هذا أيضا حالنا كأفراد. لقد فسر المحللون النفسيون انفجار غشاء السائل المحيط بالجنين على أنه أول طوفان نهرب منه. لم يشهد أحد أبدا بداية ونهاية العالم، لكن الناس يعرفون أنهم وُلدوا وأنهم حتما سيموتون. وفي الأساطير يُسقطون موقفهم الفردي على الكون.

 

 

You may also like

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00