منظر من بحر العرب (صفحة فيسبوك) ثقافة و فنون حكايات أمينة السيرافي قرصانة بحر العرب في رواية أميركية by admin 19 يوليو، 2023 written by admin 19 يوليو، 2023 178 شانون شاكرابورتي تستعيد الأدب الغرائبي وقصص الجن والسحرعلى طريقة شهرزاد اندبندنت عربية \ انطوان جوكي منذ صدور روايتها الأولى، “مدينة النحاس”، في نيويورك عام 2017، انتزعت الكاتبة الأميركية شانون شاكرابورتي اعتراف النقاد بموهبتها الكتابية والسردية. رواية ما لبثت أن حوّلتها إلى ثلاثية تاريخية خيالية بعنوان “دايفاباد” أو “بلاد الجن”، تضارع بقيمتها أفضل الروايات التي وضعت في هذا النوع الأدبي، وتعكس بمضمونها ومراجعها شغف صاحبتها بالحضارة العربية ــ الإسلامية، الذي دفعها إلى اعتناق الإسلام ومراكمة ثقافة تاريخية وأدبية مهمة في هذا الميدان تتجلى بوضوح في كل كتاباتها اللاحقة. قرّاء شاكرابورتي، الذين باتوا كثر في وطنها وخارجه بفضل الثلاثية المذكورة، سيفرحون بمعرفة أنها بدأت ثلاثية جديدة صدر جزؤها الأول حديثاً في نيويورك بعنوان “مغامرات أمينة السيرافي”، وتدور أحداثه في منطقة بحر العرب، خلال القرن الثاني عشر. وكما يشير إليه عنوانها، فبطلة هذه الرواية امرأة تدعى أمينة السيرافي، كانت لفترة طويلة واحدة من أشهر القراصنة الذين نشطوا في المحيط الهندي، فعاشت مغامرات لا تصدّق وتزوّجت من عدة رجال، من بينهم عفريت حقيقي، قبل أن تقرر الاعتزال في جبال عُمان لعيش حياة هانئة مع ابنتها مرجانة، إثر حادثة رهيبة تورط فيها زوجها العفريت راكش، ووقع ضحيتها صديقها وأحد أفراد طاقمها، آصف العدني، الذي لقي نهاية مروعة. المرأة القرصانة عشر سنوات مرّت على انسحاب أمينة من نشاط القرصنة، لكن أسطورة مغامراتها وإنجازاتها ما زالت حيّة. ومع أنها تمارس في السر نشاط مرشدة سياحية لكسب قوتها، إلا أن هويتها الحقيقية لا تلبث أن تنكشف حين تنقذ شابّين من موت محتم على يد كائن خارق، أثناء رحلة سياحية. هكذا تتمكن امرأة ثرية تدعى سليمة من العثور على مكان إقامتها، فتطرق يوماً باب دارها لتقترح عليها عملاً يتعذّر رفضه. رواية “مغامرات أمينة السيرافي” (امازون) بسرعة يتبيّن لأمينة، ولنا، أن سليمة هي والدة آصف، والعمل الذي تعرضه عليها يقتضي باستعادة حفيدتها، المراهقة دنيا، من خاطفها الصليبي فالكو، مقابل مبلغ قدره مليون دينار. وكان من المفترض بأمينة أن ترفض هذه المهمة نظراً إلى تجاوزها سن الأربعين وتعلّق مرجانة الشديد بها. لكن ما الضرر من إضافة مغامرة واحدة إلى سجل مغامراتها الطويل، خصوصاً إذا كانت تتيح لها فرصة منح ابنتها الحياة التي تستحقها، إنقاذ ابنة صديقها آصف وتلطيف شعورها بالذنب تجاهه، عيش مغامرة أخيرة مع طاقمها، وكسب ثروة هائلة؟ هكذا تبدأ رواية “مغامرات أمينة السيرافي” التي نتلقى قصتها على لسانها بطلتها، بصيغة المخاطب، لكونها تتوجه فيها إلى ناسخ يدعى جمال. لماذا؟ “لأن هذا الكاتب قرأ عدداً كبيراً من القصص المتوافرة وتعلّم منها درساً خاصاً: أن تكوني امرأة يعني أن تُهمَل قصتنا، أو تُحفظ بشكل رديء، ملتوٍ”. ولن يتطلب الأمر منا وقتاً طويلاً كي نحزر أن المهمة التي قبلت أمينة بإنجازها تتجاوز مسألة استعادة الفتاة المفقودة. لكن ما لا يمكن تخمينه هو المخاطر التي تواجهها أثناء إتمامها، واختلافها كلياً عن كل ما اختبرته في السابق. وفعلاً، لن تشكّل عملية التهريب المذهلة التي تنظّمها في مدينة عدن لتحرير أفراد طاقم سفينتها من السجن، سوى مجرد استطعام لما ينتظرها لاحقاً. فهي تكتشف بسرعة، إثر زيارة خاطفة لمنزل سليمة في المدينة المذكورة، أن دنيا ليست مجرد مراهقة ساذجة، بل فتاة ذات علم كبير في عالم السحر والتنجيم، مثل والدها وجدّها قبلها، وأن الصليبي الإفرنجي فالكو أغراها بغية مساعدته على تعقّب قطعة أثرية لها علاقة ببلقيس، ملكة سبأ، ومن شأنها أن تمنحه قوة خارقة عظيمة. هكذا تجد أمينة نفسها غير مكلّفة فقط بإنقاذ فتاة، بل أيضاً بردع ساحر قادر، في حال بلوغه مأربه، على زعزعة نظام الكون، وبالتالي متورطة في مهمة تتطلب منها مواجهة مرتزقة يتمتعون بقوة خارقة، وحوش بحرية عملاقة، كائنات سحرية لا تُرى بالعين المجرّدة، وأيضاً ندمها على خطايا سابقة لا تلبث أن تطفو على سطح ذاكرتها. الروائية الأميركية شاون شاكرابورتي (صفحة الكاتبة – فيسبوك) “مغامرات أمينة السيرافي”، مثل “بلاد الجن” والقصص المتفرّقة التي سبقتها، تنتمي إلى الثقافة العربية في مراجعها الواقعية والخرافية على حد السواء. ولكتابتها، قامت شاكرابورتي من دون شك بأبحاث عميقة تتجلى في معرفتها المدهشة للظروف الاجتماعية والسياسية التي كانت سائدة في منطقة بحر العرب أثناء القرن الثاني عشر. معرفة تعكسها تعليقات موضوعية ثاقبة غزيرة على موضوعات مختلفة، تغني سرديتها وتعزز من قيمتها ووقعها. وفي هذا السياق، يفتننا تصويرها الحاذق للعالم الكوزموبوليتي الذي كان موجوداً في المنطقة المذكورة، قبل قرون طويلة من عولمة زمننا الراهن: “أظن أن المحيط الهندي هو أحد أروع الفضاءات الجغرافية في تاريخ البشرية”، أسرّت الكاتبة لأحد النقاد لدى صدور روايتها، مضيفةً: “غالباً ما نظن أن التواصل الذي يميّز عالمنا اليوم جديد، لكن هذا غير صحيح على الإطلاق. التبادل بين القارات كان منتظماً في الحقبة التي أعالجها، على جميع المستويات”. تفتننا القصة التي تسردها في هذه الرواية، ولا نبالغ إن قلنا إنها تضارع مغامرات السندباد البحري، بالأحداث المشوّقة وعمليات القرصنة والكنوز الدفينة والجزر العجيبة والجرعات السخية من الجنّ والكائنات الخارقة الأخرى التي تتضمنها. قصة تتخللها وقفات مثيرة يسرد الناسخ فيها أسطورة تم ذكرها، أو يستحضر مقتطفاً من كتاب حقيقي قديم، ينير موضوعاً مقارباً، وتتخللها لحظات طريفة، لا سيما حين يظهر من جديد زوج أمينة العفريت ويضفي، بجبنه المناقض لقدراته الخارقة، جانباً كوميدياً على بعض المشاهد المعتمة. ولا يقل أفراد طاقم أمينة فتنة، بفضل تجسيدهم الماهر، وفي مقدمتهم دليلة التي تتمتع بشخصية مغناطيسية وبمعرفة مخيفة في تركيب الجرعات السامة، وتينبو صاحب القلب الكبير والولاء الذي لا يتزعزع، وماجد العصبي، لكن المحبّ والعليم في قراءة خارطة السماء وفن الإبحار… باختصار، شخصيات تضيف، بأصولها وآفاقها واهتماماتها المختلفة، عمقاً وتوابل على القصة المروية. لكن أكثر ما يشدّنا في هذه الرواية هو بطلتها أمينة، بنبلها وفرادة مسيرتها وجرأة خياراتها، وأيضاً بالصفات والتطلعات المتضاربة التي تتجاذب شخصيتها الجذابة. فعلى طول الرواية، نراها تسعى إلى سلوك طريق الحق والتصالح مع نفسها وإيمانها ، بعد حياة طويلة من القرصنة أمضتها في ارتكاب المحرّمات. سعي لا يمنعها من الاستسلام لمغامرة أخيرة، لكنه يجبرها على التخلي عمّا ساعدها في الماضي على نسج أسطورتها كقرصانة، في الوقت الذي هي في أمسّ الحاجة إليه. وحول هذه النقطة، صرّحت الكاتبة: “أردتُ أن أسيّر شخصية تعود إلى إيمانها، وأن أبيّن من خلالها أننا، مهما اقترفنا من أشياء رهيبة في الماضي، يمكننا أن نعود منها”. ومن هذا المنطلق، تقوله على لسان أمينة في نهاية الرواية: “نحن ثمرة ما أراده البارئ لنا. إن كانت الأيدي الكسولة لعبة في يد الشيطان، فإن الأيدي الملطخة بالدماء يمكنها أحياناً أن تكون أفضل خادم لخالقها”. المزيد عن: روائية أميركيةروايةتخييلالغرائبيةشهرزادقصص الجنالخرافاتالسردالسحر 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “نواب الحاكم” يشترطون الغطاء السياسي لإدارتهم أعمال مصرف لبنان next post حين “يخرج” سكورسيزي عن مساراته المعهودة وبراءة سينماه العميقة You may also like استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 تحديات المخرج فرنسوا تروفو بعد 40 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 21 قصيدة تعمد نيرودا نسيانها فشغلت الناس بعد... 28 نوفمبر، 2024 الرواية التاريخية النسوية كما تمثلت لدى ثلاث كاتبات... 28 نوفمبر، 2024 بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024