أعلن ترمب أن الوظائف والمصانع ستعود بقوة إلى الولايات المتحدة بفضل سياساته التجارية (أ ب) عرب وعالم حرب ترمب التجارية قد لا تعيد التصنيع إلى أميركا by admin 14 أبريل، 2025 written by admin 14 أبريل، 2025 17 الرئيس مدفوع بالحنين إلى العصر الذهبي لصناعة الولايات المتحدة لكن العالم تغير اندبندنت عربية / طارق الشامي صحافي متخصص في الشؤون الأميركية والعربية @tarek21shamy تعريفات “يوم التحرير” التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أمر واحد، وهو أنها تطبق على السلع فحسب، ولا تتأثر بها تجارة الخدمات بين الولايات المتحدة وشركائها، وهو خير مثال على تركيز ترمب الغريب على تجارة السلع، ومن ثم على حنينه إلى عصر التصنيع الذهبي في الولايات المتحدة خلال الخمسينيات والستينيات، مصحوباً بشعوره بالقلق من فقدان الوظائف الجيدة التي توفر مستوى معيشياً لائقاً للعمال ذوي الياقات الزرقاء الذين يشكلون قاعدته السياسية، لكن المأساة هي أنه ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الرسوم الجمركية يمكن أن تعيد التصنيع إلى الولايات المتحدة. فما العوائق أمام تحقيق ذلك، ولماذا يبدو العالم مختلفاً تماماً عما كان عليه في الماضي؟ حلم العودة إلى التصنيع عندما فرض رسوماً جمركية على نطاق غير مسبوق على دول العالم قبل أن يؤجلها 90 يوماً ويبقيها على الصين وبل يزيدها أضعافاً، أعلن الرئيس دونالد ترمب في حديقة الورد بالبيت الأبيض أن الوظائف والمصانع ستعود بقوة إلى الولايات المتحدة بفضل سياساته التجارية، مما شكل تحولاً جذرياً في السياسة الاقتصادية الأميركية من الحزبين، التي احتضنت وشجعت التجارة الحرة العالمية منذ ثمانينيات القرن الماضي. وبحسب رؤية ترمب وفريقه من المستشارين التجاريين والاقتصاديين، فإن خطته لفرض هذه الرسوم الجمركية، ستجعل أميركا عظيمة مجدداً، بل أعظم من أي وقت مضى، لأن الوظائف والمصانع ستعود بقوة إلى الولايات المتحدة، وهذا ما أكده أيضاً موقع البيت الأبيض على الإنترنت الذي نسب الفضل إلى الرئيس في سلسلة من إعلانات الاستثمار الصناعي الأخيرة من قبل شركات مثل “إنفيديا”، الشركة العالمية الرائدة في مجال رقائق الكمبيوتر المتقدمة، وشركتي صناعة السيارات الكبرى مثل الكورية “هيونداي” والألمانية “مرسيدس بنز”. الحنين إلى الماضي استعادة مكانة أميركا كقوة صناعية مهيمنة هي الدافع الأول للرئيس ترمب، وهو ما عده البعض نوعاً من الحنين إلى الماضي، فقد كانت خمسينيات القرن الماضي فترة فريدة من نوعها، فمع نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت الولايات المتحدة قوة صناعية هائلة، إذ استحوذت على ثلث صادرات العالم، مقابل نحو عشر واردات العالم، ويعود ذلك إلى أنه لم يكن هناك سوى عدد قليل جداً من الدول الصناعية الأخرى في ذلك الوقت، بسبب الحرب التي دمرت صناعات أوروبا وآسيا بينما تجنبت الولايات المتحدة وحدها هذا التدمير لأن أراضيها الرئيسة حمتها المحيطات المجاورة من التعرض للقصف. وخلق هذا الوضع عالماً يشهد طلباً هائلاً على الصادرات الأميركية، إذ لم يكن لدى أي مكان آخر قاعدة صناعية تذكر، وفي عصر ازدهار الصناعة التحويلية الأميركية، الذي استمر حتى سبعينيات القرن الماضي، كان ما يقارب 20 مليون شخص يكسبون عيشهم من التصنيع، إذ كانت الولايات المتحدة منتجاً رائداً للسيارات والطائرات والصلب، وشكل التصنيع أكثر من ربع إجمالي العمالة. تحول كبير غير أن هذا لم يكن ليدوم إلى الأبد، فمع نهاية العام الماضي، وبعد إعادة تنظيم جذرية للاقتصاد العالمي، وظف التصنيع نحو ثمانية في المئة فقط من عمال البلاد، كما تشير الأرقام الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي إلى أن الولايات المتحدة لا تستحوذ حالياً سوى على 7.2 في المئة من صادرات العالم حيث تصدر ما قيمته 1.86 تريليون من إجمالي صادرات دول العالم التي بلغت 25.8 تريليون دولار، كما زادت الواردات الأميركية لمثل 12.55 في المئة من واردات العالم حيث استوردت ما قيمته 3.8 تريليون دولار من إجمالي واردات العالم التي تبلغ 30.5 تريليون دولار عام 2023 بحسب أرقام المنظمة. ومن النقاط الأخرى المتعلقة بالفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية أن النظام الاقتصادي تأثر بالاستعمار، فقد استغلت القوى الأوروبية نفوذها لمنع بقية العالم من التصنيع، لكن مع تفكيك تلك الإمبراطوريات وكسر القيود، بدأت الدول المستقلة حديثاً عمليات التصنيع الخاصة بها، كما يقول المتخصص في مجال السياسة الدولية في “كينغز كوليدج” جيمس سكوت. كبش فداء لكن الآن، ورغم أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر ثراء من أي وقت مضى، فإن الاقتصاد اختلف تماماً، إذ تهيمن عليه أعمال الخدمات بجميع أنواعها، المربحة والمنخفضة الأجر، فقد جفت المراكز الصناعية في المناطق الداخلية الأميركية التي يطلق عليها الآن ولايات الصدأ، للإشارة إلى حال مصانعها المتوقفة، مما ترك عديداً من معاقل قاعدة ترمب على الهامش الاقتصادي، وأدى ذلك منذ ولاية ترمب الأولى إلى تبني سياسات صناعية حمائية استمرت خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، وتنتظر مزيداً مع عودة ترمب إلى المكتب البيضاوي، حيث تشير الأبحاث إلى أن التجارة والعولمة غالباً ما تكونان كبش فداء أكثر منهما قوة دافعة، لأنهما مسؤولتان عن جزء صغير فقط من فقدان الوظائف. وحتى إذا أعيد توازن العجز التجاري الأميركي بأكمله من خلال توسيع الصناعات المحلية، فسيؤدي ذلك إلى زيادة حصة العمالة الصناعية داخل الولايات المتحدة بنحو نقطة مئوية واحدة، وفقاً لأرقام مكتب إحصاءات العمل الأميركي، ولن يكون هذا تحولاً جذرياً. ولا تزال شريحة واسعة من الاقتصاديين وقادة الأعمال تشكك بشدة في حملة الرسوم الجمركية، وفي قدرتها على عكس مسار الانخفاض المستمر منذ عقود في عمالة قطاع التصنيع، وهو انخفاض له أسباب عالمية مختلفة وعلاجات محلية غير واضحة في عصر تهيمن عليه الروبوتات في المصانع. أسباب تراجع التصنيع وثقت ورقة بحثية نشرها هذا العام معهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا “أم أي تي” تأثير الطفرة في واردات أميركا من السلع الصينية في مطلع هذا القرن على الأعوام التالية، وخلصت إلى أنه في حين أن المناطق الأكثر تضرراً مما يسمى “صدمة الصين” انتعشت اقتصادياً إلى حد ما، لكن العمال الأفراد الذين تأثرت وظائفهم لم يتحسنوا. ومنذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، أدت مجموعة قوية من العوامل إلى نقل عديد من وظائف التصنيع إلى خارج البلاد، ومع نضوج الشركات متعددة الجنسيات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها أدرك المديرون التنفيذيون أنه يمكنهم زيادة الإنتاج بأجور أقل في الخارج، مما يتيح زيادة الأرباح وانخفاض الأسعار للمستهلكين المحليين، وغالباً ما دعم صانعو السياسات في واشنطن العاصمة والولايات أيضاً، مثل هذه التعديلات من قبل الشركات متعددة الجنسيات، لأنهم شعروا بالإحباط من المعارك الشرسة مع النقابات العمالية في حقبة التضخم خلال هذه الأعوام. وعلى مر السنين، أدى الارتفاع النسبي لقيمة الدولار الأميركي إلى ارتفاع كلفة السلع التي ينتجها المصدرون الأميركيون بشكل عام، مما قلل من قدرته على المنافسة حول العالم، ونتيجة لذلك فضلاً عن زيادة القدرة الشرائية للأميركيين، تولد العجز التجاري للبلاد حيث يشتري المستهلكون الأميركيون سلعاً من الخارج أكثر من قيمة السلع التي يبيعها المنتجون الأميركيون في الخارج. لكن القصة الاقتصادية الأميركية في القرن الـ21 تأثرت أساساً بالسعي المتعمد نحو تجارة عالمية أكثر حرية على أمل خفض الأسعار، رغم إدراك الجميع أن ذلك سيعرض فرص العمل في قطاع التصنيع الأميركي للخطر. أثر مدمر للعمال دفع عديد من العمال ذوي الياقات الزرقاء، مثل موظفي مصنع سيارات “جنرال موتورز” في ميسوري، ثمناً باهظاً للعولمة، وأظهرت بيانات الدخل الأسبوعي في الولايات المتحدة، المقسمة بحسب المستوى التعليمي، أن أجور العاملين غير الحاصلين على شهادة جامعية انخفضت منذ عام 1973 تقريباً، وبخاصة بين الرجال وهي الفئة التي صوتت غالبيتها لمصلحة ترمب، بينما ذهبت الفوائد التي خلقتها العولمة للفئات الأكثر تعليماً. وفي كثير من الأحيان، كانت وظائف قطاع الخدمات التي سدت فجوة تراجع التصنيع محفوفة بالأخطار أيضاً، وهذا يعني انخفاض الأجور، وتراجع الأمان الوظيفي، ونقص التمثيل النقابي، وقلة فرص الترقي الوظيفي، وفي ظل هذا الوضع، لم يكن من المستغرب أن يكون هناك رد فعل عنيف. محاولات العلاج رغم بعض المزايا المعترف بها ضمنياً للحروب التجارية التي شنتها إدارة ترمب الأولى، فإن العجز التجاري الأميركي، أي الفجوة بين واردات وصادرات السلع، ظل كبيراً كما كان منذ مغادرة ترمب منصبه، واستمر في النمو منذ ذلك الحين، كما استقر نمو الوظائف في قطاع التصنيع منذ عام 2019 رغم مبادرات عهد بايدن التي حاولت معالجة هذه المعضلات الاجتماعية والاقتصادية باتباع نهج مختلف. سعى بايدن إلى تعزيز تمكين النقابات العمالية في جميع القطاعات، وخصوصاً قطاع التصنيع، من خلال دعم جماعات مثل نقابة عمال السيارات المتحدة في الصناعات القديمة، ودعم صناعات جديدة كالطاقة الخضراء، من خلال بنود تشجع المنتجات المصنوعة في الولايات المتحدة وتحمل شعار “صنع في أميركا”، لكن هذا النهج الذي كان سيستمر جزئياً في الأقل من خلال الاستثمارات التي حفزها والدعم الذي أقره الكونغرس، توقف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. والآن أصبح أسلوب ترمب في السياسة الصناعية الذي يقوم على فرض عصا ضرائب الاستيراد هو وسيلة الضغط الممكنة بهدف الحفاظ على فرص العمل في المصانع الأميركية، وتوسيع نطاقها، وهو ما نال دعماً من شخصيات سياسية يسارية مؤيدة للعمال، مثل شون فاين، رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة. ومع ذلك يظل السؤال هو، هل ستعالج خطة ترمب للرسوم الجمركية هذه المشكلة؟ شكوك متزايدة حتى الآن، لا يوجد ما يدعو إلى الاعتقاد بأن خطة ترمب للرسوم الجمركية، التي لا يزال يريد استئنافها من خلال سياسة مستهدفة خلال ثلاثة أشهر بعدما أوقفها مع دول العالم باستثناء الصين، ستفعل ذلك لأسباب عدة، أولها أن السبب الرئيس لتراجع قطاع التصنيع هو ارتفاع الإنتاجية، إذ يتطلب الأمر ببساطة عدداً أقل من العمال لإنتاج السلع بسبب الزيادة المستمرة في الأتمتة وما يصاحبها من ارتفاع في كمية إنتاج كل عامل، كما أن المصانع الحديثة ببساطة لا تحتاج إلى عدد كبير من العمال كما كانت في السابق، بعدما حلت الآلات الحديثة والروبوتات محل البشر في كثير من الوظائف، وهو اتجاه مرشح للنمو أكثر مع التطورات التحديثية الأخيرة، وبخاصة مع التقدم السريع للذكاء الاصطناعي. وللرسوم الجمركية أيضاً آثار ذات حدين، فمن المرجح أن تعود بعض الصناعات إلى الولايات المتحدة، ولكن هذا قد تكون له عواقب وخيمة، فرغم أن زيادة إنتاج الصلب الأميركي مفيدة للعمال، فإن ارتفاع كلفة الصلب الأميركي المنتج في الولايات المتحدة سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المصنعة به، وهذا يشمل السيارات التي يتحدث ترمب دائماً عن رغبته في إنتاج مزيد منها، ومن ثم ستنخفض قدرتها التنافسية، وتنخفض صادراتها مما يسبب فقدان الوظائف، وكما تقول محللة الصناعة العالمية في “أكسفورد إيكونوميكس ” آبي سامب، فإن الرسوم الجمركية ستؤدي على الأرجح إلى نقل بعض إنتاج السيارات إلى مصانع أميركية قائمة، ولكنها أيضاً سترفع الكلفة على المصنعين والأسر الأميركية. ومع توقع ارتفاع احتمالات الركود بشكل حاد بين المحللين الاقتصاديين بالنظر إلى أن أكثر من 40 في المئة من واردات الولايات المتحدة هي عبارة عن مدخلات في الإنتاج المحلي الأميركي، فإن هناك خطراً وشيكاً من أن تضيف الرسوم الجمركية الأعلى، في حال تفعيلها، الضرر بالمصنعين الأميركيين أيضاً، وتضيف من قيمة أسعار المنتجات، مما يقلل مبيعاتها وأرباحها، وربما يؤدي إلى إغلاق بعض المصانع وتسريح العمالة. الماضي لا يعود هذا لا يعني أن القلق في شأن الوظائف والآثار غير المتكافئة للعولمة في غير محله، فمن الواضح أن العمال ذوي الياقات الزرقاء عانوا كثيراً في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى على مدى الأعوام الـ40 إلى الـ50 الماضية، ولم تعر الحكومات اهتماماً يذكر لهذا التراجع، ورغم أن سياسات الرسوم الجمركية قد تحدث بعض التحسن الطفيف، فإنها لن تجلب على الأرجح عصراً ذهبياً جديداً للتصنيع في أميركا مثلما يتصور الرئيس ترمب، فقد تغير العالم بشكل كبير، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء. المزيد عن: دونالد ترمبالرسوم الجمركية جو بايدنالاستثمار الصناعيصناعة الولايات المتحدةالسياسة الاقتصادية الأميركية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post غادة حلاوي تكتب عن: كواليس النقاش حول السلاح وشروط حزب الله: التفاوض بدأ next post غسان شربل يكتب عن: حطب الخرائط ووليمة التفاوض You may also like قيود التأشيرة تهدد مستقبل الطلاب العرب في الولايات... 15 أبريل، 2025 “لسنا كفارا”… سوريون يعترضون على مظاهر سيارات “الحسبة”... 15 أبريل، 2025 “مهمة النار” وحدة سرية إسرائيلية تتبعت “حزب الله”... 15 أبريل، 2025 السعودية تخطط لسداد ديون سوريا لدى البنك الدولي 15 أبريل، 2025 إسرائيل تباشر بشق طرق “عازلة” بأموال المقاصة الفلسطينية 15 أبريل، 2025 «هجرة الأطباء» تُثير الجدل في مصر مجدداً بعد... 15 أبريل، 2025 هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ... 15 أبريل، 2025 زعيم المحافظين في كندا يتعهد بترحيل الأجانب المروجين... 15 أبريل، 2025 نتنياهو ينتقد رئيس الوزراء الكندي لتأييده على ما... 15 أبريل، 2025 سلام يكشف تفاصيل زيارة “الصفحة الجديدة” إلى سوريا 15 أبريل، 2025