هذه الصور تعكس نمط عيش صاحبها وطرق تدبيره للوقت ومغرياته الحياتية والقيم التي يضمرها (أ ف ب) ثقافة و فنون حالات طلاق وفضائح بسبب صور على مواقع التواصل by admin 30 مايو، 2025 written by admin 30 مايو، 2025 15 حالات طلاق ونزاعات قانونية ووقائع مؤسفة سببها نشر تفاصيل الحياة الخاصة والسفريات والمقتنيات على الـ”سوشيال ميديا” ومراقبون: ضاعت الحميمية اندبندنت عربية / حسن الأشرف صحافي وكاتب لم تكن فتيحة، شابة في عقدها الثالث، تعلم أن نشرها “صوراً خاصة” على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف “التسلية وتزجية الوقت”، سيكون النقطة التي أفاضت كأس خلافاتها مع زوجها، لتنتهي حياتها الزوجية بالطلاق أمام محكمة الأسرة. حالات طلاق ونزاعات قانونية وقضايا وملفات في المحاكم بسبب خلافات وخصومات. أحداث ووقائع مؤسفة في أكثر من بلد عربي سببها تصوير تفاصيل لليوميات أو السفريات أو المقتنيات، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. يرى متخصصون، أن الفضاء الرقمي أفرز أنماطاً جديدة من التفاعل الإنساني بنيت على منطق العرض الرمزي وإدارة الانطباعات بدل التفاعل التقليدي، وأن الكشف عن تفاصل الحياة الشخصية من خلال الصور على “السوشيال ميديا” بات يفقد الأسر العربية حميميتها القديمة. منطق الظهور تضج مواقع التواصل الاجتماعي بالصور والفيديوهات التي اختار أصحابها، رجالاً ونساء، أن تكون جسراً يتواصلون عبره مع رواد الفضاء الرقمي، أو مع جمهورهم المفترض، من خلال سرد يومياتهم وتصويرها، أو تصوير مشترياتهم، أو حكي تفاصيل سفرياتهم السياحية. يقول يحيى اليحياوي، المتخصص في مجال الإعلام والاتصال، إن “نشر صور ومقاطع فيديو على المباشر ليوميات شخص ما أو سفرياته ومقتنياته، هو إفراز للتطبيقات على الإنترنت وما تفرع عنها من مواقع ومنصات رقمية وفضاء للتبضع الإلكتروني. هذه الصور تعكس نمط عيش صاحبها وطرق تدبيره للوقت ومغرياته الحياتية، وتعكس أيضاً طبيعة سلوكه والقيم التي يضمرها، إذ إن ثمة انبهاراً بالتكنولوجيا وتماهياً للفرد مع مستجداتها، كما أنها انعكاس للحال النفسية لذات الفرد وتعبير عن انتمائه الطبقي واندفاعه نحو منطق الظهور”. هناك أشخاص يعملون على الظهور في الواقع الافتراضي بغير الصورة التي لهم في الواقع الملموس (غيتي) وجواباً على سؤال في شأن الرسالة وراء نشر هذه الصور على مواقع التواصل، أفاد بأنه “ليس هناك رسالة لتغيير صورة المرء على (فيسبوك) كل مرة وحين، ولا خلفية لنشر صورة على (إنستغرام) في الشارع أو المطعم أو القطار أو الطائرة، فالتقنية هي التي تفرض منطقها، إذ إن توافر التطبيقات التي تمكن من ذلك هي التي تدفع المرء إلى ركوب ناصيتها”. لكن ما الغاية من نشر هذه الصور؟ يجيب اليحياوي بأن “الأمر يتعلق بإرضاء نزوة باطنية تعطي الانطباع لصاحبها بأنه كائن بمواصفات محددة”، لافتاً إلى أن هناك أشخاصاً يعملون على الظهور في الواقع الافتراضي بغير الصورة التي لهم في الواقع الملموس”. وتابع مؤلف كتاب “الويب الاجتماعي والهوية الرقمية”، أن “ثمة إغواء وإغراء واستلاباً واضحاً، حيث تماهى المرء مع التكنولوجيا، وباتت الأخيرة محركه لا العكس، حتى صار ينشر حميمياته في الفضاء العام، متناسياً أن ما ينشره هو جزء من معطيات ضخمة قد يرتد استخدامها عليه وعلى صورته”. خرابات بيوت فتيحة “المطلقة” ليست سوى واحدة من آلاف النساء اللاتي وقعن في شرك التصوير على مواقع التواصل الاجتماعي، أو “خرابات البيوت” كما يحب ظرفاء تسميتها، إذ استهانت بتداعيات نشر صورها على “الموقع الأزرق” قبل أن تجد نفسها مضافة إلى قائمة المطلقات الطويلة في بلدها. كانت فتيحة تنشر في صفحتها صوراً لها، أو مقاطع فيديو تظهر فيها بفساتين جديدة أو حتى بالمنامة (البيجامة)، وهي تحكي لجمهورها المفترض قصصاً اجتماعية أو نصائح في شأن الأكل والمطبخ وأسلوب الحياة. الكشف عن تفاصل الحياة الشخصية من خلال الصور على “السوشيال ميديا” بات يفقد الأسر حميميتها (أ ف ب) نبه الزوج الغاضب فتيحة أكثر من مرة بضرورة الكف عن نشر صورها الخاصة، أو في الأقل أن تنشر صورها بلباس محتشم، غير أن الزوجة لم تتعظ وواصلت ما تفعله لتحصيل عوائد مادية، فلم يكن أمام الزوج إلا تقديم طلب الطلاق من زوجته أمام محكمة الأسرة. في واقعة أخرى، طلق زوج زوجته في إحدى البلدان العربية بعدما نشرت صورة لها على “فيسبوك” وطلبت رأي عضوات إحدى المجموعات النسائية في لون شعرها، فانتهزت شقيقة الزوج ذلك وأرسلت الصورة إليه، فما كان منه إلا أن قرر تطليقها متعللاً بالصورة فيسبوكية. عدا حالات الطلاق، يفضي أحياناً نشر الصور وبث التسجيلات المرئية التي توثق لليوميات والسفيرات والمقتنيات إلى حصول اعتداءات وخصومات عائلية، وحتى إلى جرائم شرف بعد نشر صور تم فهمها بشكل خطأ، أو إلى جرائم ابتزاز إلكتروني في حالات تسريب صور خاصة. مظاهر التفاخر يقول الباحث في تلك الظاهرة الاجتماعية محمد شقير، إن هذه السلوكيات تجسيد لعقلية عربية تقليدية درجت على إظهار مظاهر الغنى والتفاخر في إطار البحث عن تكريس تراتبية اجتماعية، موضحاً أن “مواقع التواصل تكرس هذه الظاهرة خصوصاً بعد تشكل فئات اجتماعية من الطبقات الوسطى التي تكالبت على حب الاقتناء، لا سيما بعد خروج المرأة إلى العمل والحصول على مداخيل مالية”. ويتابع، “أصبحت هذه الشريحة من النساء على غرار ما كانت تقوم به جداتهن وأمهاتهن من الحرص على التفاخر بإظهار الفساتين الغالية والمجوهرات الذهبية في الأعراس والحفلات ـ يعمدن إلى توثيق سفريات أو عشاء في مطعم فاخر من خلال التقاط صور ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع تحديد التاريخ ومكان الاصطياف. ويمضي شقير قائلاً إن “هذا الوضع أدى إلى كسر إحدى حواجز الحشمة والحياء التي كانت تحيط بالحميمية الأسرية، ودمر سياج السرية الذي كان يميز حرمة الحياة العائلية، حيث أصبح مدمنو نشر الصور لا يجدون أي غضاضة في نشر تفاصيل حياتهم اليومية بمقتنياتها وسفرياتها وحميميتها في الفضاء الأزرق”. ويتوقف شقير عند التناقض بين ما تنص عليه دساتير الدول العربية في شأن عدم انتهاك الحياة الخاصة من سرية المراسلات وحرمة المسكن وحماية المكالمات الهاتفية، وتوجه عديد من مرتادي الفضاء الإلكتروني إلى الكشف عن تفاصيل حياتهم الخاصة والشخصية من خلال الصور التي يبثونها، مما يفقد الأسر العربية كينونتها التي كانت تميزها في حقب ماضية. إدارة الانطباعات ولا يمكن فهم تأثيرات نشر وبث الصور في مواقع التواصل الاجتماعي بمعزل عن التحولات الكبيرة التي مست النسيج الأسري والمجتمعي العربي، إذ تغيرت العلاقات العائلية والروابط الاجتماعية، كما تغيرت قوانين العرض والطلب، وانتشرت سلوكيات حب التظاهر ومشاركة الحياة الشخصية مع الغير لأغراض مالية أو حتى فقط لتلبية غايات نفسية واجتماعية. في هذا السياق يورد المتخصص في علم الاجتماع ومدير مختبر التخصصات البينية في العلوم الاجتماعية بجامعة أغادير زهير البحيري، أن ظاهرة نشر تفاصيل الحياة اليومية والسفريات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تشكل مدخلاً لفهم تحولات عميقة مست بنية العلاقات الاجتماعية. تماهى المرء مع التكنولوجيا، وباتت الأخيرة محركه لا العكس، حتى صار ينشر خصوصياته في الفضاء العام (أ ف ب) ويشرح البحيري، “الفضاء الرقمي أفرز أنماطاً جديدة من التفاعل الإنساني بنيت على منطق العرض الرمزي وإدارة الانطباعات بدلاً من التفاعل التقليدي، مما انعكس على طبيعة الروابط الاجتماعية، وأدى في كثير من الحالات إلى خصومات عائلية تفكك مؤسسة الزواج وانتشار مشاعر الحقد الاجتماعي”. وعزا هذه الظاهرة إلى محددات عدة، أبرزها أن الأفراد غالباً ما يميلون إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين لتقييم ذواتهم وموقعهم الاجتماعي، إذ تتكثف في الفضاء الرقمي هذه المقارنات أمام تدفق صور الرفاه والسفر والاستهلاك الباذخ مما قد يولد إحساساً بالدونية والغيرة، وينعكس ذلك سلباً على استقرار العلاقات الأسرية والاجتماعية. وفق أستاذ الاجتماع، يمثل نشر الصور اليومية شكلاً من أشكال إدارة الانطباعات، حيث يبني الأفراد “واجهات” رقمية مثالية يسعون من خلالها إلى تقديم ذواتهم بصور منتقاة ومثالية أمام جمهور افتراضي واسع، غير أن هذه الواجهات، بما تحمله من مثالية مصطنعة، تؤدي إلى انفصال بين الهوية الرقمية والهوية الواقعية، لأن الهوية الافتراضية لا تعكس بالضرورة حقيقة الكواليس التي يعيشها الأفراد، بل تمثل بناء رمزياً يحكمه منطق التوقعات الاجتماعية وإدارة الانطباعات. رأسمال رمزي وخسائر اجتماعية يستعرض البحيري محدداً آخر يفسر الظاهرة، وهو أن الأفراد يسعون إلى ترسيخ موقعهم الاجتماعي عبر امتلاك وعرض “رأسمال رمزي” يتمثل في رموز الرفاهية والسفر والموضة”، مبيناً أن “هذا التراكم الرمزي يعزز الفوارق الاجتماعية، ويؤجج مشاعر الحقد الاجتماعي بين الفئات المختلفة، خصوصاً في المجتمعات التي تعاني اختلالات بنيوية وتفاوتات اجتماعية عميقة”. يتناسى الشخص أن ما ينشره هو جزء من معطيات ضخمة قد يرتد استخدامها عليه وعلى صورته (أ ف ب) ولفت المتخصص في علم الاجتماع إلى أن “ظاهرة نشر اليوميات تعيد صياغة منطق الاستهلاك، حيث لا تستهلك الأشياء لأجل وظائفها وللحظة وقوعها، بل لرمزيتها ودورها في إنتاج صور اجتماعية، ويتحول الفضاء الرقمي إلى مسرح لسباق استهلاكي متزايد يفجر مشاعر التنافسية ويرسخ اغتراباً اجتماعياً رقمياً”. وأكمل البحيري أن الوسائط الرقمية تسهم بدورها في تفسير الظاهرة عبر إزالة الحدود الفاصلة بين الخاص والعام، حيث تعرض الخصوصيات الحياتية على جمهور واسع، مما يعرض العلاقات الحميمية لضغوط اجتماعية غير مسبوقة، ويفاقم النزاعات العائلية والزوجية نتيجة التدخلات الخارجية وسوء تأويل السياقات المنشورة. وذهب إلى أن “ظاهرة نشر الصور اليومية ليست مجرد سلوك اتصالي، بل هي مؤشر إلى تحولات بنيوية مست أنماط التواصل والمعايير الاجتماعية التقليدية، فالأفراد انتقلوا من علاقات تقوم على التفاعل الإنساني المباشر إلى علاقات قائمة على العرض الرمزي والاعتراف الافتراضي مما أضعف أنسجة الثقة المتبادلة، وفتح المجال أمام صراعات خفية ومعلنة داخل الأسرة والمجتمع”. أما بخصوص الحل والمخرج من هذه “الورطة”، فيرى البحيري ضرورة بناء ثقافة رقمية نقدية تعزز من وعي الأفراد بأخطار العرض المستمر للذات، وتعيد الاعتبار لقيم الخصوصية والتواضع والتفاعل الواقعي، بما يضمن توازناً سليماً بين الانتظام في الوسائط الرقمية واستغلالها، والحفاظ على متانة الروابط الاجتماعية. المزيد عن: الفضاء الرقميمواقع التواصلجرائم شرفابتزاز إلكترونيأزمة الطلاقالتفاوت الطبقي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post زاهي حواس… الكاهن يسقط في “بودكاست” next post كيف تقوم الصورة بإعادة خلق المكان؟ You may also like إيمانويل مونييه… فيلسوف الأزمنة المضطربة 31 مايو، 2025 العرض المغربي “حياة وحلم” يستعير تقنيات السرد الروائي 31 مايو، 2025 عندما أحرق النازيون كتاب فرانتز بواس لنفيه التمييز... 31 مايو، 2025 عبد السلام بنعبد العالي يقرأ حياتنا الراهنة في... 31 مايو، 2025 ندى حطيط تكتب عن: «الغريبة» ناهد راشلين… رائدة... 31 مايو، 2025 كيف تقوم الصورة بإعادة خلق المكان؟ 30 مايو، 2025 زاهي حواس… الكاهن يسقط في “بودكاست” 30 مايو، 2025 “أعيش حياة مثلك”… سيرة ذاتية لجسد مختلف 30 مايو، 2025 “سردية” روسليني السينمائية لاستيلاء لويس الـ14 على السلطة 30 مايو، 2025 “ذا لاست أوف أس” أفضل مسلسل يتناول الأبوة... 30 مايو، 2025