الثلاثاء, نوفمبر 19, 2024
الثلاثاء, نوفمبر 19, 2024
Home » حازم صاغية يكتب عن: 45 عاماً على ميلاد مأساة!

حازم صاغية يكتب عن: 45 عاماً على ميلاد مأساة!

by admin

 

لسنا في مواجهة النظام الذي أقامته النظريّة الخمينيّة أمام نظام سيّء أو قمعيّ أو رجعيّ، ممّا كان يوصف به نظام الشاه وأنظمة أخرى كثيرة في المنطقة والعالم. بل نحن أمام مأساة نُكب بها الإيرانيّون ونُكبنا معهم،

الشرق الاوسط / حازم صاغية

  • مثقف وكاتب لبناني؛ بدأ الكتابة الصحافية عام 1974 في جريدة «السفير»، ثم، منذ 1989، في جريدة «الحياة»، ومنذ أواسط 2019 يكتب في «الشرق الأوسط». في هذه الغضون كتب لبعض الصحف والمواقع الإلكترونية، كما أصدر عدداً من الكتب التي تدور حول السياسة والثقافة السياسية في لبنان والمشرق العربي.

مع احتفال أنصار الدولة الإيرانيّة بالذكرى الخامسة والأربعين لانتصار ثورتها، لا بأس باسترجاع العناصر التي تتشكّل منها النظريّة المُركّبة للخمينيّة. والراهن أنّ العنوان أعلاه تجنّبَ وصف تلك النظريّة بـ «الإيرانيّة» إذ الصواب يجانب أخذ الإيرانيّين كلّهم بجريرة نظامهم، والشيء نفسه يصحّ في استخدام «الفارسيّة» الذي درّجه صدّام حسين منذ الثمانينات، وانتشر بعد ذاك، تبعاً للحمولة العنصريّة التي بات هذا الاستخدام ينطوي عليه، وهذا فضلاً عن زجّ حضارة عريقة في مسائل السياسة الراهنة. والحال أنّ النظام الخمينيّ نفسه هو الذي قدّم «الإسلاميّة» بوصفها ضدّاً لـ «الفارسيّة» التي شجبها مراراً وأطلق عليها أوصافاً سلبيّة شتّى.

وهذا لا يلغي أنّ دينيّة النظام إنّما تخدم قوميّته ونزوعه الإمبراطوريّ فيما توفّر لسلطته أداة تجديدها وحصرها في أيدٍ مُجرّبة وموثوقة. لكنْ على عكس الموازنة، داخل إيران، بين مقادير من الإسلام ومقادير من القوميّة، تنطوي النظريّةُ الخمينيّة على تقويض الوطنيّة ومبدأ الدولة – الأمّة في جوار إيران. فإذا كانت وظيفة الإسلام في المتروبول خدمةَ القوميّة السلطويّة ودولتها، فوظيفة الدول الوطنيّة، في الأطراف، خدمةُ إسلام لا يزيده تسييسُه البالغ إلاّ غموضاً وضبابيّة وقابليّةً لكلّ استخدام. وتحت وطأة دين مُسخَ صرخةً شعبويّةً، يمضي برنامجُ سحق الوطنيّات والدول وتفتيت مجتمعاتها قُدُماً. وهذا ما نراه في العراق وسوريّا ولبنان واليمن على اختلافٍ بينها لا يتعدّى التفاصيل والعناوين. هكذا وفيما يُصان المتروبول بمنع زجّه في الحروب المباشرة، تُحوَّل الأطراف المُلحَقَة إلى ساحات حرب يتشكّل منها حزام واقٍ من حول المتروبول.

ذاك أنّه تحت غلالة الدين الجامع، تقيم المذاهب والمذهبيّة وتُستحضَران بحدّة غير مسبوقة في تاريخ المنطقة الحديث. فكأنّما المُراد رفع المذهبيّة تلك، بعد تكريمها عبر تسميتها «إسلاماً»، إلى منبعٍ للشرعيّة ومصبٍّ للولاء في آن معاً، وذلك على حساب الوطنيّة ممثّلةً بالدولة – الأمّة. وفي هذه الحدود تُستغلّ ظلامات فعليّة، قديمة أو حديثة، فتُجعَل مدخلاً أوحد إلى مستقبل لا يُرى إلاّ من ثقب الماضي التناحريّ. وعلى النحو هذا يُكتب للمنطقة أن تعيش ما بين حرب أهليّة معلنة وأخرى مستترة، مصحوبتين بما تيسّر وتصاعدَ من تعصّب وتخلّف وفقر ولجوء مليونيّ.

وفي السياق ذاته ينجم طرد الاستقرار عن طرد الدولة والوطنيّة والتقدّم، ويُعلَن التوتّرُ طريقةَ حياة يتولّى مديحُ الموت والشهادة تجميلَها. وأيّ قضيّة أغنى بالحرائق من القضيّة الفلسطينيّة والعدوانيّة الإسرائيليّة، وأشدّ تطلّباً بالتالي للإطفائيّ الذي يوهم بإطفائها، وهذا في انتظار أن يشبّ حريق آخر؟

هكذا كان بالغَ الدلالة ذاك التلازمُ الزمنيّ بين ثورة آية الله الخميني وإنجاز معاهدة كامب ديفيد المصريّة – الإسرائيليّة عام 1979. فكأنّ خطّين متوازيّين ارتسما حينذاك في أفق المنطقة، واحداً يفتح باباً على حلّ، جامعاً بين كونه قابلاً للنقد وكونه قابلاً للتوسيع والتحسين، وآخر يغلق الباب على كلّ حلّ فلا يقترح علينا إلاّ ازدهار حقول القتل في بقاع الحزام الواقي لإيران.

بيد أنّ أخطر تجسيدات هذه النظريّة على المدى الأبعد مَيْلَشَةُ المنطقة. فبعد أن انحصرت المَيْلَشة في لبنان على مدى السبعينات، بعد عبورها السريع في الأردن قبيل حربه عام 1970، إذا بإيران الخمينيّة، مدعومةً بـ «سوريّا الأسد»، ومستفيدةً من الاحتلال الأميركيّ للعراق، تحوّلُ المَيلشَة إلى نظام إقليميّ يرثه جيل عن جيل، وتُسبَغ عليه مواصفات التاريخ النضاليّ للشعوب وتراثات المقاومات. وحين نقول «ميليشيا» لا نكون نتحدّث عن انحلال الدول فحسب، بل يكون المقصود أيضاً انحلال الاقتصاد وانحلال الأخلاق والقيم، ومن ثمّ تسميم المجتمعات على نحو لا تسهل مداواته في أيّ قريب عاجل. وفي هذه الغضون، تُطوى المسائل الاجتماعيّة والمطلبيّة، وحقوق النساء والشبيبة، مثلما تُطوى المعارضات السياسيّة على أنواعها. ذاك أنّ الرفض والإدانة والتخوين تُحيق بكلّ دعوة للإصلاح تمسّ بالنظام الإقليميّ العريض وبطريقته في ترتيب الأولويّات، فضلاً عن طريقته في التعامل معها، وهذا مع العلم بأنّ ما يتصدّر الأولويّاتِ على نحو دائم حروبٌ ومعارك ومواجهات توصف بالمصيريّة. فهذه كلّها مسائل يقرّرها السادة في المتروبول وحدهم، ولا يحقّ لعبيد الأطراف أن يكون لهم رأي فيها، مع أنّ تأثيرها حاسم على حياة أولئك العبيد وموتهم.

وعلى العموم، لسنا في مواجهة النظام الذي أقامته النظريّة الخمينيّة أمام نظام سيّء أو قمعيّ أو رجعيّ، ممّا كان يوصف به نظام الشاه وأنظمة أخرى كثيرة في المنطقة والعالم. بل نحن أمام مأساة نُكب بها الإيرانيّون ونُكبنا معهم، وكان من تجلّيّاتها، ولا يزال، تحوّل إيران استعماراً من دون أيّة مسؤوليّة يتحمّلها المستعمِر تجاه مستعمراته، ما خلا وعد أبنائها بالزوال.

تلك المأساة تحتفل، هذه الأيّام، بالذكرى الخامسة والأربعين لولادتها.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00