الإثنين, يوليو 8, 2024
الإثنين, يوليو 8, 2024
Home » حازم صاغية يكتب عن: حرب نتنياهو: خصوصيّات غير خاصّة

حازم صاغية يكتب عن: حرب نتنياهو: خصوصيّات غير خاصّة

by admin

 

التخلّص من الحروب المطلقة فيغدو، إلى حدّ بعيد، منوطاً بانحسار الشعبويّات والحركات الآيديولوجيّة المطلقة، أكانت قوميّة أو دينيّة، يمينيّة أو يساريّة.

الشرق الاوسط / حازم صاغية

  • مثقف وكاتب لبناني؛ بدأ الكتابة الصحافية عام 1974 في جريدة «السفير»، ثم، منذ 1989، في جريدة «الحياة»، ومنذ أواسط 2019 يكتب في «الشرق الأوسط». في هذه الغضون كتب لبعض الصحف والمواقع الإلكترونية، كما أصدر عدداً من الكتب التي تدور حول السياسة والثقافة السياسية في لبنان والمشرق العربي.

كثيرون هم السياسيّون الذين تسبّبَ قرارٌ من قراراتهم بحرب، أو تسبّبت بالحرب سياسةٌ اتّبعوها غلّبت اعتباراً أحاديّاً ما على كلّ اعتبار. لكنّ الغالبيّة الساحقة من تلك الحروب، والتي دارت حول مُلكيّة قطعة أرض وثرواتها، أو تحويل نهر وطريق جريانه، أو استقبال سكّان لاجئين…، كان القتال فيها ينتهي بهزيمة عسكريّة لأحد الطرفين، وهذا إن لم ينتهِ بتدخّل خارجيّ، أو بسقوط السياسيّ المتصلّب الذي تسبّب بالحرب واستبدال سياسة حكومته بسياسة أخرى. وبدورها فالهزائم التي من هذا الصنف كثيراً ما فتحت أبواباً للسلام بين متحاربي الأمس، أو لمراجعات تتناول السياسات السابقة لجهة قصور نظرتها أو تصلّب أدائها أو الأمرين.

مع رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو وحلفائه من المهووسين، ليس مفهوم الحرب كذلك. فالحرب، لديه، ليست مجرّد استمرار للسياسة بأشكال أخرى، وفق معادلة كلاوزفيتز، بل هي الحرب بشكل هو أعلى أشكالها وأكثرها جذريّة. ففي حروب كهذه، يقيم فعلٌ مانع للسياسة حاضراً ومستقبلاً، على ما يدلّ التوكيد اليوميّ على استبعاد «اليوم التالي». ونتنياهو لا يعامل غزّة وحدها على هذا النحو، إذ الفلسطينيّون كلّهم لا يُعاش معهم، لا في دولتين ولا في دولة واحدة، إذ هم ليسوا شعباً وليسوا هويّة وطنيّة من أيّ نوع كان. أمّا الصلة بهم فيحكمها الإلغاء، ومن صِيَغه الكثيرة سرقة الأرض المعروفة بالاستيطان، وإنكار كلّ تمثيل سياسيّ عليهم، وهذا فضلاً عن الإبادة نفسها. وفي سياق كهذا يغدو الردّ على عمليّة كـ«7 أكتوبر» من طبيعة ثأريّة كالتي رأينا، لا ترتوي ولا تنضوي تحت سقف أو تقتصر على طرف محدّد أو تأخذ في اعتبارها أحداً.

فالحرب، إذاً، «حرب وجود لا حرب حدود»، أو هي «حرب بقاء أو فناء»، ممّا تزخر به الأدبيّات المتطرّفة أكانت صهيونيّة أو عربيّة. أمّا المعنى الضمنيّ الكامن فأنّها طريقة في الحياة محكومة تعريفاً بأنْ يتوّجها الموت، أي أن تكون إباديّة النوايا إن لم تستطع أن تكون إباديّة الفعل، وذلك استجابةً لدعوة غالباً ما صُوّرت على أنّها مزيج من قداسة الدين ومن وطأة تاريخ قديم مؤسطر.

وحيال معانٍ ماهويّة كهذه، يغدو من سخيف الأمور التحدّث عن إقامة دولة أو طمأنة جماعة أو قطعة أرض أو مجرى نهر، إذ «إمّا نحن أو هم». ومن بين ما يستدعيه ذلك أن لا يؤنسِن العدوُّ عدوَّه، وذلك كي يقتله كما لو كان يمعس حشرة بقدمه، وأن يعامله بوصفه كلّاً واحداً يشبه قطيع الماشية أو سرب الفئران.

لكنْ إذا كان هذا الوعي مُستَمدّاً من مواضٍ قَبَليّة، فالمؤكّد أنّ الزمن الآيديولوجيّ الحديث هو الذي رعى ازدهاره. فالتصفية والاجتثاث والاستئصال مصطلحات لم تُعرف كما عُرفت مع الفاشيّة والستالينيّة وما تفرّع عنهما. ذاك أنّ العدوّ، في عرف تلك التيّارات وأصحابها، لم يصبح عدوّاً بفعل عملٍ أقدم عليه، عملٍ يمكن إجباره على عدم تكراره، أو الحصول منه على اعتذار عنه أو على تعويض عن أضراره، لتعود المياه بعد ذاك إلى مجاريها. فهو، على العكس، إنّما وُلد عدوّاً، فهو عدوّ بسبب ما هو عليه، أي لمجرّد وجوده الذي ينطوي على جوهر يستحيل معه التعايش، وهو سوف يبقى حتّى قيام الساعة هكذا. فإذا كان سلافياً أو يهوديّاً فإنّه عدوّ في نظر النازيّ، والشيء نفسه يصحّ في مَن يكون بورجوازيّاً أو «فلاّحاً غنيّاً» في نظر اللينينيّ والستالينيّ، وفلسطينيّاً في نظر نتنياهو وصحبه، وهذا فضلاً عن ردّ الذات الطاهرة إلى الله وردّ خصومها إلى الشيطان الرجيم، على ما هو دأب الخمينيّين. فوظيفة الالتحاف بهذه «الرسالات» المتعالية تسهيلُ قتل الأعداء وتكثير موتهم، مقابل جعل موتنا قابلاً للتحمّل وسبباً لحصولنا على مكافأة يؤدّيها لنا التاريخ أو الله. لكنْ حتّى في القضيّةٌ المُحقّة التي تكون تتمتّها الإيديولوجيّة فكرةً من ذاك الصنف، فإنّ الانتصار لن يعدو كونه إنشاء استبداد استقلاليّ أو استبداد تحرّريّ يعمّم السجون والزنازين ويحصي الأنفاس ممّا عجّت به حركات التحرّر والاستقلال في «العالم الثالث».

ومع الصعود الشعبويّ الراهن بتنا نرى هذه الظاهرات في سياسيّي المجتمعات الديمقراطيّة، على ما تدلّ، بين أمور كثيرة أخرى، لغة التشهير والقطيعة الشخصيّة. فالصنف المحترم من السياسيّين يتراجع وزن ممثّليه وتتراجع أعدادهم أمام الصنف الآخر الذي بات يحتلّ المسرح.

أمّا التخلّص من الحروب المطلقة فيغدو، إلى حدّ بعيد، منوطاً بانحسار الشعبويّات والحركات الآيديولوجيّة المطلقة، أكانت قوميّة أو دينيّة، يمينيّة أو يساريّة. ذاك أنّ القتل الدائم أشدُّ ما يقيم فيها، وهو بالتأكيد وَعْدُها الأوّل لجمهورها على شكل انتصار، ولخصومها على شكل محق وإبادة. وما نتنياهو ورفاقه سوى فصيل متقدّم في جيش الجريمة المعمّمة هذا.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili