بأقلامهمعربي حازم الأمين: الانفجار الذي قتل ابن عمي وأبقى على وجه الرئيس by admin 5 أغسطس، 2020 written by admin 5 أغسطس، 2020 333 الانفجار الخبيث أحرق حكايات بيروت كلها عن نفسها وعن أحزابها الفاسدة وعن الرؤساء المراوغين، خدم أسيادهم خارج المدينة وخارج الحدود. موقع درج / حازم الأمين – صحافي وكاتب لبناني وفي الصباح بدأنا نعاين منازل الأصدقاء وقد حولها الانفجار إلى ركام. المنازل التي لم يسبق أن زرناهم فيها، ذاك أننا في بيروت كنا نلتقيهم في المقاهي والحانات وأماكن العمل. المنازل هي ذلك المكان الغامض التي يغادر إليه واحدنا حين ينهي لقاءاته، أو حين يُقفل نهاره. كنا نتثاقل حين يدعوننا إليها. ها هي اليوم مشرعة أمامنا وقد تولى الانفجار تحطيمها. منزل محمد نجم كان جميلاً على ما يبدو، ومنزل جود الذي دفع التفجير البراد فيه إلى غرفة الجلوس، ومنزل علي ابن عمي الذي أرسل لي صوره من دبي بعدما وصلته الصور من بيروت، وراح يقول لي إن ديانا زوجته كانت في بيروت قبل أيام وأقامت في المنزل وغادرته على ما تفعل كلما تغادر بيروت. رينا سركيس، صديقتنا، صاحبة أحد أجمل منازل بيروت، تهاوى منزلها أيضاً، وأصيبت بشظايا وجروح. لم أجرؤ على الاتصال بها، ذاك أن مصابها مضاعف هي العائدة إلى المدينة من سفر متواصل. إياد ابن عمٍ آخر لي قتله الانفجار. كان علي في المساء أن أجعل من هذا الخبر تفصيلاً في مشهد الدمار الهائل، وأن انتظر حتى الصباح حتى أباشر حزني عليه. البقعة الفراغية التي خلفها الانفجار امتدت من رأس بيروت إلى الأشرفية. هذه المساحة هي تماماً مسرح حياتنا اليومية. العمل والحب والغضب والتظاهرة والمقال، وكل قصصنا مع هذه المدينة تدور في هذه المساحة. في ثوان قليلة أحرق الأمونيوم المنفجر الهواء وخلف فضاء فراغياً انهال بعده الضغط الجوي العاصف على المباني والوجوه ونثر الدماء والزجاج في أنحاء المدينة. شطب وجه إياد وحطم منزل رينا وأخذ بطريقة نحو مئة ضحية، وأرسل أكثر من ثلاثة آلاف جريح إلى المستشفيات الفقيرة. في الصباح خرجت بيروت تبحث عن نفسها. أم لم يرد اسم ابنها بين أسماء القتلى والجرحى! لكن أين هو؟ إلى أين أخذه الانفجار؟ بيروت باشرت بتحسس جسمها. خَدَر الأمونيوك متفشِ في وجوهنا. الحكايات التي احترقت ما زالت عالقة في حناجرنا. ننتظر أن ينتحر رئيس أو أن يغادر عبر البحر. لن يفعلوا ذلك من تلقائهم. علينا أن نباشر شيئاً. علينا أن ننتقم لمدينتنا. من تسبب بدمارها له اسم وعنوان. بيروت لم تعد بيروت. إنها الانفجار الذي أحدثه الفساد والارتهان. إنها بيروت وقد التصقت بوجوه الرؤساء الكالحة. في الصباح كان علي أن أعاود التجول في الأحياء المنكوبة، لكنني لم أقوَ على هذه الخطوة. شرفة منزلي تطل على جنوب المدينة، بينما الكارثة حلت في شمالها وغربها، وهذا ليس كافياً لانفصالي عن نفسي وعن الانفجار. إياد الذي كنت ألتقيه على نحو عابر في الأحياء المنكوبة، وكنا نتبادل الاعتذارات، غادر مخلفاً صورة لرجل كان يصطحب ابن شقيقه ويقول لي بسعادة من استعاد وجه شقيقه الأصغر الراحل: “هذا ابن عبد اللطيف”. لقد أحرق الانفجار حكاياتنا الصغرى، وكشف لنا كم كانت بيروت كريمة معنا، وكم كانت تتسع لمشاعرنا وأهوائنا واختلافاتنا. كانت تتسع لأن يقول لي إياد أنا ابن عمك وما كان يجب أن تسألني قبل أن تكتب مقالك، وكانت بيروت تتيح لي أن أجيبه بابتسامة وبقبلة. 2700 طن من المواد شديدة الانفجار، أحرقت حكايات كثيرة وشطبت، آلافاً من الوجوه ومن المنازل الجميلة. وحدهم الرؤساء والوزراء من نجا من هذه الكارثة، ذاك أنهم محصنون في قصورهم، وهم أصلاً منفصلون عما يحصل في الحمراء وفي مار مخايل والجميزة والأشرفية من حياة عادية. هذه الأحياء التي تكرههم لطالما خرج منها المتظاهرون المطالبون برحيلهم. فالأزقة المؤدية إلى الوسط التجاري هي نفسها التي كان يسلكها أهل الأشرفية متوجهين إلى ساحة رياض الصلح وهم يهتفون “كلن يعني كلن”. الانفجار انتقم من محاولاتنا لانتزاع بلدنا من هؤلاء الفاسدين وهؤلاء الفاشلين والمرتهنين. لقد قتلوا حكاياتنا وذكرياتنا الطازجة، وهذا هو شر الانتقام. أن يصبح لقاء حصل بالأمس في حانة “bread republic” ذكرى لن تتكرر، وأن يشطب الانفجار مبنى عمره أكثر من مئة سنة تقيم فيه رينا سركيس التي كانت مشرعة منزلها للعابرين من مار مخايل. الانفجار الخبيث أحرق حكايات بيروت كلها عن نفسها وعن أحزابها الفاسدة وعن الرؤساء المراوغين، خدم أسيادهم خارج المدينة وخارج الحدود. وفي الصباح خرجت بيروت تبحث عن نفسها. أم لم يرد اسم ابنها بين أسماء القتلى والجرحى! لكن أين هو؟ إلى أين أخذه الانفجار؟ بيروت باشرت بتحسس جسمها. خَدَر الأمونيوك متفشِ في وجوهنا. الحكايات التي احترقت ما زالت عالقة في حناجرنا. ننتظر أن ينتحر رئيس أو أن يغادر عبر البحر. لن يفعلوا ذلك من تلقائهم. علينا أن نباشر شيئاً. علينا أن ننتقم لمدينتنا. من تسبب بدمارها له اسم وعنوان. المزيد عن : انفجار بيروت/حزب الله/فساد/لبنان/ميشال عون 7 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post دخان وشوائب..هل تؤثر انبعاثات الانفجار على أهالي بيروت؟ next post خالد عيسى من مالمو: سامحينا يا بيروت You may also like دلال البزري تكتب عن: الساحل السوري من القهر... 24 أبريل، 2025 حازم صاغية يكتب … عن وحدة المجازر في... 24 أبريل، 2025 دلال البزري تكتب عن: عالم البطء الذي أكتشفه... 23 أبريل، 2025 غسان شربل يكتب عن: رجل لا يتعب من... 22 أبريل، 2025 حازم صاغية يكتب عن: أيّ تسريع لتاريخ المنطقة... 22 أبريل، 2025 كومفورت إيرو تكتب عن : مبررات استراتيجية ترمب... 22 أبريل، 2025 الحرب الأخرى على الفلسطينيين 22 أبريل، 2025 رضوان السيد يكتب عن: ذكريات الحرب وبطولات الأحياء! 19 أبريل، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: تريليونات ترمب وفلسطين 19 أبريل، 2025 دلال البزري تكتب عن: الحرب الأهلية اللبنانية التي... 18 أبريل، 2025 7 comments tinder dating 24 يناير، 2021 - 2:08 م tindr , tinder date https://tinderdatingsiteus.com/ Reply free christian dating site for marriage 31 يناير، 2021 - 9:08 م free dating sites https://freedatingsiteall.com Reply amazon underground lovoo apk 18 مايو، 2021 - 2:22 ص lovoo hat dir zugelächelt in lovoo nach namen suchen http://lovooeinloggen.com/ Reply adult dating list 20 مايو، 2021 - 3:48 م are adult dating sites legitimate free adult dating apps http://freeadultdatingusus.com/ Reply click for source 3 مارس، 2025 - 7:52 م 979448 862983Some genuinely superb weblog posts on this internet site , regards for contribution. 662410 Reply rip off-services 1 أبريل، 2025 - 9:12 ص 308276 700739Hey man, .This was an excellent page for such a hard topic to talk about. I look forward to reading several much more wonderful posts like these. Thanks 856421 Reply ติดตั้ง ais fiber 4 أبريل، 2025 - 5:41 ص 425426 619678very very good post, i certainly genuinely like this excellent website, continue it 853284 Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.